المستجدات في وضع أفغانستان والباكستان
.إن تصريحات المسؤولين السياسيين والعسكريين والإعلاميين في أمريكا والدول الغربية حول الأوضاع الأمنية المتردية في أفغانستان وباكستان تشير إلى وجود قلق متزايد بشأن تصاعد قوة حركة طالبان في البلدين وبشأن ضعف حكام الباكستان بشكل ملموس بعد تشكيل الحكومة المدنية في إسلام آباد. ومن هذه التصريحات:1) جيفري شلوسر القائد العسكري الأمريكي في شرق أفغانستان قال: "إن هجمات مسلحي طالبان في المنطقة تزايدت بنسبة 40% بالمقارنة بنفس الفترة من العام الماضي".2) الجنرال دان ماكينل القائد الأمريكي لقوات الناتو في أفغانستان قال قبل تركه لمنصبه أوائل هذا الشهر (حزيران): "إن الحكومة الباكستانية غير قادرة على القيام بوظيفتها".3) رئيس أركان الجيش الأمريكي الأميرال مايكل مولن قال الثلاثاء الماضي: "إن أي اعتداء محتمل على الولايات المتحدة سيتم التخطيط له بالتأكيد في تلك المناطق القبلية".4) باراك أوباما مرشح الحزب الديمقراطي للرئاسة الأمريكية قال: "إن الجبهة الحقيقية للحرب على الإرهاب حالياً هي أفغانستان وليس العراق".5) كارل ليفن رئيس لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ الأمريكي قال: "لا يمكننا الاعتماد على باكستان لوقف عبور الإرهابيين تلك الحدود رغم التصريحات القوية لزعمائها"، وأضاف هو وبعض زملائه في اللجنة: "إن مقاتلي طالبان ربما يحصلون على مساعدة من الجيش الباكستاني أيضاً".6) صحيفة ذي أوبزيرفر البريطانية نقلت عن وثائق أمريكية سرية "أن حرس الحدود الباكستاني بات مخترقاً بشكل كبير من قبل حركة طالبان، بل إنه يشارك في بعض الأحيان في الهجوم على قوات التحالف وأن درجة الاختراق بدت واضحة أمس –يوم السبت الماضي- حين لقي خمسة جنود من قوات التحالف مصرعهم في جنوب أفغانستان"، وأضافت الصحيفة القول "بأن مسؤولين في الناتو أكَّدوا زيادة عدد الحوادث عبر الحدود على نحو مفاجئ وملحوظ مقارنة بالفترة نفسها من العام المنصرم"، وقالت الصحيفة بأن "الوثائق الأمريكية السرية تُصوِّر الضلوع المباشر لقوات حرس الحدود الباكستاني في الهجمات على الجيش الأفغاني وجنود التحالف، كما أنها تكشف تفاصيل الهجمات التي شُنَّت على مقربة من مراكز حرس الحدود ما يشير إلى وجود تعاون باكستاني مع حركة طالبان".7) تقول دراسة حديثة لمؤسسة راند: "إن هناك تعاوناً للأجهزة الباكستانية مع مقاتلي طالبان والقاعدة".8) تقارير حكومية مختلفة تؤكد وجود "اختراق طالبان للقوات شبه النظامية الباكستانية المكلفة بحماية الحدود".
