لعنة باكستان وأفغانستان تُلاحق أمريكا
يستمر التعثر الأمريكي في باكستان وأفغانستان، وتستمر الإحباطات التي يُظهرها كبار المسؤولين العسكريين الأمريكيين من الأوضاع التي تزداد تدهوراً في كلا البلدين لدرجة بلغت معها أنها تحولت إلى ما يُشبه اللعنة التي تُلاحق كل مسؤول أمريكي يتسلم مسؤولية هناك.
وقد أعرب المبعوث الأمريكي الخاص لباكستان وأفغانستان ريتشارد هولبروك عن خيبة أمل كبيرة عندما أظهرت الاستطلاعات التي أجريت في باكستان بأن أقل من واحد من بين كل خمسة باكستانيين يؤيدون الولايات المتحدة، وذلك بعد ما ظن أن المساعدات الأمريكية التي تبلغ قيمتها 7.5 مليار دولار والتي أقرت في شهر تشرين أول (أكتوبر) الماضي ربما قد تؤدي إلى كسب أمريكا للرأي العام الباكستاني.
وعبّر هولبروك عن صدمته إزاء ذلك فقال: "هذا هو أحد أكبر مخاوفنا. الفهم الجماهيري في باكستان لما تفعله الولايات المتحدة ليس كما ينبغي أن يكون"، وأضاف: "الباكستانيون كوّنوا اعتقاداً بأننا لا نعبأ إلا بقضية أو اثنتين فوق كل شيء وهما: الحرب في أفغانستان والقضية النووية".
وشرح وزير الخارجية الباكستاني شاه محمود قرشي أسباب عدم تأييد الباكستانيين لأمريكا بأنها ترجع إلى عدم تقديم المزيد من الأموال الأمريكية للمشاريع المتعلقة بالطاقة والمياه والمشاريع المدنية الأخرى وقال: "لا يمكن شراء الرأي العام، يجب كسب العقول والقلوب".
هذا في باكستان وأما في أفغانستان المجاورة فإن عدد القتلى من جنود حلف الناتو قد تضاعف في الربع الأول من هذا العام الجاري بأكثر من 50% عما كان عليه الوضع في العام السابق وذلك بالرغم من شحن أمريكا وحلف الناتو للكثير من الجنود وضخهما المزيد من الأموال.
ورافق هذا الفشل العسكري فشل سياسي ودبلوماسي في التعامل مع القوى السياسية المؤيدة للحكومة والمحاربة لها على حد سواء، وأصبحت العملية السلمية المرجوة جزءاً من وهم كبير يُدغدغ الأحلام الأمريكية، وغدت المصالحة مع بعض القوى الهامشية في البلاد مطلب أمريكي بعيد المنال، وقد حذّر الجنرال الأمريكي مايك مولن رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة في شهادة له أمام الكونغرس الأسبوع الماضي من "الإفراط في التفاؤل الذي أوجده حديث المصالحة".، وقال بأن: "جهد الحرب الأمريكية لن ينتهي سريعاً"، واعترف بقوله: "أنا قلق بشأن الأمل الذي قد يتولد فور أن تروا بصيص أمل في أن هذا الجهد سينتهي سريعاً"، وشكك في مجهود التصالح المبذول بقوله: "لا أرى ذلك تماماً، هذا جزء صعب، صعب للغاية".
إن عدم التقدم في تحقيق إنجازات أمريكية على أرض الواقع لا يُحرج الإدارة الأمريكية وحسب، بل إنه يُسرّع أيضاً في تكوين رأي عام سياسي في الأوساط السياسية الأمريكية الفاعلة يُنادي بضرورة الهروب الأمريكي من أفغانستان مهما كانت الظروف وبأسرع وقت.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق