الخميس، 14 ديسمبر 2023

الخلافات بين حكومة نتنياهو وإدارة بعيدا تطفو على السطح

لخلافات بين حكومة نتنياهو وإدارة بايدن تطفو على السطح
الخبر:
تحدّث الرئيس الأمريكي جو بايدن الثلاثاء 12/12/2023 خلال فعالية لجمع التبرعات لحملته الانتخابية في واشنطن بأنّ (إسرائيل) بدأت تفقد دعم المجتمع الدولي لها بقصفها العشوائي لغزة، الذي أودى بحياة آلاف المدنيين الفلسطينيين فقال: "لقد بدأوا يفقدون هذا الدعم"، وأشار إلى أنّه "بات يتعين على نتنياهو تقوية وتغيير الحكومة (الإسرائيلية)، لإيجاد حل طويل الأمد للصراع (الإسرائيلي) الفلسطيني"، واعتبر "أنّ سلامة الشعب اليهودي على المحك حرفيا"، وقال الرئيس الأمريكي: "إنّ هذه أكثر حكومة محافظة في تاريخ (إسرائيل)" مضيفا أنّها "لا تريد حل الدولتين". وأوضح بايدن، وسط تصفيق متقطع من الجمهور الذي غالبيته من اليهود، أنّ "(إسرائيل) في موقف صعب... ولديّ خلافات مع بعض القيادات (الإسرائيلية)".
وأمّا بنيامين نتنياهو رئيس حكومة كيان يهود فقد رفض مجدّداً "عودة السلطة الفلسطينية بقيادة محمود عباس لحكم غزة"، وأصرّ على عودة احتلال قواته العسكرية للقطاع، وإنشاء إدارة مدنية فيها تابعة لجيشه، وقال إنّ "غزة لن تكون حماسستان ولا فتحستان"، وأضاف: "لن أسمح بالعودة إلى خطأ اتفاقيات أوسلو".
التعليق:
لأول مرّة مُنذ اندلاع الحرب في غزة تظهر مثل هذه التناقضات الصارخة بين الرئيس الأمريكي وبين رئيس وزراء كيان يهود علناً، بحيث تبلغ حدّ الصدام، والظاهر أنّ الضغط الأمريكي على كيان يهود كبير جداً بخصوص ضرورة إنهاء العملية العسكرية الواسعة لجيش يهود في غزة، والانتقال إلى عمليات عسكرية خاصة ومحدودة مع بدء العام الميلادي الجديد، لكنّ نتنياهو يرى الاستمرار في العملية العسكرية الواسعة لمدة طويلة لكي يتمكن من تحقيق الأهداف المُعلنة، وهي القضاء على حماس وتحرير الرهائن، إلا أنّ التقديرات الأمريكية يبدو أنّها تُشير بوضوح إلى عجز قوات يهود عن تحقيق تلك الأهداف، لذلك طلبت إدارة بايدن من نتنياهو تقليص أهداف العملية العسكرية، وعدم الاستمرار فيها بالطريقة نفسها، لا سيما قتل الأعداد الكثيرة من المدنيين، وطالب بايدن نتنياهو أيضاً بعدم إشعال الوضع في الضفة الغربية، وعدم السماح للمُستوطنين بالهجوم على الفلسطينيين، لكنّ نتنياهو تجاهل هذه الطلبات، وصعّد من هجمات الجيش في غزة والضفة، ورفض فكرة الدولتين التي يطرحها بايدن بطريقةٍ فجة، كما رفض تسليم السلطة الفلسطينية لمقاليد الأمور في غزة، واعتبر أنّ السلطة لا تختلف عن حماس في إثارة الكراهية ضد اليهود، واقترح إنشاء إدارة مدنية تابعة لجيشه تُدير شؤون غزة مع بقاء الجيش فيها، فجنّ جنون بايدن. ويبدو أنّ إدارته اعتبرت مواقف نتنياهو الجديدة هذه، التي بلغت حد التخلي عن اتفاقية أوسلو، والتخلي عن أي مسار سياسي سابق، اعتبرتها تحدياً واضحاً، فجمع بايدن يهود أمريكا في أحد الاجتماعات بمناسبة أحد الأعياد اليهودية، وخاطب نتنياهو من خلالهم بضرورة الانصياع لمطالب إدارته، وطالبه بتغيير حكومته، ويقصد بالذات وزراء الصهيونية الدينية فيها وهم بن غفير وسموتريتش، وهو ما يعني من ناحية عملية إسقاط نتنياهو بشكلٍ مُباشر، وبذلك بلغ الصدام بين الرجلين مرحلة كسر العظام.
فنتنياهو يُحاول أنْ يُقاوم الضغوط الأمريكية، ويخلط الأوراق، لأنّه يعلم أنّ الخضوع لطلبات بايدن يعني انتهاءه سياسياً، لذلك فهو يُريد أنْ يظهر بمظهر الزعيم القوي الذي لا يخضع لضغوط الخارج، حتى ولو كانت هذه الضغوط من أمريكا نفسها التي أنقذت كيان يهود من السقوط في السابع من تشرين الأول/أكتوبر، فراح يُخاطب الكنيست بالقول إنّه لن يخضع لأمريكا كما خضع بن غوريون لها من قبل، فيستثير بهذا الخطاب حماسة اليمين المتطرف الذي يرى فيه المُنقذ الوحيد لسلطته، لكن يبدو أنّ أيّامه في الحكم باتت محدودة، والظاهر أنّه لن يستطيع مُقاومة الأمريكان الذين هم أولياء نعمته ونعمة كل أركان دولته.

السبت، 2 ديسمبر 2023

روسيا تعلن عن رغبتها في إنشاء هيئة عسكرية في افريقيا لمواجهة النفوذ الغربي

روسيا تُعلن عن رغبتها في إنشاء هيئة عسكرية في إفريقيا لمواجهة النفوذ الغربي

ظهر مُنذ عدة أشهر تعاون عسكري واضح بين السلطات الروسية وبين خليفة حفترالحاكم العسكري لمنطقة شرق ليبيا، وذلك بهدف إنشاء فيلق عسكري روسي في أفريقيا، وقد قام نائب وزير الدفاع الروسي يونس بك إيفكوروف بزيارة إلى ليبيا بدعوة من حفتر، وتُعد هذه الزيارة - وفقاً لوزارة الدفاع الروسية - هي أولى ثمار المحادثات الروسية الليبية في مؤتمر موسكو الدولي الـ11 للأمن والمنتدى العسكري التقني ومنتدى الجيش في بطرسبورغ في آب من العام الجاري 2023، وتهدف هذه الزيارة لإيفكوروف ترتيب مُهمّة التنفيذ العملي للاتفاقيات الروسية الليبية التي تم التوصل إليها في إطار المؤتمر المذكور.
 وذكر بيان روسي عن الكرملين أنّ المعارضين الرئيسيين لروسيا في القارة السوداء هم الولايات المتحدة وحلفاؤها في النات بما في ذلك فرنسا، وذكرالبيان بالنص: "ستعمل وزارة الدفاع الروسية على مواجهة النفوذ الغربي وتعزيز مكانة موسكو في أفريقيا، وسيتعين على الفيلق الأفريقي الروسي إجراء عمليات عسكرية واسعة النطاق في القارة لدعم البلدان التي تسعى إلى تحرير نفسها أخيرًا من التبعية الاستعمارية الجديدة، وتطهير الوجود الغربي وتحقيق السيادة الكاملة".
إنّ سعي روسيا لانشاء هيئة عسكرية تكون بمثابة قوة ردع لروسيا في افريقيا، أو لتكوين فيلق عسكري مُتكامل يكون مُخصّصا للقارة الافريقية، ويكون مُشابهاً للقوة العسكرية الأمريكية افريكوم يُعتبر من ناحيةٍ نظرية إنجازاً استراتيجياً كبيراً، وله قيمة كبيرة فيما لو ظهر له آثار على الارض، أو لو كان سعياً ذاتياً خاصاً بالدولة الروسية لوحدها، ولكن ما يجعله جهداً عبثياً ضائعاً لا وزن له على أرض الواقع، وما يجعله مُجرد مُحاولة إعلامية روسية فاشلة لا تُشكّل أي خطر على القوى الدولية التي لها تأثير في افريقيا الأمور التالية:
1 – لم تظهر أية أخبار جدية عن هذا الموضوع في وسائل الاعلام المشهورة، فلم يتم تداولها، ولا تسليط الضؤ عليها، وهو ما يدل على عدم جدية الاعلان عنها لأنّها لو كانت جدية لما تجاهلتها تلك الوسائل، والغريب أنّه لم يتم الاعلان عن هذه الهيئة بشكلٍ صريح الا في مناسبة واحدة، وهي زيارة نائب وزير الدفاع الروسي الى ليبيا بدعوة من خليفة حفتر، وكأنّ خليفة حفتر هو الذي يُشجّع الروس على الاعلان عن هذه الهيئة الوهمية.
2 – وإذا علمنا أنّ حفتر هذا هو رجل مخابرات أمريكي منذ خمسين عاما، وعلاقته حالياً وثيقة بعملاء أمريكا وبريطانيا كحكام مصر والسعودية والامارات فهذا دليل على انّ روسيا دولة هزيلة وضعيفة كونها تعتمد في الاعلان عن مشروع يتعلق بأمنها القومي على مثل هذه النوعية من الرجال.
3 – لو كانت روسيا جادة في انشاء مثل هذه الهيئة لأنشأتها منذ بدء توسع نشاطاتها في افريقيا خاصة في عهد رئيس مجموعة فاغنر الراحل يفغيني بريغوزين الذي أعطى زخماً قوياً للنشاط الروسي في القارة الافريقية آنذاك، والذي بعد موته ظهر ضعف واضح لروسيا في افريقيا، وتراجعت نشاطاتها العسكرية كثيراً في افريقيا.
4 – إنّ روسيا ومع كل نشاطاتها العسكرية في إفريقيا فهي لا تملك حتى الآن قاعدة عسكرية ثابتة واحدة فيها، وعجزت حتى الان عن اقامة قواعد عسكرية صغيرة ولو محدودة، بينما دول كالصين وتركيا والامارات وهي دولاً اقليمية وتابعة تملك قواعد عسكرية في افريقيا.
5 – إنّ انشغال روسيا في مستنقع حربها في أوكرانيا أضعفها كثيراً واستنزفها وأشغلها عن التوسع خارج مجالها الاقليمي الحيوي فيما لو رغبت في ذلك.
6 – ما زال الوضع الاقتصادي الروسي الضعيف أصلاً يزداد ضعفاً وهو ما لا يسمح لها باقامة هيئة عسكرية قارية مُوازية للافريكوم الامريكية.
7 – إنّه ومُنذ الاعلان عن رغبتها في التوسع العسكري في افريقيا الذي ظهر في المؤتمر الروسي الافريقي في بطرس بورغ قبل ثلاثة أشهر لم يترجم ذلك الاعلان منذ ذلك الوقت بأي عمل مادي على الأرض، ولم تظهر له أية بوادر روسية جدية تدل على البدء في تطبيقه، أو حتى وضع مُخطّطات له.
صحيح أنّ المؤسسة العسكرية الروسية كانت قد قامت بتوطيد علاقاتها مع نظيراتها الإفريقية مُنذ عام 2015 فوقّعت إحدى وعشرين اتفاقية عسكرية مع دول من بينها: أنغولا، وبوتسوانا، وبوركينا فاسو، وتشاد، وإثيوبيا، وغينيا، ومدغشقر، ونيجيريا، والنيجر، وسيراليون، وتنزانيا، وزيمبابوي، وصحيح أنّ الدولة الروسية استخدمت مجموعة فاغنر في تدخلاتها في عشر دول افريقية وهي: السودان وإفريقيا الوسطى وليبيا وزيمبابوي وأنغولا ومدغشقر وغينيا وغينيا بيساو وموزمبيق والكونغو الديمقراطية، صحيح ذلك كله، ولكن كل هذه العلاقات والنشاطات العسكرية الروسية الكثيرة في افريقيا لا تزيد عن كونها نشاطات (ميليشياوية) أكثر من كونها نشاطات دول كبرى.
وقد لوحظ أنّ أوسع نشاط عسكري لروسيا في افريقيا ضد القوى المنافِسة الدولية لها كان ضد فرنسا بشكل خاص، وفي دول غرب ووسط افريقيا بشكل أخص، وهذا يدل على أنّها لا تخدم المصالح الروسية على المدى البعيد، بل تخدم - من ناحية فعلية - المصالح الأمريكية الآنية كونها أسهمت في زعزعة الوجود الفرنسي في افريقيا، كما حصل من خلال الانقلابات العسكرية ضد فرنسا في مالي وبوركينا فاسو والنيجر، وبالتالي كان ذلك النشاط العسكري الروسي عاملاً من العوامل التي ساهمت في الضغط على فرنسا للقيام بإجلاء قواتها من مستعمراتها السابقة، وهذا بلا شك أفاد الوجود الامريكي في افريقيا، والذي أصبح يحل محل الوجود الفرنسي في القارة الافريقية عموماً.
وكما قلنا أعلاه فإنّه مع كل هذا النشاط الروسي العسكري في افريقيا فإنّ روسيا لم تتمكّن من بناء قواعد عسكرية أو ايجاد أوضاع عسكرية ذات قيمة في افريقيا مُقارنة بأمريكا وفرنسا، فأمريكا مثلاً تمتلك 34 قاعدة عسكرية في افريقيا، وفرنسا تمتلك 16 قاعدة، بينما روسيا لا تملك الا عناصر فاغنر ومستشارين روس، وهي تبيع الأسلحة الروسية للدول الافريقية، لكنّ هذه الأدوات وما يُشابهها لا تنفع ولا تكفي في ايجاد نفوذ دولي استراتيجي.
وأخيراً نقول إنّ أمريكا قد كشفت بصراحة أنّها لا تخشى الوجود العسكري الروسي في افريقيا كما تخشى الوجود الصيني، ولعل أوضح تعبير في هذا السياق ما ذكره الجنرال ستيفن تاونسند قائد القيادة العسكرية الأميركية في إفريقيا (أفريكوم) في إفادته أمام لجنة القوات المسلحة في الكونغرس في حديثه عن المنافسة الروسية والصينية لبلاده في إفريقيا فقال:"أنا أقل قلقًا بشأن المنافسة الروسية.. أعتقد أنهم [الروس] أقل أهمية بالنسبة لي على المدى الطويل مقارنة بالصين. الصين هي مصدر القلق اليوم وعلى المدى الطويل".

الأربعاء، 22 نوفمبر 2023

مؤتمر الرياض وتبعية الحكام

مؤتمر الرياض يؤكّد تبعيّة جميع حكّام المسلمين لأمريكا ودول الغرب 

لم تُفاجئ مُخرجات قمّة الرياض الإنهزامية الجماهير العربية والاسلامية، فلم تتوقّع هذه الجماهير أصلاً أنْ تكون تلك المُخرجات ذات قيمة او شأن، لأنّها اعتادت على مثل هذه المُخرجات الهزيلة مُنذ أكثر من خمسين عاما على إنشاء هذه التكتلات، فهي مُخرجات لا تعدو أنْ تكون أكثر من ديباجات كلامية مُتكرّرة تكثر فيها الإدانات والاستنكارات التي تُختتم فيها عادةً تلك المؤتمرات.
فتوصيف الناس لتلك المُخرجات لا يختلف بينهم من حيث كونها عقيمة وعديمة الجدوى، لكنّه يختلف فيما بينهم من حيث توصيف كون الحكام الذين وقّعوا على تلك المُخرجات هل هم مُتخاذلون جبناء؟ أم هم عملاء خونة؟ 
  وبالرغم من أنّ مؤتمر قمّة  الرياض قد شاركت فيه جميع القيادات الرسمية لجميع الدول العربية والدول القائمة في العالم الاسلامي، أو ما يُسمّى بالدول المُنضوية في الجامعة العربية وفي منظمة التعاون الاسلامي، وبالرغم من أنّها جاءت بعد حدثٍ خطيرٍ جللٍ تعاضدت فيه الدول الكبرى الاستعمارية مع دولة يهود، ومدّتها بكل أسباب القوة، وأرسلت بارجاتها وأساطيلها وصواريخها من أجل حمايتها، ولضمان استمرار تفوقها، وبالرغم من أنّها منحت دولة يهود الغطاء القانوني لجيشها للقيام بارتكاب المجازر اليومية، وتهجير الناس، وتدمير مساكنهم وبلدانهم، وتقيطع أوصالهم، وحرمانهم من الحصول على أبسط الحاجات الانسانية من مأكلٍ ومشربٍ ودواء وطاقة، وأوقفت مسار حياتهم، وأحالت عمرانهم إلى خراب.
 فبالرغم من ذلك كله لم تتغيّر صياغات بيانات تلك القمّة عن غيرها من القمم الفاشلة التي سبقتها، ولم تتناسب نتائج هذا المؤتمرالموسّع وبيانه النهائي مع هذه المُعطيات الخطيرة والجديدة لحرب غزة، والتي تُعتبر هزّة شديدةً عنيفةً معست الأمّة معساً.
لقد جاءت نتائج المؤتمر كالعادة باهتة تافهة لا ترقى إلى مُستوى هذا الحدث الضخم، فكانت بنود البيان الختامي للمؤتمر مليئة بالإدانات والتأكيدات والدعوات والاستنكارات التي لا تُغني ولا تُسمن من جوع من مثل:
- دعوة الدول الأعضاء في المنظمة والجامعة إلى ممارسة الضغوط الدبلوماسية والسياسية والقانونية.
- استنكار إزدواجية المعايير في تطبيق القانون الدولي.
- إدانة تهجير حوالي مليون ونصف المليون فلسطيني من شمال قطاع غزة إلى جنوبه.
- إدانة قتل المدنيين واستهدافهم وعدم انسجام ذلك مع القانون الدولي الإنساني.
- إدانة أفعال وتصريحات الكراهية المتطرفة والعنصرية لوزراء في حكومة الاحتلال الإسرائيلي.
- إدانة قتل الصحفيين والأطفال والنساء واستهداف المسعفين وادانة استعمال الفسفور الأبيض المحرم دوليا في الاعتداءات (الإسرائيلية) على قطاع غزة ولبنان.
- التأكيد على أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.
- إعادة التأكيد على التمسك بالسلام كخيار استراتيجي وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وحل الصراع العربي الإسرائيلي وفق القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة.
- التأكيد على ضرورة تحرك المجتمع الدولي فورا لإطلاق عملية سلمية جادة وحقيقية لفرض السلام على أساس حل الدولتين الذي يلبي جميع الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.
- الدعوة لعقد مؤتمر دولي للسلام في أقرب وقت ممكن تنطلق من خلاله عملية سلام ذات مصداقية على أساس القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية ومبدأ الأرض مقابل السلام.
فهذه البنود التي جاءت في البيان الختامي للمؤتمر لا يوجد فيها أي شيء عملي محسوس يدل على وجود أية قوة فاعلة في الامة، وذلك بالرغم من أنّ دول العالم الاسلامي مليئة بالموارد والامكانات والقدرات التي تُتيح لها استخدام الكثير من أوراق القوة.
 فهي تستطيع مثلاً  قطع العلاقات الديبلوماسية ووقف التطبيع مع كيان يهود لكنّها لم تفعل، وتستطيع ايقاف إمدادات النفط والغاز عن الدول التي تدعم كيان يهود لكنّها لم تفعل، وتستطيع أن تغلق الممرات والمضائق المائية في وجه الملاحة التي تستخدمها الدول المؤيدة لكيان يهود كممر ملقة وقناة الوسفور ومضيق باب المندب وخليج العقبة لكنّها لم تفعل، وتستطيع إدخال المُساعدات الانسانية والاغاثية للفلسطينيين في قطاع غزة عبر معبر رفح من دون طلب إذن من أحد لكنّها لم تفعل، وتستطيع إدخال قوات وسلاح إلى قطاع غزة لحماية المدنيين لكنها لم تفعل، وأخيراً تستطيع خوض حرب حقيقية لمنع عدوان دولة يهود على القطاع لكنّها لم تفعل.
فلماذا لم تفعل ؟ وما الذي يمنعها من أن تفعل ؟
ليس السبب الحقيقي المانع يكمن في الجبن أو الخوف أو التخاذل أو التآمر أو الخيانة، بل السبب الحقيقي يكمن في تبعية هؤلاء الحكام تبعية مُطلقة لأمريكا ودول الغرب، وهو ما يتسبّب في وجود الخوف والجبن والتخاذل والخيانة لدى هؤلاء الحكام.
فالتبعية هي أساس القرارات التي يتخذها هؤلاء الحكام، وهي مصدرها، بينما الخوف والجبن والتخاذل والخيانة هي فقط المظاهرالتي تتم مُلاحظتها.
لذلك لا يوجد أمام الشعوب العربية والاسلامية سوى العمل للتغيير، والثورة على الحكام العملاء التابعين، والسعي الدؤوب لإسقاطهم، وتغييرهم، ولا أمل للأمّة بالنصر على أعدائها إلا بإزالة أنظمة حكمهم، وقطع حبال تبعيتهم.
 كما أنّه لم يعد هناك أي مجال لنصرة أهل غزة أو غيرهم من المسلمين المستضعفين طالما بقي مثل هؤلاء الحكام التابعين في سدة الحكم.
فخلع الحكام الآن أصبح ضرورة قصوى من أهم ضرورات الحياة لدى المسلمين، ولا يحصل ذلك، ولن يحصل إلا من خلال العمل ضمن مشروع سياسي إسلامي شامل يُفضي إلى قيام دولة الخلافة الاسلامية الثانية على منهاج النبوة، فتنصر المسلمين المستضعفين في كل مكان، وتُزيل تفوذ الكفار الأعداء من بلاد المسلمين، وتُوحّد الأمّة الاسلامية، وتنشر الاسلام في ربوع البشرية، فتزيل بالدعوة والجهاد جميع الحواجز المادية التي تحول دون تحقيق حمل الدعوة الاسلامية.

الثلاثاء، 14 نوفمبر 2023

الرئيس الفرنسي يلعق تصريحات سابقة له عن غزة

الرئيس الفرنسي يلعق تصريحات سابقة له عن غزة!
 
 
الخبر:
 
تراجع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال اتصال تليفوني يوم الأحد الماضي بنظيره (الإسرائيلي) إسحاق هرتسوغ عن تصريحاته التي أدلى بها خلال مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية يوم الجمعة الماضي - والتي أثارت ضجة داخل كيان يهود - فاتصل الرئيس الفرنسي بهرتسوغ وقال له إنّه "يدعم بشكل لا لبس فيه حق (إسرائيل) في الدفاع عن النفس"، وقال المتحدث باسم الرئاسة في كيان يهود إنّ "الرئيس ماكرون أوضح أنه لا يقصد إلقاء اللوم على (إسرائيل) لتعمدها إيذاء المدنيين الأبرياء في حربها ضد حماس، ولكن من المهم مواصلة البحث عن حلول للأزمة الإنسانية في غزة".
 
وكان الرئيس الفرنسي قد قال يوم الجمعة بشكلٍ لا لبس فيه: "إنّ القصف (الإسرائيلي) بات يستهدف المدنيين والنساء والأطفال، ولا مشروعية له، داعيا (إسرائيل) إلى التوقف عن ذلك"، وأضاف في مقابلة مع بي بي سي: "في الواقع، اليوم يتم قصف المدنيين، هؤلاء الأطفال، هؤلاء النساء، هؤلاء المسنين، يتعرضون للقصف والقتل، وليس هناك مبرر لذلك ولا شرعية، وندعوها لوقف إطلاق النار"، وأكّد على أنه: "لا يوجد مبرر للتفجيرات، وأن وقف إطلاق النار سيفيد (إسرائيل)".
 
التعليق:
 
لم يصمد الرئيس الفرنسي على تصريحاته المُندّدة بشدّة بقصف جيش دولة يهود للمدنيين في غزة لأكثر من أربع وعشرين ساعة! فبين يوم الجمعة ويوم الأحد انقلبت تصريحاته رأساً على عقب، وتراجع عن تحميل كيان يهود قصف المدنيين، كما تراجع عن الدعوة إلى وقف إطلاق النار بشكلٍ مُذلّ بعد أنْ أدرك حجم الغضب اليهودي عليه.
 
وجاء هذا التراجع بعد أن هوجم ماكرون بشدة من جانب رئيس وزراء كيان يهود نتنياهو ووزراء حربه، حيث قال نتنياهو في تصريح مشترك مع غالانت وبيني غانتس، حسب ما نقلت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية: "لقد ارتكب ماكرون خطأً فادحاً، خطأ واقعياً وأخلاقياً".
 
فالرئيس الفرنسي في تصريحاته الأولى يوم الجمعة حاول أنْ يخرج قليلاً عن مواقف الدول الغربية الخانعة لأمريكا والمُمالئه لجرائم كيان يهود، وحاول أنْ يجد لدولته مكاناً فيه شيء من الاستقلالية، والابتعاد عن تلك المواقف المُساندة لدولة يهود بطريقةٍ فجّة، والتميّز عنها بشكلٍ من الأشكال، لكنّه ما إنْ خرج قليلاً عن الخط المرسوم حتى تلقى الصفعة فوراً من نتنياهو فأفقدته صوابه، وأعادته إلى رشده في السير باتجاه طريق الانحياز الأعمى لكيان يهود.
 
فهل فرنسا بهذه القيادة المهزوزة ما زالت دولة عظمى مُستقلّة؟! فإذا كانت عاجزة عن اتخاذ موقف مُستقل في قضية إقليمية صغيرة، فهل تملك التأثير الحقيقي في الموقف الدولي؟! وهل بقي لها وزن أصلاً في المسرح الدولي؟! فهي حتى لا تستطيع أنْ تكون في مُستوى دولة كالصين المعروف أنّها لا تأثير لها في منطقة الشرق الأوسط كفرنسا، ولكنّها مع ذلك لا تنجر انجرار فرنسا الأعمى لدعم دولة يهود.
 
إنّ هذا التراجع الفرنسي السريع عن موقف مبدئي حاولت فرنسا أنْ تتبنّاه في خضم هذا الصراع الشرق أوسطي يدل على أن فرنسا لا تعدو كونها دولةً ذليلة هزيلة، لا تستطيع أنْ تخرج عن محور السياسات الأمريكية، بل لا تجرؤ على مُجرد مُخالفتها.

جعجعات ايران وحزبها في لبنان تكشف مدى زيف محورها المقاوم المزعوم

جعجعات إيران وحزبها في لبنان تكشف مدى زيف محورها المُقاوم المزعوم  

 
إنّ هذه الجعجعات التي تصدر عن المسؤولين الإيرانيين، وخاصةً عن وزير خارجيتها حسين أمير عبد اللهيان، ورئيس حزبها في لبنان حسن نصر الله، باتت لعبةً مكشوفة لا تنطلي على أحد، فهي أشبه بثرثرات إعلامية ليس لها من هدف سوى إثارة الدغدغة الإعلامية للجماهير الغاضبة، وامتصاص الهيجان العاطفي المُصاحب للمجازر الذي يُنفّذها الاحتلال في حق المسلمين الغزيين، ومن ثمّ  ركوب موجة ما يُسمّى بمحور المُمانعة والمُقاومة الوهمي والفتّ في عضده، وهو نهج ثابت اعتادت عليه سياسات التدجيل الإيرانية من قبل.
 فهذه الجعجعات الإيرانية المُستمرة في الواقع لا تزيد المقاومة الا خبالا، ولا هذف لها سوى نشر الدعاية الكاذبة عن ارتباط ايران وتوابعها بمحور المقاومة والمُمانعة الوهمي، وهي مُجرد صخبٌ إعلامي رخيص يرمي إلى تلميع صورة إيران البغيضة، ويسعى لتمجيد صورة ميليشياتها ومُتعلّقاتها الطائفية المُنحرطة في حروب أهلية مع الشعوب الاسلامية لمصلحة أعداء الأمّة. 
ولو تناولنا أهم ما ورد في خطاب حسن نصر الله المُتعلّق بالموقف من دعم المقاومة في غزة والذي ألقاه بعد انتظار طويل، واعتبر مرجعيةً سياسية مهمة تُعبّر عن وجهة النظر الإيرانية في الصراع مع كيان يهود في فلسطين، ويُعوّل عليه الكثير من المفتونين بايران وحزبها في لبنان الشيء الكثير في دعم المُقاومة في غزة، والانخراط معها في نفس المعركة وبكل قوة، وتمّ إحاطة الخطاب بهالةٍ من الغموض والدعاية المُضلّلة، وزعم البعض أنّه سيلقي من الكلام ما فيه دُرر وحكم وصواعق، فإذا به يصعقهم بخيبة أمل مُدوّية، جعلت بعضهم يعتذر عن مواقفه السابقة المؤيدة له.
لقد أكّد حسن نصر الله في خطابه هذا على أنّ قرار عملية طوفان الأقصى كان قراراً فلسطينياً خالصاً نُفّذ بدون علم سائر أطراف محور المُقاومة، وكأنّه يقول: بما أنّ القرار كان فلسطينياً خالصاً ، فإذاً لا دخل لنا نحن بالمشاركة في الحرب، واكتفى بلعب دور المُساند والمُتضامن، والقيام بمناوشات مسرحية حدودية فقط لرفع العتب، وهو ما يعني أنّ محور المقاومة غير مُوحّد ولا مُتناسق ولا يثق أطرافه ببعضهم البعض، وأنّ ما يُشاع من كلام عن وحدة العمل ووحدة المصير ووحدة القرار في محور المقاومة ما هو إلا مُجرد شعارات جوفاء.
ثمّ ناشد نصر الله في خطابه أمريكا بوصفها المسؤولة عن العدوان ( الإسرائيلي ) على غزة، وطالبها بمنع اندلاع حرب اقليمية، ودعاها لأنْ تُسارع إلى وقف العدوان على غزة، ولا شك بالنسبة لكل واعي سياسي وكل مُقاوم مُخلص أنّ هذه المُناشدة التي وردت في خطابه لأمريكا ما هي إلا سقطة شنيعة لنصر الله ولحزبه ولايران الداعمة له، فأنْ يتحوّل زعيم ( المقاومة ) إلى مُناشدة أمريكا ومُطالبتها بأي شيء فهو يدل على أنّه شخص لا يختلف عن حكام العرب المُتخاذلين، وأنّه لا فرق بين حكام دولة ايران التابع لها وبين حكام الدول العربية التي لا تُجيد إلا مُخاطبة أمريكا ومناشدتها، واستخدام عبارات السياسي العاجز من مثل المُناشدة والمُطالبة والاستجداء.
وأخيراً خاطب نصر الله في بيانه الدول والأنظمة العربية  وطالبها بالضغط على أمريكا  لوقف العدوان ( الاسرائيلي ) عبر استخدام أوراق قوتها الاقتصادية، ومن خلال المصالح التي تربطها بأمريكا من نفط وغاز وغيرها من إمدادات، وكأنّه لا يعرف أنّ هذه الدول لا تملك من قرارها شيئاً، ولا يعلم أنّها دول تابعة ذليلة، وهو بمخاطبتها بذلك يعترف بها كونها أنظمة عميلة، ويتساوى معها في التبعية والعمالة.
فلو كان نصر الله جاداً في المُواجهة لدخل الحرب فوراً ضد كيان يهود وفي نفس اليوم الذي دخلت فيه حماس والمُقاومة في غزة، ولأحدث فرقاً هائلاً في النتائج، وربما أدّى دخوله المعركة مُبكراً إلى جعل كيان يهود يستجدي من المقاومة وقف إطلاق النار، لكنّه آثر القعود والسلامة، فهو لا يتحرّك إلا بإشارةٍ من سيدته إيران التي تُنسّق كل أعمالها مع أمريكا، كما كانت تُنسّق من قبل معهافي حربي أفغانستان والعراق.
لقد ثبت أنّ مُقاومة جماعات إيران وحزبها في لبنان لا تكون فاعلة إلا إذا حاربت ضد الشعوب الاسلامية في سوريا والعراق واليمن، ولا تؤدي إلى نتائج محسوسة ومُدمّرة ضد مصالح الأمّة إلا إذا كانت تدعم الطواغيت والعملاء الفاسدين كبشار الأسد وحكام العراق الطائفيين.
فقد كان نصر الله يفتخر في اجتياح المدن السورية وتدميرها وقتل أهلها، وكان يتبجح ويقول :" إذا كنا قد أرسلنا ألفا الى سوريا فسنرسل الفين واذا ارسلنا خمسة الاف سنرسل عشرة الاف" ، فوضع كل قواته تحت تصرف الاسد للقضاء على ثورة الشام.
فهو يُقاتل بكل شراسة في سوريا مع المجرم بشار بينما يقوم بمناوشات مسرحية مع كيان يهود، فهذا هو مفهوم المقاومة عنده وعند أسياده في ايران.
لذلك فنحن نحذّر اخواننا في حماس وفصائل المقاومة الاخرى في غزة بأن لا يثقوا مطلقاً في حكام ايران وتابعها نصر الله وحزبها في لبنان ، فهؤلاء غير موثوقين قطعاً، فهم يُمارسون أعمالهم السياسية بوجهين، ويتعاملون مع أمريكا وعملائها، وينسقون معهم بكل السياسات الخارجية،  وهم أيضاً يدعمون طواغيت الدول العربية كبشار الأسد بكل خسة ونذالة، ولا يهمهم شيء إلا خدمة مصالح ايران الفئوية الشعوبية، والاستمرار في تغذية الصراع الطائفي في بلاد المسلمين.

الاثنين، 16 أكتوبر 2023

أحد أعضاء حكومة الطوارئ الجديدة يرفع التقارير السرية لأمريكا أولا باول

أحد أعضاء حكومة الطوارئ اليهودية الجديدة يرفع التقارير السرية لأمريكا أولاً بأول

( خبر وتعليق )

الخبر : 

نقلاً عن الــ BBC أنّه :"تم الاتفاق على تشكيل حكومة طوارئ في اسرائيل ينبثق عنها مجلس أمني يدير الحرب يضم: رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو، ووزير الدفاع يوآف غالانت، وزعيم معسكر الدولة بيني غانتس، ورئيس هيئة أركان الجيش الاسرائيلي السابق غادي ايزنكوت، ووزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر".
ويذكر أن ديرمر هو السفير الاسرائيلي السابق في واشنطن، وأقرب وزراء الليكود لنتنياهو، ومنصبه وزير الشؤون الاستراتيجية، لكنه يوصف بأنّه: (وزير الشؤون الأمريكية)، "إذ ستكون مهمته البقاء على اتصال مع الإدارة الأمريكية وإبلاغها بكل ما يتم إقراره في مجلس الحرب الجديد".

التعليق :

إذا كانت أخطر الحكومات في كيان يهود والتي تُعالج أخطر الشؤون وأشدها حساسية يوجد في مجلسها الأمني المصغر عضو يوصف عندهم في الاعلام اليهودي والغربي بأنّه : (وزير الشؤون الأمريكية)، وأنّ مهمته تنحصر في البقاء على اتصال دائم مع الإدارة الأمريكية، وإبلاغها بكل ما يتم إقراره في أخطر مجلس وزاري لديهم، فهو بهذه الصفة إذاً يعمل كجاسوس رسمي لأمريكا، فهل هذه الدولة  - وفيها مثل هذا الجاسوس ديرمر - هل هذه الدولة تكون دولة مستقلّة؟، وبماذا إذاً تختلف عن الدول التابعة؟.
فكيان يهود بهذه الوضعية المُهينة يكون في الواقع كياناً تابعاً ولا يملك من أمره شيئاً، وهذا يؤكّد حقيقة أنّ أية دولة مهما بدت قوية في نظر الآخرين فإنّها تكون في حقيقتها دولة هزيلة طالما ارتبطت بغيرها، لا سيما اذا كان هذا الارتباط يتعلق بالدعم المالي والسياسي والعسكري كما هو حال كيان يهود مع أمريكا التي تدعمها في كل جوانب الحياة، لدرجة أنْ أصبح وجودها ومصيرها مرتبط بهذا الدعم.
ولعل هذا يُفسّر وقوف امريكا الدائم إلى جانب كيان يهود في كل المجالات، وأنّ هذا الوقوف ما هو في الواقع إلاّ دفاع عن مصالحها الحيوية، فهذا الكيان بالنسبة لأمريكا ما هو سوى قاعدة أمريكية مُتقدّمة في قلب المنطقة العربية لإبقاء السيطرة عليها والحيلولة دون وحدتها وقوتها.
إنّ هذا الكيان كان مُنذ تأسيسه صناعة بريطانية في الاصل، لكن وبعد حرب عام 1973 أصبح كياناً تابعاً لأمريكا تبعية وثيقة بفضل الدعم المالي الأمريكي الهائل له، بحيث أصبح شريان حياة هذا الكيان يتم تغذيته من المساعدات الأمريكية.
من أجل ذلك هبّت أمريكا مُسرعةً لنجدته في حرب غزة خوفاً عليه من السقوط بعد الهزيمة النكراء التي أصابته في السابع من أكتوبر، فأرسلت بوارجها الحربية إلى المنطقة لإرسال رسائل إلى القوى الاسلامية الكامنة تُحذّرها بأنّ إعلان الحرب عليه هو إعلان للحرب على أمريكا نفسها. 
يجب إدراك حقيقة أنّ أمريكا هي العدو الحقيقي للمسلمين، وما كيان يهود إلا ثكنة من ثكناتها ومتراس من متاريسها، وعلى العاملين والسياسيين المُتطلعين للتغيير أنْ يدركوا هذه الحقيقة، وأنْ يعملوا بكل ما أوتوا من قوة على قطع جميع علاقات كيانات المسلمين معها ويتخذوها عدواً، فيطردوا سفراءها، ويكنسوا قواعدها، ويوقفوا كل المعاملات التجارية والاقتصادية والثقافية معها، ولا يستقبلوا مبعوثيها، ويُلاحقوا عملاءها في كل العالم وينبذونهم نبذ النواة، بل ويعتبرونها دار حرب يُتخذ معها وبحقها إجراءات الحرب.

الأربعاء، 11 أكتوبر 2023

النتائج الجيوسياسية لحرب ناجورنو كاراباخ

النتائج الجيوسياسية لحرب ناجورنو كاراباخ

 
قامت القوات العسكرية المُسلّحة لأذربيجان في التاسع عشر من سبتمبر ( أيلول ) من العام الجاري 2023 بهجوم صاعق على الجيب الجبلي الخاضع للاحتلال الأرمني مُنذ ثلاثين عاماً والمعروف باسم إقليم ناجورنو كاراباخ،  فاستعادته خلال أقل من أربع وعشرين ساعة، وسيطرت على تسعين نقطة عسكرية كان الأرمن يتحصنون بها فيه، وهو ما أدّى إلى استسلام الأرمن بسرعة للجيش الأذري، وقيامهم بتسليم أسلحتهم للقوات الأذرية بالتنسيق مع قوات السلام الروسية المُنتشرة على الحدود بين الاقليم وأذربيجان، ثمّ هجرة غالبيتهم إلى أرمينيا.
إنّ توقيت هذا الهجوم الخاطف يأتي في وقتً تنهمك فيه روسيا في حربها الطويلة مع أوكرانيا، ولا تستطيع الانشغال بحربٍ جديدة تشتعل في جنوب القوقاز بين أرمينيا واذربيجان، فلقد كان من المُفترض وفقاً لاتفاقية الدفاع المُشترك التي تربط روسيا بأرمينيا أنْ تقوم روسيا بمنع أذربيجان من استرداد الاقليم بالقوة كما كانت تفعل طيلة الثلاثين عاماً الماضية، لكنّ الأمور في المنطقة قد أفلتت من يدها بالفعل مُنذ العام 2020 وذلك عندما قامت  أذربيجان بإسنادٍ من تركيا بشنّ حربٍ شاملة على أرمينيا تمكّنت وقتها من تحرير جميع الأراضي المُحتلة حول ناجورنو كاراباخ، ولم تستطع روسيا وقتها من منع أذربيجان من استرداد مُعظم اراضيها ما عدا اقليم ناجورنو كاراباخ الذي جاء وقت تحريره في هذه الاوقات.
لقد أدركت أرمينيا مُنذ خسارتها للأراضي التي سيطرت عليها حول إقليم ناجورنو كاراباخ في العام 2020  أنّ سقوط إقليم ناجورنو كاراباخ بات مسألة وقت، وأنّ روسيا لم تعد قادرة على حماية أرمينيا من أذربيجان ولا منعها من احتلاله، لذلك قامت أرمينيا  في العام 2021 بسحب قواتها من الإقليم، ولم يبقي فيه الأرمن الانفصاليين الذين كانوا قد أعلنوا فيه جمهورية من طرفٍ واحد غير مُعترف بها رسمياً، وهؤلاء الانفصاليين هم أعجز من الوقوف أمام الغزو الأذري من دون دعم أرمينيا.
وعندما جاء الهجوم الأخير لأذربيجان على الإقليم وقفت أرمينيا وقوف المُتفرّج، ولم تفعل شيئاً للأرمن الانفصاليين، وبرّرت ذلك بضعف الموقف الروسي، وعجز الروس عن القيام بحماية الأرمن في الاقليم، وخذلانها لهم بسبب عدم تفعيل اتفاقية الدفاع المشترك بين روسيا وأرمينيا، مُعلّلة ذلك الموقف الروسي الضعيف بانشغال روسيا بحربها في أوكرانيا.
لقد استغلت أمريكا هذا الموقف الجديد الذي أحدث فراغاً واضحاً في القوقاز الجنوبي ويحتاج إلى قوة دولية لملئه فقامت أمريكا من فورها بالاتصال بأرمينيا وبقيادتها السياسية والعسكرية، وأجرت معها مُناورات عسكرية مُباشرة، في الوقت الذي كانت رحى الحرب تدور في المنطقة، ثمّ عرضت عليها الحماية بدلاً من الحماية الروسية، وبدأت بالاتصال بالقيادات في أذربيجان للقيام بالوساطة بينها وبين أرمينيا.
ولم تكتفِ أمريكا بذلك بل انّها قامت بعد انتهاء أذربيجان من السيطرة على اقليم ناجورنو كاراباخ ووقف إطلاق النار بإرسال وفد أمريكي خاص إلى أرمينيا سلّم رسالةً إلى رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان من الرئيس الأمريكي جو بايدن تتضمّن نقطتين مُهمّتين ومُحدّدتين وهما :
1 – إرسال وحدة عسكرية أمريكية للتمهيد لإرسال بعثة مُراقبة دولية إلى جنوب القوقاز ( أرمينيا وأذربيجان ) بحجة حماية المدنيين الأرمن.
 
2 – إرسال مُساعدة مالية بقيمة 11.5 مليون دولار أمريكي للاجئي ناغورنو كاراباخ الأرمن.
ولم ترد روسيا على هذا التدخل الأمريكي السريع والمُباشر في منطقة نفوذها التقليدية إلا بالإعلان عن امتعاظها من ذلك، ثمّ إطلاق تهديدات فارغة تُدين تصرفات أرمينيا ورئيس وزرائها المُتعاون مع أمريكا، لكنّها لم تتخذ أي إجراء عملي فعّال لمنع التدخل الأمريكي.
ويُمكن إجمال النتائج الجيوسياسية لهذه الحرب على المستوى الاقليمي والدولي بما يلي:
1 – تمكّنت اذربيجان من تحرير أراضيها المحتلة بعد ثلاثين عاماً من الاحتلال الأرميني مُستفيدةً من ضعف الموقف الروسي بسبب انشغال روسيا بحرب أوكرانيا، ومُستفيدةً أيضاً من الدعم التركي السياسي والعسكري القوي الذي كان حاسماً في تفوق الأذريين على الأرمن في المعركة.
2 – خسرت أرمينيا والأرمن الانفصاليين الحرب بسبب اعتمادهم على حماية الروس العسكرية وبسبب ركونهم إلى فرنسا وأوروبا في الدفاع عنهم بوصفهم جزء لا يتجزا من الصليبية الدولية، إلا أنّ المصالح الاقتصادية والسياسية  كانت أقوى من الروابط الدينية العاطفية.
3 – ربحت تركيا من هذه الحرب تعميق أواصرها وتقوية علاقاتها بالشعوب الناطقة باللغة التركية بوصفها تقوم بدور الدولة الحاضنة والراعية للشعوب التركية في القوقاز وفي أسيا الوسطى.
4 – خسرت إيران من هذه الحرب والتي كانت تُعوّل على دعم أرمينيا لمساعدتها في إبعاد تركيا عن عمقها الطوراني، ولإبقاء إيران حاجزاً جيوسياسياً امام هذا التمدد التركي.
5 – خسرت روسيا من هذه الحرب خسارةً كبرى بسبب ضعفها جراء ورطتها في أوكرانيا، وبسبب تحالف تركيا مع أذربيجان الذي كان ضاغطاً عليها، ومانعاً إيّاها من استمرار دعم أرمينيا ضد أذربيجان.
6 – تمكّنت أمريكا من التغلغل في جنوب القوقاز اعتماداً على تركيا التي ساهمت في انتصار أذربيجان، والتي فتحت لها المجال للتواصل مع أرمينيا بحجة الحماية، والحلول مكان روسيا عسكرياً فيها، ولإعادة ترتيب خطوط ومسارات الطاقة من أذربيجان إلى أوروبا.
7 – خسرت فرنسا مكانتها في القوقاز بصفتها كانت تقوم بدور الراعي لأرمينيا من ناحية دينية.
إنّنا كمسلمين لا شك أنّنا نفرح لتحرير أي أرض إسلامية مُحتلة من أيدي الكفار، وإنّ استعادة أذربيجان لكاراباح هو تحرير لأرض إسلامية، وهو امرٌ يدعو إلى الفرح والسرور بلا ريب، ولكن ما يُؤلمنا هو قيام حكام المسلمين في تركيا وأذربيجان بتسهيل إدخال النفوذ الأمريكي مكان النفوذ الروسي في هذه المنطقة الإسلامية العريقة التي فُتحت في وقتٍ مُبكر أيام الخلافة الراشدة في عهد الخليفتين عمر وعثمان رضي الله عنهما.

الجمعة، 6 أكتوبر 2023

دولة الإمارات تبيح القمار والزنا وشرب الخمر وأكل لحم الخنزير بشكل رسمي

دولة الإمارات تبيح القمار والزنا وأكل لحم الخنزير وشرب الخمر بشكل رسمي


 

تمضي إمارة دبي في دولة الإمارات العربية المتحدة بوتيرة سريعة في إقرار قانون يُبيح القمار في الإمارة بشكلٍ رسمي ضمن موجةٍ من موجات إباحة كبائر الآثام والمُنكرات في مجتمعات المسلمين.

فدبي تُريد أن تسير على درب سنغافورة لتكون مركزاً عالمياً ريادياً في إدارة ألعاب القمار واستقبال المُقامرين واستجلابهم إليها من كل فجٍ وصوب، فقد أعلنت دولة الإمارات عن تأسيس الهيئة العامة لتنظيم الألعاب التجارية وهو اللفظ المستخدم اصطلاحاً للتعبير عن القمار بالصيغة المُحبّبة لهذه اللعبة المُنكرة،  وتمّ تعيين كيفين مولاي في منصب الرئيس التنفيذي للهيئة وتعيين جيم مورين على رأس إدارتها، وهذان الشخصيتان معروفان بأنهما من كبار أقطاب الشخصيات العالمية في إدارة القمار على مستوى العالم.

وكشفت الإمارات في هذا الخصوص عن تجهيزات البنية التحتية التي تُعدّها لاحتضان ألعاب القمار فيها وتشمل إقامة فنادق ومنتجعات يضم الواحد منها 1500 غرفة بالإضافة إلى وسائل اللهو والترفيه الأخرى، ويكلف منتجع القمار الواحد 5.9 مليار دولار، وتمّ التخطيط لبناء وتجهيز مُنتجعين في دولة الامارات أحدهما في دبي والآخر في رأس الخيمة.

لقد بدأت الإمارات بإدخال القمار إلى البلد أولاً من خلال اليانصيب الخيري، ثمّ تمّ تطويره رويدا رويدا ليصبح من أضخم مراكز القمار العالمية، وأخذت تأخذ الاستشارات المتعلقة بالقمار وتستعين لخبراء قمار عالميين من لاس فيجاس الأمريكية عاصمة القمار في العالم.

لا ندري كيف تتفتّق الأفكار الشيطانية عند محمد بن زايد فيقدم على شرور الأعمال والفواحش،  وينفق المليارات في الصد عن الإسلام ومحاربة شرائعه بكل فجور ووقاحة لم يسبقه إليها أحد من قبل.

لم يكتف ابن زايد بإباحة القمار وحسب، بل وأباح الكثير من المنكرات مثل أكل لحم الخنزير، وشرعنة الزنا العام الماضي، حيث سُمح للمرأة بتسجيل مولودها في شهادات الميلاد من دون ذكر اسم أبيه، كما سُمِح بتسجيل الأبوين للمولود بدون اشتراط عقد الزوجية، أي بمعنى الأبوين البيولوجيين وليس الزوجين الشرعيين، وبذلك تمّ إلغاء قاعدة الولد للفراش الشرعي.

 وتمّ إعداد هذه القوانين باعتبارها من القانون المدني الذي أصبح في الإمارات بمثابة المرجع القانوني لتسجيل الولادات حصرا دون الالتفات إلى أحكام الشريعة الإسلامية.

وفتح هذا القانون المجال لانتشار بيوت الدعارة، حيث سجّلت دبي لوحدها أكثر من ثلاثين ألف بيت دعارة ولواط في العام الماضي وحده بغطاء من الحكومة والأمراء الفاسدين التي تُدر عليهم هذه البيوت مليارات الدولارات سنويا.

فالإمارات إذا باتت تتسابق مع السعودية في نشر الفواحش والكبائر والمنكرات، حيث أنّ السعودية تفوقت عليها في مهرجانات الأغاني الساقطة ومنها أغنية المغنية الأسترالية سيئة الذكر الإلحادية التي تعتبر الإله أنثى، وتخصصت كذلك في استقطاب مشاهير لاعبي كرة القدم وإهدار الأموال العامة عليهم،  وساهمت في الإنفاق ببذخ على ملاعب ومسابقات الجولف الفارغة، وبرعت في احتضان المؤتمرات الفلسفية الالحادية، ومارست الكثير من المنكرات الأخرى غيرها، بينما تقوم الإمارات بشرعنة وإدخال كل أنواع الموبقات وجعلها قوانين مسموحة ومُتاحة للجميع، وكأنها بلد من بلدان الكفر.

وكانت الإمارات قد سمحت في العام 2021 بشرب الخمور وألغت قوانين العقوبات السابقة عليه.

وهكذا يتمادى ابن زايد في غيّه وانحرافه، ويتسابق مع ابن سلمان في محاربة الإسلام ونشر الرذائل والمنكرات في جزيرة العرب و أرض الحرمين وبلاد الاسلام.

ولكنّ هذا التمادي في مُعاداة الاسلام ومُحارية أهله لا شك أنه سوف يُساعد في نشؤ جيلٍ جديد ثائر من الشباب المؤمن لا يقبل بالخنوع ولا الاستسلام، وسيقوم إن شاء الله بثورة إسلاميةٍ شاملةٍ تُطيح بهؤلاء الحكام الصعاليك العملاء، وتُقام على أنقاض عروشهمدولة الاسلام في جزيرة العرب وتُطهرها من أرجاسهم وأدناسهم.

الجمعة، 15 سبتمبر 2023

ممر بايدن لا يخدم الا اعداء الاسلام

ممر بايدن لا يخدم إلا أعداء الاسلام
( خبر وتعليق )
الخبر :
وقّعت الولايات المتحدة والهند والسعودية والإمارات وفرنسا وألمانيا وإيطاليا والاتحاد الأوروبي -على هامش قمة العشرين في نيودلهي- مذكرة تفاهم لإنشاء ممر اقتصادي كبير يشمل سككاً حديديةً وربط موانئ ومد خطوط وأنابيب لنقل الكهرباء والهيدروجين، بالإضافة إلى كابلات لنقل البيانات، أطلق عليه البعض ممر بايدن نسبة للرئيس الأمريكي جو بايدن صاحب فكرة المشروع.
ووصف الرئيس الأميركي المشروع (بالتاريخي)، وجاء إعلان بايدن بعد يومين من تصريح المتحدثة باسم الخارجية الصينية بأن 90 دولة أكّدت أنها ستشارك في المنتدى الثالث لمبادرة "الحزام والطريق" الذي تستضيفه بكين في أكتوبر/تشرين الأول المقبل.
كما ربط معلّقون بين الإعلان الأميركي وغياب الرئيس الصيني شي جين بينغ عن قمّة العشرين، حيث قال المحلل السياسي والأمني فاران جيفري إن شي لم يحضر ( تجنبا للإحراج )، ومن جهتها رأت المحللة فيلينا تشاكاروفا أن هذه الخطوة تأتي في إطار التنافس الصيني الهندي.
من ناحية أخرى احتفى رئيس وزراء كيان يهود بنيامين نتنياهو بالإعلان عن الممر الاقتصادي، وظهر في مقطع فيديو عبر منصات التواصل الاجتماعي السبت يبين فيه بالخرائط مسار المشروع الذي ذكر أن كيان يهود سيكون محطة رئيسية فيه، وقال نتنياهو "يسرني أن أزف لمواطني دولة إسرائيل بشرى تحول إسرائيل إلى مفرق رئيسي في هذا الممر الاقتصادي"، مشيرا إلى أن رؤية هذا المشروع "تعيد تشكيل ملامح منطقة الشرق الأوسط"، وأضاف :"ان واشنطن اتصلت بإسرائيل قبل شهور عدة للمشاركة في المشروع، ومنذ ذلك الحين جرت اتصالات دبلوماسية مكثفة لتحقيق هذه الانفراجة"، ووصف نتنياهو المشروع بأنه "التعاون الأكبر في تاريخ إسرائيل"، وفق تعبيره.
التعليق :
يُعتبر توقيع الدول الأوروبية والهند على مُذكرة تفاهم لإنشاء هذا الممر الاقتصادي الكبير برعاية الرئيس الأمريكي جو بايدن أكبر انجاز لأمريكا في مُواجهة الممر الصيني المعروف بـ ( الحزام والطريق )، بل يُعتبر حاجز صد منيع يقف أمام المشروع الصيني ويمنع الصين من الوصول اقتصادياً إلى أوروبا وهو هدفها الاكبر، فهو في الواقع أكبر انجاز أمريكي عملي يُعرقل استكمال مشروع (الحزام والطريق) الصيني.
ولعل اعلان رئيسة الوزراء الايطالية جورجا ميلوني قبيل انعقاد مؤتمر العشرين في الهند عن انسحابها من مشروع (الحزام والطريق) الصيني كان تمهيداً لاشتراكها في هذا المشروع الأمريكي الجديد، وابتعادها مُرغمةً عن الصين، وهو دليل على خضوعها وخضوع اوروبا معها للاملاءات الأمريكية.
تأمل أمريكا من هذا المشروع تحويل الهند إلى مصنع العالم للسلع الرخيصة بدلاً من الصين، وذلك في سعيها منذ فترة لمحاصرة الصين اقتصادياً واستراتيجياً، وذلك من خلال فصل أوروبا عن الصين اقتصادياً، ومنع تمدد الصين خارج اقليمها، ومحاصرتها في منطقة شرق وجنوب اسيا.
ولعل سبب غياب الرئيس الصيني شي جين بينغ عن مؤتمر العشرين المُنعقد في الهند هو توقيع هذا الاتفاق في المؤتمر، وهو ما يُعتبر طعنة غدرٍ في خاصرة الصين.
وإنّ أهم عناصر هذا الممر الجديد هو الهند وأوروبا فهما القوتان الاقتصاديتان الكبيرتان في هذا المشروع، وأمّا الباقون كالسعودية والامارات وكيان يهود فهم مُجرد محطات ترانزيت لهذا المشروع.
إلا أنّ كيان يهود يستفيد من المشروع أكثر من السعودية والامارات كونه يملك الميناء الرئيسي ( حيفا ) لتلقي وتحميل وشحن واستقبال البضائع من الهند إلى أوروبا وبالعكس، بالاضافة إلى تطبيع علاقاته مع السعودية بحجة المُشاركة في هذا المشروع من دون تقديم أية تنازلات سياسية ملموسة.
وإن تمّ تنفيذ هذا الممر فسيكون أيضاً مُضراً بقناة السويس كونه سيأخذ نصيباً من حصتها في النقل البحري، وهو ما يُقلّل من أهميتها الاستراتيجية عالمياً.
إنّ مُشاركة السعودية والامارات في المشروع لن يُفيدهما اقتصادياً ولا سياسياً بالطبع، فهما فقط ستخدمان امريكا وأوروبا وكيان يهود كمجرد طريق للبضائع، ولا قيمة لمُشاركتهما فيه، وستُحوّلان المنطقة بالتالي إلى مُستعمرات سياسية تابعة لأمريكا، وخادمة لأعداء المسلمين كأوروبا والهند وكيان يهود.
فهذه المُشاركة السعودية الاماراتية في هذا الممر الجديد هي خيانة جديدة يُضيفها مُحمد بن سلمان ومُحمد بن زايد إلى خياناتهما الكثيرة ضد الشعوب الاسلامية.
 ولسوف تقوم الشعوب الاسلامية في المستقبل القريب بإذن الله بهدم عرشيهما وإلغاء كل الاتفاقيات الخيانية التي قاما بإبرامها بعد أنْ تُقام دولة الخلافة الاسلامية الثانية على منهاج النبوة قريباً في هذه المنطقة.

الأربعاء، 13 سبتمبر 2023

كيف عالج الاسلام آفة العنصرية

كيف عالج الإسلام آفة العنصرية

تُعاني مُجتمعات المسلمين كسائر المُجتمعات الأخرى من آفة العنصرية والتمييز العنصري، وذلك بوصفها إحدى ما ابتلانا بها الكافر المُستعمر من آفات كثيرة جرّاء تصديره لمفاهيمه الاستعمارية المُخالفة للفطرة، ولثقافته المُلوّثة التي غزا بها الشعوب الاسلامية التي استعمرها عسكريا وثقافياً ردحاً من الزمن.
والعنصرية هي اعتقاد أو قناعة او شعور مجموعة مُعينة تنتمي لعرقٍ أو لونٍ أو نسب، يجعلها ترى في نفسها بأنّها أعلى مُستوىً من سائر المجموعات الأخرى، ويُغالي بعض العنصريين في شرح هذا التفوق فيُرجعه إلى وجود صفات جينية موروثة تتمتّع بها تلك المجموعة، فلا توجد فيما سواها، فتمنحها تلك الجينات - بحسب زعمهم - قدرات خاصة تُميّزها عن سائر الأجناس البشرية الأخرى، ويتشكّل من تلك المجموعة (المُتفوّقة) كيان سياسي له خصائص مُشتركة يتصف بها دون غيرها من الكيانات الأخرى الأقل مُستوى.
فهذا الاعتقاد الزائف وذلك الشعور الكاذب هو الذي يوجد هذه الفوقية والاستعلاء والعجرفة لدى أتباع هذه المجموعة البائسة، وهو ما يُنتج هذه الآفة الخطيرة بين الشعوب والتي تُسمّى  بالعنصرية، وما ينتج عنها من كراهية وتمييز عنصري بين البشر.
ولعل الحضارة الغربية تزخر بالمظاهر العنصرية الكثيرة المُتمثّلة بقتل السود والمُسلمين لأتفه الأسباب، كما يحصل في أمريكا وفرنسا بشكلٍ خاص، حيث تُطلق الشرطة النارعلى هؤلاء الناس بكل برودة أعصاب ومن غير ضرورة.
وتُغذي هذه التصرفات العنصرية البغيضة تصريحات مُماثلة صريحة ومشحونة بالكراهية كقول الرئيس الفرنسي ماكرون : " كونك رجلاً أبيضاً يُعدّ امتيازاً "، وكقوله عن الاسلام إنّه : " دينٌ يعيش أزمةً في جميع أنحاء العالم".
ومثل هذه التصريحات البغيضة والتصرفات العنصرية لدى الفرنسيين هي التي باتت تجلب لهم الكراهية والحقد عند الآخرين، وهي التي تؤدي في هذه الأيام إلى طرد فرنسا من سائر الدول الافريقية. 
وفي الوقت الذي تفتخر فيه أوروبا وأمريكا بعنصريتيهما، وتُذيقان العالم من ويلاتها، وما ينتج عنها من نشر العداوة والبغضاء بين شعوب الكرة الأرضية جمعاء وما تمخض عنها من سفك للدماء وإزهاقٍ للأرواح، في الوقت نفسه نجد أنّ الاسلام قد عالجها بشكلٍ جذريٍ حاسمٍ وقاطع فقضى على أسبابها، وجفّف منابعها، وقرنها بكل ما هو قبيح لتنفير المُسلمين منها، وإبعادهم عن الوقوع في براثنها. 
فالاسلام ابتداء اعترف باختلاف الألوان والألسن اختلافا لا يؤدي إلا إلى العبادة والتفكر في خلق الله، قال تعالى:" وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ" فجعل الله سبحانه اختلاف اللغات والألوان مدعاة للتدبر والعبادة، وتقديرعظمة قدرة الله سبحانه على الخلق وتنوعه، وليس مدعاة للتفاخر والتناحر.
وعن ‌جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: "كنا في غزاة فكسع رجل من المهاجرين رجلا من الأنصار، فقال الأنصاري: يا للأنصار، وقال المهاجري: يا للمهاجرين، فسمع ذاك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما بال دعوى جاهلية، قالوا: يا رسول الله، كسع رجل من المهاجرين رجلا من الأنصار، فقال: دعوها فإنها منتنة"، فلم يُعالج الرسول صلى الله عليه وسلم حادثة الكسع ذاتها، بل عالج أسبابها ومُسبّباتها، فركّز على دعوى المهاجر ودعوى الأنصاري للتحشيد الجاهلي، واهتم بخطورة جر المهاجرين والأنصار لاقتتالٍ قبليٍ عقيم ضد بعضهما البعض، فوصف هذه الدعوى بالجاهلية، ودعى إلى تركها لأنّها مُنتنة، وذلك لتنفير المُسلمين منها، فكان العلاج حاسماً قاطعاً.
وربط القرآن الكريم العنصرية بإبليس عدو البشر ليبتعد الناس عنها كونها من عمل ابليس قال تعالى:" قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ  قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ"، فاعتبرها من الاستكبار الذي تميّز بها ابليس لعنه الله.
وجعل التقوى مقياس التفضيل في نصوصٍ قاطعة لا تُبقي لروابط العرق والدم أي أثر في الناس، قال تعالى:" يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَٰكُم مِّن ذَكَرٍۢ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَٰكُمْ شُعُوبًا وَقَبَآئِلَ لِتَعَارَفُوٓاْ ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ ٱللَّهِ أَتْقَىٰكُمْ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ" وقال عليه الصلاة والسلام : " يا أيُّها الناسُ إنَّ ربَّكمْ واحِدٌ ألا لا فضلَ لِعربِيٍّ على عجَمِيٍّ ولا لِعجَمِيٍّ على عربيٍّ ولا لأحمرَ على أسْودَ ولا لأسودَ على أحمرَ إلَّا بالتَّقوَى إنَّ أكرَمكمْ عند اللهِ أتْقاكُمْ".
وعالج النبي محمد صلى الله عليه وسلم التفاخر بالآباء وما ينتج عن ذلك من جاهلية وعنصرية علاجاً حاسماً بتشبيه المُتفاخر بالصرصار الذي يجمع النتن بأنفه، ليهزّ مشاعره، ويُشنّع فعلته، وليُنفّره من العودة إلى مثل هذه العنصرية البغيضة فقال:" لينتهيَنَّ أقوامٌ يفتخرونَ بِآبائِهِمُ الذينَ ماتُوا إِنَّما هُمْ فَحْمُ جهنمَ أوْ ليكونُنَّ أَهْوَنَ على اللهِ مِنَ الجُعَلِ الذي يُدَهْدِهُ الخِرَاءَ بِأنْفِهِ إِنَّ اللهَ قد أَذْهَبَ عَنْكُمْ عُبِّيَّةَ الجاهليةِ وفَخْرَها بِالآباءِ إِنَّما هو مُؤْمِنٌ تَقِيٌّ أوْ فَاجِرٌ شَقِيٌّ الناسُ كلُّهُمْ بَنُو آدمَ وآدَمُ خُلِقَ من تُرَابٍ".
ولو أخذ المسلمون بهذه المُعالجات الشرعية الحادّة للعنصرية لاستأصلت هذه الآفة من جذورها ولما بقي لها أثر في بلاد المسلمين، ولكنّ حكام المُسلمين وللأسف يستبعدون هذه المُعالجات الشرعية ويُتعمّدون تغذية هذه الآفة امتثالاً لأوامر أسيادهم من الكفار للحفاظ على عروشهم ولو على إثارة هذه النعرات الجاهلية العنصرية بين شعوب الأمّة الاسلامية الواحدة.
 ولنأخذ مثالين اثنين كنماذج بائسة يُروّجها الحكام لنشر العنصرية والكراهية بين المسلمين:
1 – تقوم السلطات التركية بشن حملة شرسة ضد اللغة العربية فيزيلون اللافتات، ويُظهرون التحقير للعرب، وللغتهم، في الوقت الذي يُسمح فيه لكل لغات العالم بالظهور في تركيا ما عدا اللغة العربية.
2 – يحرص المسؤولون الايرانيون في كل مُناسبة على التأكيد على تسمية الخليج العربي بالخليج الفارسي حتى لوكانت مناسبة تصالح بين الايرانيين والسعوديين كما فعل وزير الخارجية الايراني لدى زيارته للسعودية هذه الأيام في إطار التصالح معها.
فهذان نموذجان واضحان للعنصرية التركية والفارسية ضد العرب والتي ترعاها الدولتان في تركيا وايران، وهو ما من شأنه إثارة ردود فعل مُماثلة لدى العرب ضد اخوانهم في الاسلام من الأتراك والفرس.
إنّ الحل السياسي الجذري والصارم لهذه الآفة لا يتم إلا بإقامة الدولة الاسلامية المبدئية التي تُوحّد هذه الدول الجاهلية تحت رابطة العقيدة الاسلامية فقط، ولا تُقيم وزناً لتلك النعرات الجاهلية.

الخميس، 7 سبتمبر 2023

التطبيع مع كيان يهود تطبيع حكام وليس تطبيع شعوب

التطبيع مع كيان يهود تطبيعُ حكام وليس تطبيعَ شعوب 

إنّ ذلك اللقاء المشؤوم الذي جمع وزيرة خارجية ليبيا نجلاء المنقوش بوزير خارجية كيان يهود إيلي كوهين في العاصمة الإيطالية روما، إنّه بقدر ما كشف عن خيانة حكام ليبيا وامتثالهم لأوامر أمريكا بالمضي قدماً في مسيرة التطبيع الانبطاحية مع كيان يهود امتثالاً أوتوماتيكياً، بقدر ما كشف عن رفض الشعب الليبي الصارخ للتطبيع مع ذلك الكيان رفضاً أخاف معه أمريكا وأذنابها من العملاء الإمعات.

لقد كانت الحكومة الليبية تخطط أنه لو كُشف الاجتماع فستدّعي أنّه كان اجتماعاً عارضاً وشخصياً وغير رسمي، لكن السياسيين في كيان يهود كشفوا عن تحضيرات تفصيلية، وترتيبات دقيقة لذلك الاجتماع بالاتفاق مع الحكومة الليبية ورئيسها، وأنّه سيكون مقدمة لما سيتبعه من توسيع نطاق التطبيع وتعميقه وتطويره.

فجاءت هبّة الشعب الليبي ضد الاجتماع مفاجئة وعنيفةً وحاسمةً وواضحةً في رفض أي شكل من أشكال التطبيع مع كيان يهود، وصاحبتها مظاهرات جماهيرية واسعة، وقطع للطرق الرئيسية، ومحاصرة لاستراحة رئيس الحكومة نفسه عبد الحميد الدبيبة، فذهل كيان يهود من شدة ردة الفعل الشعبي، وانزعجت أمريكا من هذا الكشف فأبرقت رسالة توبيخ شديدة اللهجة لوزارة خارجية يهود، وقالت الخارجية الأمريكية بأنّ هذا الكشف سيؤثّر سلبياً على اللقاءات السرية التطبيعية التي تقودها أمريكا مع الدول المطبعة وكيان يهود.

وهذا يعني أنّ التطبيع السري مع الدول العربية مع كيان يهود لا يتوقف، ولكنّه يأخذ أشكالاً مُتنوّعة تتناسب مع درجة ردة الفعل الشعبية في تلك الدول.

إنّ ردة الفعل الشعبية التي انطلقت من ليبيا ضد التطبيع أطاحت بالوزيرة نجلاء المنقوش التي أجبرت على مغادرة البلاد إلى لندن، وإنّها قد وضعت رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة في مأزق فأخذ يتذلّل أمام شعبه، ويذهب إلى السفارة الفلسطينية في طرابلس الغرب ليمثل أمام الكاميرات دور الرافض للتطبيع، وليُدجّل على شعبه بالقول بأنّه لم يكن على علم بلقاء المنقوش بكوهين!

فهذه الهبة الشعبية وهذه المظاهرات الصاخبة إنْ هي إلا ردة فعل حقيقية وغاضبة على خيانة حكام ليبيا وعمالتهم، واستطاعت هذه الهبة غير المتوقعة أنْ تحبط كل مخططاتهم التطبيعية التآمرية، وهي قد أخافت هؤلاء الحكام وأرعبتهم، وجعلتهم يعيدون التفكير ألف مرة قبل القيام باقتراف خيانة جديدة، فكانت هذه الهبّة في الحقيقة أبلغ تأثيراً من كل تلك المناورات السياسية والتصريحات المخادعة التي يطلقها السياسيون ليل نهار لأنها اتسمت بالمصداقية والجدية والعفوية.

أمّا الحكام وأنصاف الحكام في الدول العربية فهم في وادٍ وشعوبهم في وادٍ آخر، وهم لا يرعوون من ثورات شعوبهم، ولا يتّعظون من دروس من سبقوهم، فقد نقلت وول ستريت جورنال الأمريكية عن مسؤولين كبار لم تذكر أسماءهم أنّ وفداً من السلطة الفلسطينية سيتوجه إلى العاصمة السعودية الرياض في الأيام القادمة، وسيناقش مع المسؤولين السعوديين مسألة التطبيع مع كيان يهود ووقف المقاومة، إذ إنّ السعودية تريد الإقدام على التطبيع وإقامة علاقات علنية صريحة مع كيان يهود بالاستناد إلى السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس لأخذ موافقة صريحة منه، من أجل إعطاء الشرعية المطلوبة للتطبيع السعودي مع كيان يهود باسم الشعب الفلسطيني الذي تمثله سلطة محمود عباس وفقاً للشرعية الدولية على حد زعمهم.

وقالت وول ستريت جورنال إنّ محمد بن سلمان ولي العهد السعودي سيقدّم الدعم المادي السخي للسلطة الفلسطينية مقابل محاربة السلطة للمقاومين والقضاء عليهم.

ولعل ما بدأت به السلطة في طولكرم من قتلها لأحد المُقاومين، وإزالتها للمتاريس التي وضعها المُقاومون، لعل ذلك هو بداية إعلان الحرب من قبل السلطة ضدّ المُقاومة.

والسعودية في طريقها للتطبيع تبدو متلهفة ومتسرعة، ولكن أمريكا هي التي تكبح جماحها للضغط على كيان يهود للقيام بتقديم تنازلات للفلسطينيين، لتطبيق حل الدولتين الأمريكي.

وإنّ حادثة هبوط الطائرة التي كانت تُقل 128 راكباً من كيان يهود كانوا في طريق عودتهم إلى تل أبيب اضطرارياً في مطار مدينة جدة، والترحيب بهم بحرارة، وحسن استقبالهم لدرجة أنّ الركاب أنفسهم انبهروا بدفء الاستقبال وحرارة اللقاء، إنّ هذه الحادثة ربّما تدل على أنّ هبوط الطائرة لم يكن اضطرارياً بل كان مفتعلاً ومقصوداً، وقدّم رئيس وزراء كيان يهود الشكر الحار للسعودية لقاء حسن الاستقبال هذا.

إنّ هذه الهرولة المفضوحة من حكام الدول العربية نحو التطبيع مع كيان يهود لا شك أنّه يقابلها رفض قاطع من الشعوب لهذا لتطبيع، وهذا يدل على مدى اتساع الهوة بين الحكام وشعوبهم، وأنّهم في واد وشعوبهم في وادٍ آخر.

وإنّ هذا التناقض بين الطرفين وعدم التجانس نهائياً بينهما في هذه المسألة المصيرية بالذات سوف يؤدي على الأرجح إلى المزيد من الثورات التي ستعصف في النهاية بهؤلاء الحكام، وسوف تقتلعهم من عروشهم لا محالة بإذن الله.

