الجمعة، 23 يونيو 2017

قطر تسعى لرفع الحصار عنها بدفع مليارات الدولارات كإتاوة لأمريكا


قطر تسعى لرفع الحصار عنها بدفع مليارات الدولارات كإتاوة لأمريكا



وقّع وزير الدفاع الأمريكي جيم ماتيس ونظيره القطري خالد العطية اتفاقا قيمته 12 مليار دولار أمريكي لبيع قطر 36 طائرة مقاتلة من طراز إف-15، وتمّت الصفقة في وقتٍ تأكّد فيه أنّ إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هي التي دفعت السعودية لفرض حصارٍ خانقٍ على قطر براً وبحراً وجواً، فيما يُكرّر فيه ترامب اتّهاماته لقطر بتمويل (الإرهاب)، فقال في 9/6/2017: "إنّ دولة قطر للأسف لديها تاريخ طويل في تمويل (الإرهاب) على مستوى عالٍ جدًا، وعلينا أن نوقف تمويل (الإرهابيين)، وقرّرْتُ مع وزير الخارجية، وكذلك الجنرالات بالجيش الأمريكي دعوة قطر لإنهاء تمويلها لــ(الإرهاب)"، وبعد توقيع الاتفاق مُباشرةً انطلقت مناورات عسكرية أمريكية قطرية هي الأولى من نوعها منذ بدء أزمة الحصار في الخامس من حزيران/يونيو الجاري، وشارك في التدريبات التي جرت في المياه القطرية جنوب العاصمة الدوحة سفينتان من قوات البحرية الأمريكية، وقطع بحرية من القوات الأميرية القطرية، وتضمنت المناورات عدداً من التمارين الخاصة بالعمليات البحرية المتعلقة بالتدريب على رماية المدفعية والصواريخ البحرية، إضافة إلى بعض التمارين البحرية المشتركة مثل الإمداد والإخلاء الطبي بواسطة الطائرات المروحية. إنّ هذه السرعة في إبرام صفقة شراء الطائرات قبل رفع الحصار عن قطر، وما تبعها من إجراء مُناورات بحرية قطرية أمريكية لا تعني إلاّ شيئاً واحداً: ألا وهو أنّ قطر قد استجابت للضغوطات الأمريكية، وأنّها قد خضعت لإملاءات إدارة ترامب، فسارعت بتقديم جزءٍ من الإتاوة الأمريكية المفروضة عليها بقيمة 12 مليار دولار حتى قبل رفع العقوبات المفروضة عليها، وهو يعني أيضاً أنّها لم تعُد قادرة على المُماطلة في الدفع كما فعلت إبّان إدارة أوباما التي كانت قد أعلنت في تشرين الثاني/نوفمبر من العام الماضي 2016 عن صفقة محتملة لبيع 72 طائرة إف 15 إلى قطر بقيمة 21.1 مليار دولار، لكنّ قطر تهرّبت وقتها من تنفيذها، وتجاهلتها، إلى أنْ جاءت إدارة ترامب التي عاقبت قطر من خلال فرض السعودية الحصار عليها، وهو ما أدّى إلى خضوعها، ودفعها نصف قيمة الإتاوة المفروضة عليها، على أنْ يتبعها النصف الآخر بعد مدة. وبعد هذا الخضوع علّق مسؤول قطري على هذه الصفقة بالقول: "هذا بالطبع دليل على أن المؤسسات الأمريكية معنا، ودعم أمريكا لقطر متأصل، ولا يتأثر بسهولة بالتغيرات السياسية"، ولكن أمريكا حتى الآن - ومع كل هذا الخضوع - لم تأمر السعودية برفع الحصار المفروض على دولة قطر، ويبدو أنّها تُريد المزيد من إذلالها. إنّ قطر التي غدت مطبخاً رئيسياً للسياسات البريطانية في المنطقة، ومنبراً إعلامياً كبيراً للتشويش على السياسة الأمريكية، ومركزاً لكشف خططها وفضح عملائها، ومغناطيساً سياسياً كبيراً لجذب القوى السياسية الإسلامية (المعتدلة) المُناوئة للسياسات الأمريكية، وملاذاً لقياداتها، إنّ قطر بهذه الأعمال لا شكّ أنّها آذت أمريكا وضايقتها كثيراً، وجاء الرد الأمريكي عليها من خلال عميلها الملك سلمان، والذي أوكلت إليه القيام بدور نشط مقابل للدور القطري، ومُهدّدٍ له، فكان ثمرته هذا الحصار الخانق المشاهَد ضد قطر. وجدت قطر أنّه لا مناص لها من اللجوء إلى حل مالي يُخفّف عنها ضغط الحصار لعله يُسرّع في رفعه، ويكون بديلاً أقل سوءاً عن الخضوع التام للإرادة الأمريكية، فكانت هذه الصفقة التي أشبعت نهم إدارة ترامب شيئاً ما، وملأت الخزينة الأمريكية بالأموال. لم تستطع بريطانيا ومعها أوروبا الدفاع عن قطر في أزمتها تلك، ولا الوقوف في وجه (البلدوزر) الأمريكي الذي أطلق عاصفةً هجوميةً حادّةً على عملاء أوروبا، وهو الأمر الذي جعلها تنحني أمام تلك العاصفة. إنّ تمادي أمريكا في ابتزاز البلاد العربية والإسلامية، وفرض الإتاوات عليها، ونهب المليارات منها بذريعة بيع الأسلحة، ما كان ليحصل لو كان هناك حاكمٌ في هذه البلاد يملك قراره، أو لو كانت هناك دولةٌ في هذه البلاد تملك السيادة الحقيقية، ولكنّ انبطاح الحكام لأمريكا بهذا الوضع المهين، واستسلامهم لها بهذا الشكل المُخزي، لهو دلالة على قرب نهاية حكمهم الذليل، وزوال دولهم المصطنعة. فشعوب هذه الدول قد فاض بها الكيل، ولم تعُد تُطيق هذا الإذلال المُشين الذي تُمارسه أمريكا بحق بلدانهم بكل هذا السفور، وها هي تتحسّس طُرق التغيير الأكثر مُلائمةً للتمرد على أدوات أمريكا، وعلى سياساتها المُتغطرسة في المنطقة، فالمسألة لم تعُد سوى مسألة وقت، والتغيير قادمٌ لا محالة، والمد الإسلامي يشتدّ يوماً بعد يوم، والثورات تتوالى موجاتها جيلاً بعد جيل، وحالة الركود والسكون التي استوطنت لدى الشعوب في زمن الهزيمة بعد الاستعمار قد ولّت إلى غير رجعة، وحلّ مكانها حالة دينامية فعّالة مُنتجة ستُثمر - بإذن الله - غِراساً نشطة تتحرك بقوة وحيوية لإيجاد دولة إسلامية فتية، تكنس كل الوجود الأمريكي والاستعماري من ديار المسلمين كنساً تامّاً، وتحمل الدعوة الإسلامية حملاً حقيقياً، تتغير معه المقاييس والموازين والقوى تغيراً انقلابياً جذرياً، وتتبوأ عندها دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة المكانة التي تليق بها، وتتولّى مقاليد الأمور العالمية من غير مُنازع.
أعجبنيعرض مزيد من التفاعلات
تعليق

السبت، 17 يونيو 2017

كيان يهود يخفض امدادات الكهرباء لقطاع غزة والسلطة الفلسطينية وحماس تتبادلان الاتهامات


كيان يهود يخفّض إمدادات الكهرباء لقطاع غزة والسلطة الفلسطينية وحماس تتبادلان الاتهامات




الخبر:
نقلت رويترز عن مسؤولين يهود يوم الاثنين 2017/06/12 قولهم: "إن (إسرائيل) ستخفض إمدادات الكهرباء لقطاع غزة بعد أن قلّصت السلطة الفلسطينية المبلغ الذي ستدفعه مقابل توريد الطاقة للقطاع الذي تديره حماس"، وتقول السلطة الفلسطينية: "إن السبب في خفض الإمدادات هو عدم سداد حماس لقيمة الكهرباء". ويقول المتحدث باسم السلطة الفلسطينية طارق رشماوي بأنّ "على حماس أن توافق على مبادرات الوحدة التي طرحها الرئيس محمود عباس والتي تشمل إجراء أول انتخابات تشريعية ورئاسية منذ أكثر من عشر سنوات"، وأضاف: "نحن في حكومة الوفاق نجدد دعوتنا إلى حركة حماس وسلطة الأمر الواقع هناك بتسليمنا كافة المؤسسات الحكومية في قطاع غزة حتى تستطيع الحكومة أن تقدم أفضل ما لديها بما يليق بأهلنا وشعبنا وتضحياتهم في قطاع غزة الحبيب". وبدورها حمّلت حركة حماس كيان يهود ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس المسؤولية عن تداعيات تقليص الكهرباء، وحذّرت من انفجار الأوضاع في قطاع غزة، واعتبرت الحركة أن قرار الاحتلال بتقليص الكهرباء بطلب من عباس هو أمر كارثي وخطير، لكونه يمسّ بكافة مناحي الحياة في قطاع غزة، وأكّد المتحدث باسم الحركة عبد اللطيف القانوع أنّ القرار من شأنه أن يعجّل في تدهور الأوضاع وانفجارها في القطاع. وقال فوزي برهوم المتحدث باسم حركة حماس: "الذي سيتحمل المسئولية عن هذا التدهور الخطير هو حكومة الاحتلال والتي تُحاصر قطاع غزة منذ عشر سنوات". وقال أشرف القدرة المتحدث باسم وزارة الصحة في قطاع غزة: "إنّ أي تدهور في أزمة الكهرباء في غزة - التي خرجت محطتها الرئيسية لتوليد الكهرباء من الخدمة وسط خلاف بين حماس والسلطة الفلسطينية على الضرائب - يمكن أن يتسبب في انهيار الخدمة الصحية التي تعتمد بالفعل على مولدات منفردة بعضها في حالة متهالكة".
التعليق:
بعد اتخاذ قرار تقليص الإمدادات سادت حالة من الخوف والقلق أوساط السكان في قطاع غزة المُحاصر، والذين شعروا بتلاحق الأزمات التي باتت تضرب معظم جوانب الحياة فيه، والتي كان آخرها تقليص كمية الكهرباء لقطاع غزة، لتصبح ساعة وصل مُقابل اثنتي عشرة ساعة قطع، وهو الأمر الذي أصبح يُهدّد حياة نحو مليوني إنسان، وينذر بكارثةٍ حقيقيةٍ بسبب ارتباط قطاع الخدمات الحيوية الأساسية بإمدادات الكهرباء وبشكلٍ خاص القطاع الصحي. وبينما يعيش سكان القطاع هذه الحالة المأساوية يتقاذف مسؤولو السلطة وحماس الاتهامات كعادتهم غير آبهين بخطورة ما آلت إليه الأحوال هناك، يُلقون باللائمة على بعضهم بعضاً وعلى الاحتلال، ويتنصّلون من مسؤولية رعاية السكّان بذرائع غير مقنعة، وبحجج واهية، ولا يعنيهما سوى التنافس والاستحواذ على كعكة السلطة. أمّا الدول العربية الغنية التي تهدر المليارات كإتاوات للدول الكافرة المُستعمرة فهي تبخل عن دفع مبالغ زهيدة لاستمرار إمدادات الكهرباء إلى قطاع غزة المنكوب ليكون لها نصيب من هذا الحصار الخانق على إخواننا المحاصرين فيه. إنّه لعار على السلطة الفلسطينية وحركة حماس والدول العربية وسائر الكيانات القائمة في العالم الإسلامي أنْ تعجز عن حل مثل هذه المُشكلة البسيطة، والتي لا تتطلّب إلا دفع مبالغ مالية بسيطة، في حين إنّ هذه الكيانات تُزايد على قضايا الأمّة، وتُتاجر بها، وتدعي زوراً وبُهتاناً أنّها تُساندها وتُدافع عنها. إنّ من يعجز عن حل مثل هذه المسألة البسيطة لا يستحق أنْ يكون في السلطة ولو للحظةٍ واحدة، وإنّ تجاهل هؤلاء المسؤولين في هذه الكيانات المُصطنعة لأحوال شعوبهم مع استمرار تشبّثهم بالسلطة ليؤكد أنّهم أصبحوا عالةً على شعوبهم، وأنّ عليهم أنْ يعتزلوا أو يُعزلوا غير مأسوفٍ عليهم.

الخميس، 8 يونيو 2017

تأثير انسحاب أمريكا من اتفاقية باريس للمناخ على العلاقات الدولية


تأثير انسحاب أمريكا من اتفاقية باريس للمناخ على العلاقات الدولية



في خطوة كانت مُتوقعة أعلن الرئيس الأمريكي يوم الخميس الأول من حزيران/يونيو 2017 انسحابه من اتفاقية باريس للمناخ التي تمّ التوقيع عليها فيكانون أول/ديسمبر 2015 من قِبَل كل دول العالم باستثناء سوريا ونيكاراغوا، وجاء في إعلان الانسحاب أنّ بلاده: "ستتوقف بداية من اليوم عن تنفيذ بنود اتفاقية باريس غير الملزمة، وما تفرضه من أعباء مالية واقتصادية على بلادنا"،وقال ترامب في إعلانه هذا: "إن الاتفاقية تضر بالولايات المتحدة، وإنه على استعداد لإعادة النظر في الأمر وفق شروط والتزامات مختلفة"،وقال بأنّ الاتفاقية: "تعاقب الولايات المتحدة وتكلفها ملايين فرص العمل"، وأضاف: "لقد انتُخبت لأُمَثّل سكان مدينة بيتسبيرغ (مدينة أمريكية) لا سكان باريس"، وادّعى ترامب أنّ: "الاتفاقية ستكلف الولايات المتحدة خسارة ثلاثة تريليونات دولار من إجمالي ناتجها القومي، و6.5 مليون وظيفة، بينما تُعامل منافسيها الاقتصاديين من أمثال الصين والهند بمحاباة". وأبدى ترامب استعداده لمناقشة اتفاقية جديدة بدلاً منها، وقال البيت الأبيض في بيان له: "إن ترامب فسّر لميركل وماكرون وماي ورئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو في اتصالات هاتفية قراره الانسحاب من الاتفاقية"، وأنّه طمأن هؤلاء الزعماء بأنّ أمريكا "ما زالت ملتزمة بالتحالف عبر الأطلسي وبالجهود القوية لحماية البيئة". وكان ترامب قد تعهد أثناء حملته الانتخابية العام الماضي بأن يتخذ خطوات تهدف إلى مساعدة صناعتي الفحم والنفط في بلاده، ونعت الاتفاقية في حينه بأنّها خدعة، ورأت شركات الفحم أن قرار ترامب بالانسحاب من الاتفاقية يصب في صالحها، وأيّد زعيم الغالبية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل القرار، بينما وصف زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر القرار بأنّه "إحدى أسوأ خطوات رسم السياسة التي اتخذت في القرن الواحد والعشرين، بسبب ضرره الهائل على اقتصادنا وبيئتنا وموقفنا الجيوسياسي"،كما رفض قرار الانسحاب من الاتفاقية قطاع المال والأعمال الأمريكييْن، وندّد به مدراء شركات عالمية مثل غوغل وأبل وفيسبوك وجنرال إلكتريك وغولدمان ساكس ووالت ديزني، وكذلك رفضته الشركات النفطية الكبرى كإكسون موبيل وشيفرون، ومئات الشركات الأخرى التي حثّت ترامب على الالتزامبالاتفاقية، وحاولت الكثير من تلك الشركات الضغط على الإدارة الأمريكية لعدم الانسحاب من الاتفاقية، ورفضت القرار أيضاً بلديات أمريكية كبرى ومنها كاليفورنيا كبرى الولايات الأمريكية، وتعهد رؤساؤها بالالتزام ببنود الاتفاقية وعدم مخالفتها. وتنص اتفاقية باريس للمناخ على الاحتفاظ بدرجات حرارة الأرض بمستوى أقل بكثير من مستوى 2 درجة مئوية فوق المستوى الذي كانت عليه في أزمنة ما قبل الصناعة، والسعي لتقليلها إلى مستوى 1.5 درجة مئوية في المستقبل، وتدعو إلى تقليل كمية الغازات الدفيئة المنبعثة من نشاطات الإنسان، وتؤكد على مراجعة مساهمة كل دولة في تقليل انبعاث الغازات كل خمس سنوات بما يسمح بقياس حجم مواجهة تحدي التغير المناخي، وتُطالب الدول الغنية بتقديم مساعدات للدول الفقيرة، وبتزويدها بتمويلات لتمكينها من التأقلم مع التغير المناخي، والانتقال إلى مصادر طاقة متجددة. وتُعتبر أمريكا ثاني أكبر دولة في العالم بعد الصين مسؤولة عن تلويث البيئة، فهي مسؤولة عن 15 في المئة من مجموع الانبعاثات الكربونية عالميا. وجاءت ردّات فعل الأوروبيين قوية وسريعة وغاضبة على انسحاب أمريكا من الاتفاقية، ففي بيان مشترك عبّر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ورئيس الوزراء الإيطالي باولو جنتيلوني عن الأسف لقرار أمريكا الانسحاب من اتفاق باريس، وشدّدوا في الوقت ذاته على عدم إمكانية إعادة التفاوض على الاتفاق كما طالب ترامب، وقال المفوض الأوروبي لشؤون المناخ ميغيل أرياس كانيتي إنه "لا يمكن إعادة التفاوض على اتفاقية باريس للمناخ مثلما قال الرئيس الأمريكي"، وأضاف: "إن العالم يمكنه أن يواصل التعويل على أوروبا لقيادة التصدي للاحتباس الحراري"، وأبدى أسفه الكبير لـ"قرار إدارة ترامب الأحادي"، وندّد رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر بقرار ترامب الانسحاب، واعتبره "قرارا خاطئا إلى حد خطير"، ووصف الرئيس الفرنسي ماكرون القرار بأنّه "خطأ حقيقي بحق الولايات المتحدة وكوكبنا معا". وأجرت رئيسة الوزراء تيريزا ماي اتصالا تليفونياً بالرئيس الأمريكي وعبّرت له عن خيبة أملها لقراره، وأما الرئيس الروسي فلاديمير بوتين فتجنب انتقاد ترامب لقراره بالانسحاب من الاتفاقية، ورفض الحكم عليه بسبب هذا القرار، ودعا إلى عمل مشترك معه من أجل التوصل إلى اتفاق، وأمّا الصين فأكّدت التزامها باتفاقية باريس، وأصدرت بيانا مشتركا مع الاتحاد الأوروبي تعهدت فيه بتكثيف التعاون في سبيل خفض كمية الانبعاثات الكربونية. إنّ انسحاب إدارة ترامب من أهم اتفاقية دولية تمّ توقيعها، والتوافق عليها، من قبل معظم دول العالم بقيادة الرئيس الأمريكي السايق أوباما، وبمشاركة جميع الدول الكبرى، يُعتبر بمثابة نكوص أمريكي فاضح تجاه ما يُسمّى بسلامة البيئة وأمن البشرية، بل هو تراجع لأمريكا غير مُبَرّر عن مسؤولياتها والتزاماتها، في مسألةٍ لطالما أصمّ بها الساسة والخبراء الأمريكان أنفسُهم آذانَ العالم وهم يُلحّون على ضرورة التوقيع على الاتفاقية لمدى أهميتها وخطورتها وضرورة الالتزام ببنودها. وهكذا وبكل بساطة يأتي ترامب فيُبدّل ما قاله أسلافه، ويزعم بأنّ أمريكا تخسر التريليونات بسبب الاتفاقية، وأنّه يجب تعديلها، فإدارته رجّحت جانب الأرباح المادية على حساب البيئة، لأنّها تنطلق من قاعدة الربح والخسارة في كل سياساتها، ولا يُضيرها خروجها على الإجماع الدولي، كما أنّها لم تلتفت إلى الانقسام الداخلي لديها بسبب هذا القرار، فهي لم تأبه لا بتوتير الأجواء الدولية، ولا بالتهاب الأجواء الداخلية، طالما أنّ أمريكا لن تتكلّف بأي إنفاق لا يعود عليها بالربح، فهذه إدارة تُفكّر بعقلية التاجر وليس بعقلية السياسي. إنّ انسحاب أمريكا هذا وإنْ كان سيُوفّر لها المزيد من الأموال، ولكنّه بالمُقابل سيزعزع مكانتها الدولية، وسيُتيح الفرصة لقوى دولية أخرى للتقدم لقيادة العالم بدلاً منها. صحيح أنّه لا يوجد في عالم اليوم من القوى الدولية من يملك القدرة على الحلول مكان أمريكا، لكنّ تكرار مثل هذه القرارات غير الحكيمة التي تصدر عن إدارة ترامب سيزيد من عُزلتها، وسيوجد الفرصة الخصبة لتكتيل القوى الدولية ضد أمريكا، وسيُضْعف من قبضة الإدارة الأمريكية على الشؤون الدولية، وسيهيئ لقدوم القوة الدولية الإسلامية بإذنه تعالى، ويُمكّنها من الصعود سريعاً، لتتبوأ مكانها اللائق بها في قيادة العالم. -