الأربعاء، 29 يوليو 2015

اهداف الهجوم التركي على مواقع تنظيم الدولة وحزب العمال الكردستاني في سوريا والعراق


أهداف الهجوم التركي على مواقع تنظيم الدولة ومواقع حزب العمال الكردستاني في سوريا والعراق



كان تفجير سروج الذي سقط فيه اثنان وثلاثون تركياً، وحُمّل فيه تنظيم الدولة المسؤولية عنه، كان بمثابة الشرارة التي فجّرت الأوضاع على الحدود التركية السورية، فشرعت الطائرات التركية بقصف مواقع تنظيم الدولة في شمال سوريا، وقصف مواقع الحزب الكردستاني في جبل قنديل بشمال العراق، واعتقلت الاجهزة الأمنية التركية على إثره زهاء الستمائة مشتبهاً من المنتمين للحركتين، وانتهت بسببه رسمياً اتفاقية الهدنة بين تركيا ومسلحي حزب العمال الكردستاني والتي كانت وُقّعت بين الطرفين في العام 2013، ثمّ أعلن الحزب بعد نقض الهدنة من جانت تركيا إنهاء الاتفاق الذي وقّعه مع السلطات التركية، فجاء في بيانه : " لم يعد للهدنة أي معنى  بعد هجمات جيش الاحتلال التركي" على حد قوله.
 وتسعى تركيا الآن للسيطرة برياً على مناطق شمالي سوريا، فقال رئيس الوزراء التركي أحمد داوود أوغلو إن "التعليمات أعطيت بشن غارات جوية في العراق وسوريا، وستتبعها عمليات برية"، وأعلنت الحكومة التركية أنّها تعتزم إنشاء مناطق آمنة شمال سوريا بعد طرد عناصر تنظيم الدولة منها.
والأهم من ذلك كله أنّ الحكومة التركية قد وافقت بعد هذا التفجير وللمرة الأولى على السماح للطائرات الأمريكية، وغيرها من الطائرات المتحالفة معها، باستخدام جميع القواعد التركية الجوية، ومنها قاعدة انجرلك لقصف مواقع تنظيم الدولة من دون الرجوع إلى البرلمان.
إنّ هذه التطورات المتسارعة، وما تُشكّلها من خطورة على المنطقة بأسرها، ما كانت لتحدث لولا موافقة الإدارة الأمريكية عليها، فقد صرّح المتحدث باسم البيت الأبيض أليستر باسكي:"إن لتركيا الحق في الدفاع عن نفسها ضد هجمات المتمردين الأكراد"، وفي ذلك إشارة ضمنية على تأييد الإدارة الأمريكية للهجمات التركية.
والسؤال الذي يطرح نفسه هو: لماذا وافقت القيادة التركية الآن على القيام بضرب تنظيم الدولة بعد أن كانت في السابق ترفض وبإصرار القيام بذلك بالرغم من وجود الضغوط الأمريكية؟
لا يُقال في الجواب على هذا السؤال إنّ حادثة سروج هي السبب الذي أدّى إلى هذا التحول الحاد في الموقف التركي، لأنّ هذه الحادثة هي الشرارة وليست السبب، وهي الذريعة وليست الدافع، أمّا الأسباب والدوافع فهي سياسية وليست أمنية، وهي أكبر من مجرد تفجير.
إنّ الضغوط الأمريكية على تركيا لحملها على فتح قاعدة انجرلك، ومنح الطائرات الأمريكية تسهيلات فيها قديمة ومعروفة، وكانت القيادة السياسية في تركيا تخشى فعل ذلك أمام الرأي العام التركي الذي يمقت منح امريكا تلك التسهيلات، خاصة وكان البرلمان التركي قد صوّت ضد إلحاح أمريكا وطلبها  بفتح القاعدة أمام طائراتها في وقت سابق.
تُرى فما الذي تغير وجعل تركيا  تُذعن لهذا الطلب الأمريكي؟
يبدو أنّ أمريكا قد اتفقت مع تركيا على رزمة سياسية متكاملة تشمل من ضمن ما تشمل فتح قواعدها أمام الطائرات الأمريكية، كما تشمل أمور أخرى، ولتمرير هذه الرزمة كان لا بد من حادثة أمنية كبرى كحادثة سروج، فكان تدبير تلك الحادثة بفعل استخباري واضح.
ويظهر أنّ هذه الرزمة تتضمن البنود التالية:
1 – موافقة أمريكا على قيام تركيا بضرب حزب العمال الكردستاني في شمال العراق ومنع صنوه في سوريا حزب الاتحاد الديمقراطي وتوابعه من ميليشيات ما يُسمى بوحدات حماية الشعب من التمدد، وإحباط إقامة كيان كردي في شمال سوريا، وطمأنة تركيا والرأي العام فيها على إبعاد شبح الخطر الكردي المنادي بقيام دولة كردية موحدة في المنطقة.
2 – تخويف الناخبين الأتراك من منح أصواتهم لحزب الشعوب الديمقراطي الكردي المتعاطف مع عدو الأتراك حزب العمال الكردستاني، أو لمن يتعاطف معه من الاحزاب التركية وذلك في محاولة لعزله عن القاعدة الشعبية العريضة، ومن ثمّ إسقاطه في الانتخابات المزمع إعادتها في تركيا، وبالتالي زيادة شعبية حزب العدالة والتنمية وتمكينه من الفوز في الانتخابات القادمة.
3 – دعم المعارضة السورية التي توصف بالمعتدلة في سوريا والموالية لتركيا، وتمكينها من تحقيق انجازات جديدة على غرار ما تحقق في جبهة ادلب قبل أشهر.
4 – فتح القواعد العسكرية التركية أمام حركة الطيران الأمريكي وتقديم كافة التسهيلات امامها، وهذه التسهيلات بالنسبة لأمريكا  تُعتبر أهم نقطة في هذه الرزمة، وربما هي الثابت الوحيد فيها، فقد تتغير جميع البنود السابقة، وقد تفشل تركيا في تحقيق جميع أهدافها منها، بينما يبقى فتح قواعدها امام الطائرات الأمريكية هو الهدف المؤكد فيها، وهي مسألة في غاية الأهمية بالنسبة لأمريكا، وهي انجاز على قدر كبير من الأهمية بالنسبة لها، ولا يُضير أمريكا بعدها لو فشلت سائر البنود الأخرى، هذا ان كانت جادة أصلاً في تطبيقها.
هذه هي رزمة الأهداف الحقيقية التي تقف وراء الهجوم التركي على شمالي سوريا والعراق، ويتبين من خلالها مدى التنسيق الوثيق مع الجانب الامريكي، كما يتبين مدى التنازلات الخيانية التي قدّمتها الدولة التركية لصالح حركة الطيران الأمريكية في المنطقة، والتي بموجبها تُنتهك السيادة التركية، وتُمنح أمريكا مزيداً من الامتيازات اللوجستية على الارض وفي الأجواء.







الأربعاء، 22 يوليو 2015

الآثار السياسية والإقتصادية للإتفاق النووي بين إيران والقوى العظمى


الآثار السياسية والإقتصادية للإتفاق النووي بين إيران والقوى العظمى








قبل الخوض في الآثار السياسية والاقتصادية لإتفاق إيران النووي مع الدول الكبرى الست، والتي تشمل الدول الخمس الكبرى دائمة العضوية في مجلس الأمن وهي أمريكا وبريطانيا وروسيا وفرنسا والصين بالإضافة إلى ألمانيا، ينبغي القول بأنّ بنود الإتفاق وآليات تنفيذه التي تم التوافق عليها تُسقط أي أمل لدى إيران بأن تكون في يومٍ من الأيام قوة نووية، وتجعل من برنامجها النووي  الذي طوّرته على مدى سنوات طوال لا يعدو عن كونه مجرد نظريات علمية مسطرة على الورق، وتُحيل تجهيزاتها النووية العديدة التي استنزفت جزءاً كبيراً من ثروتها وعرق أبنائها إلى مجرد كومة من الحديد الخردة التي يعلوها الصدأ والغبار.
فبعد كل هذه الجهود الضخمة التي بذلتها إيران في العقدين الأخيرين في تطوير برنامجها النووي، وبعد كل هذه المفاوضات المضنية التي خاضتها مع الدول الكبرى للاحتفاظ بقدراتها النووية التي بنتها يأتي هذا الاتفاق ليعيدها إلى نقطة الصفر، وليحول مشروعها النووي إلى مجرد سراب نووي تاريخي.
وبإلقاء نظرة سريعة على أبرز بنود الاتفاق يتأكد أنّ ايران قد قبلت بهدم برنامجها النووي بأيديها، ومزّقت ملاءة فخرها بإملاء من أعدائها أعداء الأمّة الاسلامية بقيادة أمريكية، فقد التزمت في الاتفاق بتخصيب اليورانيوم بنسبة 3.67 %  لمدة خمس عشرة سنة، بعد أن كان بمقدورها تخصيبه بنسبة تزيد عن العشرين بالمائة وصولاً إلى تخصيبه في نهاية المطاف إلى تسعين بالمائة وهي النسبة التي تُمكّنها من صنع قنبلة نووية، وأمّا هذه النسبة التي قبلت بها من التخصيب والتي تقل عن الأربعة بالمائة فإنّها لا تصلح حتى للاستخدامات المدنية.
والتزمت ايران في هذا الاتفاق أيضاً  بتشغيل أقل من ستة آلاف جهاز طرد مركزي بدائي من أصل عشرين ألفاً تملكها، بحيث قبلت بوضع الأجهزة المتطورة منها في مخازن تخضع للتفتيش الصارم من قبل مفتشي وكالة الطاقة الذرية، وحتى الأجهزة البدائية القليلة المسموح بتشغيلها فإنّها تنتمي إلى الجيل الأول والتي لا تصلح لانتاج اليورانيوم المخصب للأغراض السلمية فضلاً عن العسكرية.
وأمّا بالنسبة لليورانيوم الفعلي الموجود بحوزة إيران والذي تصل كميته إلى  حوالي عشرة ألاف كيلو غرام فقبلت بأن تقوم مفاعلات ايران في ناتانز وبوردو بالتخلص من معظمه، والاحتفاظ فقط بثلاثمائة كيلو غرام منه، وذلك عبر تحويل تسعة ألاف وسبع مائة كيلو غرام منه إلى غاز، وبذلك يستحيل الاستفاده منه نهائياً في صناعة القنبلة الذرية ، لأنّه لا يمكن تحويله إلى البلوتونيوم الذي يُستخدم في تلك الصناعة.
ومن أهم الآثار السياسية  التي تترتب على هذا الاتفاق  التأكيد على أنّ لإيران دوراً مرسوم لها في المنطقة لا يخرج عن المسار الذي ترسمه لها أمريكا، وإنّ تضحيتها ببرنامجها النووي المتقدم بهذه البساطة  يؤكد أنّها دولة غير مستقلة حقيقة، وأنّها لا تملك  فعلاً القرار السياسي المستقل الذي يُمكنها على الأقل من رفض هذا الاتفاق المهين والمجحف بحق الشعب الايراني المسلم وبحق الامة الاسلامية، بل إنّ فعلها هذا يُظهر مدى ديمومة ولائها وتبعيتها لأمريكا من خلال هذا اهكذا اتفاق مذل، وإنّ جعجعة وسائل إعلامها ضد العنجهية الأمريكية ليس سوى ستار من دخان يحجب رؤية تلك التبعية عن عيون العوام وعيون المبهورين بالثورة الايرانية.
وأمّا زعم إيران بأنّها حقّقت انتصاراً على أمريكا والقوى الكبرى بتوقيعها الاتفاق هو زعم لا يستند إلى أي أساس، وتُفنده هذه البنود الصريحة التي استعرضناها، والتي قضت  من ناحية عمليةعلى أي أمل لإيران بان تكون دولة نووية في مستقبل الأيام.
وأمّا ادّعائها بأنّها حققت مكاسب اقتصادية من خلال إفراج أمريكا عن سبعة مليارات من الدولارات من الأرصدة الإيرانية المجمدة، وسمحت بتدفق الشركات الغربية للاستثمار في إيران، ورفع العقوبات الدولية عن الشركات الايرانية فكل ذلك ثمن بخس لا يُبرر تعطيل برنامجها النووي المتطور، وفقدانها للقدرات النووية المتميزة التي امتلكتها بعد صبر ومثابرة وعناء.
على أنّ تحسين اقتصادها سوف يكون محدوداً جداً ولا يجعل من ايران دولة متفوقة أبداً، بل إنّ هذا التحسن سيعود معظم مردوده على الدول والشركات الغربية أكثر ممّا يعود على إيران نفسها، لأنّه إنّما يصب في خدمة الإقتصاد الرأسمالي العالمي والشركات العالمية العابرة للحدود، وسوف تجعل الاستثمارات الغربية من ايران سوقاً جديدة لاقتصاد السوق وقوى العولمة التي تُهيمن على نشاطاتها أمريكا واوروبا.   
وحتى ذلك التحسن الطفيف في الاقتصاد الايراني الذي ستشعر به إيران فسيستثمر في تأجيج الحروب الطائفية في المنطقة، وإطالة عمر الأنظمة الطاغوتية كنظام بشار، وزيادة سفك المزيد من دماء المسلمين، وتحويل سوريا والعراق واليمن إلى بلدان خربة مدمرة يسهل تمزيقها وشطرها إلى مُزق وأشلاء، تُحقق الأجندة الأمريكية المشبوهة، وتُساهم في خلق كيانات طائفية مسخ تخضع جميعها للنفوذ الأمريكي.
فأمل ايران في أن تتحول إلى شرطي للخليج أو بمعنى أصح في أن تكون عصا أمريكا الغليظة في المنطقة يريح أمريكا من كثير من الأعباء والمهمات القذرة التي تقوم بها حالياً فيها، وهذا يجعل أمريكا تتفرغ أكثر نحو شرق آسيا لمواجهة تعاظم قوة الصين فيها، كما ويمنحها سابقة ونموذجاً تتصدى بهما للمشروع النووي الكوري الشمالي الأكثر إزعاجاً.

والخلاصة أنّ إيران بهذا الاتفاق قد خسرت – وللأسف -  مكانتها وقوتها الاقليمية والذي كان برنامجها النووي بمثابة الغزْل القوي الذي يُشكّل عصبها ومصدر عنفوانها، فنقضته وجعلته أنكاثا، وتحولت إلى مجرد دولة وظيفية تقوم بالمهمات الطائفية القذرة التي تُحقق الأهداف الاستعمارية الأمريكية.

الخميس، 16 يوليو 2015

أسباب تأخر الحسم في سوريا



 أسباب تأخر الحسم في سوريا 











كان لإنتزاع الثوار لمدينتي ادلب وجسر الشغور من قبضة النظام الاسدي المجرم بسرعة قياسية بعد تشكيل جيش الفتح في الرابع والعشرين من شهر اذار الفائت، كان لذلك الانتصار الذي تحقق وقع الصدمة على النظام وداعميه، فراح يستغيث وبستصرخ ويستنجد بكل حلفائه ومرتزقته  لدعمه بكل ما أوتوا من قوة للحيلولة دون سقوطه وسقوط نفوذهم معه في سوريا، ولعدم ذهاب تضحياتهم التي قدّموها على مدى السنوات الأربع والنصف الماضية هباءا منثورا، فجاءت ايران بقضها وقضيضها، فقدّمت المزيد من المال والرجال لدعم نظام الطاغية المتداعي، وجاء معها حزبها في لبنان ليقدم المزيد من الرجال على مذبح الثورة.
  وعلى الجانب الآخر كان لتحرير ادلب أثره الايجابي المبالغ فيه على الثوار، فظنّوا أنّ مرحلة سقوط النظام قد بدأت خاصة بعد أن فُتحت أمامهم جبهتان حيويتان، وهما جبهة الساحل وجبهة سهل الغاب المفضية إلى مدينة حماة، وظنّوا أنّ النظام بدا أكثر هشاشة، وأنّه يسير بشكل متسارع في طريق التداعي والانهيار، لكنّ ثبات النظام المدعوم دولياً واقليمياً قد فاجئهم، وعدم قدرتهم على تحقيق أية انجازات تّذكر منذ أربعة أشهر بعد انتصارات ادلب قد دقّا ناقوس الخطر، وعادت الحرب تُراوح مكانها من دون حسم، فيما زادت أسباب التناحر بين الثوار أنفسهم.
ولتأخر حسم المعركة في سوريا أسباب عديدة أولها وأهمها غياب الاستراتيجية السياسية الجامعة بين الفصائل وعدم اتفاقها على مشروع سياسي واضح، وهو ما جعل الوحدة العسكرية فيما بينها لا تصمد أمام اختلافها حول النهج السياسي وتباين رؤاها الفكرية.
فجيش الفتح على سبيل المثال هو إطار عسكري جمع بين جبهات غير متجانسة من مثل جبهة النصرة  ذات التوجه السلفي الجهادي، وبين أحرار الشام ذات التوجه السلفي الوطني، وبين فيلق الشام ذو التوجه الاسلامي الفضفاض، وهو ما أدّى في النهاية إلى إحباط جيش الفتح وفشله.
هذا من ناحية فكرية، وأمّا من ناحية سياسية فالاختلاف في الارتباط السياسي مع القوى الخارجية بين هذه الفصائل هو من أهم الأسباب التي تُعطّل الحسم، وتؤدي إلى تآكل قوة الثوار، ومن ثم تراجع قدراتهم العملياتية حتى عن الاحتفاظ بالمكتسبات التي حقّقوها.
وبالاضافة إلى إرتماء قيادة جيش الاسلام في أحضان السعودية، وتنسيقهها مع أجهزة الاستخبارات التركية والقطرية والاردنية، والتي بدورها تُنسق أعمال الثورة مع أمريكا والدول الأوروبية، وهو ما يُعتبر شرخاً عميقاً برز في جسم الثورة، فقد ظهرت مؤخراً - وللأسف الشديد - توجهات سياسية جديدة لدى فصيل كبير ومهم من فصائل الثوار ألا وهو حركة أحرار الشام تدعو للتعاون حتى مع أمريكا نفسها، وتقديم نفسها أمام المجتمع الدولي بصورة القيادة المعتدلة التي بمقدورها وراثة نظام الأسد بعيداً عن التوجهات ( المتطرفة )!، فقد نشرت صحيفة الواشنطن بوست رسالة تطمين وعتاب لأمريكا بقلم لبيب النحاس مدير مكتب العلاقات الخارجية في أحرار الشام، يحثها فيها على تغيير أساليبها الفاشلة في سوريا، وضرورة قبولها بالثوار المعتدلين الوطنيين في سوريا بقيادة أحرار الشام.
إنّ هذه التوجهات السياسية المشبوهة التي برزت على السطح، بالاضافة إلى غياب الرؤية الاستراتيجية الجامعة لمستقبل سوريا بعد سقوط النظام، هما في الواقع من أهم أسباب عدم حسم المعركة ضد نظام الطاغية في دمشق.
والمخرج الوحيد للفصائل الثورية المقاتلة من هذا المأزق الذي تتخبط فيه حالياً يكمن في التفافها حول مشروع الخلافة بشكل واضح لا لبس فيه، وقطع صلاتها تماماً بأمريكا وعملائها وأذنابها، والاعتماد فقط  في ثورتهم على قواهم الذاتية المخلصة، والتخلص تماماً من التبعية السياسية بكافة أشكالها وألوانها وعناوينها.

وعلى هذه الفصائل أن تعي جيداً أنّ الجماهير في سوريا متقدمة عليها في احتضان مشروع الخلافة، وسابقة لها في تبني ثوابت الثورة التي شارك حزب التحريرالمخلصين في سوريا بإرسائها، وانّ عليها أن تلحق بحاضنتها الجماهيرية الطبيعية قبل أن تخسر مكانها، وتلفظها من الثورة كما لفظت غيرها من قبل، فلا تغترنّ قيادات هذه الفصائل بما تملك من سلاح ورجال وعتاد، لأنّ ما تملكه من هذه القوى لن يدوم لها إذا ما تنكّبت عن طريق الأمة، وتخلت عن مشروعها الاسلامي الحضاري، فالضامن الوحيد لبقائها هو تمسكها بمشروع الخلافة.

اجوبة اسئلة الجمعة الاخيرة من رمضان








الأربعاء، 15 يوليو 2015

فقرة سياسية من المسجد الاقصى









مغزى زيارة محمد بن سلمان لحاملة الطائرات الأمريكية (روزفلت)




مغزى زيارة محمد بن سلمان لحاملة الطائرات الأمريكية (روزفلت)
خبر وتعليق



الخبر:

زار ولي ولي العهد وزير الدفاع السعودي الأمير محمد بن سلمان حاملة الطائرات الأمريكية ثيودور روزفلت، وذلك بحسب ما نقلت وكالة الأنباء السعودية، ورافق الأمير محمد بن سلمان في هذه الزيارة التي تأتي بدعوة من وزارة الدفاع الأمريكية مساعد وزير الدفاع محمد العايش ورئيس هيئة الأركان العامة الفريق أول ركن عبد الرحمن البنيان وقائد القوات الجوية بالنيابة اللواء طيار ركن عبد الله الغامدي، كما رافق الأمير محمد بن سلمان خلال الجولة قائد الأسطول الأمريكي الخامس الفريق جون ميلر والسفير الأمريكي لدى المملكة جوزيف ويستفل والملحق الدفاعي في السفارة العقيد عباس داهوك.

وتعد حاملة الطائرات ثيودور روزفلت إحدى الحاملات الأمريكية التي تعمل بالطاقة النووية وتحوي على منصات لإطلاق صواريخ موجهة بالليزر ومدمرات وفرقاطات وسفن إمداد وغواصات.


التعليق:

يأتي هذا الاستدعاء الأمريكي - وليست الزيارة - للأمير محمد بن سلمان لزيارة حاملة الطائرات الأمريكية بمناسبة مرور سبعين عاماً على استدعاء الملك عبد العزيز مؤسس المملكة السعودية للمدمرة الأمريكية كوينسي، والاجتماع على ظهرها بالرئيس الأمريكي الأسبق روزفلت في نهاية الحرب العالمية الثانية في مثل هذه الأيام من العام 1945.

لقد كان استدعاء روزفلت لعبد العزيز ونقله من جدة على متن سفينة حربية أمريكية إلى قناة السويس، والاجتماع به على ظهر المدمرة كوينسي نقطة تحول في تاريخ الدولة السعودية، وتحويل ولائها من الإنجليز إلى الأمريكان، لدرجة أن رئيس وزراء بريطانيا آنذاك قد جُنّ جنونه، واستدعى بدوره عبد العزيز بعد انتهاء اجتماعه بروزفلت إلى القاهرة، واجتمع به، وأنّبه، وأهانه، واحتسى الخمر أمامه، ونفث دخان سيجاره في وجهه، وذلك خلافاً للعرف الدبلوماسي المعهود به في الاجتماعات مع الملوك.

فترتب على ذلك الاجتماع الخطير دخول النفوذ الأمريكي بقوة إلى السعودية ومزاحمته للنفوذ البريطاني العريق فيها، وهو ما اعتبر وقتها انقلاباً أمريكياً حقيقياً تغيرت بموجبه العلاقات السياسية في منطقة الشرق الأوسط برمتها.

ولم يكن توقيت استدعاء محمد بن سلمان - الملك غير المتوج - للسعودية بدعوة من قبل وزارة الدفاع الأمريكية، وبعد سبعين عاماً من استدعاء جده عبد العزيز لم يكن من باب الصدفة، وإنّما كان من باب التأكيد على استمرار تبعية السعودية المطلقة لأمريكا.

ولعل اصطحاب محمد بن سلمان لكبار قيادات الجيش السعودي من مثل مساعد وزير الدفاع محمد العايش ورئيس هيئة الأركان العامة الفريق أول ركن عبد الرحمن البنيان وقائد القوات الجوية بالنيابة اللواء طيار ركن عبد الله الغامدي واجتماعهم خلال الجولة مع كل من قائد الأسطول الأمريكي الخامس الفريق جون ميلر والسفير الأمريكي لدى المملكة جوزيف ويستفل والملحق الدفاعي في السفارة العقيد عباس داهوك، لعله دليل جديد على ربط قادة الجيش السعودي بالمسؤولين الأمريكيين ربطا محكما، وقطع الطريق على عملاء بريطانيا في الحرس الوطني، وتحويل الدولة السعودية إلى ما يشبه جمهوريات الموز في أمريكا اللاتينية إبان القرن الماضي.