الخميس، 31 أغسطس 2023

أبعاد صفقة أمريكا مع ايران

أبعاد صفقة أمريكا مع إيران
تمّ إبرام صفقة غريبة بين أمريكا وايران بوساطة قطرية أفرج بموجبها عن خمسة مواطنين امريكيين مقابل الافراج عن ستة مليارات دولار أمريكي من الأموال الإيرانية المُجمّدة في بنوك كوريا الجنوبية بسبب العقوبات الامريكية.
ووجه الغرابة في الصفقة كون المبلغ ضخم جداً ولا يتناسب مع قيمة الفدية المدفوعة لاطلاق سراح المساجين المُفرج عنهم والذين هم ليسوا من الأمريكيين الاصليين من وجهة نظر الساسة الأمريكيين المُتنفذين، فهم على أية حال ايرانيين ولسوا أمريكيين.
وأصرّت إدارة بايدن على تمرير الصفقة بالرغم من اعتراض دولة يهود الشديد عليها واعتراض اللوبي اليهودي في أمريكا واعتراض الكونغرس الامريكي على تلك الصفقة.
ولأنّ إدارة بايدن لا تستطيع تمرير الصفقة في الكونغرس بصورة قانونية قامت بتمريرها خلال استخدام صلاحيات الرئيس وذلك بتمرير صفقة وتفاهمات، وهذا يدل على مدى اهمية هذه الصفقة بالنسبة للإدارة الامريكية، وأهمية إيران وحكومتها بالنسبة للسياسين الأمريكيين الفاعلين.
وادّعت الادارة الأمريكية أنّ الصفقة ضرورية لها للأسباب التالية:
1 – اندراجها تحت استراتيجية الردع والضغط والديبلوماسية التي تنتهجها إدارة بايدن.
2 – كونها تُساهم في احتواء الصين وإفشال روسيا في أوكرانيا.
3 – الضغط على إيران لوقف بيع طائراتها المسيرة إلى روسيا.
4 – تخفيف حدة التوترمع ايران وإحياء محادثات اوسع نطاقاً معها حول برنامجها النووي.
وهذ المُبررات التي قدّمتها امريكا لتمرير الصفقة لا تُسهم إلا في تحسين وضع ايران الاقتصادي والسياسي ورفع مكانتها اقليمياً، وهو ما يتناسب مع كون ايران تسير في فلك أمريكا، وتُلبي الاحتياجات الأمريكية وتُساهم في زيادة النفوذ الامريكي في المنطقة، لذلك فأمريكا معنية بمساعدتها ورفع العقوبات عنها بمنحها المليارات من الدولارات لحاجتها الشديدة إليها لتخفيف أزمتها الاقتصادية الخانقة، ولتمكينها من القيام بلعب دورها المرسوم لها في المنطقة لخدمة المصالح الأمريكية على احسن وجه.
ولإكمال المسرحية بين أمريكا وإيران عبر هذه الصفقة قامت الحكومة الايرانية بإطلاق بادرة حسن نية من جانبها تتعلق بتخفيض نسبة تخصيب اليورانيوم دون الستين بالمائة، وبالمُقابل وعدت امريكا بعدم فرض عقوبات جديدة على ايران.
ودافعت الخارجية الأمريكية امام مُنتقديها عن الصفقة بأنّ المبالغ المُفرج عنها هي أموال إيرانية مُستحقة لها من بيع النفط لكوريا الجنوبية، ورفضت الافصاح عن تفاصيل عملية إتمام صفقة تبادل السجناء مع ايران بحجة انّها ما زالت جارية.
وأمّا بالنسبة لكوريا الجنوبية فاستفادت هي الأخرى من الصفقة باعتبارها تابع مهم لأمريكا في الشرق الأقصى فكوفئت بمليار دولار امريكي جراء خفض قيمة عملتها أمام الدولار الأمريكي لأنّ اصل الصفقة سبعة مليارات فخسرت ايران ملياراً منها بسبب فرق العملة ذهب لصالح كوريا الجنوبية.
ولعل من أهم دلالات هذه الصفقة ضعف تأثير كيان يهود على إدارة بايدن، وتأكيد أهمية الدور الايراني في المنطقة بالنسبة لأمريكا، فهو دور لا غنى عنه بالنسبة لأمريكا في منطقة الشرق الأوسط.
ويُفهم من هذه الصفقة انّ امريكا لا زالت اللاعب المُهيمن في العالم، فهي وحدها التي تُقُرّر فرض العقوبات على الدول وهي لوحدها التي تُقرّر رفع العقوبات عن الدول كما يحلو لها.
وهذه الصفقة أيضاً كشفت دور ايران المشبوه في التعاون مع أمريكا، وأظهرت أنُ الصراخ الاعلامي والسباب والتلاعن بين الدولتين هو مجرد طنين أجوف لا يؤثر في طبيعة العلاقات المصلحية بينهما.
إنّ الطريق الوحيد الصحيح في التعامل مع امريكا هو عدم التعاون معها تحت اي ظرف من الظروف، فهي دولة عدوة حاقدة ضد المسلمين، بل هي الدولة الأولى في العالم التي تُحارب الاسلام وتتآمر على المسلمين مع جميع أعداء الأمة الاسلامية، وتنتهك حُرُماتهم، لذلك يجب اتخاذ استراتيجية الحرب الفعلية معها، وعدم الانحناء لها مطلقاً كما يفعل حكام العمالة والخيانة معها هذه الايام، ويجب رفض التفاهم معها بأي أسلوب من الاساليب، ولأي سبب من الاسباب.

الأربعاء، 16 أغسطس 2023

انقلاب النيجر وكنس الوجود الفرنسي من افريقيا

إنقلاب النيجر وكنس الوجود الفرنسي من افريقيا
 
تأتي أهمية الانقلاب الذي وقع في النيجر في السادس والعشرين من شهر يوليو- تموز الماضي من كونه وقع في إحدى أهم المُستعمرات الفرنسية المُتبقّية لفرنسا في أفريقيا، فمساحة النيجر تبلغ مليون ومائتي كيلو متر مربع، وعدد سكانها يبلغ خمسة وعشرون مليون نسمة، يُشكّل المُسلمون منهم نسبة 99.3 % من السكان.
تعتمد فرنسا في تشغيل محطاتها النووية التي تُزوّدها بـ 35 % من احتياجاتها من الكهرباء على يورانيوم النيجر، بينما تعتمد سائر الدول الأوروبية في طاقتها الكهربائية على يورانيوم النيجر بنسبة 25 % من احتياجاتها.
وتمتلك النيجر بالإضافة إلى اليورانيوم الكثير من الثروات الأخرى ومنها النفط والذهب، لكنّه وبالرغم من كل هذه الثروات فإنّ النيجر وبسبب الاستعمار الفرنسي الشرس تُعتبر أفقر دولة في العالم حيث الفقر فيها مُدقعاً، فدخل إثنان من كل خمسة من سكان النيجرلا يتجاوز الـ 2 دولار يومياً.
وفي النيجر توجد قاعدة عسكرية جوية وأرضية لفرنسا بداخلها 1500 جندي فرنسي، وفيها أيضاً قاعدة عسكرية أخرى لأمريكا تحتوي على أكبر عدد من الطائرات المُسيّرة وبداخلها 1100 جندي أمريكي.
وخرج من بين هذه القواعد والحشود العسكرية الفرنسية والأمريكية الضخمة بضعة من جنود الحرس الرئاسي بقيادة عبد الرحمن تشياني في انقلاب مُفاجئ بقيادة ضباط تدربوا في السابق على أيدي القوات الأمريكية، فأطاحوا بحكومة محمد بازوم المُنتخبة، واستولوا بسهولة على السلطة، فيما وقف الجيش النيجري مُتفرّجاً إزاء الانقلابيين من الحرس الرئاسي لا يُحرّك ساكناً، ثمّ ما لبث الانقلابيون أن سيطروا على الجيش نفسه، وأجروا فيه تغييرات شاملة، وضعوا بموجبها رجالهم في المناصب المهمة التي تتحكم بمفاصل الجيش، فعيّنوا موسى سالاو برمو رئيساً للأركان وهو رجل معروف بصلاته المتينة بالأمريكان، حيث حارب معهم الجماعات الاسلامية في منطقة الساحل وجنوب الصحراء لمدة طويلة. 
فما كان هذا الانقلاب لينجح قط في النيجر لولا تواطؤ أمريكا مع الانقلابيين، وما كانت فرنسا لتقف مكتوفة الأيدي أمام الانقلابيين لولا الوجود العسكري الأمريكي القوي في النيجر، لا سيما وجود القاعدة الأمريكية المُضادة والمُوازنة للقاعدة الفرنسية فيها.
لقد دخلت أمريكا عسكرياً إلى القارة الافريقية في العام 2008 من خلال قوتها العسكرية المُخصّصة لافريقيا والمُسمّاة ( أفريكوم )، ثمّ شرعت بتمويل عمليات تدريب وتسليح الجيوش الافريقية في المستعمرات الفرنسية تحت ذريعة مُحاربة الارهاب، ومُنذ دخول (أفريكوم ) إلى افريقيا وقع أحد عشر انقلاباً في عدة دول افريقية على يد قوات عسكرية درّبتها أمريكا بشكلٍ خاص.
وتقول أمريكا بأنّها أنفقت مُنذ العام 2012 ما قيمته 500 مليون دولارعلى النيجر لوحدها، فزوّدتها بالمعدات ودرّبت جنودها، وأنشأت علاقات عمل وعمالة مع ضباط جيشها، وتبيّن أنّ النيجر كانت أكثر دولة افريقية من المستعمرات الفرنسية السابقة التي تلقّت مساعدات أمريكية عسكرية، فأمريكا استثمرت في النيجر الكثير من الأموال لأهميتها البالغة، وتنافست أمريكا مع فرنسا على النيجر في عدة انقلابات غير حاسمة إلى أن بلغت انقلاباتها النهاية مع هذا الانقلاب الأخير الذي يبدو أنّه كان حاسماً في طرد فرنسا من النيجر.
والناظر في تصريحات الطرفين تجاه الانقلاب يجد التصادم جليّاً بين فرنسا وأمريكا إزاءه، وذلك من خلال اللغة التي تتحدّث بها كلاً من الدولتين، ففرنسا تُصرّ على إعادة الرئيس المخلوع محمد بازوم إلى سدة الحكم، ولا تقبل الاعتراف بسلطة الانقلابيين الجديدة في النيجر، بينما أمريكا تتعاون مع الانقلابيين صراحةً وتُنادي بضرورة الحل الديبلوماسي، وتختار( الواقعية ) كلغة سياسية للتعامل مع الانقلابيين، وهذا يعني من ناحيةٍ عملية الاعتراف بانقلابهم، ومنحهم الوقت الكافي لتثبيت سلطتهم.
فأنتوني بلينكن وزير الخارجية الأمريكي يقول في حديثٍ له مع الاذاعة الفرنسية:
" الديبلوماسية هي السبيل الأفضل لحل هذا الوضع "، وأمّا المُتحدّث باسم الخارجية الأمريكية فيقول:" لا نزال نتأمّل، لكنّنا أيضاً واقعيون جداً بالنسبة لنجاح المسار الديبلوماسي"، وبعد أنْ التقت فكتوريا نولاند مبعوثة وزارة الخارجية الأمريكية بقادة الانقلاب، ومنهم رئيس الأركان الجديد العميد موسى سالاو برمو وقالت:" لقد أجريت معهم محادثات صريحة وصعبة وإنّنا ننظر بواقعية"، وأمّا رئيس الأركان الامريكي فكان من قبل قد صرّح بأنّه يتوقع أنّ الانقلابيين لن يتراجعوا، وهذا يعني من ناحية عملية أنّ أمريكا هي التي لن تتراجع عن هذا الانقلاب.
وعلى عكس الرئيس المخلوع بازوم الذي أظهر تأييداً شديداً لفرنسا واعتبرها شريكاً أمنياً واقتصادياً استراتيجياً لبلاده، أظهرالانقلابيون الجدد كراهيةً شديدةً لفرنسا، وألغى المجلس العسكري الجديد بقيادة عبد الرحمن تياني خمس اتفاقيات عسكرية معها، واتخذ سياسات انفصالية عن فرنسا تؤدي في النهاية إلى خروج الفزنسيين نهائياً من النيجر.
وانقلاب النيجر هذا هو الثالث على التوالي الذي تُدبّره أمريكا بعد انقلابي بوركينا فاسو ومالي في غضون أقل من عامين في منطقة غرب افريقيا، وهو سيفضي في النهاية إلى كنس النفوذ الفرنسي من جميع مُستعمراتها السابقة في افريقيا.
لعل هذه الانقلابات ستؤدي إلى خلق طبقة سياسية جديدة واعية ومُخلصة في افريقيا تنقلب على الأمريكان أيضاً، وتنجح في كنس نفوذهم، وكنس جميع النفوذ الأجنبي عموماً من افريقيا، وتُفضي - بمشيئة الله سبحانه وتعالى - إلى قيام دولة اسلامية حقيقية هي دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة

الثلاثاء، 15 أغسطس 2023

لبنان يمنع والسعودية تسمح بعرض فيلم للأطفال يروج للشذوذ الجنسي

لبنان يمنع والسعودية تسمح بعرض فيلم للأطفال يُروّج للشذوذ الجنسي

الخبر:

أعلنت وزارة الثقافة اللبنانية الأربعاء 09/08/2023 أنّها ستعمل على منع عرض فيلم "باربي" في لبنان لأنّه يُروّج للشذوذ الجنسي ويُشكّك بضرورة الزواج وبناء الأسرة، وقال وزير الثقافة اللبناني محمد وسام المرتضى في بيان إنّ: "فيلم باربي يُروّج للشذوذ والتحوّل الجنسي ويُسوّق لرفض وصاية الأب وإضعاف دور الأم، ويُشكّك بضرورة الزواج، وبناء الأسرة، ويُخالف بمحتواه الآداب والقيم لا سيما قيمة الأسرة ويُخالف المبادئ الأخلاقية والإيمانية التي تُشكّل الحصن الحصين للمجتمع اللبناني"، واعتبر: "أنّ عرضه في لبنان سيكون له نتائج وخيمة لا سيما على الأطفال والناشئة".
والفيلم أمريكي تخطت إيراداته في الغرب حاجز المليار دولار منذ بدء عرضه في دور السينما في 21/07/2023.
ورفضت عدة دول عرضه منها الكويت، أمّا السعودية والإمارات فوافقتا على عرضه في الصالات بعد إحداث بعض التعديلات عليه بما يتوافق مع معايير المحتوى الإعلامي في الدولتين وتمّ عرضه فعلياً.
 
التعليق:

إنّه لأمر مُريب أنْ تسمح السعودية بعرض أفلام تحتوي على مفاهيم الشذوذ، وهي بلاد الحرمين الشريفين، وإنّ إدخال بعض التعديلات على الفيلم لا يُغيّر فحواه المُنحرف، ولا يُبدّل الغاية الفاسدة التي يرمي إليها مُنتجوه الأمريكان الذين يُريدون تصدير شذوذهم إلى المسلمين عبر صناعة أفلام الأطفال.
لقد كان موقف وزير الثقافة اللبناني الذي لم ينطلق في رفضه لعرض الفيلم من مُنطلق إسلامي، أقرب إلى المعايير الشرعية من موقف السعودية التي ضربت بتلك المعايير عرض الحائط.
وإنّه لموقف مُخجل جداً أن تُعرض ثقافة الشذوذ على أطفالنا في بلاد الحرمين، لا سيما وأنْ تكون الدولة هي راعية هذه الثقافة المُنحرفة.
أين هم علماء المسلمين في السعودية الذين يتوجب عليهم إبراز الأحكام الشرعية المُتعلّقة بالرؤية الإسلامية في عرض أي مادة إعلامية للناس بشكل عام وللأطفال بشكل خاص؟! وأين هو الواجب الذي عليهم أنْ يُظهروه بشكلٍ دائمي وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المُنكر لا سيما ببلاد نجد والحجاز؟!
أم أنّ شغلهم الشاغل هذه الأيام بات يتركّز في إثارة معارك فكرية عقيمة، وجدالات كلامية نظرية أقرب ما تكون سفسطات فلسفية مع مُخالفيهم فلا تغني ولا تسمن من جوع، ويضيعون أوقات الناس بجدالات حول أفكار ميتة لعلماء الكلام في القرن الرابع الهجري فيريدون إحياءها من جديد؟!!

الأربعاء، 9 أغسطس 2023

تداعيات الغاء قانون حجة المعقولة على كيان يهود

تداعيات إلغاء قانون ( حجة المعقولية ) على كيان يهود



صادق الكنيست ( المجلس التشريعي ) في كيان يهود على إلغاء ما يُسمّى بقانون حجة المعقولية بتصويت كانت نتيجته أربعة وستين صوتاً مُقابل صفر من الأصوات للمُعارضة التي قاطعت عملية التصويت احتجاجاً على طرح هذا القانون المُتعلّق بتغييرات في الجهاز القضائي على التصويت، علماً بأنّ الكنيست مؤلف من مائة وعشرين مقعداً.
ومعنى حجة المعقولية عندهم هو منح قضاة المحكمة العيا صلاحية النظر في قرارات الحكومة والكنيست وإبطالها أو تمريرها بناءاً على مُوافقتها أو عدم مُوافقتها للصالح العام.
وبعنى آخر فإنّ ضابط إبطال القرارات أو تمريرها هو ما يراه قضاة المحكمة العليا وفقاً لأفهامهم وأمزجتهم، فلا يوجد قواعد دستورية ثابتة تُعتبر مرجعاً لهم في اتخاذ قراراتهم القضائية المُهمة سوى رؤيتهم الشخصية بأنّها تتوافق مع الصالح العام أو تتعارض معه.
وكلمة المعقولية في القانون جاءت من لفظ المعقول، أي ما يُعقل، وما يُوافق العقل، والعقول التي تُحدّد معقولية القرارات هي عقول قضاة المحكمة العليا وليس عقول غيرهم من المُشرعين أو النّواب أو السياسيين، وهذا ما يمنح القضاة صلاحية عليا تجعل السلطة القضائية فوق السلطتان الأخريان وهما التنفيذية والتشريعية.
ويعتقد زعماء المُعارضة أنّ هذه الصلاحيات الكبيرة للسلطة القضائية تجعلها تقوم بدور المُوازن بين السلطات وهو الأمر الذي سارت عليه دولة يهود مُنذ تأسيسها، وأنّ سحب هذه الصلاحية منها سيُحوّل الدولة إلى ما يُشبه الدول الدكتاتورية التي لا ديمقراطية فيها، بينما ترى الحكومة وداعميها من اليمينيين أنّ هذه الصلاحية المُطلقة الممنوحة للمحكمة العليا مُبالغ فيها، وأنّه قد حان الأوان للقيام بإصلاحات عميقة في الجهاز القضائي، ومن أهم هذه الإصلاحات إلغاء قانون حجة المعقولية هذا، وأنّ إلغاءه لا يُعتبر مسّاً بالديمقراطية بل هو مُتوافق معها تماماً. 
وبإلغاء هذا القانون تستطيع الحكومة تمرير القوانين بدون إزعاج من المحكمة العليا، كما تستطيع القيام بتعيينات وزراء وموظفين كبار في الدولة من دون اعتراض المحكمة عليهم، كما اعترضت على تعيين الوزير أرييه درعي ممّا اضطره للاستقالة.
وتُجادل المُعارضة بأنّ إلغاء قانون المعقولية يحرم الجمهور من معرفة القوانين التي يتم تمريرها من قبل الكنيست وذلك لعدم وجود اعتراض من المحكمة عليها بسبب عدم سماع المُواطن بها، والذي كان يعتمد على المحكمة في إشهارها والسماع بها.
وقامت المُعارضة باحتجاجات واسعة واندلعت المُظاهرات والمُواجهات ضدّ الحكومة، وضغطت بكل قواها لمنع الحكومة من عرض القانون على التصويت لكنّ الحكومة ثبتت على موقفها، وصمّمت على المُضي قُدُماً في الإلغاء.
 وجنّدت المُعارضة آلاف الطيارين وجنود الاحتياط الذين امتنعوا عن أداء الخدمة للضغط على الحكومة بمنع تمرير قانون إلغاء حجة المعقولية ولكنّ الحكومة، لم تكترث بانشقاقهم ونجحت من ثمّ في تمريره.
وتدخلت امريكا في هذا الموضوع فطلب الرئيس الأمريكي بايدن من نتنياهو عدم المُضي قُدُماً في تشريع القانون، ولمّح له من خلال الصحافة بفرض عقوبات على كيان يهود إن هي مرّرته، لكنّ نتنياهو ظل يتحدى بايدن وواجه الضغوط الأمريكية بكل قوة ورفض الانصياع لها.
وقالت المُعارضة بأنّ إلغاء قانون حجة المعقولية سيدمّر الدولة ويُقوض أركانها لكنّ الحكومة رفضت هذه الادعاءات واستمرت في نهجها، وأثبتت بأنّه لا شيء سيحصل للدولة بعد إلغاء ذلك القانون.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا : ما هو سر هذه القوة التي يمتلكها نتنياهو فجعلته يُواجه المُعارضة الواسعة في الداخل، ويواجه أمريكا  في الخارج في نفس الوقت، ويصمد في مسعاه، ويُغيّر بعض هذه القوانين المُثيرة للجدل؟
ربما يكمن الجواب في النقاط التالية:
1 – التفاف غالبية الرأي العام حوله من خلال التفاف تيارات اليمين حول قيادته، ووقوفها صفاً واحداً مؤيداً للتغييرات التي تمّ تمريرها في الكنيست ضمن ما يُسمونه بإصلاح قوانين القضاء التي عفا عليها الزمن – حسب وصفهم -.
2 – كونه يمتلك غالبية برلمانية مُريحة تسمح له بتعديل القوانين في نظامٍ برلماني يعتمد على الأغلبية في تمرير القوانين. 
3 – تأكدّه من أنّه إنْ لم يقم بمثل هذه التعديلات في النظام القضائي فسيتم تفكك ائتلافه ومن ثمّ إسقاطه ومُحاكمته.
4 – إدراكه أنّ إدارة بايدن تقف مع المُعارضة وتدعمها بصورة واضحه ضد طموحاته، فكان أفضل سبيل يتم السير به هو رفض الانصياع لأمريكا.
5 – كل ما سبق يجعل نتنياهو مُصمّماً على إسقاط قانون حجة المعقولية لئلا يتم إسقاطه شخصياً، فهو لا يمتلك خيارات أخرى للبقاء في سدة الحكم غير تمرير مثل هذه القوانين.
لكنّ صنيعه قد هذا أحدث شرخاً حقيقياً في جسم الدولة يصعب جسره، إلا أنّ هذا الشرخ مهما اتسع فلا يودي بالدولة ولا يُغيًر من نظامها ولا يُحوّلها إلى دولة تُشبه الدول التي يحكمها ويتحكم بها أفراد كالدول البوليسية في بلادنا العربية، لأنّ الحكام عندهم يأتون إلى السلطة بصناديق الاقتراع وليس باستخدام العسكر.
على انّ هذه الدولة السرطانية المسخ المسماة ( اسرائيل ) تبقى جزءاً لا يتجزّأ من منظومة الدول الغربية التي تمّ زرعها في قلب العالم الاسلامي لتعيث بداخله فساداً، ولتحول دون وحدته وقوته، ولا يُمكن إزالتها من الوجود إلا بوجود دولة الخلافة الاسلامية القائمة قريباً بإذن الله تعالى، والتي تستطيع بكل تأكيد استئصالها من جذورها بأقل الجهود وأبسط التكاليف وما ذلك على الله بعزيز.

الأربعاء، 2 أغسطس 2023

تضعضع قيادة بوتين ومستقبل فاغنر

تضعضع قيادة بوتين ومستقبل فاغنر

لقد كشفت مُحاولة التمرد التي قامت بها مجموعة فاغنر في روسيا مدى ضعف القيادة الروسية، وعرّت حقيقة فقدانها لسطوة الحكم التي كانت تتّسمّ بها من قبل، وأظهرت هشاشة قبضة بوتين ( الحديدية ) على السلطة، وأفسحت المجال لنشؤ تكتلات سياسية عسكرية داخلية في المستقبل تتصارع فيما بينها، وقد تعصف بحقبة الاستقرار التي تميّزت بها روسيا مُنذ مطلع هذا القرن.

ولعلّ السماح بوجود شركات أمنية خاصة تعمل بنوع من الاستقلالية عن الجيش وبالذات شركة فاغنر لعل ذلك هو الذي أحدث هذا الشرخ في القيادة الروسية، وهو الذي فتح شهية الجنرالات للصراع على السلطة، وتطلعهم للاستحواذ على المناصب الكبرى.

ومُنذ تأسيسها في سنة 2014 على يد يفغيني بريجوزين وشركة فاغنر تشق طريقها لتكون بمثابة الجيش الضخم المستقل المُوازي للجيش الروسي الرسمي، وامتلكت فاغنر بهذا الجيش الجديد قيادة قوية صلبة، وإدارات مُتماسكة مُستقلة، وعلاقات مُعقّدة ومُتشعبة، وأعمال سياسية دولية واسعة، وهو ما أكسبها شعبية كاسحة، وصلاحيات بعيدة عن أعين القيادة الروسية.

أصبح لفاغنر أذرعاً طويلة خارج روسيا ساهمت في مد النفوذ الروسي بشكلٍ كبير، خاصةً في افريقيا على حساب النفوذ الفرنسي الذي بدا ينحسر ويضعف في مُستعمراته السابقة، واعتبرت فاغنر في هذه المرحلة يد روسيا الضاربة في الخارج.

وتعاظمت قوة فاغنر المالية وحصلت على الأموال الكثيرة، وأصبح لديها اكثر من مائة شركة مالية خاصة تعمل لخدمتها، ولجني الأموال لصالحها، فعلى سبيل المثال تجني لها شركة إفرو بوليس 25 % من أرباح عدد من الحقول النفطية في إفريقيا.

ولفاغنر مناجم ذهب وحقوق قطع الأشجار في دولة افريقيا الوسطى، وتأخذ من حكومة مالي 10.8 ملايين دولار شهرياً لقاء قتالها للاسلاميين الثائرين على الدولة، وفي السودان تعمل فاغنر في تعدين الذهب دعماً لقوات الدعم السريع، وفي ليبيا تدفع لها دولة الامارات رواتب 1200 جندياً من مُرتزقتها لدعم المُنشق عميل أمريكا خليفة حفتر.

فهي كشركة أمنية عسكرية تعمل في سوريا وفنزويلا وعدة دول افريقية مثل ليبيا والسودان ومالي وافريقيا الوسطى وبوركينا فاسو وموزمبيق ومدغشقر، وتتقاضى أموالاً ، وتجني أرباحاً عبر أعمال مُرتزقتها في دعم الحكومات الهشة في تلك الدول.

وبسبب نجاحها الملحوظ في افريقيا استدعاها الرئيس الروسي بوتين للمساعدة في القتال ضد الأوكرانيين، وتمّ منحها مُقابل ذلك 2 مليار دولار في سنةٍ واحدة، وأحرزت تقدماً في جبهة باخموت لم ينجح الجيش الروسي نفسه في تحقيق مثله.

 وهذا النجاح الملموس في ساحة القتال أكسب فاغنر مكانةً مرموقة في قلوب الروس، وأوجد احتراماً لدى العسكريين منهم بشكلٍ خاص، وزادت كاريزما قائدها بريجوزين ممّا جعله يتفاخر على أقرانه في الجيش، فأصبح يتدخل في الشؤون الخاصة للجنرالات، وينتقدهم، ويُحاسبهم خارج الاطار التقليدي المعروف.

ثمّ صارت له أطماع واضحة في الزعامة، وفي تسلق السلطة، وبدأ يُشكّل خطراً على زعامة بوتين نفسه، فضلاً عن زعامة وزير الدفاع ورئيس الأركان.

أحسّت القيادة الروسية بتعاظم خطر فاغنر ورئيسها، فاتخذت اجراءاً حاسماً في/ 15  06 حيث طلبت وزارة الدفاع الروسية من جميع المجموعات العسكرية والشركات الأمنية التي تُقاتل إلى جانب الجيش الروسي في أوكرانيا بالتوقيع على عقود جديدة مع الجيش، تخضع بموجبها تلك الكيانات لشروط جديدة تجعلها تتبع أوامر قادة الجيش مُباشرة وذلك ابتداءاً من مطلع شهر- تموز -.

وهذا يعني فقدان فاكنر لاستقلاليتها وانصياعها لوزير الدفاع الروسي ورئيس أركانه، وهما من ألدّ خصوم بريجوزين، فرفضت فاكنر التوقيع، وقامت بتحدي الدولة، وحاولت الانقلاب على القيادة الروسية، فسيطرت على أكبر قاعدة عسكرية روسية في روستوف، واتجهت قوات فاكنر نحو موسكو ووصلت على بعد 200 كيلو مترا فقط من موسكو، ولكنّ المحاولة توقفت عندما أدرك رئيسها بريجوزين عدم انحياز الجيش له بما يكفي، فأوقف الانقلاب، وقبل بوساطة رئيس روسيا البيضاء ألكسندر لوكاشينكو، ووافق على تسليم أسلحة فاغنر الثقيلة للجيش، واكتفى بالعفو الرئاسي بحقه وحق عناصره الصادر عن بوتين، ومن ثمّ توزعت قواته بين التسريح في البيوت أو الالتحاق بالجيش أو الخروج إلى روسيا البيضاء.

إنّه وإن فشلت مُحاولة بريجوزين في تحدي زعامة الرئيس بوتين لكنّها نجحت في إضعاف مكانة الرئيس في عيون مواطنيه، وفي إظهار مدى هزال القيادة الروسية، وفي تبدّد تلك الهالة المُصطنعة التي كانت تُحيط بالرئيس.

وإنّ فشل المُحاولة الانقلابية تلك لا يعني أنّ بوتين سيطر على فاغنر سيطرة مُطلقة، فما يزال لفاغنر شبكة واسعة من المجاميع المالية والعسكرية في الخارج ما زالت خاضعة لبريجوزين الذي رفض إخضاعها للرئيس بوتين، والذي ما زال يتمسك بقيادتها شخصياً.

لكن من الواضح أنّ مجموعة فاغنر بفشل انقلابها قد ضعفت، وضعفت معها الدولة الروسية نفسها بسبب ازدواج القيادة، وبسبب عدم قدرة الدولة الروسية على فرض سيطرتها الكاملة عليها.

ونخلص من ذلك كله إلى أنّ روسيا كدولة كبرى قد ضعفت وتضعضع موقفها، وأنّ انخراطها بحرب أوكرانيا طويلة المدى ستزيد في إرهاقها، وإنّ فشلها في استخدام مجموعة فاغنر في الحرب معها وخروجها من المعركة قد فاقم من وضعها.

وهذا الضعف في قوة الدولة الروسية سيؤدي إلى إنزالها عن مستوى الدولة الثانية في الموقف الدولي، وربما تحويلها من دولة عالمية إلى دولة اقليمية.

وما أصاب روسيا من وهن حالياً سيصيب غيرها من الدول الكبرى في المستقبل، خاصة وأنّ الجيوش النظامية في غالبية الدول الكبرى قد فقدت شهيتها للقتال، وانعدمت لديها الدافعية لخوض المعارك، وباتت تعتمد على المتعاقدين من المرتزقة في القتال نيابةً عنها.

وهذا يُبشّر بإذن الله سبحانه وتعالى بقرب قيام دولة الاسلام التي يمتلك جيشها عقيدة قتالية روحية، تجعله يمتلك قدرة غير محدودة في الهجوم على الأعداء، وفي دحر جيوشهم المُتآكلة، وتحقيق الانتصارات العظيمة عليهم.

السبت، 15 يوليو 2023

السفارات الأمريكية في بلادنا قواعد امريكية وأوكار تجسس

السفارات الأمريكية في بلادنا قواعد عسكرية وأوكار تجسّس
الخبر:
يقع مجمّع السفارة الأمريكية الجديد في لبنان على بُعد 13 كيلومتراً من وسط العاصمة بيروت، ويبدو وكأنّه مدينة خاصة تتربّع على مساحة 43 فداناً، وهو ما يُعادل ضعفين ونصف المساحة التي يقع عليها البيت الأبيض في عاصمة أمريكا واشنطن، ولتقريب ضخامة المساحة في الذهن فإنّ مساحة المُجّمع يفوق مساحة 21 ملعب كرة القدم.
ويضم المجمّع مباني متعددة الطوابق بنوافذ زجاجية عالية ومناطق ترفيهية وحوض سباحة، وتحيط به المساحات الخضراء، وله إطلالات على العاصمة اللبنانية، وكان رُصد لبنائه منذ سنة 2015 مليار دولار أمريكي.
التعليق:
تتعمّد الإدارة الأمريكية إظهار ضخامة حجم سفاراتها الجديدة في حواضر البلدان العربية لتظهر لشعوب الأمّة مدى حجم وقوة نفوذها في بلاد المسلمين، ولتجعل من ذلك رأياً عاماً مقبولاً لدى عوام الناس يعكس انطباعاً مقصوداً لديهم بضرورة قبول الوجود الأمريكي في بلاد المسلمين بوصفه أمراً واقعاً وحقيقة دائمة لا مجال لتغييرها.
وفعلت أمريكا الشيء نفسه في بغداد بعد احتلالها العراق، فأنشأت سفارتها على مساحة أكثر من مائة فدان، أسمتها المنطقة الخضراء، وهي أكبر بست مرات من مساحة مبنى الأمم المتحدة في نيويورك، وتمتد على مساحة تُساوي مساحة دولة بحجم دولة الفاتيكان، ويضم مُجمّعها 27 بناية مُحصنّة ضد التفجيرات، وتشمل جميع أنواع المرافق بما فيها أماكن التسوق والترفيه والثكنات العسكرية، ويقطنها أكثر من ألف شخص.
إنّ هذه السفارات الأمريكية الضخمة في بلادنا هي في الواقع مُدن مُتكاملة مُحصّنة، وفيها بُنىً تحتية شاملة تُلبي جميع الاحتياجات العسكرية والاستخباراتية فضلاً عن الاحتياجات المعيشية والترفيهية، فهي بالفعل قواعد عسكرية دائمة وأوكار تجسّس خبيثة.
إنّ وجود مثل هذه السفارات المشبوهة في بيروت وبغداد يدل بالضرورة على عمق نفوذ أمريكا في لبنان والعراق، ويدل من جهة أخرى على عمالة وتبعية حكام هاتين الدولتين لأمريكا.
فبالنسبة للعراق فهو دولة ما زالت تحت الاحتلال الأمريكي حقيقة، وإن أعلن عن خروج القوات الأمريكية منها، وأمّا بالنسبة للبنان فحكامه تابعون لأمريكا حقيقةً لا فرق بين من هم في السلطة مُباشرة، أو من هم يدعمونها من خلف كحزب إيران في لبنان، فكلهم سواء في قبول هذا النفوذ الأمريكي الكبير.
ولو كان هؤلاء صادقين في مُعارضة السياسات الأمريكية لما سمحوا لأمريكا أصلاً ببناء هذه السفارة الضخمة في قلب بيروت، فوجود السفارات الأمريكية الضخمة في هذه العواصم هو دليل قطعي على وجود نفوذ أمريكي ضخم فيها.
ولكن لا تغرّنّكم هذه السفارات الأمريكية الضخمة أيها المسلمون، فلسوف تتحول إلى مُمتلكات خالصة للمسلمين بكل سهولة ويسر، وسيُكنس النفوذ الأمريكي برمته من ديار المسلمين، وسيصبح أثراً بعد عين وذلك عندما تمتلك هذه الأمة زمام قيادتها، وتتخلص من الحكام العملاء الخونة، ومن السياسيين المنافقين الفاسدين، وذلك بعد قيام دولة الإسلام فيها؛ الخلافة الراشدة التي ستقوم حتماً في هذه الديار قريباً بإذنه تعالى.

مواقف اردوغان في قمة الناتو تتظاهر مع المواقف الأمريكية وتقلب على روسيا

مواقف أردوغان في قمة الناتو تتماهى تماماً مع المواقف الأمريكية وتنقلب على روسيا
 
 
الخبر:
 
قال أردوغان: "إنّ النتيجة الأهم للقمّة من وجهة نظر تركيا هي الزيادة في قوة الردع لحلف الناتو" وأكّد أنّ "تركيا دعمت دائماً سياسة الباب المفتوح في حلف الناتو وأنّها لم تُعرقل انضمام أي دولة للحلف"، وشكر الرئيس الأمريكي جو بايدن الرئيس التركي أردوغان على مواقفه تلك من دعم الحلف، وعلى قبوله انضمام السويد له.
 
وقالت وزارة الخارجية الروسية في بيان لها حول القمّة: "إنّ نتائج قمّة حلف الناتو في فيلينوس العاصمة اللتوانية تُظهر أنّ التحالف العسكري عاد إلى مُخطّطات الحرب الباردة، وأنّ الغرب الذي تقوده الولايات المتحدة ليس مستعداً لتحمّل تشكيل عالم متعدد الأقطاب، وأنّه ينوي الدفاع عن الهيمنة بكل الوسائل المُتاحة بما في ذلك الوسائل العسكرية".
 
التعليق:
 إنّ مواقف الرئيس التركي أردوغان تظهر بشكلٍ جلي في المُعتركات السياسية المُهمّة كمؤتمر الناتو الأخير الذي عقد في العاصمة اللتوانية فيلينوس، والذي لا مجال فيه بالنسبة لأمريكا للمراوغة، وتطلب أمريكا فيه من أشياعها كأردوغان اتخاذ مواقف حاسمة وصارمة في دعم سياستها في رص الصفوف حول الحلف الذي تقوده، لذلك ظهر أردوغان على حقيقته في تأييده المطلق لموقفها حتى قبل المؤتمر، واتخذ قرارات عدة تُلبي رغبتها بكل انحياز، وظهر لروسيا أنّ أردوغان ما هو إلاّ تابع حقيقي لأمريكا، وأنّه كان يُمثّل على روسيا ويخدعها في زعمه الوقوف على الحياد، بينما هو في حقيقته لا يخرج عمّا ترسمه له أمريكا قيد أنملة.
فلقد وافق أردوغان على انضمام السويد بسهولة بمجرد انعقاد المؤتمر بل حتى قبل انعقاده، وذلك بعد أنْ كان يُعارض انضمامها بشدة، وكان يضع الشروط التعجيزية، فوافق من دون أي مقدمات ومن دون أي تغيير يُذكر في موقف السويد!
 ولم يكتفِ بذلك بل أخبر الرئيس الأوكراني زيلينسكي في زيارته الأخيرة للعاصمة التركية أنقرة بأنّه يُوافق على انضمام أوكرانيا للحلف، بل ونكث عهده مع روسيا فسلّم خمسة من قادة كتيبة أوكرانية فاشية لزيلينسكي كانت تُقاتل الجيش الروسي في ماريوبول العام الماضي، والذين استسلموا للروس بعد حصار 80 يوماً، وسلّمتهم روسيا لتركيا بشرط أنْ يظلوا في تركيا حتى نهاية الحرب، ولا يعودوا أبداً إلى أوكرانيا حتى تضع الحرب أوزارها، فنقض عهده لروسيا وسلّمهم لأوكرانيا من دون أي مُبرّر.
 