9) السناتور جوزف بايدن قال الأربعاء( 25/6/2008 ) : ( سيطرح الحزبان الجمهوري والديمقراطي قانوناً في مجلس الشيوخ يرسي أسس نهج جديد ) واقترح بايدن استراتيجية جديدة لمضاعفة المساعدات غير الأمنية إلى 1.5 مليار سنوياً على مدى عشر سنوات وقال : " إن زيادة المساعدات غير الأمنية بشكل كبير على مدى فترة طويلة سيساعد على إقناع الشعب الباكستاني بأن الولايات المتحدة ليست صديقاً عابراً، ولكن صديقاً دائماً. وستساعد على إقناع الباكستانيين بأن الولايات المتحدة حليف يمكن الإعتماد عليه"، وطلب بايدن ربط المساعدات الأمنية التي تقدمها واشنطن لباكستان والبالغة حالياً نحو مليار دولار سنوياً بإحراز نتائج وقال " إن ذلك سيدفع الجيش الباكستاني إلى القضاء على تنظيم القاعدة وطالبان والحركات المسلحة التي يعتقد أنها تتمركز على طول الحدود بين باكستان و أفغانستان" وأضاف " ليس من الواضح إن كنا نحصل على نتائج أفضل .. وأقل إذا كان العكس صحيحاً ".إن هذه التصريحات تشير إلى مدى الخطر الذي تستشعره أمريكا من طالبان في البلدين خاصة و تلقي باللائمة على ازدياد ضعف أداء الجيش الباكستاني في مواجهته لطالبان لدرجة أن مقاتلي طالبان باكستان نجحوا الأسبوع الماضي في الاستيلاء على محركات وقطع مروحيات من طراز شينوك وبلاك هوك وكوبرا بقيمة 13 مليون دولار كانت في حاويات محصنة في طريقها من ميناء كراتشي الباكستاني إلى القوات الأمريكية في أفغانستان وهذا ما أثار حفيظة الأمريكيين وجعلهم يقوموا بغارات متسرعة لتدمير تلك الحاويات في أماكن تخزينها في المناطق القبلية لكي لا تستفيد حركة طالبان منها ولكي (تلفلف) الموضوع الذي قد يثير فضائح مخزية للجيش الأمريكي في حالة تسليط الأضواء عليه.ثم إن اشتداد المواجهات في جنوب وشرق وغرب أفغانستان بين قوات الناتو وحركة طالبان وارتفاع أعداد القتلى من الأمريكيين والبريطانيين وغيرهم من جنود حلف الناتو وتدمير عشرات الحاويات الأميركية التي تُقل النفط إلى قوات الاحتلال في أفغانستان أثار ذعر القيادات العسكرية والسياسية لدول الحلف، وجعلهم يتخذوا إجراءات متسرعة وغير حكيمة في الضغط على باكستان لحملها على زيادة حربها ضد حركة طالبان ومن هذه الإجراءات:1) قصف الجيش الباكستاني وقتل أحد عشر جندياً باكستانياً من بينهم ضابط كعقوبة له على عدم مشاركته في ضرب القاعدة ولتحفيزه لفعل ذلك وهو ما أثار ردة فعل عكسية لدى الجيش فقال الناطق باسمه الجنرال أنار عباس: "إن هذا العمل الجبان دمَّر أسس التعاون في الحرب على الإرهاب".2) تصعيد نبرة الهجوم ضد حركة طالبان وقرنها بالقاعدة بشكل دائمي وتحريض حكومتي باكستان وأفغانستان على التعاون ضدها. وقد صرَّحت وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس مؤخراً بذلك وهو ما قضى على أي احتمال لجذب الحركة التي لها جذور عميقة في الدولتين إلى العملية السياسية.3) عدم إعطاء أي فرصة للقيادة السياسية والعسكرية في باكستان لمعالجة مسألة طالبان بالطرق الدبلوماسية وهذا ما أفسد العلاقة بين الدولة والحركة وجعل بالتالي إمكانية الحل العسكري ضد طالبان إمكانية شبه مستحيلة وذلك لقوة نفوذ طالبان في المجتمع الباكستاني ولعدم إقتناع الجيش بمحاربة طالبان باكستان وعدم قدرته على فعل ذلك.إن مثل هذه الإجراءات ساهمت في زيادة قوة حركة طالبان كما ساهمت في زيادة التعاون بين طالبان والجيش الباكستاني الذي بدا غير متماسك وغير منضبط وغير موالي لقيادته العسكرية. وهذا ما جعل إشفاق برويز كياني قائد الجيش الباكستاني يُظهر تردداً في استخدام الجيش في عمليات عسكرية كبيرة ضد حركة طالبان باكستان ويقترح على الحكومة إسناد هذه المهمة إلى قوات قبلية غير نظامية غير عابئ بالموقف الأمريكي.وفوق ذلك فإن فشل أمريكا في جلب حكومة (ديمقراطية) قوية تساند مشرف في محاربة (الإسلاميين) قد فاقم الوضع السياسي الذي أثر بدوره على الوضع الأمني. فلقد انشغل السياسيون الباكستانيون بالتصارع مع مشرف على مسائل ثانوية داخلية: كعودة القضاة إلى مناصبهم، وكتجريد مشرف من سلطاته، وكإنشغالهم بالتصارع فيما بينهم، وهذا أدّى إلى عدم تنسيقهم مع الرئيس في الامور الجوهرية، أو ربما أدّى إلى عدم إطّلاعهم على الأمور الحساسة في الدولة، وكل ذلك أدَّى إلى غياب قيادة مركزية لاتخاذ القرارات المهمة وساهم بدوره في خسارة أمريكا للكثير من نفوذها في مراكز القوة في الدولة التي بدت مشلولة وغير مترابطة وعاجزة عن اتخاذ القرارت.وبالمقابل فإن حركة الطالبان في أفغانستان قد نجحت في رصّ صفوفها تحت قيادة موحدة لعدم فقدانها للحاضنة البشتونية في أفغانستان نفسها، بالإضافة إلى تواصلها مع طالبان باكستان، وهو ما أدّى إلى تحصينها من إمكانية الاختراق، وبالتالي نجاحها في القيام بعمليات عسكرية محكمة كهجومها على سجن قندهار وكقيامها بعمليات عسكرية يومية ناجحة توقع بالأمريكان وحلفائهم العديد من القتلى يومياً.وقد دفع الإفلاس السياسي أمريكا إلى استنساخ تجربة (الصحوات) في أفغانستان ففشلت فشلاً ذريعاً . كما كان لعدم وجود أجنحة متصارعة داخل حركة المقاومة الأفغانية، وعدم وجود قيادات متعددة لها الأثر الأكبر في تنامي قدراتها ونجاح عملياتها.وخلاصة القول إن وضع أمريكا وحلف الناتو في أفغانستان في هذا الوقت هو الأسوأ منذ بداية العدوان على أفغانستان في العام 2001م، وإن ما يزيد الأمور سوءاً وتعقيداً هو انتقال عدوى طالبان من أفغانستان إلى باكستان وفشل الدعم الأمريكي للدولة الباكستانية في جعلها أكثر ولاءاً للأمريكان والخوف بالتالي من فقدان زمام الأمور نهائيا في الباكستان ذاتها.
9) السناتور جوزف بايدن قال الأربعاء( 25/6/2008 ) : ( سيطرح الحزبان الجمهوري والديمقراطي قانوناً في مجلس الشيوخ يرسي أسس نهج جديد ) واقترح بايدن استراتيجية جديدة لمضاعفة المساعدات غير الأمنية إلى 1.5 مليار سنوياً على مدى عشر سنوات وقال : " إن زيادة المساعدات غير الأمنية بشكل كبير على مدى فترة طويلة سيساعد على إقناع الشعب الباكستاني بأن الولايات المتحدة ليست صديقاً عابراً، ولكن صديقاً دائماً. وستساعد على إقناع الباكستانيين بأن الولايات المتحدة حليف يمكن الإعتماد عليه"، وطلب بايدن ربط المساعدات الأمنية التي تقدمها واشنطن لباكستان والبالغة حالياً نحو مليار دولار سنوياً بإحراز نتائج وقال " إن ذلك سيدفع الجيش الباكستاني إلى القضاء على تنظيم القاعدة وطالبان والحركات المسلحة التي يعتقد أنها تتمركز على طول الحدود بين باكستان و أفغانستان" وأضاف " ليس من الواضح إن كنا نحصل على نتائج أفضل .. وأقل إذا كان العكس صحيحاً ".إن هذه التصريحات تشير إلى مدى الخطر الذي تستشعره أمريكا من طالبان في البلدين خاصة و تلقي باللائمة على ازدياد ضعف أداء الجيش الباكستاني في مواجهته لطالبان لدرجة أن مقاتلي طالبان باكستان نجحوا الأسبوع الماضي في الاستيلاء على محركات وقطع مروحيات من طراز شينوك وبلاك هوك وكوبرا بقيمة 13 مليون دولار كانت في حاويات محصنة في طريقها من ميناء كراتشي الباكستاني إلى القوات الأمريكية في أفغانستان وهذا ما أثار حفيظة الأمريكيين وجعلهم يقوموا بغارات متسرعة لتدمير تلك الحاويات في أماكن تخزينها في المناطق القبلية لكي لا تستفيد حركة طالبان منها ولكي (تلفلف) الموضوع الذي قد يثير فضائح مخزية للجيش الأمريكي في حالة تسليط الأضواء عليه.ثم إن اشتداد المواجهات في جنوب وشرق وغرب أفغانستان بين قوات الناتو وحركة طالبان وارتفاع أعداد القتلى من الأمريكيين والبريطانيين وغيرهم من جنود حلف الناتو وتدمير عشرات الحاويات الأميركية التي تُقل النفط إلى قوات الاحتلال في أفغانستان أثار ذعر القيادات العسكرية والسياسية لدول الحلف، وجعلهم يتخذوا إجراءات متسرعة وغير حكيمة في الضغط على باكستان لحملها على زيادة حربها ضد حركة طالبان ومن هذه الإجراءات:1) قصف الجيش الباكستاني وقتل أحد عشر جندياً باكستانياً من بينهم ضابط كعقوبة له على عدم مشاركته في ضرب القاعدة ولتحفيزه لفعل ذلك وهو ما أثار ردة فعل عكسية لدى الجيش فقال الناطق باسمه الجنرال أنار عباس: "إن هذا العمل الجبان دمَّر أسس التعاون في الحرب على الإرهاب".2) تصعيد نبرة الهجوم ضد حركة طالبان وقرنها بالقاعدة بشكل دائمي وتحريض حكومتي باكستان وأفغانستان على التعاون ضدها. وقد صرَّحت وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس مؤخراً بذلك وهو ما قضى على أي احتمال لجذب الحركة التي لها جذور عميقة في الدولتين إلى العملية السياسية.3) عدم إعطاء أي فرصة للقيادة السياسية والعسكرية في باكستان لمعالجة مسألة طالبان بالطرق الدبلوماسية وهذا ما أفسد العلاقة بين الدولة والحركة وجعل بالتالي إمكانية الحل العسكري ضد طالبان إمكانية شبه مستحيلة وذلك لقوة نفوذ طالبان في المجتمع الباكستاني ولعدم إقتناع الجيش بمحاربة طالبان باكستان وعدم قدرته على فعل ذلك.إن مثل هذه الإجراءات ساهمت في زيادة قوة حركة طالبان كما ساهمت في زيادة التعاون بين طالبان والجيش الباكستاني الذي بدا غير متماسك وغير منضبط وغير موالي لقيادته العسكرية. وهذا ما جعل إشفاق برويز كياني قائد الجيش الباكستاني يُظهر تردداً في استخدام الجيش في عمليات عسكرية كبيرة ضد حركة طالبان باكستان ويقترح على الحكومة إسناد هذه المهمة إلى قوات قبلية غير نظامية غير عابئ بالموقف الأمريكي.وفوق ذلك فإن فشل أمريكا في جلب حكومة (ديمقراطية) قوية تساند مشرف في محاربة (الإسلاميين) قد فاقم الوضع السياسي الذي أثر بدوره على الوضع الأمني. فلقد انشغل السياسيون الباكستانيون بالتصارع مع مشرف على مسائل ثانوية داخلية: كعودة القضاة إلى مناصبهم، وكتجريد مشرف من سلطاته، وكإنشغالهم بالتصارع فيما بينهم، وهذا أدّى إلى عدم تنسيقهم مع الرئيس في الامور الجوهرية، أو ربما أدّى إلى عدم إطّلاعهم على الأمور الحساسة في الدولة، وكل ذلك أدَّى إلى غياب قيادة مركزية لاتخاذ القرارات المهمة وساهم بدوره في خسارة أمريكا للكثير من نفوذها في مراكز القوة في الدولة التي بدت مشلولة وغير مترابطة وعاجزة عن اتخاذ القرارت.وبالمقابل فإن حركة الطالبان في أفغانستان قد نجحت في رصّ صفوفها تحت قيادة موحدة لعدم فقدانها للحاضنة البشتونية في أفغانستان نفسها، بالإضافة إلى تواصلها مع طالبان باكستان، وهو ما أدّى إلى تحصينها من إمكانية الاختراق، وبالتالي نجاحها في القيام بعمليات عسكرية محكمة كهجومها على سجن قندهار وكقيامها بعمليات عسكرية يومية ناجحة توقع بالأمريكان وحلفائهم العديد من القتلى يومياً.وقد دفع الإفلاس السياسي أمريكا إلى استنساخ تجربة (الصحوات) في أفغانستان ففشلت فشلاً ذريعاً . كما كان لعدم وجود أجنحة متصارعة داخل حركة المقاومة الأفغانية، وعدم وجود قيادات متعددة لها الأثر الأكبر في تنامي قدراتها ونجاح عملياتها.وخلاصة القول إن وضع أمريكا وحلف الناتو في أفغانستان في هذا الوقت هو الأسوأ منذ بداية العدوان على أفغانستان في العام 2001م، وإن ما يزيد الأمور سوءاً وتعقيداً هو انتقال عدوى طالبان من أفغانستان إلى باكستان وفشل الدعم الأمريكي للدولة الباكستانية في جعلها أكثر ولاءاً للأمريكان والخوف بالتالي من فقدان زمام الأمور نهائيا في الباكستان ذاتها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق