الجمعة، 28 فبراير 2020

إلى أين تمضي مفاوضات طالبان مع الامريكان

إلى أين تمضي مفاوضات طالبان مع الأمريكان؟

بعد عام من المفاوضات المتسارعة بين أمريكا برعاية عرّاب المفاوضات الخبيث الأمريكي من أصل أفغاني زلماي خليل زادة، الذي كان له نصيب كبير من جريمة إدارة الاحتلال الأمريكي لأفغانستان، وبين حركة طالبان في العاصمة القطرية الدوحة، والتي لعب أميرها دور السمسار الممول للمفاوضات خدمة لأمريكا، ونيلاً لحظوةٍ عندها، بعد هذه المفاوضات المضنية والمكثفة تكلّلت أخيراً بهدنة السبعة أيام والتي أسّست لتوقيع اتفاق سلام شامل بين الطرفين في الثامن والعشرين من شهر شباط/فبراير لهذا العام 2020 ورحّبت به كل من الإدارة الأمريكية وقيادة طالبان والوسطاء والعملاء.

من الواضح أنّ أمريكا كانت حريصة على إتمام المفاوضات وإنجاحها، فبالرغم من خروقات طالبان للمفاوضات كمقتل جنود أمريكيين على أيدي مقاتلي الحركة خلافاً لنهج التفاوض، إلا أنّ أمريكا تجاهلت ذلك، وابتلعت الإهانة، واستمرت في عملية التفاوض الصعبة إلى أن توصلت رسمياً إلى هدنة السبعة أيام.

فإدارة ترامب تُوقّع هذا الاتفاق مع الحركة من منطلق سياسي واقتصادي صعب، فهي تريد إنهاء تسعة عشر عاماً من الاحتلال العسكري الفاشل الذي لم يؤت أكله، بل كانت خسائر أمريكا فيه باهظة بالجنود والعتاد والأموال، فسقط حوالي أربعة آلاف جندي أمريكي، وأهدرت فيه عشرات المليارات من الدولارات من دون طائل...

فأمريكا التي تتبجّح عادة بمحاربة الإسلام تحت شعارات محاربة (الإرهاب والأصولية والتطرف)، وتدعو إلى الديمقراطية وحقوق الإنسان وتمكين المرأة، تقف عاجزة أمام حركة طالبان، وتقبل بها كما هي، وتتخلّى حتى عن مطالبتها بأي شيء يتعلق بالمرأة التي طالما وصمتها بمعاداة المرأة، وبمنعها من أبسط حقوقها كحق التعليم.

إنّ هذا التراجع الأمريكي أمام طالبان يُعتبر أكبر دليل على أنّ أمريكا لا يهمها إلا مصالحها، فلا قيمة عندها لحقوق الإنسان ولا لحقوق المرأة، وكل ما يعنيها هو مصالحها فقط، وأنّ تهديد هذه المصالح هو الذي يُركّعها، وأنّ نقطة ضعفها المؤكدة هي مواجهتها في ساحة القتال، فهي لا تقوى على قتال المجاهدين، وهي أجبن من أنْ تصمد أمام عصبة مُقاتلة عن إيمان، وحرب التسعة عشر عاماً في أفغانستان كشفت عن مدى ضعفها العسكري على الأرض، وعن هشاشة إمكانياتها، وفشل مرتزقتها، ووجود الاستعداد لديها لتقديم التنازلات المهينة التي تمس بكبريائها.

إنّ ما فشلت فيه أمريكا في القتال ربما كسبته في المفاوضات، فأغرت حركة طالبان بالجلوس إلى طاولة المفاوضات، ووعدتها بانسحاب قواتها بشكل كامل من أفغانستان، وأقرّت لها بحقها في حكم البلاد، واستزلّت قدمها للسير في طريق الاعتراف الدولي بها، فقبلت طالبان بهذا العرض الأمريكي جهلاً منها بالواقع السياسي الذي بدا لها وكأنّه مُفيد لها، متجاهلة حقيقة أنّ أمريكا لا تفهم إلا لغة المصالح، وأنّ جرّها إلى التفاوض هو بحد ذاته من أكبر مصالح أمريكا، بل إنّه لعبتها المفضّلة.

لقد انتزعت أمريكا في جولات المفاوضات مع طالبان أربعة مكاسب ثمينة هي:

1- الامتناع عن مهاجمة الوجود الأمريكي في أي مكان.

2- عدم استضافة أي حركات إسلامية على الأراضي الأفغانية.

3- قبول التفاوض مع حكومة أشرف غاني الأفغانية العميلة لأمريكا.

4- القبول بالمعايير الدولية لمفهوم الدولة.

إنّ قبول طالبان بهذه الشروط الأمريكية يعني تخليها عن الجهاد وعن الارتباط الإسلامي العقائدي العالمي، كما يعني قبولها بمفهوم الدولة الوطنية من منطلقات أممية دولية مُناقصة للأحكام الشرعية، وخضوعها للتعامل مع مكوناتها التابعة لأمريكا، وهذا يعني بكل بساطة وللأسف الشديد سقوط الحركة في فخ المفاوضات مع أمريكا.

السبت، 15 فبراير 2020

اجوبة اسئلة : تبعية الحكام وعقدة النقص


تبعية الحكام وعقدة النقص


حكام تركيا يلهثون وراء أمريكا وروسيا


حكام تركيا يلهثون وراء أمريكا وروسيا





الخبر:

اجتمع في العاصمة البلجيكية بروكسل مقر حلف شمال الأطلسي الأربعاء في 2020/2/12 وزير الدفاع التركي مع نظيره الأمريكي مارك إسبر وبحث معه القضايا الأمنية والدفاعية في سوريا والعراق، وأعرب أكار عن ارتياحه لتصريحات المسؤولين الأمريكيين فيما يتعلق بالتطورات الأخيرة في إدلب وطالب الولايات المتحدة وحلف الناتو بتقديم مساهمات ملموسة فيما يتعلق بإدلب.

التعليق:

تتخبط القيادة التركية فيما يتعلق بمعضلة إدلب، فتولي وجهها تارة نحو روسيا وتارة نحو أمريكا، فلا تكاد تتوقف المحادثات والمكالمات بين المسؤولين الأتراك والروس في موضوع إدلب، خاصة بعد مقتل جنود أتراك على يد قوات بشار الأسد.

وحركت تركيا الحشود الضخمة داخل محافظة إدلب لكنها عجزت عن استخدام تلك الحشود في أي عمل عسكري حقيقي، وذلك بسبب عدم أخذ ضوء أخضر من واشنطن، لذلك جاء اجتماع أكار هذا مع إسبر ومن قبله اجتماع مسؤولين أتراك مع مبعوث وزارة الخارجية الأمريكي جيمس جيفري ولكن دون جدوى، فأمريكا لم تسمح لتركيا مطلقا بضرب قوات عميلها بشار الأسد كما طالبت تركيا، وألزمتها على المضي قدما في التنسيق مع الروس، وهو ما يعني أن الحشود العسكرية التركية في إدلب لن تتحرك سنتيمتراً واحداً، وأنّ الوضع المعقد والمحرج لتركيا سيبقى معلقاً إلى حين أن تقرّر أمريكا حدود منطقة إدلب المسموح لتركيا بالاحتفاظ بها لاستخدامها كورقة مساومة في التفاوض مع الروس في المستقبل.

وهكذا تظهر تركيا دولة عاجزة تماما وغير قادرة على استخدام قوتها بالرغم من الإهانات المتكررة التي لحقت بها إثر مقتل جنودها على يد قوات بشار الأسد.

فالعبرة إذاً ليست بوجود العدة والعتاد، وإنّما العبرة بإرادة استخدامها، وتركيا اليوم لا تملك هذه الإرادة، وبالتالي ستبقى دولة ذليلة غير قادرة على اتخاذ القرارات الحاسمة، فلا تملك قرارها السيادي المستقل وستبقى تلهث وراء الروس والأمريكان ليقرروا لها، ولن تستطيع الانعتاق من التبعية لأمريكا إلا بتبني المشروع الإسلامي السياسي، وبناء دولة الإسلام الحقيقية التي لا تنتظر الضوء الأخضر من الأعداء للقيام بأعمالها السياسية والعسكرية، بل تقوم بها بإرادتها المستقلة، وبامكاناتها الذاتية.

الخميس، 6 فبراير 2020

مواقف حكام الخيانة والضرار من صفقة الخزي والعار


مواقف حكام الخيانة والضرار من صفقة الخزي والعار




لم تختلف كثيراً المواقف الخيانية الحالية لحكام المسلمين اليوم عن مواقف أسلافهم في العقود السبعة الماضية إزاء المتغيرات السياسية التي تعلقت بالقضية الفلسطينية بشكل خاص.

فمنذ نشوء هذه القضية وحكام العمالة في البلاد الإسلامية ما انفكوا يسجلون مواقف خيانية متتالية حتى أوصلوا القضية إلى ما وصلت إليه من خطط التصفية والاختزال التي جعلت الأمة على أيدي هؤلاء الخونة في حالة من المذلة والهوان والغثائية.

فمنذ الخيانة الكبرى لشريف مكة حسين بن علي وإعلان ثورته ضد الدولة العثمانية وسيره مع المستعمر الإنجليزي ضد المسلمين، وصدور وعد بلفور بعيد ثورته مباشرة، وتمزيق جسم الأمة الواحد إلى كيانات كرتونية هزيلة تابعة للاستعمار، ومنذ قبول الملك عبد العزيز آل سعود بقيام كيان يهود على أرض فلسطين واعترافه ببيعها ليهود بقوله للسير بيرسي كوكس الإنجليزي: "أقر وأعترفألف مرة بأنه لا مانع عندي من إعطاء فلسطين للمساكيناليهود كما تراه بريطانيا التي لا أخرج عن رأيها حتى تصيح الساعة"، منذ ذلك الوقت والحكام العربالعملاء يتوارثونالخيانة أشبه بالتوارث الجينيكما يتوارث أسيادهم العمل السياسي!

ونالت القضية الفلسطينية نصيب الأسد من المواقف الخيانية من أيام الحسين بن علي وأولاده الخونة فيصل وعبد الله، ومنذ زمن الملك عبد العزيز وأولاده الخونة، مرورا بعبد الناصر والسادات وحافظ الأسد وابنه بشار والحسن الثاني وحكام الخليج وزعماء منظمة التحرير وآخرهم محمود عباس الذي يزعم أنه يرفض صفقة القرن مع أنّ الكل يعلم أنه وقع قبل خمسة وعشرين عاما على وثيقة "أبو مازن بيلين" التي يعترف فيها بأبو ديس عاصمة للدولة الفلسطينية، وكذا سائر حكام المسلمين العرب منهم والعجم، إلى أيامنا هذه التي انتهت إليها قضية فلسطين بمبادرة ترامب المعروفة بصفقة القرن والتي هي ثمرة طبيعية لاتفاقيات خيانية سابقة كاتفاقية أوسلو ومشتقاتها.

ولا فرق اليوم بين الحكام المفضوحين كالملك سلمان وابنه والسيسي، وبين حكام محور الممانعة المزيف كحكام سوريا وإيران، أو الرئيس التونسي أو الرئيس التركي، فكلهم متورطون في الخيانة والتبعية لأمريكا والدول الكبرى الأخرى، وكلهم في التآمر سواء.

فهم حقيقة إما متواطئون بشكل مباشر كالسيسي وسلمان وابنه، وإما بشكل غير مباشر كحكام إيران وتركيا.

فأردوغان مثلا يتخذ من المزايدات الكلامية نهجا، فمثلا هو يقول: "إن صفقة القرن تدمر فلسطين بشكل تام وإن لم نتمكن من حماية خصوصية المسجد الأقصى فلن نتمكن غدا من منع تحول عيون الشر نحو الكعبة لذلك نعتبر القدس خطنا الأحمر".

فهذه التصريحات تَكرر مثلُها في السابق ولم يصاحبها أفعال فدل ذلك على أنها مزايدات يطلقها بهدف دغدغة مشاعر الرأي العام وتفريغ مخزون الحماسة عند الجماهير الملتهبة والمغتاظة من تصرفات أمريكا وكيان يهود.

أما الذين ينادون بالاحتكام لما يسمى بالشرعية الدولية فهم نوعان: إما كذابون كقادة السلطة الفلسطينية، وإما عاجزون كبقية الرؤساء العرب ومنهم الرئيس التونسي الجديد قيس سعيد الذي قال: "سنتوجه للشرعية الدولية"، وما يصدر من اجتماعات الزعماء العرب وقمم المؤتمرات العربية من بيانات لفظية لا مفعول لها ولا قيمة.

