الأربعاء، 27 أبريل 2016

تعثر المفاوضات السورية في جنيف لا يعني توقفها


تعثر المفاوضات السورية في جنيف لا يعني توقفها





إنّ انهيار الهدنة التي أُبْرمت في نهاية شهر شباط (فبراير) الماضي بين نظام الطاغية بشّار وبين المعارضة السورية المقبولة أمريكياً ودولياً، وانسحاب وفد المعارضة من جنيف، وارتفاع وتيرة الأعمال المسلّحة بين الطرفين، وتجدّد قصف النظام العشوائي بالبراميل المتفجرة للأسواق والمستشفيات والميادين العامة، وقتل المدنيين بالجملة، ورفع سقف شروط التفاوض خاصة من قبل النظام، كل ذلك لا يعني انتهاء المفاوضات بين الطرفين، ولا يعني فشل مؤتمر جنيف، وإنّما يعني تعليق جولات التفاوض إلى حين ريثما يتحسّن موقف الطرف الأضعف على الأرض، ليعود بعد ذلك إلى طاولة المفاوضات بوضعية أقوى، فعملية المفاوضات بحد ذاتها لم تتوقف، ولم يتم الإعلان عن الانسحاب منها من قبل أي طرف من أطرافها، وإنّما تمّ الحديث عن تعثّرها فقط، وألقى كل طرف اللوم على الطرف الآخر في ذلك التعثّر، فالحقيقة أنّ الأطراف المتفاوضة لا تملك خيار نقض عملية المفاوضات برمّتها، وبالتالي فلا مجال لديها للتراجع عنها طالما أنّ أمريكا وروسيا تُريدانها. فعملية التفاوض قد انطلقت برعاية أمريكية روسية، وتحت مظلة دولية، وبرئاسة دي ميستورا المبعوث الأممي الذي فرضته أمريكا وصيّاً عليها، ووافقت عليه جميع الدول الكبرى والإقليمية، وقبل به المتفاوضون أنفسهم، لذلك كانت عملية المفاوضات السورية بمركّباتها الرئيسية تلك أكبر من أن يوقف مسيرتها أضعف عناصرها. وقد أعلن دي ميستورا صراحةً بأنّ المفاوضات سوف تستمر بالرغم من انسحاب المعارضة، وقال: "إنّ الهدنة السورية تُواجه خطراً كبيراً وذلك مع تصاعد وتيرة القتال في مناطق متفرقة من سوريا"، ودعا إلى عقد قمّة إقليمية تجمع روسيا وأمريكا والدول الإقليمية ذات الصلة لمنع انهيار محادثات السلام في جنيف. وصدر بيان عن البيت الأبيض الأمريكي جاء فيه: "إنّ الرئيس باراك أوباما اتصل بنظيره الروسي فلاديمير بوتين، وتشاركا القلق حيال وقف الأعمال العدائية في سوريا، وشدّدا على الحاجة إلى وقف الهجمات من جميع الأطراف، وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى جميع المناطق المحاصرة". فالهدنة بالنسبة لدي ميستورا - وبالرغم من كونها تُواجه خطراً - لا تُوجب توقف المفاوضات، وممكن حلّ المشكلة - من وجهة نظره - باجتماع جديد على المستوى الوزاري للمجموعة الدولية الداعمة لسوريا، والتي تضم أمريكا وروسيا والاتحاد الأوروبي وتركيا وبعض الدول العربية، وأمّا الهدنة بالنسبة لأوباما وبوتين فهي مسألة تُثير القلق، وتتطلّب منهما العمل على وقف الأعمال العدائية، وعلى ضمان إيصال المساعدات إلى المناطق المحاصرة ليس أكثر. ويُدرك دي ميستورا تمام الإدراك أنّ المعارضة السورية شأنها شأن النظام تقوم بأعمال استعراضية لتحسين مواقفها التفاوضية، وقد أفصح عن ذلك باعتباره أنّ (حرَد) المتفاوضين هو نوع من أنواع التناور فقال: "يوجد أيضاً الكثير من الاستعراض الدبلوماسي، وهذا أمر طبيعي، بمعنى اقتراح أشياء من الصعب قبولها، والمغادرة ثمّ العودة، ثمّ المغادرة ثمّ العودة"، فهو يكشف بكلامه الخطير هذا واقع تلاعب المتفاوضين، وكذبهم، وأنّهم عندما يزعمون المغادرة، فإنّهم سيعودون ثانية للتفاوض، ويؤكد ذلك بقوله: "لا يُمكن أن نسمح للمفاوضات بالانهيار، يجب أن نُراجع وقف إطلاق النار، يجب أنْ نُسرّع المساعدات الإنسانية، وسوف نطلب من الدول الراعية الاجتماع"، فالأمر بيده وبيد القوى الكبرى وليس بيدهم. إنّ انسحاب وفد المعارضة من المفاوضات جاء بعد الإحراج الشديد الذي أصاب قادة الوفد، وشكّك بمصداقيتهم أمام قواعدهم التنظيمية نتيجة دخولهم في هذه العملية التفاوضية العبثية، فقد وعدتهم أمريكا وعوداً لم يتحقّق منها شيء، فهم تعلّقوا بأوهام الكلمات والديباجات التي زُيّنت لهم للدخول في لعبة التفاوض التي تُجيدها أمريكا، والنظام هو الذي استفاد من الهدنة وليس المعارضة، فاستطاعت قوات النظام أثناء فترة الهدنة تحقيق إنجازات عسكرية محسوسة على الأرض لم تستطع تحقيقها قبل الهدنة، واكتشفت المعارضة متأخرةً أنّ دي ميستورا يتلاعب بها، وقد غيّر قواعد اللعبة المتفق عليها، ومن أهمّها الحفاظ على بقاء بشّار في السلطة، وعدم طرح فكرة الحكومة الانتقالية كاملة الصلاحية على جدول الأعمال، وإنّما تمّ طرح أفكار عامة على طاولة المفاوضات حول الدستور والانتخابات لا تُسمن ولا تُغني من جوع، فضلاً عن عدم وقف خروقات النظام الفاضحة للهدنة، وعدم فك الحصار عن المحاصرين، وعدم إدخال المواد الإنسانية للمناطق المحاصرة، وليخرج وفد المعارضة من المفاوضات - بعد هذا التغيير في القواعد - صفر اليدين، وليعود بخفي حنين. لذلك كان لا بُدّ للمعارضة من تكتيكٍ جديد تنتهجه ليحفظ لها ماء وجهها، وما تبقّى لها من هيبة في نفوس مؤيديها، فما وجدت من تكتيك تفعله أفضل من (الحرَد) والانسحاب كوسيلة قد تصلح لتحسين وضعها التفاوضي، ولتلميع صورتها أمام مناصريها. فهذا التعليق للمفاوضات مؤقت، وهذا التصعيد للأعمال العسكرية يهدف فقط إلى تحسين شروط المتفاوضين في الجولة القادمة، ولا يهدف إلى إسقاط النظام نهائياً، فالحل السياسي الذي قرّرته أمريكا هو الطريق الوحيد أمام المتفاوضين الذي عليهم الالتزام به، ومَنْ قَبِل بمبدأ التفاوض ابتداء، يستحيل عليه العودة عنه، فالمسألة مسألة مبدأ، فإمّا اختيار طريق الثورة المفضي إلى إسقاط النظام بكافة أشكاله وهياكله ورموزه، وإمّا اختيار طريق التفاوض المذل المفضي إلى إدخال بعض الإصلاحات على النظام القائم، وإضفاء بعض الرتوش التجميلية على وجهه القبيح. فمن يرضى بتولي الأعداء له، وبرعايتهم للعملية السياسية فلا يتوقع أنْ ينجح في عملية التغيير، وها هو أوباما نفسه الذي ترعى دولته هذه المفاوضات يقول بأنّه لا مجال لإسقاط النظام عبر إدخال قوات برّية إلى سوريا، بما يعني أنّ النظام سيبقى كما هو دون تغيير، وأنّ على المعارضة القبول بالنظام القائم، والانضواء ضمن جسمه ودولته إنْ أرادت المشاركة في العملية السياسية. إنّ على الثوار إن أرادوا التغيير الجاد والحقيقي في سوريا، أن يتخلوا عن طريق المفاوضات العقيم، وهي الطريق التي تُفقدهم الكرامة والعزّة، وأنْ يختاروا طريق الإسلام، طريق التحرير الجذري الذي لا يتوقف عند إسقاط النظام وطي صفحته نهائياً من الوجود وحسبْ، وإنّما ينتهي به المطاف إلى تطهير كل بلاد الشام من كل معتدٍ أثيم، وطرد كل عملاء أمريكا وروسيا وجميع الدول المتآمرة على الثورة من جميع المناطق السورية، وتصفية النفوذ الأجنبي تماماً من كل مناطق الثورة، وملاحقة فلوله في كل بقاع المسلمين، والتصدي لمؤامرات القوى الاستعمارية وإحباطها من خلال قوة الدولة الإسلامية التي تستند إلى قوة الفكرة الإسلامية وقوة الأمة الإسلامية.

الخميس، 21 أبريل 2016

استعصاء حل الازمة السياسية في العراق حلا جذريا

جريدة الراية - حزب التحرير
استعصاء حل #الأزمة السياسية في #العراق حلاً جذرياً

---------------------------
تتفاقم المشاكل السياسية في العراق يوماً بعد يوم، ويتولّد عنها مشاكل أخرى متنوّعة كالأمنية و #الإنسانية والاقتصادية والاجتماعية و #الطائفية، فلا يوجد هناك أي أفق لحل أية مشكلة منها ما دام النظام السياسي القائم في بغداد يسير وفقاً لما تُريده أمريكا، ويمضي تبعاً لما ترتضيه #إيران، وقد تحدّث السفير الأمريكي الأسبق في العراق زلماي خليل زادة صراحة عن تلك الثنائية المتلازمة التي تضبط شؤون العراق فقال: "إنّ تمديد ولاية ثانية لنوري #المالكي كان بالتنسيق والتشاور بين #أمريكا وإيران".

فالعراق في كل عام يحجز لنفسه موقعاً مضموناً في قائمة الدول الأكثر فساداً وفشلاً في العالم، وذلك إلى جانب #أفغانستان و #الصومال و #السودان، على الرغم من غناه الطائل، وثروته النفطية الهائلة.

لقد اندلعت الأزمة السياسية الأخيرة في العراق بعد أن سيّر مقتدى الصدر مظاهرات حاشدة نحو المنطقة الخضراء، وأمهل حكومة حيدر العبادي خمسة وأربعين يوماً لتقوم بإصلاحات جدّية، على رأسها تشكيل حكومة تكنوقراط تُلغي فكرة المحاصصة الحزبية والسياسية والطائفية المتبعة منذ قدوم #الاحتلال الأمريكي إلى العراق في العام 2003.

ثمّ خضع #العبادي لمطالب الصدر وقدّم أسماء المرشحين للوزارة من التكنوقراط حصراً، وهو ما دفع الصدر إلى إيقاف التظاهرات، والإعلان عن نجاحها في تحقيق هدفها، لكن الأمور تعطّلت بعد ذلك بسبب تدّخل الأحزاب المشاركة في السلطة، والتي أصرّت على الاحتفاظ بمكاسبها، وترشيح أعضاء آخرين من المنتسبين لها، فتغيّرت القائمة الأولى من مرشحي التكنوقراط المستقلين، ووجدت قائمة جديدة من المرشحين الحزبيين، ووقع خلاف شديد حول تسمية الوزراء، وهو ما تسبّب في عودة المشكلة مرّةً أخرى إلى مربعها الأول، ولكن هذه المرّة تغيّر أسلوب الاحتجاج، فبدلاً من أنْ يكون عن طريق المتظاهرين وحدهم، أصبح الاحتجاج من خلال النوّاب الذين اعتصموا داخل البرلمان، وعطّلوا الحياة النيابية، وصعّدوا في مطالبهم، وأصبحوا ينادون باستقالة الرئاسات الثلاث وهي: رئاسة الحكومة ورئاسة الدولة ورئاسة البرلمان، ومن ثمّ إجراء انتخابات جديدة.

قال النائب اسكندر وتوت: "إنّ اعتصام النواب داخل #البرلمان هو من أجل إنهاء المحاصصة السياسية، ورفض تدخل القوى والأحزاب السياسية في اختيار الوزراء الجدد"، وأكّد على أنّ النواب المعتصمين "يسعون إلى إسقاط الرئاسات الثلاث بعد جمع تواقيع حجب الثقة عنها".

إنّ الأزمة التي نشأت عن اعتصام النواب هي أشدّ عمقاً من أزمة تسيير المظاهرات، وفيها قابلية لانفجار الأحداث، وتوقّع ما هو غير متوقع، وذلك لأنّ النواب يستطيعون باعتصامهم هذا تعطيل الحياة السياسية، وشلّ كل أعمال الدولة، وإغلاق كل الأبواب السياسية الممكنة لحل الأزمة بالطرق الترقيعية، وقد نجم عن هذا الاعتصام استقطاب شديد للقوى السياسية المتصارعة، واحتكاك سياسي عنيف فيما بينها، أدّى إلى نشر عرائض مختلفة، ووقوع اشتباكات بالأيدي تحت قبة البرلمان، كما أدّى إلى وجود رئيسين للبرلمان، وتحوّل البرلمان - في الواقع - إلى تجمّعات لمجموعات سياسية متنافرة، تعيش في حالة فوضى سياسية عارمة.

لقد استطاع مقتدى الصدر بتحريك الشارع أولاً، ثمّ بتحريك النواب ثانياً أن يُثبت قدرته على صناعة الأحداث السياسية، وقدّم نفسه لأهل العراق ولأمريكا وإيران على أنّه القائد الذي لا يتقدمه أحد، وبالتالي فهو جدير بأن يكون الرجل رقم واحد في عراق المستقبل.

حاول عمار الحكيم رئيس المجلس الأعلى منافسته، فدعا إلى مظاهرات مليونية، والتقى بالسفراء والشخصيات #الدبلوماسية، ومن هذه الشخصيات مبعوث الرئيس الأمريكي في التحالف الدولي بيرت ماغورك، ومنها أيضاً ممثل الأمين العام للأمم لمتحدة في العراق يان كوبيش، وقدّم لهذه الشخصيات مبادرة للخروج بالعراق من أزمته الحالية، ونال ثناءً من تلك الشخصيات على مبادرته، لكنّه لم يرقَ إلى مستوى الصدر في التأثير على الجماهير، وفي استجابة الناس لنداءاته.

إنّ من أهم عوامل نجاح الصدر في قيادته للشارع العراقي: زعمه أنّه غير طائفي، وعدم ظهور أي علاقات له تربطه مع أمريكا، ومعاداته لنوري المالكي الذي ملأ العراق طائفية وفساداً، واستغلال الضعف الشديد لشخصية العبادي مقارنةً بسلفه المالكي، وكونه ما زال عضواً في حزب #الدعوة الذي يرأسه نوري المالكي.

غير أنّ نجاحه في الوصول إلى السلطة - شأنه شأن غيره - مرهون بتعاونه مع أمريكا، وتنسيقه مع إيران بشكل علني، ويبدو أنّ أمريكا حتى الآن لم تُقرّر الاستغناء عن حيدر العبادي، فقد جاء في تقرير لوكالة رويترز للأنباء ذكرت فيه أنّه ما زال هناك تحالف أمريكي إيراني ضمني لدعم العبادي، وقد نُقل هذا التقرير عن سجّاد جياد - وهو محلل يقدم المشورة إلى رئيس الوزراء - قوله: "إنّ الأمريكيين والإيرانيين والسيستاني كان لهم جميعاً الرأي نفسه بإبقاء العبادي في السلطة، وتعيين وزراء جدد".

لذلك فدور مقتدى الصدر في تصدّر المشهد السياسي في العراق لم يحن بعد، وستقوم أمريكا بحل هذه المشكلة حلاً ترقيعياً كعادتها، وذلك من خلال ترضية جميع الأطراف المؤثرة في الملعب السياسي العراقي، لكنّ هذا الحل لن يكون إلاّ حلاً تسكينياً، وستعود الأزمة لتتفاعل من جديد، عند مواجهة أبسط مشكلة، وسيبقى العراق الحزين تتقاذفه الأزمات السياسية، والصراعات الطائفية والمصلحية، إلى أن يكرم الله سبحانه وتعالى الأمة الإسلامية بإقامة #الخلافة_الراشدة_على_منهاج_النبوة، التي ستقطع دابر أمريكا، وتحرر العراق وبلاد المسلمين كافة من ربقة الاستعمار، وعسى أن يكون ذلك قريبا.

السبت، 16 أبريل 2016

محمود عباس يحبط مشروع قرار دولي بإدانة كيان يهود بسبب الاستيطان


محمود عباس يحبط مشروع قرار دولي  بإدانة كيان يهود بسبب الاستيطان    








الخبر:  

نقل موقع (الخليج أون لاين) عن مسؤول فلسطيني بارز في السلطة الفلسطينية فضّل عدم ذكر اسمه أن رئيس السلطة محمود عباس أصدر قراراً بالتجميد (المؤقت) لتقديم مشروع قرار يطالب بوقف الاستيطان على الدول الأعضاء بمجلس الأمن الدولي، والذي كان من المفترض أن تقدّمه في نيويورك البعثة الفلسطينية إلى وقت لاحق.  




 التعليق:  


مع علمنا بعدم فاعلية القرارات الدولية وتحيزها دوماً للقوى الكبرى التي دائماً ما تمنع حتى مجرد استصدار قرارات ولو شكلية ضد كيان يهود، إلا أن محمود عباس يرفض إصدار حتى مثل هذه القرارات الشكلية، وقد كان له سوابق عدة في إبطال مشاريع قرارت مشابهة من قبل، وذلك من قبيل إسقاط مشروع اعتبار الجدار الفاصل جداراً عنصرياً، ومن مثل إحباط مشروع قرار تقديم دعاوى جنائية إلى محكمة الجنايات الدولية، مع العلم بأن تلك المشاريع كانت موثقة، وتحتوي على أدلة كافية وجاهزة وتصلح لإدانة كيان يهود ولو من ناحية معنوية.   لكن عباس وسلطته وعصابته لا يملكون فعلاً اتخاذ قرار الموافقة على مثل تلك المشروعات، فهم أقل شأناً من فعل ذلك، وقد ذكرت الأنباء أن المسؤولين الأمريكيين مارسوا ضغوطاً على عباس ومنعوه من إقرار تلك المشاريع، والحقيقة أنها ليست ضغوطاً تلك التي وجّهها الأمريكيون لعباس، وإنّما هي أوامر، فالرجل وزمرة المحيطين به مجرد موظفين صغار لوزارتي الخارجية والدفاع الأمريكيتين، أو بمعنى أصح هم عملاء صغار يسيّرهم مسؤولون صغار في الإدارة الأمريكية.   نحن ندرك أنّ من تعمّم بالعباءة التلمودية، وتغنّى بالتراث اليهودي، لا يقوى على الخروج عن الأطر السياسية المرسومة له، والتي تفرض عليه وعلى أجهزة أمنه القيام بوظيفة واحدة فقط، وهي خدمة مشروع أمن كيان يهود، ومكافحة ومحاربة مشروع الإسلام العظيم، الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، وملاحقة كل شريف ينتصر لأمته وأهل بلده، فعلى أهل فلسطين أن يُدركوا تمام الإدراك بأنّ رجالات السلطة الثرثارين لا يمكنهم أنْ يُفرحوا شعبهم ولو بقرارات إدانة لفظية ضد الكيان الغاصب، فهم لا يستحقون شرف القيام بأي عمل قد يُثلج صدور المؤمنين. 

الخميس، 14 أبريل 2016

الاشتباكات بين الفصائل السورية المختلفة لا تخدم إلا الأجندة الأمريكية


الاشتباكات بين الفصائل السورية المختلفة لا تخدم إلا الأجندة الأمريكية




إنّ استمرار وقوع الاشتباكات بين الفصائل السورية المتناحرة لا شكّ أنّه يخدم الأجندة الأمريكية بما يفوق ما قد تفعله الدبلوماسية الأمريكية أضعافاً مضاعفة، لذلك نجد أنّ السياسة الأمريكية في سوريا تعتمد في إحدى زواياها المهمّة على تشجيع وقوع مثل تلك الاشتباكات، فنجدها غالباً ما تُحرّض الفصائل على خوض المعارك ضد بعضها بعضاً بحجة محاربة الإرهاب، بينما توقف تمويلها للفصائل التي تدْعمها فوراً إنْ هي شاركت - ولو لمرةٍ واحدة - في القتال ضد نظام الطاغية بشّار.
وحتى الفصائل التي تدعمها المؤسّسات الأمريكية المختلفة بشكلٍ علني، فإنّه لا يُضير الإدارة الأمريكية دخولها ضد بعضها بعضاً في معاركَ دمويةٍ تؤدي إلى نتائج مأساوية على المتقاتلين في تلك الفصائل، فلقد دارت بالفعل اشتباكات عنيفة على مدار الشهرين الماضيين بين ما يُسمّى بقوات سوريا الديمقراطية المدعومة من وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) وبين ما يُسمّى بفرسان الحق، أو ما يُسمّى بكتيبة صقور الجبل، المدعومتين من قبل المخابرات المركزية الأمريكية CIA في بلدة مارع التي تبعد 32 كيلو متراً شمالي مدينة حلب، وقد تمكّنت قوات سوريا الديمقراطية في هذه الاشتباكات من دحر قوات فرسان الحق وصقور الجبل، وذلك وفقاً لما نقلته صحيفة لوس أنجلوس تايمز الأمريكية، وعلّق على هذه الاشتباكات النائب آدم شيف العضو عن الحزب الديمقراطي في لجنة الاستخبارات بمجلس النواب الأمريكي بقوله: "إنّ هذه الاشتباكات تُشكّل تحدّياً عظيماً وهي ظاهرة جديدة تماماً"، لكن هل حقّاً تُشكّل مثل هذه الاشتباكات تحدياً للإدارة الأمريكية؟، لا نظنّ كذلك، فهي في الواقع لا تُشكّلّ أي تحدٍ للإدارة الأمريكية، لأنّها لو كانت كذلك لمنعتها من أول يوم على وقوعها، في حين إنّها تركتها لمدة شهرين كاملين من دون أن تتدخل لإيقافها، وهو ما يدلّ على أنّ الإدارة الأمريكية راضية تماماً بوقوعها، أو ربّما هي التي تُشجّعها على ذلك.
وأمّا إنْ وقعت الاشتباكات بين الفصائل الأخرى التي لا تحظى بالدعم الأمريكي، فإنّ ذلك لا شكّ أنّه يُسعد الإدارة الأمريكية، ويصبّ في مصلحتها بكلّ تأكيد، وذلك كالقتال الذي اندلع في مدينة سلقين بمحافظة إدلب بين جبهة النصرة وبين حركة أحرار الشام الشهر الماضي، أو ما دار من اقتتال بين مجموعة من الفصائل على رأسها تنظيم جيش الإسلام ولواء اليرموك من جهة وبين حركة المثنّى من جهة ثانية مؤخراً، أو ما يقع بشكل شبه يومي بين تنظيم الدولة وبين سائر التنظيمات الأخرى، فكلّ هذه الاشتباكات وأمثالها لا شكّ أنّها تخدم المصالح الأمريكية، وتصبّ في مصلحتها، وتُطيل من عمر نظام الطاغية بشّار عميل الأمريكان، وتُقوي من مكانة المعارضة العلمانية الشكلية التابعة لها على حساب الفصائل الإسلامية.
والمطلوب من الثوار أنْ يُفوّتوا الفرصة على أمريكا وصنائعها وعملائها في سوريا، وذلك بأنْ يتجنّبوا الاقتتال فيما بينهم نهائياً، وأنْ يُوجهوا بنادقهم نحو النظام فقط، وأنْ لا يلتفتوا للمصالح المادية، ولا للأهداف الدنيوية، ولا يتأتى ذلك لهم إلاّ بتوحيد فصائلهم على أساس مشروع الإسلام السياسي، مشروع بناء دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة على أنقاض دولة البعث المعادية للإسلام والمسلمين، هذا المشروع هو فقط الذي يُنقذهم من ضياع التفرّق وذهاب الريح في الدنيا، وهو وحده الذي يحميهم من شقاء العاقبة في الآخرة، فإن التزموا بمشروع الإسلام الحضاري هذا فقد فازوا بإحدى الحسنيين، وإن تنكّبوا عن هذا الطريق فقد سقطوا في شباك أمريكا وعملائها، ووقعوا بالتالي في الفتنة، وخسروا تضحياتهم، وتحوّلت جهودهم هباءً منثورا، نسأل الله لنا ولهم النجاة و النصر والتمكين وحسن العاقبة

الخميس، 7 أبريل 2016

قِمّة الأمن النووي تُكرّس هيمنة واشنطن النووية على العالم


قِمّة الأمن النووي تُكرّس هيمنة واشنطن النووية على العالم






انعقدت يومي الخميس 31/3/2016 والجمعة 1/4/2016 في العاصمة الأمريكية واشنطن ما يُسمّى بـ"قمة الأمن النووي" وشارك فيها زعماء أكثر من خمسين دولة، بالإضافة إلى ممثلين عن منظمات الأمم المتحدة والوكالة الدولية للطاقة الذرية ومنظمة الشرطة الجنائية الدولية "إنتربول" والاتحاد الأوروبي، وبحثوا فيها ملفات نووية عديدة، كملف ما يُسمّى بالإرهاب النووي ومنع حصول ما أسموها بالجماعات المتطرفة على السلاح النووي، وركزت القمّة في لقاءاتها الموسعة، والخاصة، على خطر الإرهاب النووي، وتضمّن البيان الختامي إجراءات تمنع استغلال المواد النووية، وتُحصّن أمنها، لتجنب وقوعها في يد (الإرهابيين) على حد تعبيرهم، خصوصاً بعد التفجيرات الأخيرة في بلجيكا، بالاضافة إلى ما اعتبروه (التحدي المتزايد) الذي تمثله كوريا الشمالية. وقد ظهر في القمّة طغيان الإرادة الأمريكية على جميع الحاضرين، فهي التي تُحدّد جدول أعمال المؤتمر، وهي التي تُحدّد الموضوعات التي ستبحث فيه، وهي التي تصوغ بيانه الختامي، وهي التي تتحكّم بالحضور فتمنع إيران من المشاركة، وتتسبّب في تغيّب روسيا عنها. وقد التزم المشاركون في البيان الختامي بكل ما كان الرئيس الأمريكي قد أعلن عنه قبل القمّة، مثل زيادة إجراءات حماية المواد المشعة، والتقيد بالاتفاقات الدولية في هذا الشأن، مع زيادة التنسيق الإقليمي والدولي في هذه الإجراءات، وتحدّث الرئيس الأمريكي باراك أوباما في كلمته عن الحد من الانتشار النووي متفاخراً بأنّه "لم ينجح أي تنظيم إرهابي حتى الآن في امتلاك سلاح نووي"، وأشار إلى أن "الجهود ستركز على ضمان بذل كل ما هو ممكن لمنع هذه التنظيمات من الحصول على هذه الأسلحة الفتاكة"، وطالب بتوحيد جهود العالم لمحاربة تنظيم الدولة فقال: "إن قمّة الأمن النووي كانت فرصة في أن تظل دول العالم موحدة مع تركيز جهودها على محاربة تنظيم داعش في هذه المرحلة". وادّعى أنّ "غالبية الدول المشاركة في قمة الأمن النووي هي جزء من التحالف الدولي لمحاربة داعش"، وزعم بأنّ "الضغوط التي يواجهها تنظيم داعش في سوريا والعراق تجعلنا نتوقع أن يقوم بهجمات في مناطق أخرى، كما حدث من هجمات ابتداءً من تركيا إلى بروكسل وهو ما يدعو إلى أهمية القضاء على تنظيم داعش بصورة ملحة". وطالب من الجميع أنْ يلعبوا دوراً استخبارياً في محاربة التنظيم، منوّها إلى أن الولايات المتحدة ستبذل مزيدا من الجهود في "مجال تبادل المعلومات الاستخبارية". وتحدّث أوباما كذلك عن خطورة وجود المواد النووية في العالم وضرورة تأمينها فقال: "لا يزال هناك قدر كبير من المواد النووية والمشعة في جميع أنحاء العالم والتي تحتاج إلى التأمين. المخزون العالمي من البلوتونيوم في نمو متزايد، الترسانات النووية تتوسع في بعض البلدان، وقد تكون هناك أسلحة نووية تكتيكية صغيرة عرضة للسرقة". وأوضح بأنّ بلاده ستقوم بدورها في حماية المواد النووية حتى تقوم الدول الأخرى بتحسين إجراءات الأمن والشفافية لديها، ودعا بكل صراحة إلى التعاون الاستخباري مع تلك الدول بخصوص تلك الإجراءات فقال: "اليوم، أدعو جميع الدول الممثلة في القمة للانضمام إلى مناقشة أوسع بين أجهزة الاستخبارات والأمن لدراسة كيف يمكننا تحسين تبادل المعلومات بين الدول فيما بينها لمنع كل أنواع الهجمات الإرهابية، وخصوصا تلك التي قد تشمل أسلحة الدمار الشامل". واستجاب زعماء الدول المشاركة في المؤتمر لكل طلباته، ففي البيان الختامي للقمّة جاء التزامهم سريعاً بمنع وصول الأسلحة النووية إلى أيدي (الإرهابيين). وكانت القمّة قد ركّزت في يومها الأول الخميس على تصرفّات كوريا الشمالية (الاستفزازية) وتحدّيها للمجتمع الدولي، وعلى ضرورة تقديمها لـ(المجتمع الدولي) لائحة بالمواد النووية التي بحوزتها، وفي يومها الثاني ركّزت على فرضية سيناريو اعتداء إرهابي نووي يقوم به " تنظيم الدولة الإسلامية"، وفقاً للتخيّل الأمريكي. وظلّ تصوير خطر وقوع اعتداء بواسطة ما يُسمّى بـ"القنبلة القذرة" ماثلا في أذهان جميع الحاضرين، حيث تمّ تخويفهم وإيهامهم بالخشية من إمكانية أن ينجح جهاديون في حيازة مواد نووية يستخدمونها لتنفيذ تفجير غير نووي بواسطة قنبلة تبث جسيمات مشعة. وما عزَز تلك المخاوف لديهم "الإعلان عن العثور على حوالي عشر ساعات من المراقبة عبر الفيديو لمسؤول نووي بلجيكي في حوزة عناصر من تنظيم الدولة الإسلامية". وتمّ كذلك قبل القمّة الترويج لدراسات دولية تقول بأنه "توجد في العالم كمية كافية من البلوتونيوم واليورانيوم المخصب لصنع ما يوازي مئتي ألف قنبلة نووية مثل قنبلة هيروشيما". وتُعتبر قمّة الأمن النووي مبادرة أمريكية محضة أطلقها الرئيس الأمريكي باراك أوباما في ولايته الأولى في العام 2010، حيث عقدت أول قمة بشأن الأمن النووي في واشنطن، ثم تبعتها قمتان في العاصمة الكورية الجنوبية سيؤول في 2012 وفي لاهاي بهولندا عام 2014، وعادت القمّة الرابعة هذا العام لتعقد مرة أخرى في الولايات المتحدة. وشاركت في القمة الأولى حوالي 47 دولة و3 منظمات دولية، وفي القمة الثانية ارتفع العدد إلى 53 دولة و4 منظمات دولية، وقد ركّزت القمّة الأولى على السياسات العامة، وركّزت القمّة الثانية على متابعة تنفيذ القمّة الأولى، وأمّا القمة الثالثة فانعقدت في لاهاي عام 2014 وركّزت على النتائج التي تحققت من الثانية، واستشرفت ما ستؤول إليه القمّة الرابعة في المستقبل. ومنذ قمتها الأولى تخلصت أربع عشرة دولة من مخزوناتها من المواد الانشطارية، في حين سرَّعت دول أخرى جهودها للتخلص منها، كما وأرسلت اليابان على - سبيل المثال - إلى الولايات المتحدة كمية من البلوتونيوم تسمح بصنع نحو خمسين قنبلة. ومثل هذه القمم بات يتمخّض عنها تخلي دول عن احتياطاتها من اليورانيوم المخصّب مثل كندا التي تخلّت عن جزء كبير من احتياطاتها من اليورانيوم عالي التخصيب، وتشيلي التي أعلنت عن تخليها كليا عن احتياطاتها، وكذلك فعلت أوكرانيا والمكسيك، فيما أعلنت الأرجنتين وباكستان عن خطوات مدروسة سيجري اتخاذها من أجل تفادي سرقة المواد النووية، كما أن عددا من البلدان من ضمنها إيطاليا واليابان والهند والصين ستقيم مراكز جديدة خاصة بضمان الأمن النووي ووضع التكنولوجيات الآمنة وإعداد الكوادر للعمل في هذا المجال. وفي نهاية مداولات القمّة أكّد القادة المشاركون فيها على التزامهم بمنع وصول الأسلحة النووية إلى أيدي (المتطرفين)، وحذّروا من أن التهديد "في تطور مستمر"، على حدّ تعبيرهم. وفي البيان المشترك للقمّة جاء ما نصّه: "لا يزال هناك مزيد من العمل يتعين القيام به لمنع الجهات الفاعلة غير الحكومية من الحصول على النووي وغيره من المواد المشعة الأخرى، التي يمكن استخدامها لأغراض خبيثة". واتفق القادة المشاركون على تجديد الالتزام بما وصفوه "بأهدافنا المشتركة لنزع السلاح النووي، وعدم الانتشار النووي، والاستخدام السلمي للطاقة النووية"، "وبتعزيز بيئة دولية سلمية ومستقرة عن طريق الحد من خطر الإرهاب النووي وتعزيز الأمن النووي". ومن أبرز وقائع الدورة الحالية تفرّد أمريكا بإدارة جلساتها بسبب غياب ثاني أكبر دولة نووية في العالم، واستنكاف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن الحضور بذريعة عدم إشراك بلاده في التحضير لها، وعدم مشاورة الروس في جدول أعمال القمّة، وفقاً لمصدر في الكرملين الروسي، وعلّل الناطق الرئاسي دميتري بيسكوف للصحفيين عدم مشاركة بوتين في قمة واشنطن بقوله: "إنّ التحضير لهذه القمة افتقر إلى التعاون مع روسيا"، وقد تعطّلت بتخلّف روسيا عن حضور القمّة ما يُعرف بالمبادرة العالمية لمكافحة الإرهاب النووي GICNTالتي تترأسها الولايات المتحدة وروسيا بصورة مشتركة من 86 دولة، وردّت الإدارة الأمريكية بالقول: "إن روسيا عزلت نفسها وأضاعت فرصة باختيارها التخلف عن قمة للأمن النووي في واشنطن"، وحاولت أمريكا استمالة الصين ورفع مستواها في القمّة التي كان حضورها لافتاً، وقد نقلت وكالة (شينخوا) عن خبير نووي أمريكي قوله: "إن الصين لعبت دورا مهما في التعاون الدولي في الأمن النووي". وهكذا نجد أنّ أمريكا التي ابتدعت هذا النوع من القمم، تُريد أنْ تستخدمها كسياسة للتحكّم بجميع النشاطات النووية في العالم، كما تُريد أن تفرض على جميع دول العالم أن يُرسلوا إليها المعلومات الاستخبارية عن الشبكات والشركات التي تتعامل بالمواد النووية، ويرسلوا لها أيضاً المخزونات النووية التي بحوزتهم، لتصبح بلدانهم في النهاية خالية تماماً من أية مواد نووية، بينما تبقى أمريكا هي الدولة الوحيدة التي تمتلك تلك المخزونات. ولتمرير سياساتها هذه استبعدت روسيا من المشاورات التي كانت تسبق انعقاد القمة النووية كما كانت تفعل في القمم النووية الثلاث السابقة، وهو ما أدّى إلى احتجاج روسيا على استبعادها، واتخاذها قراراً بمقاطعة القمة الحالية. إنّ هذه السياسة الأمريكية النووية الاستفزازيّة تستوجب ردّاً أعنف من مجرد الانسحاب والتغيّب كما فعلت روسيا، إنّها تستوجب مقاطعة شاملة وتامّة لأمريكا، وقطعاً تاماً للعلاقات معها، وليس مجرد التغيّب والحرَد، وإطلاق التصريحات الرنّانة. وعندما يعزّنا الله سبحانه بدولة الإسلام، فلن يكون هناك مجال لأمريكا أنْ تسوق العالم بعصاها، ولن يبقى لها فرصة للاستفراد بما يُسمّى المجتمع الدولي، بل سيكون هناك علاقات دولية جديدة، أساسها الأعراف الدولية التي يُقرها الإسلام، وتتقبّلها الأحكام الشرعية، وعندها ستعترف أمريكا بحجمها الحقيقي، وبقوتها المنفوخة الموهومة، وستحل دولة الاسلام محلّها بكل جدارة واقتدار.