الخميس، 21 مايو 2015

مؤتمر كامب ديفيد الخليجي يُقِرُّ لأمريكا بالمسؤولية المطلقة عن أمن الخليج



مؤتمر كامب ديفيد الخليجي يُقِرُّ لأمريكا بالمسؤولية المطلقة عن أمن الخليج



إنّ أبرز ما تمخض عن مؤتمر كامب ديفيد الأمريكي الخليجي هو ضمان أمريكا لأمن الخليج، وتحمّلها مسؤولية الدفاع عن الدول الخليجية بكل الوسائل الممكنة ضد ما يُسمّى بالخطر الايراني التوسعي بالمنطقة، وهو ما اعتبره الإعلام الخليجي الرسمي بأنّه أكبر إنجاز تحقق في المؤتمر.
وعند التدقيق بهذا المآل الخطير الذي أفرزه المؤتمر نجد أّنّه لا يمنح أمريكا صفقات غير مسبوقة لبيع منظومات دفاعية متعددة، ولبيع مختلف أنواع السلاح التقليدي لدول الخليج بعشرات المليارات من الدولارات وحسب، بل ويُعطيها أيضاً الحق في تقرير كيفية الدفاع عن المنطقة بما تراه مناسباً، وهذا يعني أنّ دول الخليج قد ألغت سيادتها على بلدانها، وسلّمت رقابها لأمريكا بتسليمها للملف الأمني الحسّاس الذي يتعلّق بوجودها نفسه.
وإذا علمنا أنّ أكبر القواعد الأمريكية في العالم موجودة أصلاً في جميع الدول الخليجية، فإنّ إضافة تسلم أمريكا للملف الأمني لهذه الدول يعني أنّ المؤامرة الأمريكية قد اكتملت في الخليج، ويعني أنّ دوله أصبحت محميات أمريكية رسمياً.
إنّ هذه الدول الخليجية بعد هذا المؤتمر المشؤوم لم تعد تملك اتخاذ أي قرار أمني دون الرجوع إلى أمريكا، فهي قد رهنت إرادتها للإرادة الأمريكية، وتخلت عن سيادتها لمصالح أمريكا العليا، وأصبحت سياساتها الخارجية تتبع السياسة الخارجية الأمريكية في كل صغيرة وكبيرة، فلا تختلف عن السياسات الخارجية لأي دولة من الدول الصغيرة التابعة لأمريكا في العالم كالدومينكان وهاييتي، وتتفق سياساتها كثيراً مع سياسات دولة يهود، ولا تختلف معها إلا بما تختلف معها السياسات الأمريكية.
وتسلم أمريكا لملف الدفاع عن امن الخليج يعني ارتماء دول الخليج في أحضان أمريكا، وانسلاخها من قضايا الأمة الاسلامية، ووقوفها في صف أعدائها.
وأمّا الحجة التي تُروجها وسائل الاعلام السعودية والخليجية وهو تدعيه بالخطر الايراني فهذه الحجة ليست مبرراً لموالاة أمريكا وخيانة قضايا الأمة الاسلامية، فدول الخليج تستطيع معالجة ما تعتبره خطراً ايرانياً من دون اللجوء إلى أمريكا، علاوة على أنّ الخطر الأمريكي الصليبي اليهودي أكبر بكثير ممّا اعتبرته خطراً ايرانياً.
ثمّ إنّ الخضوع لأمريكا والدخول في مظلتها لا شك أنّه يتناقض مع أبسط المفاهيم الاسلامية التي تتبجح السعودية بأنّها تلتزم بها، فأدلة تحريم الاستعانة بالكفار وموالاتهم لا نظن أنّ شيوخ السعودية يجهلونها، فكيف يمكن قبول فكرة التعاون مع أمريكا مع وجود هذه النصوص؟!.
قال تعالى: " يا ايها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين"، وفي هذه الآية وفي أمثالها دلالة واضحة على تحريم موالاة غير المسلمين عند جمهرة المفسرين والعلماء ومنهم محمد بن عبد الوهاب الذي يعتمدون مذهبه في السعودية حيث يقول في تفسيره لهذه الآية في موضوع نواقض الاسلام:" الناقض الثامن: مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين والدليل قوله تعالى " ومن يتولهم منكم فانه منهم"، ويُعقب عبد العزيز بن باز بالقول:" الكفار الحربيون لا تجوز مساعدتهم بشيء، بل مساعدتهم على المسلمين من نواقض الاسلام لقوله تعالى:" ومن يتولهم منكم فليس منهم".
ولا يشك عاقل في أنّ أمريكا دولة كافرة ومحاربة غزت بلاد المسلمين واحتلت جزءاً منها، وما زالت تقصف المسلمين في أفغانستان وباكستان والعراق وسورية والصومال واليمن، ومكّنت دولة يهود من الاستمرار في اغتصابها لفلسطين، وما زالت تدعمها في عدوانها الوحشي المتكرر على غزة وسائر مناطق فلسطين.
فأمريكا دولة عدوة للإسلام والمسلمين، وهي تستخف بالمعتقدات الاسلامية، وتمس بمقام الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام، فسمحت بعرض رسومات كاريكاتورية للاستهزاء بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم في أكبر مهرجان يُقام في العالم عشية انعقاد مؤتمر كامب ديفيد للدول الخليجية، ولم ينبس الاعلام السعودي والخليجي ببنت شفة.
فلو كان حكام دول الخليج يملكون قسطاً من كرامة لقاطعوا المؤتمر - على الأقل - احتجاجاً على تلك العروض الكاريكاتيرية الحقيرة، لكنهم فقدوا كل حياء، وشجّعوا كل الأعداء بحضورهم ذلك المؤتمر - مع استمرار وجود هذه العروض - شجّعوهم على المضي قدُماً في الاستمرار بتقديم عروض الاساءة للرسول عليه الصلاة والسلام.
لو كانوا يملكون حظاً من شهامة لما فرّطوا في الدفاع عن قضايا الامة المصيرية كقضية فلسطين وكشمير وأركان في وبورما وتركستان الشرقية وأفريقيا الوسطى وغيرها من بلاد المسلمين المنكوبة.
لو كانوا يملكون ذرة من إخلاص لما وقفوا في سورية ضد مشروع الخلافة، ولما دعموا مشروع الدولة المدنية، ولما نسّقوا مع المخابرات الأمريكية في تجنيد المرتزقة.
إنّ حكام دول الخليج سودوا صحائف أعمالهم – سوّد الله وجوههم – بتمكين أمريكا – عدوة المسلمين الأولى - من أمن بلدانهم، ومنحها حق الدفاع عنهم، وتنصيبها وصيّةً عليهم، وتسليمها مفاتيح قوتهم، وتفريطهم بأمنهم ودفاعهم الذاتي عن بلدانهم.
لكنّ الأمّة الاسلامية والشعوب العربية في جزيرة العرب لن تقبل أبداً بهذه الخيانات الفظيعة التي ترتكبها تلك الأسر الحاكمة في دول الخليج، وسوف تتحرك قريباً ان شاء الله لتطيح بهذه الطغم العميلة، لتقيم على أنقاض حكمها دولة الاسلام التي تُزيل النفوذ الأمريكي برمته من جزيرة العرب، فلا يبقى لأمريكا فيها قواعد ولا شركات ولا عملاء، وتنطلق منها دعوة الاسلام من جديد لتعم الآفاق، وتُسقط الحدود، وتُزيل السدود، وتُرفع راية العقاب في كل مكان، ومن ثم تُسترد سيادة الأمة وعزتها وهيبتها وما ذلك على الله بعزيز.


السبت، 16 مايو 2015

كامب ديفد الخليجية تحول دول الخليج إلى محميات أمريكية




يهربون من بطش الحكام فيموتون غرقاً



خبر وتعليق

المهجرون الفارّون من بطش حكام المسلمين يموتون غرقًا



الخبر:

ذكر تقرير جديد صادر عن الأمم المتحدة أنّ عدد الذين قضوا غرقًا في مياه البحر الأبيض المتوسط بلغ في الربع الأول من هذا العام 1800 شخص ثلثهم من السوريين والباقي من الفلسطينيين والأريتيريين والصوماليين والسودانيين وسائر الأفارقة، وقال التقرير بأنّ العدد إذا استمر في الارتفاع على نفس هذه الوتيرة فسيتعدى مع نهاية العام الجاري حاجز السبعة آلاف شخص، وهو الأعلى في تاريخ حوادث الغرق السنوية في نفس المكان.

التعليق:

وكأنّ المسلمين لم يكفهم ما هم فيه من ويلات وتشرد وشقاء على اليابسة بسبب أنظمة القهر التي تحكمهم بكل ما تملك من أدوات القتل والبطش والتنكيل، فتطحنهم وتُذيقهم جميع صنوف العذاب، وتُحيل حياتهم إلى معاناة دائمة فيها جميع صور البؤس والبلاء، نعم وكأنه لم يكفهم ذلك كله بل أصبح الغرق في مياه البحر لهم بالمرصاد.

فقبل عامين كان لا يتجاوز الحد الأقصى للغرقى في اليوم الواحد عتبة الأربعمائة، ثم زاد هذا العدد عن الأربعمائة، أمّا في هذا العام فبلغ العدد ثمانمائة، والله أعلم كم سيبلغ العام القادم!!

وذكرت المنظمة الدولية للهجرة ومقرها في جنيف: "أنّ العام الماضي 2014 سجّل وفاة 4868 مهاجرًا إمّا غرقًا في عرض البحر أو جوعًا وعطشًا في الصحارى النائية أو الجبال"، وأوضحت أنّ: "عدد الغرقى في البحر المتوسط فاق ال 3000 شخص جراء ركوب قوارب غير صالحة للاستخدام، فيما غرق 540 مهاجرًا في خليج البنغال"، فغرقى البحار غالبيتهم من المسلمين، وهم إمّا أن يكونوا منحدرين من منطقة الشرق الأوسط، وإمّا من مناطق آسيا كالروهينجا من أراكان في بورما أو من بنغلادش أو سيريلانكا أو غيرها من البلدان الآسيوية التي يُضطهد فيها المسلمون.

ومن لم يمت منهم غرقًا في مياه البحار فإنّه يعيش في معسكرات بائسة للاجئين في الجزر اليونانية أو الإيطالية، أو يوضع في مراكز احتجاز مكتظة في إندونيسيا لفترات طويلة.

تُرى فماذا فعلت الدول التي تشردوا منها أو الدول الغربية للتقليل من هذه الظاهرة التي تندى لها جباه البشرية؟

إنّ الدول في البلاد العربية والإسلامية لا تُعير لوجود هذه المشكلة أي اهتمام، بل إنّها تُساهم في التخلص من مجاميع بشرية كبيرة بدفعهم للموت في البر أو في البحر لتتخلص منهم وكأنّهم ليسوا برعاياها.

وهذا أمر طبيعي في دول ذات أنظمة حكم جبرية قمعية إجرامية، وأمّا الدول الغربية الحاقدة على الإسلام والمسلمين، فتعقد الاجتماعات والمؤتمرات لمعالجة هذه الظاهرة التي تؤرقها، محاولةً التخلص منها بأقل الخسائر، وقد اتفقت الدول الأوروبية في اجتماعاتها الأخيرة على مراقبة السواحل الليبية بالسفن والطائرات الحربية، وتدمير كل القوارب التي تُستخدم في حمل المهاجرين، واعتقال ومحاربة جميع من يُساعد في أعمال التهريب منتهكة سيادة ليبيا وكأنّها غير موجودة، وتسعى الدول الأوروبية كذلك لمساعدة الليبيين المتصارعين في إقامة حكومة موحدة تابعة للدول الأوروبية لكي تُساعد الأوروبيين في محاربة هذه الظاهرة المزعجة لهم.

هذه هي الحلول الموجودة لديهم، وهي نوع جديد من أنواع القتل (الرحيم!) بحجة المحافظة على مصالحهم، وجعلهم جزءًا من أفنيتهم الخارجية.

إنّ الحل الوحيد لهذه المشكلة - ولكل مشاكل المسلمين - يكمن في إقامة دولة رعاية حقيقية تحرص على إيجاد حياة كريمة للمسلمين، وتُوفر لهم كل أسباب الراحة والحياة العزيزة، فترعى شؤونهم وفقًا لأحكام الشريعة الإسلامية، وبذلك تنقلهم إلى مستوًى حياتي عالٍ بنقلة نوعية تتناسب مع حياة أمةٍ يُفترض أن تكون خير أمةٍ أخرجت للناس.

الخميس، 14 مايو 2015

السياسة الامريكية في سورية: ثبات في الخطط وتغيير في التكتيكات


السياسة الأمريكية في سوريا: ثبات في الخطط وتغيير في التكتيكات



2015-05-13م

لم تتغيّر السياسة الأمريكية في سوريا منذ بدء اندلاع الثورة وحتى الآن، فهي ما زالت تتبنى الخطط والاستراتيجيات نفسها، فترسل المبعوثين الأمميّين كالدّابي وكوفي عنان والأخضر الإبراهيمي ودي مستورا لحرف الثورة عن مسارها، ولتخذيل الثوار والتآمر عليهم، وتعقد مؤتمرات جنيف (1) وجنيف (2)، وتسعى لعقد جنيف (3) لدمج بقايا نظام الطاغية بشار في أية خطط سياسية مستقبلية لسوريا، وهي ما تزال تُشتت قوى الثورة، وتوجد لها أعداء جُدداً، لصرفها عن مواجهة النظام بحجة محاربة التطرف والإرهاب، فتختلق الصراعات فيما بين الثوار لإضعاف الثورة، وللحيلولة دون إسقاط النظام قبل ضمان وجود قيادة بديلة موالية لها، وتعمل ذلك بكل ما أوتيت من قوة.

ودمج النظام في نظر أمريكا لا يعني بقاء بشار الأسد في السلطة، بل يعني بقاء نظامه فيها، أو بمعنى آخر بقاء هياكل النظام الحالي، ومن أهمها استمرار سيطرة المؤسسات الطائفية على بعض قوى الجيش والأجهزة الأمنية مع دمج القوى الثورية الموالية لها فيه بشكل من الأشكال.

ومن ناحية خارجية فأمريكا ما زالت تتغاضى عن انخراط إيران وميليشياتها كلياً في دعم النظام، وما زالت تستخدم روسيا في مجلس الأمن لعرقلة أي قرار يمكن أن يصدر ضده، وهي لا تفعل شيئاً لوقف إمدادات روسيا الهائلة والمتواصلة للنظام بالأسلحة والذخائر التي تُمكّنه من الوقوف على قدميه.

لكنّ التغيرات التي طرأت مؤخراً على موازين القوى في سوريا أجبرت أمريكا على قبول إدخال بعض التغييرات في تكتيكاتها، فسقوط مدينتي إدلب وجسر الشغور في الشمال والقنيطرة وريفها وريف درعا ومعبر نصيب في الجنوب، وتوحد الفصائل المقاتلة في جيش الفتح وتنسيق هجماته، ودخوله إلى منطقة القلمون، وتنسيق الدعم التركي السعودي القطري، كل ذلك أوجد واقعاً جديدا يُخشى معه من سقوط النظام قبل أن تؤمّن البديل، وهو ما جعل أمريكا تتحرك سريعاً لكبح جماح الثوار، ولإيقاف تقدمهم بكل ما أوتيت من نفوذ.

وأمريكا قد أحيطت علماً بتنسيق الجهود السعودية التركية القطرية ضد الأسد، فقد نشرت صحيفة هافينجتون بوست الأمريكية تقريراً كشفت فيه عن وجود:
"محادثات عالية المستوى بين تركيا والسعودية بوساطة قطرية لتشكيل تحالف عسكري للإطاحة بالأسد"، وقالت الصحيفة بأنّه تمّ "إطلاع أوباما وإعلامه بهذه الخطة منذ شهر شباط (فبراير) الماضي".

وكان الرئيس الأمريكي قد قال بعد اجتماعه بأمير قطر: "إنّه تبادل الأفكار مع الأمير حول كيفية الإطاحة بالأسد، وإنّ الأوضاع لن تستقر كلياً هناك إلاّ برحيل الأسد الذي فقد شرعيته بالحكم".


ومن جهة أخرى عبّرت أمريكا عن مخاوفها من ذلك التنسيق؛ فقد نقلت وكالة الأسوشيتدبرس عن مسؤول أمريكي قوله:"إنّ إدارة أوباما قلقة من أنّ التحالف الجديد (التركي السعودي القطري) يُساعد جبهة النصرة على كسب أراضٍ جديدة".

إنّ هذه التصريحات الأمريكية يبدو من ظاهرها أنّها متناقضة، لكنّ إزالة هذا التناقض يكون بمعرفة أنّ أمريكا لا تهتم بوجود الأسد نفسه كشخص في السلطة، وإنّما تُريد ضمان وجود دولة مدنية موالية لها في سوريا بوجود الأسد أو بدونه.

وتعمل أمريكا على تحقيق هدفها هذا من خلال تكتيكين اثنين هما:

الأول: جذب الفصائل المقاتلة إلى طاولة المفاوضات مع النظام من خلال عمل المبعوث الأممي دي مستورا الذي حقّق إنجازات نوعية في هذه الأيام خاصة مع بعض المجموعات الإسلامية المسلحة وفي مقدمتها جيش الإسلام، حيث قال عضو مجلس القيادة العسكرية في الجيش الحر رامي الدالاتي: "إنّ ممثلي نحو أربعة عشر فصيلاً عسكرياً أهمها جيش الإسلام وأحرار الشام وصقور الشام وجيش المجاهدين عقدوا اجتماعات الثلاثاء والأربعاء في تركيا لتأليف وفد للقاء دي مستورا".

ويُستخدم فصيل جيش الإسلام بقيادة زهران علوش كرأس حربة لحمل سائر الفصائل على الالتحاق بركب المفاوضات مع دي مستورا، فقد قال الإعلامي السعودي جمال خاشقجي المقرب من دوائر صنع القرار في السعودية: "إنّ زيارة زهران علوش لتركيا تفك آخر عقدة في التعاون السعودي التركي القطري في سوريا"، وفي تصريحه هذا دليل واضح على تبعية علوش للسعودية، وعلى تبني السعودية لخطة دي مستورا الأمريكية.

فـإن دي مستورا يعمل هذه الأثناء بكل جد واجتهاد، ويلتقي بممثلي النظام وأكثر من أربعين طرفاً سورياً وحوالي عشرين جهة إقليمية ودولية وممثلين عن المجتمع المدني والشتات السوري على نطاق واسع، وذلك لتمييع الإطار التمثيلي، ولإبعاد جعل الإسلاميين أهم من يُمثل السوريين.

ودي مستورا يسعى في خططه للعودة بالمتفاوضين إلى الانخراط بحل سياسي على أساس مؤتمر جنيف (1) وتشكيل حكومة انتقالية مؤقتة متعددة الأطياف بما فيها النظام.

الثاني: دعوة إيران والسعودية وتركيا للمشاركة في مؤتمر جنيف (3) والتوصل مع كل هذه الأطراف إلى حلول وسط يتم من خلالها دمج جميع الذين يقبلون بمشروع الدولة المدنية، واستثناء كل القوى المتمسكة بمشروع الخلافة.

فقد قالت ماري هارف المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية: "إنّ الولايات المتحدة منفتحة على مشاركة إيران في الجولة القادمة من محادثات السلام"، وبالمقابل دعا وزير الخارجية الإيراني إلى: "حوار إقليمي لمعالجة الأزمات في سوريا والعراق واليمن".

فأمريكا تسعى بكل طاقتها لإشراك إيران في الحل بالرغم من عداء السعودية السافر لها، وهذا يتطلب المزيد من الصراع والاقتتال بين الميليشيات والتنظيمات المدعومة من إيران والسعودية وتركيا، وهو ما يؤدي إلى المزيد من الضحايا وسفك الدماء حتى تبلغ الأمور مداها لتصل إلى النضوج لتمرير الحل الأمريكي المقرر لها. وبغض النظر عن طول المدة أو فداحة الخسائر، فإن أمريكا لا تكترث بالدمار والخراب الذي يلحق بسوريا، فالمهم عندها فقط هو تمرير سياساتها وبقاء نفوذها.

هذه هي التكتيكات الأمريكية المستخدمة في سوريا، وهذه هي خططها، لكنّ كل هذه التكتيكات والخطط، سوف تفشل قطعاً إذا ما امتنعت الأطراف الرئيسية في الثورة من التعاطي معها، فيكفي لإبطال هذه السياسة الأمريكية التآمرية مقاطعة دي مستورا، والاستمرار في محاربة النظام وداعميه، لاجتثاثه من جذوره وإقامة دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة على أنقاضه.

احمد الخطواني

الجمعة، 1 مايو 2015

النتائج المتوقعة لعاصفة الحزم




النتائج السياسية المتوقعة لعاصفة الحزم



ليس من السهل على أيٍ من أطراف الصراع الحالي في اليمن الخروج الآمن والسريع من هذا المستنقع السياسي الآسن الذي نما بفضل وجود بيئة سياسية ملوثة ساعدت في اندلاع الاقتتال بين القوى المحلية القبلية والحزبية والاقليمية، بتدبير وتنسيق وتوجيه مباشر وغير مباشر من القوى الدولية الكبرى الاستعمارية.
فأمريكا وبريطانيا وهما القوتان الرئيسيتان اللتان ساهمتا في وجود هذا المستنقع، وأوجدتا مظلة دولية قبل يوم واحد من اندلاع عاصفة الحزم، وذلك بُعيد اجتماع وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند بمستشارة الأمن القومي الأمريكي سوزان رايس في واشنطن عشية اندلاع عاصفة الحزم نهاية الشهر الماضي، واتفقتا على ضرورة التوصل إلى حل سياسي في اليمن عبر المفاوضات السياسية، تسعيان الآن لإعادة تموضع جميع القوى التي تُحركانها في اليمن.
كما وتُحاول سائر القوى الدولية الأخرى مثل فرنسا وروسيا والصين أن يكون لكل منها موقعاً أو حصةً في ثروات اليمن  النفطية والغازية الهائلة التي تم الإعلان عن وجودها في اليمن بعد انتهاء النزاع، وعودة الاستقرار الى اليمن.
فأمريكا تعمل على إطالة أمد الحرب في اليمن لاستنزاف القوات العسكرية للجيش اليمني الذي يقوده علي عبد الله صالح المتحالف مع الحوثيين المدعومين من ايران بشكل مباشر ومن أمريكا بشكل غير مباشر.
قال وزير الخارجية الاميركي جون كيري لشبكة سي بي اس ان "على ايران ان تعرف ان الولايات المتحدة لن تقف مكتوفة الايدي بينما تتم زعزعة استقرار المنطقة برمتها ويشن اشخاص حربا مفتوحة عبر الحدود الدولية لدول اخرى".
وأكّد كيري ان الولايات المتحدة لا تسعى الى المواجهة ولكنّها: "لن نتخلى أبدا عن تحالفاتها وصداقاتها"، كما وأعلنت وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون) أن سلاح الجو الاميركي قد بدأ عملية تزويد بالوقود في الجو لمقاتلات عملية عاصفة الحزم التي تشنّها السعودية في اليمن.
وتعني هذه التصريحات أنّ أمريكا مستمرة في دعم السعودية ليس لتدمير الحوثيين وإنّما لتدمير الجيش اليمني الذي يقوده علي عبد الله صالح، والدليل على ذلك أنّ ضربات الطائرات السعودية لم تُلحق أثراً يُذكر بميليشيات الحوثيين، بينما كان الدمار الذي لحق بالمعسكرات والمعدات التي يمتلكها الجيش اليمني لا حدود له.
فأمريكا لا تُريد مطلقاً إضعاف الحوثيين، فهي لم تسمح بدخول قوات برية مصرية أو باكستانية لحسم المعركة ضد الحوثيين، إنّها تُريد فقط تدمير الجيش اليمني.