لقد أضاع هؤلاء الحكام قضية فلسطين كما أضاعوا غيرها من قضايا المسلمين، ولم يقدموا شيئا للأمة، وهم ما زالوا يجدّدون خياناتهم، ويتآمرون على الأمة مع أسيادهم الكفار ويزيفون الحقائق، ويبيعون الشعارات الكاذبة لشعوبهم، فيما هم مستمرون في التعامل العلني والسري مع أمريكا وكيان يهود من فوق الطاولة كأردوغان، أو من تحتها كحكام دول الخليج والمغرب.

فلو كان هؤلاء جادين في مواجهة كيان يهود لاتخذوا ضده إجراءات عملية ليس أقلها قطع العلاقات مع هذا الكيان مباشرة، ولأعلنوا حالة الحرب ضده لتحرير فلسطين.

فلماذا ما زالت تركيا تقيم علاقات طبيعية مع كيان يهود؟! ولماذا يتمسك هؤلاء بما يسمى بالشرعية الدولية التي اقتطعت ثمانين بالمائة من فلسطين ليهود، بينما قادة كيان يهود لا يلتزمون بهذه الشرعية ولا بقراراتها، ولا يعترفون بأي حق سيادي لأهل فلسطين على أرضهم؟!

إنّ هذا الخنوع والاستسلام من حكام العار هؤلاء ليهود والأمريكان والكفار عموماً لا يفسَّر إلا بكونهم عملاء تابعين للاستعمار، أجراء حقيقيين وليسوا حكاما أصحاب سيادة.

وإنّ مواقفهم هذه لتؤكد على عمالتهم وخيانتهم وتبعيتهم للكافر المستعمر، وإنّ واجب الأمة العمل بكل طاقاتها على خلعهم في أسرع وقت كونهم حكام ضرار يتوجب إزالتهم من باب وجوب إزالة الضرر.

الاثنين، 3 فبراير 2020

لماذا تتشبث فرنسا بمستعمراتها الافريقية؟


لماذا تتشبث فرنسا بمستعمراتها الافريقية؟




عقد في ١٤/٠١/٢٠٢٠ مؤتمر في مدينة بو جنوب غرب فرنسا جمعت فيه فرنسا دول الساحل الأفريقية الخمس وهي تشاد والنيجر ومالي وموريتانيا وبوركينا فاسو للتباحث في أمر تفاقم الوضع الأمني في هذه الدول، لا سيما بعد مقتل ٨٩ جندياً من النيجر قبل أسبوع من عقد المؤتمر على أيدي مجموعات محلية جهادية مسلحة تكافح الوجود الفرنسي في أفريقيا، وكان قبل ذلك قتل سبعة عسكريين وخمسة وثلاثين مدنيا في بوركينا فاسو، فيما قتل لفرنسا ثلاثة عشر جنديا في مالي في أواخر سنة ٢٠١٩، في حين بلغ العدد الإجمالي لقتلى الجنود الفرنسيين في السنوات الأخيرة في منطقة الساحل والصحراء واحداً وأربعين جنديا.
ولفرنسا قوة عسكرية خاصة في هذه الدول الأفريقية تقوم بمساعدة الجيوش النظامية الضعيفة في مهمة مواجهة القوى الجهادية تحت اسم برخان مؤلفة من ٤٥٠٠ جندي.
إنّ مشاعر السخط لدى شعوب هذه البلدان بلغت أوجها من الاستعمار الفرنسي الطويل المتواصل لهذه الشعوب ونهب ثرواتها، وإنّ تنصيب حكام عملاء لها يقومون بوظيفة حفظ النفوذ الفرنسي في تلك البلدان المنكوبة يؤجّج تلك المشاعر ويزيدها غيظاً.
لقد خرجت مظاهرات صاخبة ضد فرنسا تطالبها بالخروج وإنهاء استعمارها فوراً، ففي العاصمة المالية باماكو خرج يوم الجمعة قبل المؤتمر المذكور قرابة الألف متظاهر وطالبوا برحيل القوات الفرنسية والأجنبية ورفعوا شعارات: فلتسقط فرنسا، برخان يجب أن تخرج، فرنسا تكبح تنميتنا.
وردّ الرئيس الفرنسي ماكرون على هذه التظاهرات الشعبية بغرور وصلف واستخفاف، ووصفها بأنها تافهة، واتهمها بأنّها تُعبّر عن مصالح قوى أجنبية أخرى - لم يسمها - لإبعاد الأوروبيين عن أفريقيا.
إنّ قوة فرنسا المسماة برخان ومعها قوات الدول الأفريقية التابعة لها تبدو عاجزة أمام تصاعد حدة الهجمات المسلحة في النيجر ومالي وبوركينا فاسو بشكل خاص، وإنّ مشكلة النازحين تفاقمت بسبب هذه الهجمات وبلغ عددهم مليون شخص في فترة وجيزة.
لقد شعرت فرنسا بخذلان أوروبا التي لم ترسل لها سوى القليل من الجنود، وخذلان أمريكا التي أعلنت أنّها تدرس مسألة تخفيض قواتها في أفريقيا، وهو ما جعل فرنسا تتوسل لأمريكا لعدم الخروج ولمساعدتها، فقال مسؤولون فرنسيون: "إنّ أمريكا لها مساهمات لا يمكن تعويضها في منطقة الساحل خصوصاً في مجال الاستطلاع والمعلومات الاستخبارية وتزويد الطائرات بالوقود جواً، ولن نتمكن من الحصول على هذه الأمور من شركاء آخرين"، ولذلك ففرنسا تتخوف من انسحاب أمريكا وتركها بمفردها في المنطقة، وهي تُخمّن أنّ أمريكا تُورطها في هذا الصراع، لذلك كانت المهمة الرئيسية لمؤتمر دول الساحل في فرنسا هي تجديد الشرعية للقوات الفرنسية ونيل الدعم الأمريكي والأوروبي والأمني.
ولفرنسا مصالح اقتصادية ضخمة في دول الساحل، فعشرون بالمائة من كهرباء فرنسا تؤخذ من اليورانيوم النيجري الذي يزود مفاعلاتها النووية بالطاقة، وخط الغاز الممتد من نيجيريا والنيجر والجزائر والذي يحمل ٣٠ مليار متر مكعب هو الذي يغذي فرنسا وأوروبا بالغاز الطبيعي.
وليست النيجر وهي ثالث أكبر مصدر لليورانيوم في العالم تسيطر عليه فرنسا وحسب، بل أيضا فإنّها تملك مناجم ذهب وفحم تسيطر عليها الشركات الفرنسية، وفيها حقول نفط منحت فرنسا بعضها لشركات أمريكية.
ومع كل هذا الغنى بالثروات الذي تعجّ به النيجر، تعتبر أفقر دولة في العالم، ولا يزيد دخل الفرد السنوي فيها عن ٣٧٨ دولاراً فقط، وهي دولة تفتقر إلى البنية التحتية، والحالة الصحية للناس فيها متدهورة بسبب هذا الاستعمار الفرنسي الجشع المجرم.
وفي تشاد ومالي المجاورتين للنيجر اكتشفت مناجم جديدة للذهب واليورانيوم والمعادن المختلفة والتي تمنح فرنسا بعض الامتيازات في تنقيبها لشركاتها وشركات بريطانية وأوروبية مختلفة ولا يتبقى لأهل البلاد إلا الفتات.
وأما موريتانيا فثروتها السمكية الضخمة لا ينال منها أهلها إلا القليل ومعظمها تذهب للأوروبيين بإدارة فرنسا، وأما بوركينا فاسو فهو بلد زراعي لديه ثروة حيوانية كبيرة بالإضافة إلى كونه مصدراً غنياً للقطن والمواد الغذائية كالذرة والفول السوداني يتحكم به أيضاً الاستعمار الفرنسي.
وتحدث قبل مدة نائب رئيس الوزراء الإيطالي عن الاستعمار الفرنسي الذي لم يخرج من أفريقيا بعد الاستقلال، وقال بأنّ سبب غنى فرنسا لا يكمن في إمكاناتها الذاتية، وإنّما يكمن في استيلائها على ثروات الأفارقة، وسيطرتها على مواردهم.
هذا هو باختصار سبب تشبث فرنسا بمستعمراتها الأفريقية لا سيما دول الساحل الصحراوية منها