السبت، 29 ديسمبر 2018

قرار ترامب بالانسحاب المفاجئ من سورية أربك المشهد السياسي


قرار ترامب بالانسحاب المفاجئ من سورية أربك المشهد السياسي




أحدَثَ القرار المُفاجئ للرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالانسحاب من سوريا عاصفةً سياسيةً هوجاء، اجتاحت عواصم صنع القرار الدولية والإقليمية، كما اجتاحت البيت الأبيض نفسه، وتسبّبت في إخراج وزير الدفاع الأمريكي جيم ماتيس من منصبه، وأدّى هذا القرار أيضا إلى التباس مُربك في المشهد السياسي في سوريا، وألقى عليه ظلالاً سياسية غامضة، فزاده تعقيداً فوق تعقيد، وقد نقلت صحيفة (وول ستريت جورنال) الأمريكية عن مصدر مطلع لم تذكر اسمه، وصف القرار بأنّه "خطوة قد تؤدي إلى زعزعة الاستراتيجية الأمريكية بالشرق الأوسط".

وكانترامب قد أعلن يوم الأربعاء الماضي 19/12/2018 رسمياً بدء انسحاب القوات الأمريكية من سوريا بحجة إكمال تصفية تنظيم الدولة فقال: "ألحقنا الهزيمة بتنظيم داعش في سوريا الذي كان السبب الوحيد لوجودنا هناك"، وسيتم سحب هذه القوات في غضون مائة يوم على الأكثر وفقاً لتصريحات البنتاغون.

ولدى أمريكا حوالي 2000 جندي في سوريا يقومون بتدريب وتسليح قوات محلية مرتزقة، يُطلق عليها وحدات حماية الشعب، وقوات سوريا الديمقراطية لمُحاربة تنظيم الدولة، كما وأقامت أمريكا عشرات القواعد العسكرية شرق الفرات، ويقول مسؤول أمني روسي: "إنّ الولايات المتحدة أقامت نحو عشرين قاعدة عسكرية في سوريا على أراض خاضعة لسيطرة الأكراد".

والغريب أنّ أمريكا كانت ولفترة قريبة تُدعّم وتُركّز قواتها في سوريا، فقبل يومين فقط من هذا القرار، وفي 17/12 أعلن المُوفد الأمريكي إلى سوريا جيمس جيفري في واشنطن أنّ "بلاده باقية حتى إلحاق الهزيمة بداعش، والحد من نفوذ إيران"،ثم أمَرَت الإدارةُ الأمريكية السعودية الشهر الماضي بدفع 100 مليون دولار لتمويل مهام قواتها شرقي الفرات، وقال جوزيف دانفورد رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة قبل أيام: "إنّ الولايات المتحدة بحاجة لتدريب آلاف المقاتلين المحليين لضمان هزيمة دائمة للمجموعة الإرهابية".

وفجأةً تغيّرت الأحوال، فالحاجة لتدريب القوات ما عادت قائمة، وما كان يُقال عن ضرورة بقاء القوات الأمريكية إلى حين طرد الإيرانيين من سوريا لم تعد ضرورة، فقد اختلفت اللغة السياسية الأمريكية، وتبدّلت بين عشيةٍ وضحاها.

تُرى فما سبب هذا التغيّر في الموقف الأمريكي بهذه السرعة؟ ولماذا لم تعد هناك حاجة لوجود القوات الأمريكية في سوريا مع أنّ الأمور على الأرض لم تتغيّر؟ وما الذي جدّ لاتخاذ هذا القرار المُفاجئ بخروج القوات الأمريكية في غضون شهرين أو ثلاثة على أقصى تقدير؟

فكيف يُصنع القرار الأمريكي؟ ومن الذي يصنعه؟ هل هو الرئيس؟ أم البنتاغون؟ أم الدولة العميقة؟

وللإجابة على هذه التساؤلات لا بدّ من مُلاحظة المُستجدات السياسية التي سبقت اتخاذ القرار، ثمّ ملاحظة المُستجدات التي صاحبته، ثمّ المُستجدات التي تلته، وبالذات ما لها علاقة بتركيا، لا سيما وأنّ تركيا لعبت أهم وأخطر الأدوار في احتواء الثورة، وفي تدجين جبهة النصرة وشبيهاتها، وأنّها ما زالت تملك أهم الأوراق في التعامل مع الشمال السوري، وشرق الفرات.

لقد سبق هذه الخطوة الأمريكية المُفاجئةحديث مُفاجئ لأردوغان عن عملية عسكرية تركية وشيكة شرق الفرات، فقال: "يمكننا أن نبدأ عملياتنا في الأراضي السورية في أي وقت وفقاً لخطتنا الخاصة، والدخول إلى أراضيها من المناطق التي نراها مناسبة على طول الخط الحدودي الذي يمتد لمسافة 500 كيلومتر، وبشكل لا يلحق ضرراً بالجنود الأمريكيين"، ووجّه أردوغان لأمريكا كلاماً صريحاً يُشتمّ منه معرفته بالموقف الأمريكي بشكلٍ مُسبق فقال: "لكوننا شركاء استراتيجيين مع الولايات المتحدة فينبغي على واشنطن أن تقوم بما يلزم، والآن جاء الدور على شرق الفرات".

وكانت المكالمة التلفونية بين أردوغان وترامب ظاهر فيها الاتفاق على إعطاء دور جديد لتركيا في شرق الفرات، فخرج بعدها أردوغان إلى وسائل الإعلام مُفاخراً بأنّ الجيش التركي جاهز "لمُحاربة الإرهابيين من داعش ومن وحدات حماية الشعب"، وأنّه على أهبة الاستعداد للقيام بذلك، لكنّه قال: "إن مكالمته الهاتفية مع ترامب واتصالات الأجهزة الدبلوماسية والأمنية فضلا عن التصريحات الأمريكية دفعت تركيا إلى التريث لفترة عدة أشهر، ولكنها لن تكون مفتوحة"، فكأنّ أردوغان طُلب منه أنْ ينتظر ريثما يتم إخلاء الأمريكيين من مواقعهم ليبدأ بالعمل العسكري.

وليس مُصادفةً أنْ تتزامن هذه الأحداث مع إعلان وزارة الخارجية الأمريكية في اليوم نفسه عن صفقة لبيع تركيا منظومة (باتريوت) للدفاع الجوي والصاروخي بقيمة 3.5 مليار دولار.

فالمسألة إذاً بدأت تتضح أكثر فأكثر، والصورة باتت معالمها تتكامل، فأمريكا قد حسمت أمرها بترك الأمور في شمال سوريا لتركيا على حساب الأكراد، لأنّها رأت أنّها الأقدر على موازنة الروس والإيرانيين في سوريا، فضلاً عن تقليص كلفة نفقات التدخل الأمريكي المُباشر في الخارج، لذلك أدرك الأكراد خطورة قرار الانسحاب الأمريكي من سوريا، فكان له وقع الصدمة على قياداتهمالمُتعاونة مع الأمريكيين والتي وصفت القرار بـ"الخيانة والطعن بالظهر".

فقرار الانسحاب من سوريا الذي تبنّاه ترامب تمّ ترجيحه من قبل المُتنفذين في الإدارة الأمريكية، وتمّ حسم الجدال الذي كان دائراً منذ مُدة في أروقة البيت الأبيض والبنتاغون حول البقاء أو الانسحاب من سوريا، فكان الانسحاب هو الأفضل للمصالح الأمريكية التي يُمكن حمايتها عن طريق وكلاء أمريكا في سوريا، ولا حاجة للتدخل المُباشر.

وشكّل هذا القرار صفعةً للأوروبيين لا سيما الإنجليز والفرنسيين الذين لهم جنود على الأرض إلى جانب الجنود الأمريكيين في سوريا، فقالت بريطانيا إنّ خطر (الإرهابيين) ما زال قائماً في سوريا، ولم يتم بعد القضاء على تنظيم الدولة كما قال ترامب، وأمّا الفرنسيون فأجبروا على البدء في تفكيك قواعدهم انصياعاً للقرار الأمريكي، بعد أنّ عاجلتهم أمريكا يوم الجمعة ببدء تفكيك مُنشآتها العسكرية القريبة من الحدود التركية.

فقرار الانسحاب إذاً هو قرارٌ جدّي، وقد اتُخذ، وابتُدئ بتنفيذه،وردّ ترامب على مُعارضي قراره، ومنهم السيناتور الجمهوري ليندسي غراهامبالقول: "من الصعب التصديق أن غراهام، سيكون ضد الحفاظ على أرواح الجنود والحفاظ على مليارات الدولارات"، وأضاف متسائلا: "لماذا نحارب بالنيابة عن أعدائنا في سوريا بالبقاء، وقتال داعش من أجلهم، روسيا وإيران وغيرهما من السكان المحليين؟".

نصيحة لحركة طالبان من خطورة التفاوض مع الامريكان






السبت، 22 ديسمبر 2018

كيان البحر الأحمر مشروع أمريكي لتكتل مشبوه


كيان البحر الأحمر مشروع أمريكي لتكتل مشبوه





تقدّمت السعودية يوم الأربعاء 12/12/2018 بمشروعٍ مُفاجئ يدعو إلى إنشاء ما يُسمّى بــ (كيان دول البحر الأحمر وخليج عدن)، ويتكون هذا الكيان من سبع دول مُشاطئة للبحر الأحمر، أو قريبة منه، وهي السعودية ومصر والأردن والسودان واليمن وجيبوتي والصومال، ويهدف المشروع - وفقاً للبيان الخِتامي لاجتماع وزراء الدول السبع الذي انعقد في العاصمة السعودية الرياض - إلى تعزيز أوجه التعاون السياسي والاقتصادي والبيئي والأمني لحوض البحر الأحمر وخليج عدن، وإلى منع أي قوى خارجية من لعب أدوار سلبية في هذه المنطقة الاستراتيجية لتحقيق الاستقرار الإقليمي والدولي.
وكان قد تمّ التمهيد لإطلاق هذا المشروع في مصر العام الماضي يومي ١١ و١٢ من شهر كانون الأول/ديسمبر 2017 عندما جاءت وفود هذه الدول السبع إلى القاهرة، وعقدوا اجتماعاً تمهيدياً نوقشت فيه آنذاك إمكانية إطلاق المشروع.
ويمر عبر منطقة البحر الأحمر وخليج عدن 13% من إجمالي التجارة العالمية بما يُقارب 2.4 تريليون دولار، وتربط ممراته المائية بين البحر المتوسط والمحيط الهندي، ويربط من ناحية ثانية بين أوروبا وآسياوأفريقياعبر قناة السويس والبحر الأحمر ومضيق عدن بأقصر الطرق البحرية، وأقلها كلفةً، وأسرعها زمناً، فهذه المنطقة بلا شك تُعد واحدةً من أهم مفاصل التحكم بالتجارة والملاحة العالمية، فضلاً عن موقعها العسكري والاستراتيجي المُسيطر على أهم السواحل القارية.
ومن الدول المُشاطئة للبحر الأحمر، أو القريبة منه والتي لم تُشارك في هذا التكتل دولتا إريتريا التي لها جزر بالبحر الأحمر، وتملك ساحلاً يمتد لمسافة 1150 كيلومتراً يترامى على الضفاف الأفريقية للبحر الأحمر،وإثيوبيا التي لا تطل على أي منافذ بحرية، لكنها الأكبر من حيث عدد السكان والتأثير في منطقة القرن الأفريقي، كما لم يشارك فيه كيان يهود.
من الواضح أنّ هذا التكتل السباعي هو مشروع أمريكي مشبوه، فأهم الدول المؤسّسة والمُموّلة له هي دول تابعة لأمريكا كالسعودية ومصر والسودان، وكذا الصومال التي تُهيمن أمريكا على مُعظمها، وأمّا اليمن فهي وإنْ كانت حكومتها تابعة للإنجليز إلاّ أنّها خاضعة للسعودية، وأمّا الأردن فهي وإن كانت دولة تابعة للإنجليز إلا أنّها مُستفيدة من دخولها في التكتلات الأمريكية، وكذا جيبوتي التي تتبع فرنسا.
هذا من حيث تبعية الدول الفاعلة في التكتل لأمريكا، أمّا من حيث كونه فكرة أمريكية فالدليل عليها أمران:
الأول: أنّ إدارة ترامب دعت دول المنطقة أكثر من مرّة للدخول في تكتلات عسكرية وأمنية كالناتو العربي لمُواجهة ما تُصوره خداعاً كأعداء للمنطقة كإيران.
الثاني: أنّ الإدارة الأمريكية دعت السعودية والدول القادرة أكثر من مرّة للقيام بالتمويل، وبدفع أموال لقاء الحماية، وإنشاء هذا التكتل يعني بالنسبة لأمريكا قيام السعودية ودول المنطقة بتمويل هذا المشروع بتوجيه أمريكي، وشراء المزيد من الأسلحة الأمريكية.
ومن الأهداف الأمريكية الأخرى لهذا التكتل:
1– اعتبار أنإيران هي العدوّ الرئيسي للدول العربية وليس كيان يهود، ومن ثمّ تقبله، وهضمه، في قلب المنطقة العربية والإسلامية.
2– التمهيد لموجة تطبيع جديدة مع كيانيهود تمهيداً للاعتراف به رسمياً، بحجة اشتراكه مع دول التكتل بالمُشاطئة في البحر نفسه، وبحجة قربه من مشاريع السعودية السياحية الضخمة كمدينة نيوم التي أعلن عن إطلاقها العام الماضي بتكلفة خيالية.
3– احتواء القواعد العسكرية الفرنسية والصينية في جيبوتي، وتحويل البحر الأحمر إلى بحيرة أمريكية صرفة، وذلك من خلال التقليل من فاعلية تلك القواعد بسبب انضمام جيبوتي طوعاً أو كرهاً إلى هذا التكتل الأمريكي.
أمّا بالنسبة لإثيوبيا وإريتريا فهما وإن كانتا تابعتين لأمريكا، إلاّ أنّ أمريكا كبريطانيا من قبل تعتبرهما دولتين غير عربيتين ولا مُسلمتين، وبالتالي فلا ينسجم إدخالهما في تكتل ينتمي أعضاؤه إلى الشعوب العربية والإسلامية، وتُفضل أمريكا والغرب عموماً فصل هاتين الدولتين وإبعادهما عن العرب والمُسلمين.
بالإضافة إلى أنّ لإريتريا بعض الجزر الصغيرة في البحر الأحمر مؤجرة لتركيا وقطر وكيان يهود والإمارات، وبالتالي فانضمامها لا ينسجم مع طبيعة التكتل الجديد.
وأمّا إثيوبيا فإنّها تتعاون مع إيران في دعم الحوثيين في اليمن لخدمة المشاريع الأمريكية، وتتهمها السعودية بأنّها مركز لإيران في المنطقة، فواقعها لا يتناسب مع واقع التكتل الذي يغلب عليه الخطاب السعودي المُعادي لإيران.
والخلاصة: إنّ هذا التكتل المشبوه هو مشروع أمريكي يهدف إلى تركيز النفوذ الأمريكي في البحر الأحمر من خلال ملء الدول التابعة لأمريكا الفراغ الجيوسياسي في منطقة البحر الأحمر، فتتناسق دول الإقليم فيما بينها من خلال هذا التكتل لطرد وإضعاف كل نفوذ غير أمريكي في الإقليم، فتقوم هذه الدول بخيْلها ورَجِلها نيابةً عن أمريكا في بسط السيطرة الأمريكية في المنطقة، فتزداد قوة أمريكا على حساب المسلمين، وتحرفهم عن أعدائهم الحقيقيين، وتشطر دولهم إلى أحلاف مُتخاصمين، فتُفرّق الأمّة، وتـشتّت شملها، وتستنزف طاقاتها، وتُبدّد ثرواتها، وتُشغلها فيما لا طائل من بلوغه، ولا نفع في سلوكه.
إنّ المخرج الوحيد من هذه التكتلات العبثية لا يكون إلاّ من خلال توحيد هذه الدول في دولة الإسلام الواحدة، التي تُعيد فرض السيطرة الإسلامية على حوض البحر الأحمر باعتباره حوضاً إسلامياً خالصاً، وبحيرةً إسلامية خالصة، لا مكان فيها لأمريكا ولا لغيرها من دول الكفر، فكل سواحلها وموانئها وجزرها وممراتها المائية هي ملك للأمّة الإسلامية.

الأحد، 16 ديسمبر 2018

مذكرة احتجاج (رسمية) آخر ما تفتقت عنه الدبلوماسية الفلسطينية!



مذكرة احتجاج (رسمية) آخر ما تفتقت عنه الدبلوماسية الفلسطينية!






الخبر

:
أعلن مندوب فلسطين في الأمم المتحدة السفير رياض منصور، عن اقتراب إنجاز مذكرة رسمية احتجاجية على تهديدات الاحتلال لمحمود عباس، واقتحام قبة الصخرة في القدس، والاعتداء على المؤسسات الوطنية، لا سيما وكالة الأنباء الرسمية (وفا)، وفق تصريحات أدلى بها صباح اليوم لإذاعة (صوت فلسطين) الرسمية.
وأوضح منصور أن تلك المذكرة سيتم توجيهها إلى رئيس مجلس الأمن، ومن ثم إلى مجلس الأمن عبر الرئيس، ومنه إلى الأمين العام ورئيسة الجمعية العامة من بعثة فلسطين لدى الأمم المتحدة، لمطالبة المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته إزاء كل ذلك.
 
التعليق:
 
كما هو دأبها مُنذ نشأتها لم تجد سلطة الخيانة الفلسطينية والتنسيق الأمني مع كيان يهود من رد على الصفعات والإهانات التي تتلقاها صباح مساء من جنود الاحتلال سوى تقديم مذكرة احتجاج سخيفة للأمم المتحدة!
 
وبالرغم من تفاهة هذا العمل الدبلوماسي إلا أنّ السلطة تجتهد في إبرازه وكأنّه إنجاز كبير، فالخبر يتحدّث عن قرب إنجاز المذكرة وليس عن تقديمها، وكأنّ إنجازها يحتاج إلى عمل مُضنٍ وشاق، كما تتطلّب وقتاً طويلاً لإتمام العمل على أحسن وجه، فالدبلوماسيون الفلسطينيون (الأفذاذ) عاكفون على صياغته، ويصلون ليلهم بنهارهم من أجل إخراجه في أبهى حُلّة، وأبلغ عبارة!
 
وتوهم سلطة العار المُغفلين ممن يصغون لدجلها بأنّ مذكرة الاحتجاج التي ستفجّرها في وجه الاحتلال هذه المرة تختلف عن سابقاتها من الاحتجاجات الكثيرة الممجوجة، فهي أولاً مذكرة رسمية وليست مُجرد احتجاج عادي كاحتجاجات الجامعة العربية الهزيلة مثلاً، إنّه احتجاج من نوعٍ جديد لم يأت بمثله الأولون، وهي ثانياً مُقدّمة لرئيس مجلس الأمن بعظمته! ولرئيسة الجمعية العامة بقيمة قدرها! في آنٍ واحد، فيا له من عمل دبلوماسي (شاق ومُحنك)!
 
والراجح أنّ الذي دفع السلطة لرفع سقف الاحتجاج ضد الاحتلال، والتوجه نحو المنابر الدولية، ليس دافعه ما يتعرض له أهل فلسطين من اضطهاد وتعسف وقمع وتنكيل يومي لا يتوقف، وإنّما دافعه الحقيقي هو تهديد حياة رئيس السلطة من المستوطنين، فتهديد حياة الرئيس أهم بكثير من حياة شعبه، لأنّه ووفقاً لرؤية الطغاة فالرئيس لا يمكن تعويضه، أمّا الشعب فلا قيمة له!