الأربعاء، 23 مايو 2018

انسحاب إدارة ترامب من الاتفاق النووي يُؤجّج وتيرة الصراع الأوروبي الأمريكي


انسحاب إدارة ترامب من الاتفاق النووي يُؤجّج وتيرة الصراع الأوروبي الأمريكي




دخلت العلاقات بين الدول الغربية الأطلسية مرحلةً جديدةً من الصراع الأوروبي الأمريكي، لا سيما بعد أن حذّرت وزارة الخزانة الأمريكية الشركات الأوروبية من طائلة شمولها بالعقوبات في حال استمرار علاقاتها التجارية مع إيران، وأمهلتها مدة شهرين لإنهاء جميع استثماراتها في إيران، وهو الأمر الذي أثار حفيظة الأوروبيين، وجعلهم يستشيطون غضباً، ويردون بتصريحات عدائية حادة تجاه أمريكا، فقد صرّحت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بأنّ إعلان ترامب إنهاء الاتفاق النووي مع إيران من جانبٍ واحد هزّ الثقة في التعاون بين أطراف المجتمع الدولي، وقالت بأنّه ليس من الصحيح أن ينهي طرف ما وبصورة أحادية اتفاقاً أبرم وتمّ التصويت عليه من قبل مجلس الأمن بالإجماع، وهو ما من شأنه أن يُزعزع الثقة في النظام الدولي.
وأما الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون فقال: "لم يعد بإمكاننا القبول بأن يقرّر آخرون نيابةً عنّا"، بينما قال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان بأنّ عقوبات واشنطن على الشركات الأجنبية العاملة في إيران غير مقبولة، وإنّ هذه العقوبات الأمريكية تبقى شأناً خاصّاً بالأمريكيين، والأوروبيون ليسوا مضطرين لدفع ثمن انسحاب أمريكا من الاتفاق، وأنّ على الأوروبيين صياغة الإجراءات الضرورية كحماية مصالح شركاتهم، فيما قال وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لومير: "إنّ على أوروبا أن تُمارس سيادتها الاقتصادية لا أن تظل تابعة للولايات المتحدة، وإنّ الوقت قد حان لأن تنتقل أوروبا من الأقوال إلى الأفعال"، ورفض لومير ما وصفه باحتكار أمريكا دور شرطي الاقتصاد العالمي.
وواضحٌ من هذه التصريحات أنّ أوروبا غاضبة من العقوبات الأمريكية المُوجّهة ضد الأوروبيين أكثر ممّا هي موجهة ضد إيران نفسها، فإيران لديها بدائل اقتصادية كثيرة تكمن بالتعامل مع دول كالصين والهند وتركيا وروسيا وغيرها ممن لا تؤثّر بهم عقوبات أمريكا، وهي مُعتادة أصلاً على العقوبات الأمريكية منذ عقود، بينما الأوروبيون الذين خُدعوا بالاتفاق النووي هم الخاسرون الحقيقيون من عقوبات إدارة ترامب، فهم قد ضخّوا حوالي ثمانمائة مليار دولار في إيران في السنتين الأخيرتين فقط، فاستثمرت ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا المليارات في حقول الغاز والنفط والآلات والأدوية والتوربينات والمولدات والطائرات والمركبات والمنتجات الغذائية، والكثير من السلع الأخرى المُختلفة، وكل هذه الاستثمارات الضخمة أصبحت الآن تحت رحمة أمريكا.
إنّ اجتماعات بروكسل بين وزراء خارجية بريطانيا وفرنسا وألمانيا مع فيدريكا موغريني رئيسة الدبلوماسية الأوروبية ومع جواد ظريف وزير الخارجية الإيراني ما هي سوى مُحاولة أوروبية مُتواضعة لتوحيد المواقف، ووضع خطة دفاعية أمام الهجمة الأمريكية الاقتصادية على أوروبا، لكنّ أوروبا لا تملك إلاّ التفاوض مع أمريكا لتقليل خسائرها، ولا تملك آلية اقتصادية أخرى تُجبر أمريكا على الاستجابة لموقفها، لأنّ آليات المؤسّسات المالية الدولية، والدولار الأمريكي، ومراكز الثقل الاقتصادي التي تؤثّر على الاستثمارات الأوروبية كلها تخضع للرقابة والهيمنة الأمريكية.
تُحاول أوروبا بقدر المُستطاع الانعتاق من تلك الهيمنة الأمريكية بأساليب فشلت من قبل، كتشكيل قوة عسكرية أوروبية مُوحدة تمنح غطاءً ذاتياً لاتخاذ القرار الاقتصادي السيادي المُستقل بعيداً عن المُشاركة مع الأمريكيين، فقد قالت وزيرة الدفاع الفرنسية فلورانس باركي قبل أيام: "إنّ نحو عشر دول بينها ألمانيا وبريطانيا إلى جانب فرنسا مُستعدة للمُضي في إنشاء قوة تدخل أوروبية قادرة على القيام بعمليات عسكرية خارج إطار الحلف الأطلسي وبعيداً عن هيمنة الأمريكيين".
ولكنّ مثل هذه الأفكار ليس من السهولة تطبيقها في ظل تشرذم الأوروبيين، وتغلغل النفوذ الأمريكي في الكثير من دولهم، وصفعة ترامب هذه لهم ليست هي الأولى، فقد سبقها صفعات كثيرة كخروج أمريكا من اتفاقية باريس للمناخ، وكفرض رسوم على واردات الصلب والألمنيوم الأوروبية وإن كانت مُجمدة مؤقتا، وكتحميل ألمانيا المسؤولية عن العجز التجاري لأمريكا، ومُطالبة ألمانيا وأوروبا بزيادة مُساهماتها في نفقات حلف الأطلسي، وكالتخلي عن التعددية الدولية وعدم إشراك الدول الأوروبية معها في القرارات الدولية، ومحاولة فرض أمريكا إملاءاتها على شركائها الأوروبيين وابتزازهم، لدرجة أنّ كلود يونكر رئيس المفوضية الأوروبية قال مُعبّراً عن حال الأوروبيين: "إنّ واشنطن لم تعد تريد التعاون مع بقية العالم، ووصلنا إلى مرحلة باتت تفرض علينا البحث عن بديل للولايات المتحدة".
وفي ظل هذا الصراع الأوروبي الأمريكي المُحتدم تبقى أشباه الدول القائمة في البلاد الإسلامية تابعةً خانعةً ذليلة، لا مكان لها في عالم تتحرّك فيه الكيانات السياسية الفاعلة للدفاع بحرارة عن مصالح دولها وشعوبها، فلا تملك هذه الدول دفعاً ولا تأثيراً، تربط مصيرها بغيرها، وتعرض نفسها كخادمة مُطيعة لتمرير المخططات التآمرية على شعوبها، لا فرق في ذلك بين الطغم الحاكمة في إيران أو السعودية على سبيل المثال لا الحصر، ولا بين أية طغمة حاكمة في أي قطر إسلامي وبين أي طغمة أخرى في قطرٍ آخر.
ولكي تنتقل بلادنا من حالة المفعولية السياسية إلى حالة الفاعلية السياسية، ولإنهاء وضعية كوننا مُجرد مادة للصراع عليها بين القوى الدولية العظمى، لا بد لشعوب الأمّة الإسلامية من الاستمرار في الثورة على الأنظمة الحاكمة العميلة المفروضة عليها، مع القيام بتصحيح مسارها، والاستفادة من أخطائها، وبلورة مشروعها، ومن ثمّ إقامة دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة على أنقاض تلك العروش الزائفة، وحمل دعوة الإسلام إلى البشرية بقوة الدولة وجهادها، لتتبوأ مكانتها اللائقة بين الدول، فتعيد للأمة كرامتها، وتستعيد زمام قيادتها، وتكنس نفوذ أعدائها من كل بلاد المسلمين، وتُلاحقهم في عقر دارهم فلا تبقي لهم دارا، وتفرض أوضاعاً دوليةً جديدة لا مكان فيها للمستعمرين والطامعين والمستكبرين.

الثلاثاء، 15 مايو 2018

روسيا تتراجع عن تزويد النظام السوري بصواريخ إس300 بعد زيارة نتنياهو لموسكو


روسيا تتراجع عن تزويد النظام السوري بصواريخ إس300 بعد زيارة نتنياهو لموسكو

الخبر:
صرّح فلاديمير كوجين مساعد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين المسؤول عن المساعدات العسكرية الروسية للدول الأخرى يوم الجمعة بتاريخ ١١/٥/٢٠١٨ بأنّ "روسيا لا تُجري مُحادثات مع الحكومة السورية لإمدادها بصواريخ إس 300 أرض جو المتطورة"، وجاء هذا التصريح في أعقاب زيارة رئيس وزراء كيان يهود بنيامين نتنياهو لموسكو الأسبوع الماضي.
وكان وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف قد صرّح الشهر الماضي وفي أعقاب قيام طيران كيان يهود بقصف مُكثّف لمواقع عسكرية للنظام السوري ولإيران في سوريا بأنّ "الضربات (الإسرائيلية) لسوريا قد أعفت روسيا من أي التزام أخلاقي يمنعها من تسليم الصواريخ لسوريا".
التعليق:
إنّ تراجع روسيا عن تزويد النظام السوري بصواريخ إس 300 بمثل هذه البساطة، والذي يُفترض أنّه حليفها الاستراتيجي الذي خاضت حرباً ضروساً من أجل تثبيته في حكم سوريا، إنّ تراجعها بتلك البساطة وبهذه السرعة يدل على أنّ روسيا ليست هي صاحبة القرار الحقيقي في سوريا.
فكلام الإعلام المؤيد لنظام الطاغية بشّار، وتحليلات الكثير من الإعلاميين في الكثير من الفضائيات حول إمساك روسيا بمعظم خيوط اللعبة في سوريا، وسيطرتها الجيوسياسية على المنطقة، وأنّ روسيا باتت تُوازن أمريكا في الشرق الأوسط، وما إلى ذلك من مبالغات ومُفرقعات إعلامية، كل ذلك لا يمت إلى الواقع بصلة، لأنّ مجرد زيارة خاطفة لنتنياهو إلى موسكو قد غيّرت الموقف الروسي رأساً على عقب، فكيف الحال لو كانت الزيارة لمسؤول أمريكي؟
فلو كانت روسيا حقاً هي التي تُمسك بزمام الأمور في سوريا، فلماذا إذاً تسمح لطيران يهود بالعربدة فوق الأجواء السورية؟ ولماذا تستجيب بسرعة لطلب كيان يهود بمنع إمداد سوريا بالصواريخ؟
فما قيمة أن تكون روسيا حليف سوريا الإستراتيجي بينما هي تخضع لإملاءات كيان يهود؟ وكيف تنصاع دولة عظمى كروسيا لرغبات دولة صغيرة مُعتدية ككيان يهود، وهي مُلحقة بأمريكا التي يفترض أنّ روسيا تُواجهها؟
فأين الهيبة الروسية عندما نرى أنّ طائرات كيان يهود تسرح وتمرح في الأجواء السورية المُفترض أنّها محمية من قبل روسيا؟!
وأين عظمة روسيا عندما نرى أنّ دولة صغيرة ككيان يهود لا تكف عن قصف أية أهداف تريدها في سوريا تحت سمع وبصر القادة العسكريين الروس ولا تُحرّك روسيا ساكناً؟
وخلاصة القول وبناءً على ما تقدم يمكن القول إنّ واقع روسيا في سوريا لا يخرج عن أحد احتمالين:
إمّا أنّها مُتواطئة مع كيان يهود ومع أمريكا الداعم المؤكد لكيان يهود، وتقوم بخداع النظام السوري، وتكذب عليه بقولها إنّها تقف إلى جانبه ضد كل من يُعاديه، وإمّا أنّها تعمل رسمياً كمتعهد عسكري لخدمة أمريكا في سوريا، والذين كلّفوا روسيا بهذا الدور القذر، وهذا هو المُرجّح.
إنّ تراجع روسيا عن تزويد النظام السوري بالصواريخ استجابة لطلب نتنياهو لهو دليلٌ مؤكد وقاطع على أنّ روسيا تلتزم بالدور المرسوم لها أمريكياً في سوريا بشكلٍ كامل، وأنّها لا تستطيع الخروج عنه قيد أنملة، وأنّ ما يطلقه غوغائيو الإعلام عن سيطرة روسيا على سوريا وجوارها هو مجرد هراء، وقد آن الأوان ليعرف جهلة المُعارضة السورية والمُغفلون السياسيون في المنطقة حقيقة الدور الروسي في سوريا، وأنّه مُجرد دور خادم ومُنفذ للمُخططات الأمريكية.

انسحاب امريكا من الاتفاق النووي



اجوبة اسئلة : انسحاب امريكا من الاتفاق النووي مع ايران