الأحد، 14 أبريل 2019

المجلس العسكري في السودان صناعة أمريكية


المجلس العسكري في السودان صناعة أمريكية



الخبر:

عقد المجلس العسكري الحاكم في السودان مؤتمراً صحفياً تحدث فيه عمر زين العابدين رئيس اللجنة السياسية فقال: "إنّ الجيش غير طامع في السلطة، وإنّ ما تمّ ليس انقلاباً بل استجابة لمطالب الشعب"، وصرّح زين العابدين بأنّ وزير الدفاع عوض بن عوف ومدير المخابرات صلاح قوش، وقادة الأجهزة الأمنية والدفاعية هم قادة التغيير الذي حدث"، ووعد زين العابدين بأنْ تكون الحكومة الجديدة مدنية تماماً، وأنْ لا يتدخل المجلس في عمل الحكومة، ولكنه أوضح أنّ المجلس سيحتفظ بوزارتي الدفاع والداخلية، وقال بأنّه يمكن تقصير الفترة الانتقالية التي حدّدها المجلس بسنتين، وأنْ تُختصر هذه المدة حتى إلى شهر واحد".

التعليق:

إنّ سقوط الرئيس السوداني السابق عمر حسن البشير لا يعني سقوط نظامه، فرجاله المُخلصون - وهم رجال أمريكا - هم الذين استلموا الحكم، فقائد الانقلاب وهو عوض بن عوف كان الساعد الأيمن للبشير في الجيش والرجل الثاني في نظامه، وهو شريكه في كل قراراته، ومنها الإطاحة بحكومة الصادق المهدي التابعة للإنجليز لحساب أمريكا، وهو الوحيد إلى جانب البشير المُتبقي من ضباط انقلاب العام ١٩٨٩ من الذين ظلوا على قيد الحياة، وهو ابن المؤسسة العسكرية بامتياز فهو وزير الدفاع، ومرشح البشير لرئاسة الحزب الحاكم، وقبل أقل من شهر عيّنه البشير نائباً له.

وأمّا صلاح قوش فهو رجل أمريكا بامتياز، فعيّنه البشير عام ٢٠٠٤ مديراً لجهاز المخابرات، وزار أمريكا في العام ٢٠٠٥، وبقي في منصبه حتى العام ٢٠٠٩، ثمّ عُيّن مستشاراً للشؤون الأمنية، ثم أعفي من منصبه وسجن بسبب خلافات شخصية، واتهم بالمشاركة بمحاولة انقلابية ضد البشير، والتآمر على الدولة، ثمّ أفرج عنه عام ٢٠١٣ وانشغل بعالم المال والأعمال فترة، ثمّ أعيد تعيينه العام الماضي وبشكلٍ مُفاجئ مديراً عاماً لجهاز الأمن والمخابرات السودانية، وكأنّه فرض على البشير فرضاً، ولعب قوش دوراً كبيراً في تعزيز التعاون بين المخابرات الأمريكية وجهاز الأمن السوداني، وفي نيسان ٢٠٠٥ أرسلت أمريكا طائرة خاصة إلى الخرطوم لتقله إلى واشنطن ليقدّم معلومات تفصيلية عن الجهاديين العرب، ولم تنقطع زياراته واتصالاته بالمخابرات الأمريكية رسمياً طوال فترة توليه رئاسة المخابرات، وفي شهر شباط الماضي التقى صلاح قوش رئيس الموساد اليهودي في ألمانيا على هامش مؤتمر ميونخ للأمن.

هؤلاء هم رجال أمريكا الذين تستخدمهم عند الحاجة وتتخلى عنهم عند انتهاء دورهم، فهل آن أوان التغيير الحقيقي وإسقاط النظام بكل رموزه وأركانه وأجهزته؟

نرجو الله أنْ يُخلصنا من كل هؤلاء العملاء، وأنْ يتنبه الثوار إلى كل ألاعيب قيادات العسكر التابعين لأمريكا، وأن يقيموا دولة الحق على أنقاض دول الباطل والطغيان.

هدايا بوتين لنتنياهو اثمن من هدايا ترامب






اجوبة اسئلة : هدايا بوتين لنتنياهو اثمن من هدايا ترامب



الأربعاء، 10 أبريل 2019

مؤامرة تغييب الاسلام عن حراك الجزائر


مؤامرة تغييب الاسلام عن حراك الجزائر






إنّ ممّا يلفت النظر في حراك الشارع الجزائري هذه الأيام، والذي انطلق كالطوفان الهادر، مُعبراً عن رغبةٍ صادقةٍ وجادّة في التغيير، هو تغييب دور التيّار الإسلامي فيه، فلا تسمع له ركزاً، ذلك التيار الذي كان له الدور الأساس في مُحاولة التغيير الأولى التي تمّ وأدها بجبروت العسكر، وبتواطؤ مع القوى الاستعمارية في مطلع تسعينات القرن الميلادي المُنصرم.

فواضح في هذا الحراك تعمّد تغييب التيار الإسلامي، والتعتيم على ذكر الهتافات الإسلامية، مع أنّنا سمعنا بعض الهتافات التي تُنادي بإقامة الدولة الإسلامية، ولكنّ وسائل الإعلام تجاهلتها تماماً وكأنّها لم تُهتف! وبالمقابل فقد نقلت هذه الوسائل خبر احتجاز علي بلحاج من قادة جبهة الإنقاذالإسلامية المحظورة بُعيد نزوله مُباشرةً إلى الشارع للمشاركة مع المتظاهرين في احتجاجاتهم.

وحتى رموز الحركة الإسلامية الموالية للنظام فقد تمّ منعها من الانخراط في التظاهرات، فعبد الله جاب الله أحد أبرز قادتها مُنع من المشاركة في التظاهرات، وعندما نزل إلى الشارع تمّ طرده وإخراجه بكل صفاقة.

فهذه الفجاجة في التعامل مع الإسلاميين ضمن هذا الحراك تدل على أنّ المُعارضة مُتواطئة في إقصاء الإسلاميين منه بكل اتجاهاتهم وأطيافهم حتى النخاع مع الحكومة، وأنّهما، أي الحكومة والمُعارضة، قد ركبتا المركب نفسه في مُواجهة مراكب الإسلاميين، وذلك بالرغم من تصريحات مُخيبة للآمال صدرت عن شخصيات محسوبة على الإخوان كعبد الله جاب الله الذي قال بأنّ "القوى الإسلامية لا ترغب بالسيطرة على الحراك، ولا في القفز عليه، وتُريد التنسيق مع جميع القوى العلمانية لكي لا نوفّر للجنرالات مُبرّراً لضرب هذا الحراك، ويصبح الإسلاميون فزّاعة هذا الحراك أو فوبيا إسلامية"، فمثل هذه التصريحات وللأسف مُخيّبة للآمال، لأنّ الأصل في التيار الإسلامي أن يتولّى أي حراك شعبي خاصّةً في بلد إسلامي مُجاهد كالجزائر، لا أنْ يتهرّب من تحمّل مسؤولياته، ويخنع أمام العلمانيين المُتحالف معهم!!

وبمثل هذه التصريحات المُتخاذلة صرّح أحد الناطقين باسم "حمس" فقال: "إنّ بروز الاسلاميين يستدعي حالة من الاستقطاب السياسي، ويُثير الحفيظة الأيديولوجية للشركاء في الثورة السلمية"، فغريب مثل هذه التصريحات الانهزامية، فكأنّ الإسلام هو فقط الذي يُثير الحفيظة أمّا الشيوعيون والماركسيون كلويزة حنّون، والاشتراكيون من حزب حسين آيت أحمد، وبعض الأمازيغيين الذين يحملون الثقافة الفرنسية، وسائر العلمانيين، وغيرهم من كل من هبّ ودبّ، فكلهم مسموحٌ لهم الحضور والمُشاركة في الحراك، وفقط التيار الإسلامي هو الممنوع لأنّه حسب زعمهم يأتي بالاستقطاب، فهو الفزّاعة، وهو فقط الذي يُثير حفيظة الجميع!! حقاً إنّه منطق غريب، بل منطق فاسدٌ معوج، إنّه لكلامٌ مؤسف بالذات عندما يخرج من قادة في التيار الإسلامي.

والحقيقة هي أنّ هذا التيار هو تيار علماني بثوبٍ إسلامي، فبدلاً من أن يقوم هذا التيار بحراك حقيقي يُحوّل الحراك إلى ثورة إسلامية حقيقية تُحدث التغيير نحو تطبيق الإسلام وإقامة دولة الإسلام، نجده يتقوقع مُتحوّلاً إلى مُجرد أداة بيد السلطة العلمانية الفاسدة التي تتبع الغرب وتُطبّق أحكام الكفر.

إن على العاملين في حقل التغيير أن يعوا حقيقة العمل الإسلامي جيداً، وأنْ يدركوا تمام الإدراك وجوب العمل لإقامة دولة الإسلام الحقيقية، خاصة وأنّهم في بلد كبير ومهم كالجزائر يمتلك كل مُقومات الدولة الإسلامية، فهذا التيار المحسوب على المسلمين إذا لم يحمل مشروعاً إسلامياً تحول إلى تيار علماني بثوب أو بمظهر إسلامي خاوٍ من الداخل، وبالتالي يُصبح تياراً ثانوياً لا قيمة له، ولا يؤثر، ولا يفيد إلا أعداء الإسلام.

إنّ ما يحدق بالحراك الشعبي في الجزائر اليوم مؤامرة خطيرة يتم من خلالها تعمّد تغييب التيار الإسلامي، والفكر الإسلامي، ويُراد للحراك اختزال مطالبه وحصرها بتغيير شخص بوتفليقة، وتغيير الشخص عمل سهل جداً، فيذهب بوتفليقة ويأتي شبيه به، وبالتالي فالتغيير يكون قد دار دورةً مُنهكة حول نفسه، وسينتهي به إلى اليأس والخمود.

لقد بدأت اللعبة تدخل في سيناريوهات جديدة، فهذا وزير الأركان أحمد قايد صالح طرح فكرة تفعيل المادة ١٠٢ وهو ما يعني أنّ السلطة جاهزة لتغيير الأشخاص لا النظام، وهنا تكمن المؤامرة على الحراك، فبدلاً من المطالبة بتغيير النظام بكل أركانه ورموزه يتم تغيير بعض الأشخاص، ويتكرّر في الجزائر السيناريو نفسه الذي حدث في تونس فذهب بن علي وجاء السبسي، وفي مصر ذهب مبارك وجاء السيسي، فهذه هي المؤامرة، وهي مؤامرة يُمسك الغرب جيداً بخيوطها عن بُعد، وهدفها الرئيس هو إبعاد الإسلام عن الحكم، وهذه المؤامرة لا يبطلها إلا تبني مشروع إسلامي واضح يتبنّاه التيار الإسلامي وتلتف حوله الجماهير، ويهدم نظام الجمهورية الفاسد، وتُقام على أنقاضها دولة إسلامية تحكم الناس بشرع الله، وتحمل دعوة الإسلام إلى العالم.

على العاملين للتغيير أنْ يُميّزوا بين مشروع الإسلام العظيم وهو مشروع بناء الدولة الإسلامية، وبين البرامج الاقتصادية والاجتماعية والخدماتية التي تطرحها الأحزاب العلمانية والأحزابالإسلامية كحركة البناء وحمس، فبرامج هذه الأحزاب متشابهة ولا تكاد تلحظ بينها أي فارق ذي قيمة فكلها تخرج من المشكاة نفسها، فبرنامج حمس مثلا يقول نحن جزء من تكتل الجزائر الخضراء، ونرفع شعارات التحالف مع جميع الوطنيين، ومن أهدافنا نشر الحريات لجميع البشر، وإقامة الدولة الجزائرية الوطنية وفقاً لدستور ١٩٥٤، فهل هذا البرنامج إسلاميأم علماني؟ فما علاقة التيار الإسلامي بدستور ١٩٥٤؟! إنّ مثل هذا الطرح لا شك أنّه يُفرح أعداء الإسلام، ولا يجلب للمسلمين إلا الضياع والفشل.

فإذا لم يكن المشروع ينص على الحكم بكتاب الله وسنة رسوله، أي الحكم بما أنزل الله، فلا يوجد أي تغيير، أمّا أنْ نسمع من مثل هذه الحركات الإسلامية ضرورة التنسيق مع العلمانيين، فهذه هي الطامة الكبرى، فكيف يُنسقون مع أعداء الإسلام من العلمانيين اللادينيين؟ وهل هناك قواسم مشتركة بين الإيمان والكفر، وبين الحق والباطل؟! فالعلمانيون يحقدون على الإسلام، فلا يجوز التوافق معهم، لأنّ ذلك التوافق لا يعني إلا أنّنا تخلينا عن إيمانناوإسلامنا، ودخلنا في علمانيتهم المشؤومة.

إننا نرجو أن يتحول هذا الحراك الحالي إلى حراك إسلامي واضح، بمشروع إسلامي واضح، وهو مشروع بناء الدولة الإسلامية الحقيقية؛ الخلافة على منهاج النبوة، وإنْ لم يحصل هذا التحول فسوف تبقى الأمور على ما هي عليه، وسوف يندم المبتهجون في الحراك على اختيارهم للعلمانية، وقيمة الحراك وقيمة الثورة تكمن فقط في تبني مشروع دولة الخلافة وهو وحده المشروع الرباني العظيم.