احتدام الجدل العقيم بين طرفي السلطة على منصب الرئاسة
في التاسع من شهر كانون ثاني ( يناير ) من العام 2009 تنتهي قانونياً الولاية الرئاسية لمحمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية الهزيلة التابعة للاحتلال اليهودي في فلسطين، ويصبح بعد ذلك التاريخ منصب الرئيس شاغراً ينتافس عليه طرفا السلطة في الضفة الغربية وقطاع غزة.
وها هو الجدال السياسي والقانوني العقيم يحتدم في هذه الأيام بين الطرفين، وقد أخذ منهما مأخذاً عظيما، بحيث بات يدعي كل منهما أحقيته بذلك المنصب التافه. وها هما يحتكمان لما يُسمى بالدستور الفلسطيني، ويستدلّان بمواد معينة فيه لإثبات موقفيهما منه.
فسلطة رام الله مدعومة بحركة فتح تريد التمديد لعباس عاماً آخر، وحركة حماس تريد تنصيب رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني أو نائبه رئيساً مؤقتاً للسلطة ريثما تجري عملية انتخابات جديدة لرئاسة السلطة.
إن هذه الخلافات السياسية والقانونية بين فتح وحماس على رئاسة السلطة العقيمة بالإضافة إلى كونها مزّقت الوطن إلى وطنين والشعب إلى شعبين، فإنها أيضاً قد استنزفت قوى الفلسطينيين، وأشغلتهم عن قضاياهم الجوهرية، وقدّمت الذرائع والمبررات للدول العربية المتخاذلة لقيامها بالمزيد من التفريط بالقضية الفلسطينية، وعدم تقديم يد المساعدة والعون للفلسطينيين الذين هم في أمس الحاجة إليها.
على أن مواقف الطرفين من مسألة تنصيب رئيس للسلطة هي مواقف غير شرعية ولا تسند إلى أية مرجعية إسلامية، فحماس كفتح كلتاهما يحتكمان إلى دستور لم تؤخذ مواده من أحكام الشرع الإسلامي، ولم تستند أي من قوانينه إلى الكتاب والسنة.
فما يُسمى بالدستور الفلسطيني هو في الواقع دستور غير شرعي وغير إسلامي، ولا يجوز شرعاً لمسلم قط أن يلتزم بأحكامه إطلاقاً، وهو دستور باطل كسائر الدساتير والقوانين الوضعية التي لا يجوز الأخذ بأي من نصوصه أومواده.
وهو علاوة على بطلانه ومخالفة نصوصه الصريحة مع نصوص الكتاب والسنة، فقد تم انبثاقه عن اتفاقية اوسلو الخيانية التي انبثقت عنها السلطة الفلسطينية، تلك السلطة التي التزمت بالاعتراف بحق كيان يهود بالوجود على كامل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، وهو ما يعني واقعياً التنازل عن جوالي 80 % من ما يُعرف بفلسطين التاريخية.
إن من الخطأ القاتل بل من الخطيئة المميتة على أية حركة فلسطينية تدّعي الإخلاص أن تتحاكم لدستور تمت صياغته برعاية أمريكية ورضا من دولة يهود. وبالتالي فلا معنى لأية مبررات يتم سوقها للناس للقبول بمثل هذا الدستور المدمر.
لقد كان أجدر بهؤلاء الذين يتقاتلون كما يتقاتل الصيادون على جلد الدب قبل صيده، لقد كان أجدر بهم أن ينفضوا أيديهم من أرجاس السلطة وأدناسها، وأن يعملوا - إن أرادوا الفلاح- مع قوى الأمة الحقيقية في جميع البلدان الإسلامية - لا سيما دول الجوار منها - لمقارعة القوى الاستعمارية وعملائها بلا مهادنة ولا مفاوضة ولا مداهنة، وأن يجعلوا من صراعهم مع دولة يهود صراع وجود لا صراع حدود، وأن ينبذوا شعارات الوطنية والقومية والمذهبية المشتتة لقوى الأمة الواحدة، وأن يعملوا للتحرير الحقيقي من منطلق مبدئي عقائدي، وليس من منطلقات محلية أو إقليمية ضيقة، وبذلك فقط ينجحون و ينتصرون.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق