الأربعاء، 27 يونيو 2018

ماذا وراء جولة كوشنر وغرينبلات الاخيرة في المنطقة


ماذا وراء جولة كوشنر وغرينبلات الاخيرة في المنطقة




أنهى المبعوثان الأمريكيان جاريد كوشنر مستشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والموفد الأمريكي الخاص لشؤون المفاوضات جيسون غرينبلاتجولةً سريعة في الشرق الأوسط شملت مصر والسعودية وقطر والأردن وكيان يهود، ولم يتسرّب عن الجولة أية مُقترحات سياسية مُحدّدة تمّ التوافق عليها، كما ولم تتبلور فيها أية معالم واضحة حول خطة ترامب المعروفة بصفقة القرن، وكل ما خرج من الصحفيين عنها هو مجرد تكهنات واجتهادات.
ولعل الشيء اللافت الذي برز في تصريحات المسؤولين في هذه الجولة هو التطرقإلىالوضع الإنساني في قطاع غزة، والبحث عن أفكار (مبهمة) لفصل غزة وتمييزها في التعامل عن الضفة، والطلب من السعودية ودول الخليج القيام بعملية تمويل شاملة لقطاع غزة بنحو مليار دولار بذريعة معالجة الأزمة الإنسانية التي يعاني منها قطاع غزة.
أمّا التسريبات اليهودية فقد امتلأت بها الصحافة العبرية، وجلّها أفكار ليكودية معروفة لنتنياهو عن الخطة، وكأنّها خطة يُمليها اليمين اليهودي على ترامب وليست من الأمريكيين، من مثل ضم جميع المستوطنات والأغوار إلى كيان يهود، والإسقاط التام لمسألتي القدس واللاجئين من عملية التفاوض وذلك بتأجيل البحث فيهما إلى أجلٍ غير مُسمّى، وأنْ يُقام كيان فلسطيني مسخ في مناطق (أ) و(ب) وفق تصنيف اتفاق أوسلو، مع إضافة أراضٍ جديدة من المنطقة (ج)، ومن ثمّ يتم الإعلان عن دولة فلسطينية في هذه المناطق المحدودة بشرط أن تعترف جميع دول العالم بـ"دولة (إسرائيل) كوطن قومي للشعب اليهودي، وبدولة فلسطين كوطن قومي للشعب الفلسطيني، وتضمن (إسرائيل) حرية العبادة في الأماكن المقدسة للجميع مع الإبقاء على الوضع القائم فيها"، ويُبدأ فوراً بتطبيع العلاقات وإقامة سلام بين كيان يهود والدول العربية.
إنّ هذه الجولة للمسؤولين الأمريكيين توحي بأنّ هناك خطة أمريكية شبه ناجزة لحل قضية فلسطين، وأنّها في المخاض الأخير، بينما في الواقع لا يوجد أي شيء واضح أو ثابت في الخطة غير اسمها، وما يتعلق بإنشاء علاقات تطبيع وسلام بين كيان يهود وبين الدول العربية، وبالذات إقامة علاقات مع السعودية ودول الخليج.
من ناحية عملية سعت الإدارة الأمريكية من خلال هذه الجولة إلى إبراز أمور عدة باستخدام أسلوب العصا والجزرة ومنها:
* استمرار تجميد أمريكا لمساعداتها المخصصة للسلطة الفلسطينية لعام 2018 (وهي نحو 251 مليون دولار)، فقد جمّد البيت الأبيض منها مبلغ 200 مليون دولار، بالإضافة إلى تجميد مبلغ 65 مليون دولار مخصص لـ"وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين" (أونروا) مُتجاهلاً توصيات وزارة الخارجية الأمريكية والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية باستئناف هذه المساعدات.
* قيام البيت الأبيض بتوجيه رسائل (إيجابية) للسلطة الفلسطينية، وذلك عبر تسريبات إلى الصحافة في كيان يهود تُفيد بأنّ خطة السلام ستكون أساساً للتفاوض وليس حلاً مفروضاً، وبأنّ واشنطن ما تزال تعتبر رئيس السلطة محمود عباس المحاور الفلسطيني الوحيد، وأنها لا تحاول تجاوزه، ولعلّ هذا هو ما حاولت الصحافة الأمريكية أيضاً إظهاره.
* كشف البيت الأبيض تباعاً عن خطة (جزرة) لتوفير تمويل خليجي لمشاريع اقتصادية في قطاع غزة بقيمة مليار دولار، بما في ذلك توفير الطاقة في ظلّ الانقطاع المتواصل للكهرباء في القطاع، وإنشاء ميناء بحري، وشبكة للطاقة الشمسية شمال سيناء على الحدود الجنوبية لغزة، والهدف المُعلن لهذه الخطوة هو أنها تساهم بتوفير مناخ إيجابي يساعد على تحريك المفاوضات.
* قبول أمريكي محدود بإشراك الأوروبيين في وضع اللمسات الأخيرة للخطة، وبرز ذلك من خلال الدور البريطاني المُتجسد في سعي وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون لعقد اجتماع موسّع الشهر المقبل بين كوشنر ووزراء خارجية كل من فرنسا وبريطانيا وألمانيا ومصر والأردن والسعودية وكيان يهود، لمقارنة الأفكار وتحديد ما هي (الخطوط الحمر) لأي مسار تفاوضي، في ظل محاولة أوروبية للدخول على الخط الأمريكي، ولمُحاولة وضع ضوابط أوروبية على خطة البيت الأبيض التي على ما يبدو تمّ إنجاز الكثير منها من دون أية مشاورات مسبقة مع بريطانيا والدول الأوروبية، وفي ظلّ تباين كبير بين الطرفين على خلفية الصدام بينهما حول الملف النووي الإيراني، وملف الرسوم التجارية، مع العلم بأنّ كوشنر في إجابته لبوريس جونسون كان واضحاً جداً إذ أصرّ على أنّ الأمر في النهاية متروك لترامب ليقرر وحده ما هو مدرج في الخطة الأمريكية، فلا تُقبل أي إضافة جوهرية عليها من قبل بريطانيا وأوروبا.
والظاهر أنّ أمريكا لا تُريد منح الأوروبيين فرصة للعبث بخطتها بحجة تحديد (الخطوط الحمر)، لأنّها لا تُريد أنْ تُسلّم بوجود الأوروبيين كشريك، بينما تقبل بهم كطرف شاهد ليس إلا، ومعلوم أنّ أمريكا هي التي أطاحت بالرباعية الدولية، واحتكرت الملف الفلسطيني، وبالتالي فلا يُتوقع أنْ تعود للخطأ نفسه.
وفي ظل الرفض الطبيعي للطرف الفلسطيني للخطة، لاستحالة قبوله بها، كون القبول بها ينسف الثوابت الدولية المُتوافق عليها، والمُلتزم بها، وهو ما لا يستطيع أي زعيم فلسطيني أنْ يتخلّى عنها، لأنّه إن فعل يسقط في الحال، حتى إنّ إدارة ترامب نفسها تُراعي الخصوصية تلك للسلطة الفلسطينية، فلا تضغط عليها لحملها على القبول بالصفقة لمعرفتها بصعوبة وضع السلطة إن هي قبلت بها.
ففي ظل هذا الرفض المُتوقع لها لم يبق للصفقة من معنى إلاّ التطبيع وإقامة سلام بين كيان يهود والدول العربية، وبالذات الخليجية، فالجزء الممكن تطبيقه من الصفقة هو هذا السلام وهذه العلاقات، أمّا تصفية قضية فلسطين من خلال صفقة القرن فغير مُتاح، فيما يتم إشغال أهل فلسطين بالمواضيع الاقتصادية كتعمير غزة، وبالخلافات السياسية التي لا تنتهي كالمصالحة وحكومة التوافق والانتخابات وما شاكلها.
ولعل انخفاض مستوى الجهة الأمريكية التي تتولى هذا الملف الحسّاس يُشير إلى عدم جدية أمريكا في الحل، فتسليم الملف إلى كوشنر وغرينبلات، وتهميش الدور التقليدي لوزارة الخارجية ومجلس الأمن القومي فيه يؤكد على أنّ أمريكا في النهاية لا تُريد من الصفقة أكثر من موضوع التطبيع.
إنّ انحطاط الحكام العرب إلى هذا الحد، وعمالتهم، ولهاثهم وراء كيان يهود والتطبيع معه، وعدم اكتراثهم بحقوق الأمة، لهو دليل أكيد على قرب زوال عروشهم، وهو بشرى بقرب انبلاج أول أشعة الفجر، فجر بزوغ دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة التي ستُحرّر فلسطين من نهرها إلى بحرها، والتي ستقطع أيادي أمريكا وتمنعها من العبث بمقدرات الأمّة، والتي ستقوم بكنس جميع أنظمة الخيانة الجاثمة على صدر الأمة.

الأحد، 24 يونيو 2018

الحرب التجارية بين أمريكا والصين عملية ابتزاز أمريكية لحمل الصين على تقديم المزيد من التنازلات




الحرب التجارية بين أمريكا والصين عملية ابتزاز أمريكية لحمل الصين على تقديم المزيد من التنازلات 





مُنذ أنْ لوّح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشنّ حربٍ تجارية كبرى على شركاء أمريكا التجاريين الكبار كالصين والاتحاد الأوروبي، وتعهد بانتصار مؤكد لأمريكا فيها، تعاظمت المخاوف من خطرها على أعمال الشركات وأسواق المال، ولم تهدأ القوى الكبرى المُستهدفة عن وضع الخطط التي من شأنها حماية مصالحها الاقتصادية، والحفاظ على سلامة أسواقها واستثماراتها، والدخول في مُناورات واتفاقات وصفقات تجارية مُتعددة مع الولايات المتحدة للتقليل قدر الإمكان من الخسائر والمضار التي قد تلحق بها.
كان ترامب قد تعهد في حملته الانتخابية باتخاذ التدابير اللازمة لاستعادة الوظائف الأمريكية المفقودة بسبب ما أسماه التغلغل الاقتصادي الصيني، ووعد بفرض رسوم جمركية على المنتجات الصينية.
وللصين فائض في المُبادلات التجارية مع أمريكا بلغ في العام 2017  ما قيمته 375 مليار دولار أمريكي، إذ أنّ صادراتها لأمريكا بلغت في هذا العام 492 مليار دولار، بينما صادرات أمريكا للصين بلغت 116.2 ، وأمّا استثمارات الصين في أمريكا لذلك العام بلغت 46 مليار دولار بينما استثمارات أمريكا في الصين بلغت 14 مليار فقط.
ويمتلك البنك المركزي الصيني سيولة نقدية بالعملة الأمريكية 2 تريليون دولار، وهذا يجعل من الصعب على أمريكا تحقيق انتصار حاسم في حروبها التجارية مع الصين، لذلك تلجأ للضغوط وفرض العقوبات المحدودة على الصين لحملها على تقديم التنازلات.
لذلك صعّدت أمريكا من ضغوطها على الصين، فقال ترامب:" إنّ واشنطن تجاهلت لسنوات المُمارسات التجارية الصينية"، وحمّل الإدارات السابقة مسؤولية الفشل في العلاقات التجارية مع الصين وهاجمها بشدة فقال:" إنّ أمريكا لا تخوض حرباً تجارية مع الصين لأنّها خسرت تلك الحرب منذ سنوات بسبب حمقى غير مؤهلين لتمثيل الولايات المتحدة، وإنّه بسبب هؤلاء أصبح لدينا عجز تجاري قيمته 500 مليار دولار سنوياً، إضافة إلى خسائر قيمتها 300 مليار دولار"، وهاجم منظمة التجارة العالمية فقال:" إنّ الصين قوة اقتصادية كبيرة ولكنّ منظمة التجارة تُصنّفها ضمن البلدان النامية لذلك فهي تحصل على امتيازات هائلة وخصوصاً فيما يخص الولايات المتحدة"، وتساءل:" هل يعتقد أي شخص أنّ هذا أمر عادل؟"، وتابع :" إنّ مُنظمة التجارة العالمية غير عادلة مع الولايات المتحدة".
ثمّ في شهر آذار من هذا العام 2018 وقّع ترامب على مُذكرة تنفيذية لفرض رسوم جمركية على الصين بنسبة 25% على قائمة منتجات صينية بنحو 1300 منتج، وفرض رسوماً بقيمة 50 مليار دولار الصلب والحديد، وأنحى باللائمة على سياسات الملكية الفكرية التي تنتهجها الصين، وعلى إجبار الصين للشركات الأمريكية على مشاركة التكنولوجيا التي تستخدمها مع شركات صينية.
 وردّت الصين في اليوم التالي بفرض رسوم انتقامية ضد أمريكا بقيمة 3 مليار دولار على بعض الواردات الأمريكية منها لحوم الخنزير وأنابيب الصلب، ثمّ ما لبثت أنْ فرضت رسوماً جمركية بنسبة 15% على 128 مُنتجاً أمريكياً كرد سريع على الرسوم الأمريكية على واردات الألمنيوم والصلب الصينية بشكلٍ خاص، وهدّدت بفرض رسوم أخرى بنسبة 25% على 106 مُنتجات أمريكية أخرى من بينها فول الصويا والسيارات والكيماويات ومنتجات زراعية أخرى.