وهذا الدمار الهائل الي لحق بالجيش اليمني هو الذي دفع الرئيس السابق علي عبد الله صالح -  وفي تغيير مفاجئ لمواقفه المعروفة - إلى التصريح في 24 / 4 / 2015 والداعي إلى سحب الحوثيين لقواتهم من المدن اليمنية ومن العاصمة صنعاء مقابل وقف الغارات الجوية السعودية على اليمن، والعودة إلى طاولة الحوار برعاية الأمم المتحدة في جنيف السويسرية، وذلك التزاماً بالقرارات الدولية الصادرة بحق اليمن، لكنّ الحوثيين رفضوا هذا الاقتراح بشكل قاطع، وقال محمد البخيتي عضو المكتب السياسي للحركة الحوثية:" إن ما يطالب به صالح عريضة استسلام شخص وعائلته وحزبه (المؤتمر الشعبي العام)".
إنّ هذا التباين الصريح بين موقفي علي عبد الله صالح والحوثيين يدل على أنّ الحلف بينهما مصلحي ومؤقت، ويُحاول كل منهما في هذا التحالف الاستفادة من الآخر حتى الرمق الأخير قبل سقوطه لتحقيق أهداف الدول الكبرى، وليس لتحقيق أهداف الشعب اليمني.
وكان علي عبد الله صالح قد عرض على السعودية الغدر بحلفائه الحوثيين مقابل الإبقاء على دور له في اليمن، لكن الاخيرة رفضت عرضه هذا لعدم ثقتها به، ولأنّ أمريكا لا تريد ان يكون له مكاناً في اليمن.
ومن هنا يمكن القول إنّ أهم نتيجة لعاصفة الحزم تريد أمريكا تحقيقها في اليمن هي تدمير الجيش اليمني وإقصاء علي عبد الله صالح نهائياً، والدخول في عملية تفاوض سياسية بين اليمنيين يكون للحوثيين دوراً مهماً فيها.
وتُريد أمريكا كذلك إقصاء عبد ربه منصور هادي وإعطاءه مجرد دور هامشي فقط ينتهي نهائياً مع بدء العملية السياسية، وتُريد منه أن يُسلّم صلاحياته إلى نائبه خالد بحاح المقرب من الحوثيين والسعوديين على حدٍ سواء.
وأمّا بريطانيا التي دفعت في الأصل علي عبد الله صالح للتحالف مع الحوثيين لمد نفوذهم في مناطق يمنية شاسعة لتشتيتهم وإضعافهم، وإرباك الموقف الأمريكي في اليمن، ومن ثم حمل أمريكا على الاستعانة بها لما لها من نفوذ على السياسيين التقليديين اليمنيين، فإنّها لم تنجح في تحقيق هدفها هذا، لذلك فهي تسعى اليوم إلى تقوية عبد ربه منصور هادي بوصفه ممثلاً لما يُسمّى بالشرعية، وإضعاف الحوثيين من خلاله بقدر الإمكان، واستخدام السعودية في ضرب الحوثيين، وإبعاد تأثير إيران عن الساحة اليمنية، ومن ثمّ إيجاد قيادة سياسية جديدة بديلة في اليمن تحظى بدعم القوى الدولية بشكل عام، وبدعم السعودية بشكل خاص، ومنح علي عبد الله صالح حماية شخصية في عُمان أو في غيرها.
وأمّا على مستوى الامة الإسلامية فعاصفة الحزم لم تُنتج إلاّ الخراب والدمار والموت الزؤام، فالجيش الذي بناه اليمنيون بكدّهم وأموالهم وعرق جبينهم قد تم تدميره في غارات عاصفة الحسم التي كان لأمريكا عدّوة الأمّة اللدود التخطيط المبرمج والمسبق لها، فهي التي شاركت لوجستياً واستخباراتياٍ في اختيار الأهداف التي كانت الطائرات السعودية  تقصفها، ويكفي حكام آل سعود خيانةً وعاراً أنّهم يُقاتلون بالتنسيق مع أعداء الاسلام في بلاد المسلمين.

إنّ على المسلمين حل مشاكلهم بأنفسهم وعدم السماح لأمريكا أو لغيرها بالتدخل في شؤونهم، وعلى الذين يُصفّقون ويُطبّلون لعاصفة الحسم من الشيوخ والحركات الاسلامية أن يُدركوا بأنّهم بصنيعهم هذا إنّما يعترفون بدور أمريكا في قيادة البلدان الإسلامية، ويُقرّون بأنظمة الحكم العميلة التي تفرضها أمريكا عليهم، ويتناسون أنّهم أبناء خير أمّةٍ أخرجت للناس.