وإزاء هذه التصرفات المُعادية لروسيا والتي صدرت عن أردوغان قال عضو الدوما الروسي فيكتور بونداريف: "إنّ تركيا أصبحت دولة غير صديقة لروسيا".
إنّ تغيّر المواقف وكسر الثوابت ونكث العهود هو في الحقيقة طبيعة من طبائع أردوغان، وسجية من سجاياه، ولطالما استمرأها في مشواره السياسي الطويل، فأعداء الأمس بالنسبة له أصدقاء اليوم كابن سلمان وابن زايد والسيسي وبشار الأسد.
 
فلا يعجبنّ بونداريف من انقلاب أردوغان على الروس فهذا ديدنه وهذا طبعه، فالرجل لا يثبت على موقف، ولا يُحافظ على صديق، ويتغير مع كل ظرف، ويُبدّل جلده مع كل طارئ، وثابته الوحيد هو موالاة أمريكا والتزامه بأوامرها، وخضوعه لإملاءاتها، ولو كان فيها إذلاله، وتمريغ سمعته بالوحل!

الأربعاء، 17 مايو 2023

تهافت عربي لعودة نظام الطاغية بشار الى الجامعة العربية من دون مقابل

تهافت عربي لعودة نظام الطاغية #بشار إلى #الجامعة_العربية من دون مُقابل

بعد اتصالات واجتماعات وزيارات وتبادل التهاني ونشاطات دبلوماسية محمومة مع النظام السوري المُجرم قام بها مسؤولون من مختلف الدول #العربية، وكان آخرها وأهمها اجتماع وزراء خارجية #مصر و #السعودية و #العراق و #الأردن مع وزير الخارجية السوري فيصل المقداد في العاصمة الأردنية عمان، وقرّروا فيه إنهاء المقاطعة ضد النظام السوري، والسماح له بالعودة إلى حضن الجامعة العربية.

بعد ذلك توّج الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط هذه التحرّكات بقوله: "إنّ الرئيس السوري بشار الأسد يمكنه المشاركة في قمّة الجامعة العربية هذا الشهر"، وأضاف: "#سوريا منذ الليلة عضو كامل العضوية في جامعة الدول العربية، وابتداء من يوم غد لها الحق في المشاركة في أي اجتماع، وعندما تُرسل الدولة المُضيفة - السعودية – الدعوة فيمكن للأسد الحضور إذا رغب في ذلك".

وبذلك يكون قرار تجميد عضوية النظام السوري في الجامعة العربية الذي اتخذ في تشرين الثاني/نوفمبر سنة 2011 بسبب قمع النظام العنيف للاحتجاجات المناهضة له قد رُفع، وتكون الجامعة العربية بذلك وكأنّها قد سامحته على قتله مئات الآلاف من أهل سوريا، وتهجيره الملايين منهم قسراً عن بلداتهم.

والغريب أنّ الدول العربية وبالذات مصر والسعودية والأردن لم تشترط على النظام السوري أية شروط لعودته للجامعة، بل إنّها هي التي تتهافت عليه لإعادته إلى حظيرتها، والأغرب من ذلك أنّ نظام بشار هو الذي يتمنّع ولا يظهر أي تحمس للعودة.

فهذه هي طريقة الدول العربية التابعة في تناول القضايا الحيوية، فقضية جوهرية كقضية طغيان نظام بشار وقتله لشعبه وتشريد الملايين منهم لا تعتبر بالنسبة لهم قضية ذات بال، فما يأتيهم من أوامر من أمريكا يُسارعون إلى تنفيذها من دون تردد، فلا يسألون أنفسهم مثلاً لماذا يتم إرجاع نظام بشار إلى الجامعة؟ ولا يهتمون بسؤال أنفسهم مثلاً هل تغيّر بشار وبدّل، أم بقي على الحالة نفسها التي كان عليها لحظة خروجه من الجامعة، حتى ولا يُطالبون بوجود نفوذ لهم داخل سوريا كما تفعل إيران وتركيا، فالمهم عندهم هو تطبيق التعليمات والأوامر فقط وليس أي شيء آخر.

وفي المقابل نجد أنّ إيران مستمرة في تثبيت نفوذها في سوريا، بل وتتوسّع فيه على كل المستويات والأصعدة، ففي الوقت الذي تتهافت الدول العربية على #التطبيع مع بشار بدون الحصول على أي مقابل فإنّ إيران تُعمّق وجودها في سوريا من خلال أعمال سياسية ودبلوماسية ناجحة، تترجم تحقيق أهداف عملية محدّدة وتعكس مدى تعاظم النفوذ الإيراني داخل سوريا، ففي زيارته الأخيرة لسوريا بحث الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي مع بشار الأسد ملفات الأمن والاتصالات وإعادة الإعمار، واصطحب معه خمسة وزراء من حكومته لتنفيذ المشاريع الإيرانية في سوريا ومنها مشروع ربط سوريا بإيران والعراق بخط سكة حديد.

واستقبل الرئيس الإيراني في #دمشق استقبالاً مهيباً حافلاً ظهرت فيه الشعارات الطائفية المؤيدة للتشيع والمعبرة عن احتفاء سوريا بإيران شعبياً ورسمياً.

ففرق كبير بين #الدبلوماسية الإيرانية الفاعلة النشطة والتي تمخض عنها وجود حضور إيراني عسكري واقتصادي واجتماعي في سوريا، وبين الدبلوماسية العربية البائسة التي لا تزيد عن كونها ثرثرة كلامية لا تُنتج أية أعمال ذات قيمة.

فالذي يريد أن يكون له نفوذ في سوريا أو في غيرها يجب أن يستثمر أولاً في الجانب العسكري من خلال قواعد عسكرية ومنشآت، أو جيوش ومليشيات، كما تفعل إيران و #تركيا و #أمريكا وروسيا في سوريا، فبدون الوجود العسكري لا قيمة لكل الأفعال الدبلوماسية.

وسوريا بالذات هي أخطر وأهم مكان في #الشرق_الأوسط، فهي من ناحية جغرافية مركز بلاد الشام، فتتصل سوريا بفلسطين المحتلة وبتركيا والعراق، وما يجري فيها من أحداث يؤثّر على المنطقة برمتها، فهي واسطة العقد، ومنها تُبنى الدول وتتحد وتتكامل، ومنها تنهار الدول وتتشظّى وتتلاشى.

والدول العربية ساعدت النظام الإجرامي في بدايات ثورة الشام ومكّنته من الصمود أمام ضربات الثوار، فاشترت قادة #الفصائل ورشتهم بالمال، وبعثرت قوتهم، وفرّقت جمعهم بالتحايل عليهم، وهو ما مكّن النظام من البقاء، فلماذا لا تطلب هذه الدول العربية الثمن مقابل هذه الخدمة الضخمة التي قدّمتها لبشار المجرم؟!

لا يوجد في السياسة اليوم تقديم خدمات بلا مقابل، فالسياسة مصالح متبادلة وتقديم أثمان وكسب نفوذ، لكنّ الدول العربية لا تفهم من السياسة إلا الطاعة العمياء للدول الغربية!

حتى إنّ هناك الكثير من #الحكام العملاء الذين لديهم إحساس بقيمتهم يقايضون أسيادهم مقابل الخدمات التي يقدّمونها لهم، فعلى الأقل على هؤلاء أنْ يطلبوا المكافآت لقاء خدماتهم التي يقدّمونها لأولئك الأسياد.

إنّ بؤس هذه المنظومة السياسية العربية لعله يُنذر بقرب زوال هذه المنظومة من جذورها، فالثورة قادمة من جديد، وهي قادمة لا محالة، وهي لن تُبقي لهؤلاء الحكام البائسين أي أمل في البقاء، فعليهم إعادة النظر بما هم فيه من تبعية إن لم يكونوا غافلين.

الثلاثاء، 16 مايو 2023

الموافقات الايرانية السعودية

التوافقات الإيرانية السعودية مؤامرات جديدة ضد الأمّة
 
الخبر:
 
استعرض وزيرا خارجية إيران والسعودية حسين عبد اللهيان وفيصل بن فرحان في اتصال تليفوني بينهما آخر تطورات التوافقات المشتركة بين البلدين، وتمّ اتخاذ الاستعدادات اللازمة لافتتاح ممثلياتهما الدبلوماسية والقنصلية رسمياً، وعودة العلاقات الطبيعية بين الدولتين في كافة المجالات.
وكان وزير الاقتصاد الإيراني إحسان خاندوزي زار السعودية الخميس الماضي 05/11 وشارك في أعمال المؤتمر الدولي لبنك التنمية الاقتصادي التابع لمنظمة التعاون الإسلامي، وتمّ استقباله في السعودية بحفاوة بالغة، وتمّ الاتفاق معه على وضع خريطة طريق جديدة لتنشيط وتوسيع التجارة بين البلدين.
 
التعليق

إنّ هذه التوافقات الإيرانية السعودية المتسارعة في مختلف المجالات تأتي بعد قطيعة طويلة بين البلدين، وبعد أنْ بلغت التوترات بينهما حداً من العداء كان من الصعب التفكير بمجرد تخفيفه! جاءت هذه التوافقات بسرعة خاطفة لتنسخ كل ما كان من عداء بين الدولتين بجرة قلم! فكيف حصلت هذه المصالحات وهذه التوافقات بين الدولتين المُتخاصمتين من غير مقدمات؟!
 
لم يُخبرنا المسؤولون في النظامين عن كيفية إزالة العداء بهذه السرعة، ولا عن الطريقة التي استخدمت فيها، ولم يُبيّنوا لنا ما هو الشيء الجديد الذي تسبّب في عودة العلاقات الطبيعية بينهما بعد طول الخصومة!
لكنّ طبيعة التغيّر النوعي في العلاقات بينهما، والتحول فيها بزاوية 180 درجة بشكلٍ مفاجئ يُشير بالتأكيد إلى وجود أسباب غير مُعلنة أدّت إلى هذا التحوّل غير المنطقي في العلاقات، فتحوّل معها العدو إلى صديق بين عشيةٍ وضحاها!
في الحقيقة لا يوجد سبب ظاهري مُقنع في هذا التحول الدراماتيكي في العلاقات بينهما سوى أنْ يكون عنصراً خارجياً فُرض من فوق، ولا نراه سوى الإرادة العليا التي لا يستطيع الأتباع ردها، وهي التعليمات والأوامر التي جاءت من السيد الأمريكي لكلا النظامين بالتصالح والتوافق، ولعله هو السبب الرئيسي في تطبيع العلاقات بينهما وهو الذي أدّى إلى وجود هذه التوافقات الفجائية.
وإذا كان كذلك فهو أمر لا يستطيعون تفسيره، لأنهم إن فسروه فستنكشف موالاة القيادتين في الدولتين لأمريكا أمام الجميع، لذلك لم يجرؤ المسؤولون في البلدين على توضيح ذلك، فظهرت المصالحة بينهما بهذا الشكل الفج والغريب وغير المقنع.
إنّ هذه التوافقات في العلاقات لا تختلف عن التصادمات السابقة بين البلدين، فهي لا تخدم الأمّة ولا شعبي البلدين، لأنّها توافقات على الموالاة لأمريكا وعلى تنفيذ أجندتها في المنطقة، ولأنّها تصالحات تُمهّد لفتح الطريق مستقبلا للتطبيع الجماعي مع كيان يهود.
وبذلك تكون هذه التوافقات مؤامرة جديدة ضد المسلمين.

الأربعاء، 3 مايو 2023

عناصر القوة السبعة في الاسلام

عناصر القوة السبعة في الاسلام

عناصر القوة في أيّة أمّة من الأمم تتمحور في سبعة عناصر هي:

أولاً: قوة الفكرة (المبدأ) أو ما يُسمّى بالأيديولوجيا:

إنّ قوة الفكرة التي تمتلكها أيّة أمّة من الأمم هي أساس جميع القوى المادية لديها، بل إنّ كل القوى المادية تفتقر إليها، وبدونها ممكن أنْ تنهار جميع القوى الأخرى، أو ربّما تتلاشى في أية عملية احتكاك حضارية مع القوى الفكرية الأخرى التي تمتلكها الشعوب التي احتكت بها.

فمثلاً كانت القوة المادية والعسكرية الضخمة للمغول أيّام جنكيز خان لا تُضاهيها أية قوة في العالم، فبسطت سلطتها على عشرين بالمائة من مساحة الكرة الأرضية في العقد الأول من بروزها، لكنّها سرعان ما انهارت في أقل من ربع قرن، أي في الجيل الثاني الذي تلا جيل مؤسّس الدولة، ولم تصمد دولة المغول العملاقة أمام قوة الفكرة الإسلامية التي انهزمت قوتها المادية، وكادت أن تزول دولتها أمام الاجتياح المغولي، ولكن بقيت قوة الفكرة الإسلامية، التي كانت سبباً في اعتناق المغول بكليتهم الإسلام، فأقاموا فيما بعد دولاً إسلامية في روسيا والهند دامت لقرون.

والسبب في ذلك الانهيار السريع لقوة المغول هو ضعف الفكرة التي بُنيت دولتهم عليها، فلما حصل التصادم الحضاري بين الأفكار زالت القوة المادية العاتية للمغول بسهولة أمام الفكرة الإسلامية ومن دون استخدام السلاح.
فقوة الفكرة الإسلامية هي التي حفظت الأمّة لأكثر من ألف وأربعمائة عام بالرغم من ضعف الدولة الإسلامية ثم زوالها، وبالرغم من تكالب الأمم الأخرى عليها.
ويكمن السر في القوة الإسلامية كون عقيدتها تتفق مع الفطرة فتملأها طمأنينة، وتنبني على العقل فتملؤه قناعة.
وقوة الفكرة الإسلامية تشمل العقيدة والتشريعات وحمل الدعوة إلى العالم والجهاد في سبيل الله تعالى، وتكاملها هذا هو الذي يجعلها تتحدى جميع المبادئ الأخرى على مدى السنين وتهزمها، فلم تستطع الأديان ولا المذاهب ولا المبادئ البشرية أنْ تصمد أمامها، وعندما تصارعت في العقود الأخيرة بعد هدم الخلافة مع التيارات الفكرية التي روّجها الغرب في بلاد المسلمين، ودعمها من خلال غزو فكري موجه وممنهج، سقطت تلك التيارات في المُواجهة بسهولة أمام قوة الفكرة الإسلامية الدينامية التي فُصلت عن دولتها، فأين هي القومية والبعثية والاشتراكية التي واجهت الإسلام في القرن الماضي؟ لقد تبخرت وتبدّدت وبقي الإسلام.
وفي القرن الماضي جاء مفكر أمريكي اسمه جوزيف ناي فسمّى قوة الفكرة بالقوة الناعمة، أي هي القوة التي تقابل القوة المادية العسكرية وهي القوة الخشنة، وروّجت أمريكا لأفكار الديمقراطية وحقوق الإنسان وزعمت بأنّها هي قوتهم الناعمة التي يزيد تأثيرها في الشعوب أكثر من تأثير القوة الخشنة، ولكن ثبت لهم بعد سنوات قليلة أنّ قوتهم الناعمة تلك فارغة من المضمون الحضاري، وأنّ القوة الناعمة الإسلامية هي أشد تأثيراً من قوتهم المزعومة بالرغم من حجم الإنفاق الضخم الذي بذلوه على ترويج فكرتهم، بينما تتمدّد القوة الناعمة الإسلامية بهدوء في عقر دارهم، ومن دون وجود دولة لها تدعمها.
ثانياً: القوة الديموغرافية:
وهي القوة السكانية، وتشمل عدد السكان وقدراتهم وإمكاناتهم وحسن إدارتها باعتبارها من أهم موارد الأمم بما تشمل من عقول وكفايات وعدالة في توزيع الثروة، وتبنّى الغرب نظرية المتوالية الهندسية لمالثوس الذي زعم أنّ زيادة السكان يجب تحديدها بما يتناسب مع الموارد الطبيعية، فنتج عن ذلك نقص كبير في عدد السكان في الدول التي تبنت هذه النظرية، وتسبّبت نظريته هذه في بروز ظاهرة الشيخوخة في أوروبا واليابان، بينما الإسلام يحث على التكاثر، وهو ما أدى إلى زيادة أعداد المسلمين، وتحول مجتمعاتهم إلى مجتمعات شبابية منتجة وفعّالة، ولا ينقصها إلا الدولة الراعية ذات القيادة المخلصة.
ثالثاً: القوة الجيوسياسية:
وهي تأثير الجغرافيا والموقع الجغرافي على صنّاع السياسة، وتشمل المساحة ومختلف أنواع التضاريس والبحار والأنهار والممرات المائية والبرية، وكلما زادت مساحة الدولة ومجالاتها الحيوية تفوقت قوتها الجيوسياسية.
 ونشهد اليوم صراعاً محموماً بين أمريكا والصين على مشروع الحزام والطريق، فالصين تحاول إنشاء شبكة من الموانئ والطرق السريعة في آسيا وأوروبا لإيصال بضائعها بسلاسة إلى الدول في شتى مناطق العالم، بينما أمريكا تعرقل هذه المشاريع، وتحاول إيقافها من خلال إسقاط الحكام وإشعال فتيل الحروب الأهلية كما هو حاصل في باكستان وميانمار وتايلاند وغيرها.
والدولة الإسلامية القائمة قريبا بإذن الله ستحكم سيطرتها على الممرات والطرق التي تقع تحت سيطرتها كمضيق ملقا بين إندونيسيا وماليزيا الذي تشرف عليه أمريكا، وتقطع من خلاله طرق الصين البحرية بين الشرق والغرب.
رابعاً: القوة العسكرية
يُعلّمنا الله سبحانه أهمية الإعداد والتحضير للقتال كأساس لتكوين القوة الصناعية والعسكرية الضاربة، ومن خلال تلاوة سورة العاديات تتجلّى الأهداف العسكرية بعبارات قصيرة بليغة تشمل السرعة وتوقيت الهجوم واختراق حصون الأعداء وذلك كله مؤطر بالجهاد في سبيل الله، الذي هو الطريقة الوحيدة لكسر الحواجز المادية التي تحول دون نشر الإسلام وتوسيع نطاق الدولة الإسلامية.
خامساً: القوة الاقتصادية
وهي الرافد الطبيعي اللازم وغير المنقطع لخطوط إمداد الجيوش الإسلامية، وما تشمله من قوى لوجستية مختلفة تمكن المسلمين من الانتصار في معاركهم الجهادية.
سادساً: قوة الموارد الطبيعية
وتشمل المواد الأولية والخامات والمياه والنفط وجميع أنواع المعادن التي سخرها الله سبحانه للإنسان، ونقطة ضعف الرأسمالية في إدارتها للموارد تكمن في تحويلها إلى ملكيات خاصة وامتيازات فردية تغني حفنة من المنتفعين ونخباً محدودة، وتبقي الآخرين عمالاً وفقراء يخدمون تلك النخب، بينما في الإسلام الأصل في هذه الثروات أنْ تكون ملكية عامة ينتفع الجميع بها، فينتفي بذلك وجود قلة من الأثرياء يتحكمون في الكثرة من الناس.
سابعا: القوة السياسية

ويُقصد بها الدولة وهي الكيان السياسي، والقيادة السياسية، والوسط السياسي الفاعل بما يشمل من أحزاب سياسية، وهذه القوة هي التي تترجم جميع القوى السابقة إلى واقع محسوس، وتكمن قوة الدولة في الإسلام بقوة التطبيق ورعاية شؤون الناس، وهو إحسان التطبيق لتشعر الجماعة بعدالة النظام، ويسبق ذلك قوة البيعة وهي مشاركة الأمة وقواها الفاعلة في اختيار الخليفة، كما تشمل القوة السياسية أيضاً قوة حمل الدعوة من خلال الجهاد في سبيل الله تعالى وهو رأس سنام الإسلام.

السبت، 29 أبريل 2023

الاستنصار بالجيوش هو الحل الوحيد للتحرير

الاستنصار بالجيوش هو الحل الوحيد للتحرير

إنّه لمن المعلوم بالضرورة أنّ فلسطين تضم في داخلها مدينة القدس والمسجد الأقصى، ومعلومٌ كذلك أنّ المسجد الأقصى بالذات يخص جميع المسلمين في جميع أرجاء المعمورة، لكونه ورد فيه قرآن يُتلى آناء الليل وأطراف النّهار، قال تعالى: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ فقَرَنَ الله سبحانه وتعالى في هذه الآية المسجد الأقصى بالمسجد الحرام، فيُفهم من هذا الاقتران أنْ تكون قدسيته مُقترنةً بقدسية المسجد الحرام، وتكون ملكيته عائدة للمسلمين الذين يُقدّسونه كملكيتهم للمسجد الحرام، ويكون حكم الدفاع عنه واجباً عليهم كحكم الدفاع عن المسجد الحرام سواءً بسواء.
فإذا وقع المسجد الأقصى في الأسر، فواجب عندها على جميع المسلمين تحريره كما حرّروه من الصليبيين أيام الناصر صلاح الدين الأيوبي، لأنّه بذلك تحوّل إلى قضية عقائدية كونها ذكرت في القرآن الكريم، وهو بذلك أصبح جزءاً من إيمان كل مسلم، وبات مُتجذراً في قلبه ووجدانه.
ومن فهم الواقع نستطيع القول إنّه لا يُمكن أنْ يُحرّر هذا المسجد إلا بقوة المسلمين التي تكفي لتحريره، والقوة التي تكفي لتحريره غير موجودة إلا عند أهل القوة من المسلمين، وهم بالذات الجيوش، لذلك كان لا بُدّ من استنصار الجيوش لتحريره، لأنّ ذلك واجب عليهم لا يسقط عنهم أبداً إلا إذا حرّروه.
فالأصل إذاً أنْ يُطلب من جيوش المسلمين التحرك الفوري لتحرير المسجد الأقصى من براثن يهود، لأنّ ذلك واجب عليهم، ولأنّهم الوحيدون الذين يمتلكون القوة الكافية لتحريره، فتحريره واجب عليهم وجوباً قطعياً، وطلب النصرة منهم لتحريره واجب على سائر المسلمين الذين لا يستطيعون القيام بذلك الواجب.

وأي كلام عن المقاومة الفصائلية أو الفردية أو عن المُواجهة الشعبية لتحريره هو ضرب من ضروب الخيال، وهو خطاب عبثي لا يُحقّق هدف التحرير، بل هو شكلٌ من أشكال دغدغة المشاعر الذي لا قيمة له في معالجة قضية عقائدية مصيرية كهذه القضية.

فالقوة اللازمة للتحرير في الواقع هي قوة غير موجودة إلا في الجيوش، ولا تطلب القوة إلا من مظانّها، فلا تطلب من الضعفاء، أو ممّن لا يمتلكونها كالفصائل أو المدنيين العزل.

وأمّا الذين يصرّون على جعل تحرير المسجد الأقصى واجباً على أهل فلسطين فقط، أو على المقاومة داخل الاحتلال، فهؤلاء جهلة لا يفقهون أحكام الشريعة، أو متآمرون لا يريدون للأقصى أنْ يتحرّر.
فالأقصى إذاً هو مسألة عقائدية صرفة، وليست مسألة وطنية أو قومية، وتحريره واجب على جيوش المسلمين القادرة على التحرير، لا على المدنيين الفلسطينيين الضعفاء الذين يقبعون تحت الاحتلال.

ومن المغالطات التي قد تنشأ في الأذهان أنّ طلب النصرة من الجيوش يعني طلبها من الحكام الخونة، وهذا خطأ فادح لمن يقول به، لأنّ الحكام شيء والجيوش شيء آخر، فالجيوش ملك للأمّة، ووظيفتها الدفاع عن مُقدّساتها، بينما الحكام الخونة شوّهوا هذه الوظيفة، وجعلوا من الجيوش حاميةً لعروشهم، لذلك كان لا بُدّ من خلع هؤلاء الحكام على أيدي نفس هذه الجيوش المطلوب منها التحرير.

فعلى الجيوش في بلاد المسلمين أنْ تقوم بعملين اثنين رئيسيين هما: خلع الحكام وتحرير المقدسات ومعها البلاد الواقعة تحت الاحتلال، ولا يتمّ ذلك إلا من خلال تحالف الجيوش مع القوى السياسية المبدئية الفاعلة في الأمّة، والتي تسعى لإقامة دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة وهي الوحيدة القادرة على فعل ذلك.

أمّا أنْ تبقى الجيوش في ثكناتها لا تخرج منها، أو أنْ لا تقوم بأي عمل عسكري باستثناء أعمال الحراسة التي تحرس بموجبها حدود أعدائها، أو أنْ ينحصر عملها بحماية العصابات العميلة الحاكمة، فهذا والله تشويه لعملها، وتجاوز لصلاحياتها.
ومن هنا كان واجباً على الأمّة التمييز بين الجيوش وبين الحكام، فأي جيش في أي بلدٍ من بلدان المسلمين هو ملك للأمّة، وهو جزء من مُقدّراتها، بينما الحاكم هو حالة طارئة تزول بعد زمن، فالجيش باق والحاكم زائل، فإذا انحرف الحاكم عن وظيفته فلا ينبغي أنْ ينحرف معه الجيش، فلا يأخذ الجيش وصف الحاكم بحالٍ من الأحوال.
فتخاذل الحكام في هذه الأيام عن نصرة المسجد الأقصى ونصرة سائر قضايا المسلمين يجب أنْ يُفصل عن عمل الجيش، فالجيش لا يجوز أنْ يأتمر بأوامر الحكام المتخاذلين أو العملاء، بل يجب عليه أنْ يتمرّد عليهم إذا خانوا أو تخاذلوا، ويجب عليه دوما أنْ يكون مدافعاً عن الإسلام، وذائدا عن بيضة المسلمين وحُرُماتهم.
فإذا استنصر المسلمون بجيوشهم فعلى الجيوش الاستجابة، لأنّ ذلك واجب عليها، لقوله تعالى ﴿وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ﴾ فتحرير الأقصى من الدين، بل هو من صلب الدين، لأنّه موضوع عقائدي مُقدّس، لذلك كان فرض على الجيوش النصرة، وكان فرض على الشعوب الاستنصار، ولا قيمة لموقف الحكام العملاء الجبناء.

الأربعاء، 19 أبريل 2023

تصريحات ماكرون ومحاولة الانعتاق من التبعية الامريكية

تصريحات ماكرون ومُحاولة الانعتاق من التبعية الأمريكية
 
الخبر:
 
أدلى الرئيس الفرنسي ماكرون تصريحات لافتة في مقابلة مع صحيفة ليزيكو، ولعلّ أهم ما ورد فيها يُمكن تلخيصه في النقاط التالية:
 
1- يجب بدء تقليل اعتماد أوروبا على الدولار الأمريكي.
2- يجب إيقاف تبعية أوروبا لأمريكا وتحقيق استقلالية القارة الاستراتيجية.
3- ضرورة تقليل اعتماد أوروبا على السلاح الأمريكي ومصادر الطاقة الأمريكية.
4- تجنب الانجرار لمواجهة بين بكين وواشنطن بشأن أزمة تايوان.
 
التعليق:
 
جاءت هذه التصريحات بعد زيارة ماكرون للصين والتي قال فيها: "إنّه يتعيّن على أوروبا عدم التورط في الصراع في تايوان وإنّ عليها أن تُصبح قطباً ثالثاً مستقلاً عن واشنطن وبكين"، فأظهر ماكرون موقفاً مُختلفاً عن الموقف الأمريكي تجاه قضية تايوان، ورحّب الرئيس الصيني بهذا الموقف الفرنسي المُستقل عن الموقف الأمريكي.
 
وبالنسبة للردود الغربية الأبرز على هذه التصريحات الفرنسية فكان أهمّها تصريح مستشار الأمن القومي الأمريكي جون كيربي الذي تجاهل تصريحات ماكرون هذه وقال: "نحن مُرتاحون ولدينا ملء الثقة في علاقاتنا الثنائية الممتازة مع فرنسا" فيما قال السيناتور الأمريكي ماركو روبيو عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ: "إنّ الولايات المتحدة يجب أن تسأل الأوروبيين الآخرين عمّا إذا كانوا يقفون مع الرئيس الفرنسي"، وأضاف: "هل يتحدّث ماكرون باسمه أم يتحدّث باسم أوروبا"، وأجاب الباحث في معهد هدسون ريتشارد وايتز على هذا السؤال بالقول: "إنّ ماكرون تحدّث نيابةً عن ماكرون وليس نيابة عن أوروبا، ولا حتى عن الموقف الذي يُمثّل السياسة الفرنسية
لم تلق تصريحات ماكرون تلك آذاناً صاغية لدى الأوروبيين أصحاب الشأن سوى تصريح يتيم لرئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل الذي أيّد بشكل عام توجّهه نحو الاستقلالية الاستراتيجية الأوروبية عن أمريكا، بينما صمت معظم السياسيين الأوروبيين البارزين عن التعليق عليها، فيما هاجمها الآخرون ومنهم نائب ألماني في البوندستاغ، ومنهم أيضاً خبير الشؤون الخارجية في الحزب المسيحي الديمقراطي نوربرت روتجن الذي قال: "ماكرون يعزل نفسه في أوروبا، ويضعف الاتحاد الأوروبي، ويناقض ما قالته رئيسة المفوضية الأوروبية في بكين".
 
وليست مثل هذه التصريحات بجديدة على القادة الفرنسيين، فمنذ أيام ديغول وحتى ماكرون اعتاد مُعظم الرؤساء الفرنسيون إطلاق تصريحات نارية يُحاولون فيها إبراز الاستقلالية الفرنسية عن السياسات الأمريكية، ويجتهدون في بناء استراتيجية أوروبية مُتميّزة عن أمريكا، لكن بقيت جميع هذه التصريحات نظرية ولم تُطبّق على أرض الواقع، وكانت أقرب إلى الأمنيات منها إلى الأعمال السياسية، ولعلّ سبب ذلك يعود إلى ضعف فرنسا دولياً، وعدم قدرتها على جذب الأوروبيين لتوجهاتها الانفصالية عن التحالف الأمريكي.
على أنّ مُشكلة فرنسا بشكلٍ خاص وأوروبا بشكلٍ عام في موضوع الاستقلالية عن أمريكا تكمن في مسألتين:

أولاهما: انخراط أوروبا بكليتها في حلف الناتو تحت قيادة أمريكا التي تكتم أنفاسها.

وثانيتهما: عدم قدرة أوروبا على التوحد فيما بينها سياسياً، وبقيت دولاً مُتغايرة في سياساتها، ومُتباينة في قواها، ويغشى غالبيتها نفوذٌ أمريكي كبير.

وهاتان المسألتان جعلتا أوروبا أشبه برهينة لأمريكا في السياسة الدولية، لدرجة أنّها لم تستطع يوماً أن تكون قطباً دوليا مُستقلاً أو ثالثاً كما يتمنّى ماكرون، فلم تُفلح أنْ تُصبح كمنزلة روسيا أو الصين في الساحة الدولية، وبقيت مُلحقة دولياً بأمريكا.

وهكذا تبقى تصريحات ماكرون كسابقاتها من تصريحات قادة فرنسيين وأوروبيين آخرين مجرد أمنيات سياسية لا ترقى إلى مستوى الفعل السياسي أو القرارات السياسية.

الجمعة، 14 أبريل 2023

احدث المستجدات السياسية

بسم الله الرحمن الرحيم
أحدث المستجدات السياسية في المنطقة
- بقلم: الأستاذ  أبو حمزة الخطواني
- لقراءة المقال على موقع #جريدة_الراية: https://bit.ly/3Ushi9I
==========
نبدأ هذه الأحداث السياسية بالحديث عن كيان يهود وما يجري فيه، حيث يستمر الصراع السياسي الحاد داخله، فيكاد يصل إلى حالة تكسير العظام بين #الحكومة و #المعارضة على نحو غير مسبوق، ولا يرى نتنياهو مانعا من استخدام كافة الأساليب ولو كانت ملتوية في سبيل تمرير إصلاحاته القضائية، ولو بلغت حالةً من العصيان المدني، أو هروب الرساميل إلى الخارج، وخسارة علاقات كيانه الخارجية مع #أمريكا، وتخفيض مستوى #التطبيع مع الدول العربية، معتمداً في ذلك كله على دعم أسياده في الحزب الجمهوري الأمريكي.

لكنّ الرئيس الأمريكي الديمقراطي جو بايدن يرسل له رسالة شديدة اللهجة يطلب منه إيقاف التعديلات في جهاز القضاء على الفور، وعدم تقويض ديمقراطية الدولة، والتنازل عن مواقفه المتصلبة والقبول بحلول وسط مع معارضيه، ويحذره فيها من مغبة إلحاق الضرر بالمصالح الأمريكية، وبالديمقراطية داخل كيان يهود.

ويضطر نتنياهو بعد هذه الرسالة شديدة اللهجة إلى الخضوع لبايدن، ويعلن صاغراً عن تعليق العمل بالتعديلات القضائية، بعد أن كان يتبجح بأنّ تلك التعديلات شأن داخلي، ولا يسمح لأي دولة بالتدخل فيها، وبعد أن كان وزيره بن غفير قد قال بأنّ دولته ليست نجمة تضاف إلى نجوم علم #الولايات_المتحدة.

 وأظهرت الإدارة الأمريكية أيضاً غضبها من نتنياهو من خلال رسالة أخرى قدمتها مجموعة من أعضاء في الحزب الديمقراطي إلى الرئيس #بايدن يطالبونه فيها بعدم دعم نتنياهو الذي بحسب وصفهم ينتقص من الديمقراطية، ويستخدم أموال دافعي #الضرائب الأمريكية في بناء مستوطنات غير شرعية، وخلق حالة من التوتر وعدم الاستقرار في المنطقة.

 كما أظهرت الإدارة الأمريكية تذمرها من حكومة نتنياهو من خلال مقالة كتبها توماس فريدمان وصف فيه نتنياهو بالزعيم غير العقلاني.

وقبل ذلك كانت أمريكا قد وجّهت صفعة إلى نتنياهو من خلال إبرام المصالحة بين #السعودية و #إيران، وهو ما يعني ابتعاد السعودية عن كيان يهود والتقرب من إيران، وضرب فكرة تطبيع العلاقات الدبلوماسية بين دولة يهود والسعودية.

وفي ظل هذه الأجواء المشحونة بين بايدن ونتنياهو دخلت #بريطانيا على الخط، واستقبلت وزير خارجية يهود في لندن، ووقّعت على اتفاقية شراكة بين الدولتين لزيادة تعكير العلاقة بين أمريكا وكيان يهود.

والآن دعونا ننتقل للحديث عن دولتين محسوبتين على فرنسا وما يجري فيهما، وهما تونس ولبنان، فكلتاهما على شفا السقوط الاقتصادي، فأمّا تونس فوصف المسؤول الأوروبي جوزيف بوريل الوضع فيها بأنّه يسير نحو الانهيار، فيما يستمر الرئيس التونسي بأخذ البلد نحو الحكم الفردي المطلق، بينما تسعى بريطانيا لتقويض حكمه، حيث أعدّت وزارة خارجيتها مذكرة تطالب فيها بفرض عقوبات على قيس سعيّد وبعض وزرائه.

وأمّا لبنان فيسير نحو الخراب، فقد فقدت الليرة اللبنانية 98% من قيمتها وأصبح الدولار يساوي 140 ألف ليرة، وأخفقت اجتماعات باريس في حل معضلة انتخاب رئيس للدولة، والظاهر أنّ السعودية ومن ورائها أمريكا ترفض التعاون مع #فرنسا لحل المشكلة، وليبقى لبنان يتخبط ويتهاوى.

ولو انتقلنا إلى أقصى دول #المغرب لوجدنا أنّ الصراع الجزائري المغربي قد بلغ أقصى مدىً له، حيث صرّح الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بأنّ العلاقات مع المغرب قد بلغت نقطة اللاعودة بسبب الصحراء الغربية، مع أنّ هذه المشكلة هي مشكلة تافهة استهلكت البلدين لأكثر من نصف قرن، ولم تجد لها حلاً، والحقيقة أنّ هذا الصراع المغربي الجزائري المُزمن مُتعمّد، ويخدم مصالح استعمارية إنجليزية واضحة هدفها عدم توحيد القوتين الكبيرتين في المغرب، وعدم تمكين الشعبين من التغيير لاستمرار التحكم بلجامهما، وكذلك عدم تمكين المستعمر الأمريكي من النفاذ إليهما.

وننتهي أخيراً في هذا الحديث عن أحدث المستجدات في المنطقة إلى #اليمن والصراع المحتدم فيه بين القوى المتقاتلة، والتي تحركها أمريكا وبريطانيا، ويدل على ذلك اجتماع اللجنة الرباعية لحل الصراع في اليمن والمؤلفة من قوتين دوليتين وهما أمريكا وبريطانيا وقوتين محليتين تابعتين لهما وهما السعودية و #الإمارات.

هذه هي أبرز الأحداث المشتعلة في منطقة #الشرق_الأوسط، أو لنقل هذه هي أهم الأحداث في هذه الفترة بالذات.