ورد ترامب بالتلويح بفرض رسوم جمركية إضافية على المُنتجات الصينية بقيمة ما بين 100 مليار دولار إلى 150 مليار دولار إنْ لم ترتدع الصين.
وواكب هذا التصعيد من الجانبين تقديم شكاوى إلى مُنظمة التجارة العالمية، فتقدّمت كل من الصين والولايات المتحدة بشكاوى ضدّ بعضهما إلى المُنظمة.
وتُعتبر مشكلة العجز أكبر مُشكلة  تُحاول إدارة ترامب معالجتها مع الصين، فقال مكتب الموازنة بالكونغرس الأمريكي وهو هيئة مُستقلة غير حزبية:" إنّ العجز وهو الفرق بين ما تُنفقه الحكومة وما تتلقّاه من عائدات الضرائب من المُتوقّع أن يرتفع إلى 804 مليار دولار عام 2018 من 665 مليار في العام 2017 ، وهو ما يعني ارتفاع العجز التراكمي بوتيرة مُتتالية".
وكلما تزداد المشاكل الاقتصادية في أمريكا يزداد معها تحميل الصين المسؤولية، ومن الانتقادات الرئيسية التي دأبت أمريكا توجيهها للصين وضعها لقيود على الدخول إلى السوق المالية الصينية في قطاعات عدة، وعدم السماح للشركات الأجنبية امتلاك أكثر من 25 % من رأسمال البنوك، ولهذا السبب فإنّ منظمة التجارة العالمية لا تعترف بالصين حتى الآن كاقتصاد سوق، وذلك لمشاركة الحكومة الصينية الواسعة في الصناعة، وبسبب اتهامها بسرقة الملكية الفكرية.
وبعد كل هذا التصعيد بين الطرفين، وبشكلٍ غير مُتوقع يأتي الانفراج، فيتغيّر موقف الصين فجأة، ودون سابق إنذار، وتُقدّم الصين في مؤتمر واو تنازلات كبيرة غير مُبرّرة، وتُعلن عن حزمة جديدة من الإجراءات الاقتصادية والتجارية المُلفتة، منها خفض رسوم الاستيراد، لا سيما على السيارات، ومنتجات أخرى، وتسمح بتمكين المُستثمرين الأجانب من شراء أسهم صينية بإتاحة امتلاك المؤسّسات الأجنبية بنسبة تصل إلى 51 % من الشركات الصينية العاملة في السندات وصناديق التمويل والأوراق المالية، وقالت هيئة تنظيم الاوراق المالية الصينية إنّه سيكون بمقدور المُستثمرين الأجانب شراء أسهم صينية اكثر من خلال برامج تربط بورصة هونغ كونغ بالبورصات الصينية، وأوضحت الهيئة أنّها ستبذل الجهود اللازمة لإقامة رابط مُشابه بين بورصتي شنغهاي ولندن، كما وتعهد الرئيس الصيني بمزيد من الانفتاح في المُستقبل.
وسارع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى التعبير عن امتنانه للرئيس الصيني شي جين بينغ على الخطوات التي اتخذتها بلاده في المجال التجاري، وقال:" أنا ممتن جدا لرئيس جمهورية الصين الشعبية شي جين بينغ على كلماته الطيبة بشأن رسوم الاستيراد والقيود على السيارات، وأيضا لتفهمه لما يتعلق بالملكية الفكرية وقضية نقل التكنولوجيا، معا سنحقق تقدما كبيرا".
إنّ ثناء ترامب على الإجراءات الصينية، وهذا التغير المُفاجئ في الموقف الصيني لا يعني إلاّ رضوخ الصين للعقوبات الأمريكية، ومن ثمّ قام وفد امريكي رفيع المستوى بزيارة الصين، وضمّ الوفد وزير الخزانة ستيفن منوتشين ووزير التجارة ويلبور روس والمُمثّل التجاري روبرت لايتهابزر إلى جانب عدد من المسؤولين بينما قاد المحادثات من الجانب الصيني ليو هي نائب رئيس الوزراء، وقام الوفد بمفاوضات حاسمة نوقش خلالها مواضيع كثيرة منها الرسوم الجمركية والملكية الفكرية والاستثمارات، وتركّزت المُحادثات حول النزاع على ما يُزعم بقيام الصين بسرقة حقوق الملكية الفكرية، كما تمّ مُناقشة استراتيجية ( صُنع في الصين عام 2025 ) والتي تهدف إلى تهدف إلى تعزيز الصناعات الناشئة مثل الروبوتات وأشباه الموصلات والسيارات الكهربائية، وطلب الوفد الأمريكي من الحكومة الصينية منع دعم تلك الصناعات، و خفض الفائض التجاري مع أمريكا بمقدار 100 مليار دولار على وجه السرعة، وهكذا تمّ تسوية الخلافات بين الدولتين وفقاً للمطالب الأمريكية، وتلاشت لهجة التصعيد.
وقد أثارت الاجراءات الصينية الشكوك لدى المُراقبين بأنّ الصين قد خضعت لإملاءات وشروط ادارة ترامب، وأنّها لبّت المطالب الأمريكية، وهو ما دعا الحكومة الصينية لتبرير موقفها من هذه الاجراءات المُستهجنة، فخرج المتحدث باسم وزارة التجارة الصينية غاو فينغ مُصرّحاً:" إنّ من التضليل القول بأنّ تعهد الرئيس الصيني في مُنتدى بواو الاقتصادي الآسيوي كان تنازلاً للولايات المتحدة"، وأضاف:" إنّ الرئيس شي كان يُوضّح فقط الخطوط العريضة لاستراتيجية الصين بشأن مزيد من الانفتاح وهو ما لا علاقة له بالخلاف التجاري مع الولايات المتحدة".
وأخيراً تمّ تتويج المفاوضات بين الطرفين بتوقيع اتفاق رسمي يوم السبت 19/5/2018  بين أمريكا والصين في ختام محادثات مُعمقة بين الدولتين شارك فيها عدد من الوزراء الأمريكيين مع نائب رئيس الوزراء الصينين رضخت بموجبه الصين بوضوح لمطالب إدارة ترامب، وأعلن عن اتخاذ اجراءات فعّالة لإحداث خفض جوهري في العجز التجاري لدى أمريكا مع الصين في مجال السلع، وجاء في البيان المشترك:" ستزيد الصين بشكل كبير مُشترياتها من السلع والخدمات من الولايات المتحدة من أجل مواجهة  تزايد الاحتياجات الاستهلاكية للشعب الصيني"، وأكّد البيان أنّ الصين:" ستُدخل تعديلات  على قوانينها ولوائحها ذات الصلة من أجل السماح بمزيد من الواردات الأمريكية"، كما اتفق البلدان على وقف فرض الرسوم الجمركية على بعضهما البعض، واتفقا أيضاً على مواصلة التعاون في قطاعات الطاقة والزراعة والتمويل.
وهكذا تحوّلت الحرب التجارية المزعومة بين الدولتين إلى خنوع الصين وتقديمها تنازلات ضخمة لأمريكا، والتوصل إلى تفاهمات جديدة بين أكبر اقتصادين في العالم، وقد أثّرت هذه التفاهمات سلباً على الأوروبيين، فقد حذّر وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لومير من أنّ الاتفاق الأمريكي الصيني كانت نتيجته:" أنّ أوروبا هي التي تدفع الثمن"، وهو ما يعني أنّ أمريكا قد نجحت في بالاستفراد بالصين، وعزل أوروبا.
لكن هذا التوافق الأمريكي الصيني وهذا الاتفاق بين الدولتين الذي لم يمض عليه أكثر من شهر قد تمّ نسفه من جديد من قبل ترامب عندما استأنفت الإدارة الأمريكية إعلان فرض رسوم جمركية على الصين تبلغ نسبتها 25% على واردات صينية بقيمة خمسين مليار دولار، وهو ما يقوض تماماً التوافق الذي تم التوصل إليه قبل أقل من شهر بين البلدين، والذي وقّعه وزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوتشين بعد جهود مُضنية بذلها في الفاوض مع المسؤولين الصينيين.
وردّت الصين بأنّها تنوي فرض رسوم جمركية بنسبة 25% على 659 من المنتجات الأمريكية ابتداء من تاريخ 6/7/2018 ، وهدّد ترامب بأنّه في حال نفذت الصين قرارها فإنّه سيفرض رسوم جمركية جديدة بنحو 10 % على منتجات صينية بقيمة 200 مليار دولار.
وهكذا تستمر أمريكا بعملية ابتزاز الصين طالما تأتي هذه العملية بأكلها.
احمد الخطواني


الأحد، 17 يونيو 2018

تفسير حديث الابتلاءات الخمس




اجوبة اسئلة : تفسير حديث الابتلاءات الخمس



أمريكا تفتح النار على أوروبا في قمة الدول السبع الصناعية




أمريكا تفتح النار على أوروبا في قمة الدول السبع الصناعية





الخبر:

أصرّ ترامب في قمة الدول السبع الصناعية الكبرى التي عُقدت مؤخراً في كندا على المُضيّ قُدُماً في فرض الرسوم الجمركية على منتجات الصلب والفولاذ الأوروبية والكندية، ولمّح إلى وضع صناعة السيارات الألمانية نُصب عينيه، وأنّها ستكون هدفه القادم، لأنّه يرى أنّ: "أمريكا تستورد السيارات الألمانية بأعداد تزيد عن المقبول"، حسب تقديره.
وردّت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بالقول: "سيكون علينا أن نفكر في ما يتعين علينا القيام به، آمل أن نعمل معا كما فعلنا حتى الآن".
وكان موقع إكسيوس الأمريكي قد ذكر يوم الاثنين الماضي 11/06/2018 أنّ ترامب قال لماكرون في نهاية نيسان/أبريل الماضي في واشنطن: "إن الاتحاد الأوروبي أسوأ من الصين في المجال التجاري".
وحاول الرئيس الفرنسي تلطيف أجواء القمّة باستخدام آخر ورقة يملكها، وهي ورقة الصداقة الشخصية بينهما في محاولة منه لثني الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن قراره بفرض الرسوم الجمركية على السلع الأوروبية، لكن محاولته كانت دون جدوى وذهبت أدراج الرياح، وقال الخبير السياسي الفرنسي دومينيك مويزي لصحيفة لو باريزيان: "من الواضح أن ماكرون لم يأل جهدا تجاه ترامب لكن دون جدوى".

التعليق:

لقد عاد الأوروبيون من قمة الدول الصناعية السبع في كندا وهم يشعرون بالمهانة من مواقف ترامب الذي أظهر فيها تصميماً غير عادي على المُضيّ قدما في خططه في فرض الرسوم الجمركية على البضائع الأوروبية، ومن دون أن يُعير الزعماء الأوروبيين أي احترام.
فترامب كان قد تفاهم مع الصين على تعديل الميزان التجاري لصالح أمريكا، ومن ثمّ تفرّغ للأوروبيين، فأعلن الحرب التجارية عليهم، ولم يأبه للعلاقات التاريخية معهم باعتبارهم حلفاء وشركاء.
وهذه ثالث ضربة يُوجّهها ترامب للأوروبيين منذ تسلمه منصبه، فكانت الأولى انسحاب أمريكا من اتفاقية باريس بشأن المناخ، وأمّا الثانية فكانت انسحاب أمريكا من اتفاق 5 + 1 المُتعلّق ببرنامج إيران النووي، وجاءت ثالثة الاثافي المُتعلقة بالتجارة الحرة، ووضع سياسات حمائية تضر بمصالح الأوروبيين.
ولم يصدر عن الأوروبيين أي ردّ حتى الآن سوى تصريحات جوفاء، ومواقف هزيلة لمواجهة هذه الحرب التجارية الضروس التي يشنّها ترامب عليهم.
فترامب يتعامل مع الصين وروسيا العدوتين التقليديتين لأمريكا بطريقة أفضل ممّا يتعامل مع الأوروبيين، فهو أرسل وفوداً تجارية إلى الصين أبرمت صفقات بين البلدين من وراء ظهر أوروبا، وطلب من الأوروبيين في قمة السبع الكبار إدخال روسيا إلى مُنتدى الدول الصناعية الكبرى لإفساد تكتلهم بدولةٍ ليست من منظومتهم، فرفض الأوروبيون.
فإذا كانت أمريكا تتعامل مع حلفائها بهذه الطريقة الوقحة والتي تتسم بالأنانية والنفعية فكيف يكون الحال في تعاملها مع الدول العميلة والتابعة؟!
إنّ دولة الإسلام؛ الخلافة الراشدة على منهاج النبوة القائمة قريبا إن شاء الله هي وحدها القادرة على تحدي أمريكا ووضع حدٍ لغطرستها وغرورها، وهي المؤهلة للعب دور الدولة العالمية المنقذة للبشرية من فساد النظام الرأسمالي الاستعماري الذي أفقر البلاد والعباد، والذي جعل حفنة ضئيلة من الناس لا تزيد نسبتها عن 5% تتحكم بمقدرات وموارد 95% من البشر.