الجمعة، 12 مارس 2010

أمريكا ودولة يهود على قلب رجل واحد

أمريكا ودولة يهود على قلب رجل واحد

تعليق سياسي

يُخطئ من يظن أن هناك أدنى اختلاف بين الإدارة الأمريكية ودولة يهود فيما يتعلق بالنظرة الاستراتيجية الى الوجود اليهودي في فلسطين، فنائب الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن استهل جولته في منطقة الشرق الأوسط بالحديث عن ضمان أمن ( اسرائيل ) وتبرير بناء أكثر من 200 وحدة سكنية في مستوطنة يهودية بالقرب من بيت لحم بالرغم من تعهد حكومة نتنياهو لواشنطن بتجميد بناء المستوطنات لمدة عشرة أشهر. وقد رحّبت الصحف ( الاسرائيلية ) ترحيباً حاراً ببايدن ( ضيف اسرائيل الكبير )، وكانت قدسبق وأن تناولت تلك الصحف حميمية العلاقة بين بايدن ودولة يهود فذكرت صحيفة (يديعوت أحرونوت) اليهودية نقلاً عن جوزيف بايدن نائب الرئيس الأمريكي قوله: "أنا صهيوني رغم كوني غير يهودي"، وقالت الصحيفة بأن بايدن متحمس جداً للدولة الفلسطينية باعتبارها مصلحة (إسرائيلية)، فالنظرة الأمريكية للدولة الفلسطينية لا تختلف عن النظرة ( الاسرائيلية ) وخلاصتها أن هذه الدولة يجب أن تُكرس يهودية ( اسرائيل )، وأن تمنح الشرعية لوجودها التاريخي الكاذب في فلسطين، وأن تسهر على خدمة أمنها وحراستها من أعدائها المسلمين!!.

ومن هذا المنطلق جاء بايدن إلى المنطقة لمتابعة قضاياها والتي من أهمها استئناف المفاوضات غير المباشرة بين السلطة الفلسطينية وبين دولة يهود عبر الوسيط الأمريكي الذي فوّض ولأول مرة من قبل العرب والفلسطينيين بالتفاوض نيابة عنهم مع مسؤولي دولة يهود.

إن تفويض الجامعة العربية لأمثال بايدن بالتحدث باسم العرب والفلسطينيين في المفاوضات لم يسبق وأن حدث مثله في التاريخ، فأمريكا عدوة الأمة الإسلامية الأولى والتي يفاخر نائب رئيسها بأنه صهيوني ستتولى التفاوض ابتداء من الآن مع كيان يهود نيابة عن المسلمين! إن هذه مهزلة لم يسبق لأمة من الأمم أو شعب من الشعوب أن فعلها، فها هم حكام الخيانة العرب قد فعلوها.

وبالرغم من فداحة هذه الخيانة فإن الزعماء العرب والفلسطينيين التعساء لم يقبضوا من أمريكا أي ثمن، وقد قال المسؤولون في البيت الأبيض بأن الولايات المتحدة رفضت إعطاءهم أي ضمانات مكتوبة. وقد أوضح وكيل الخارجية الأمريكية فيليب كراولي بصراحة بأن بلاده لن تُعطيَ أية ضمانات فقال: "لم نعط ضمانات مكتوبة أو وثائق". فالسلطة الفلسطينية والدول العربية إذاً وبالرغم من تقديم هذا ( السخاء ) غير المسبوق فإنها لم تتلق أية ضمانات لقاء هذه الخيانة الفاحشة، وفوق ذلك فإنها قبلت بالمفاوضات في ظل رفض دولة يهود لوقف الاستيطان ووقف الممارسات العدوانية اليومية المتجددة ضد الفلسطينيين، وضد المقدسات الاسلامية.

تلك هذه هي آخر صرعة من المفاوضات التي يستخف بها أعداؤنا بالزعامات العربية العميلة التي وافقت من خلال لجنة متابعة المبادرة العربية المنبثقة عن الجامعة العربية على إجراء مفاوضات غير مباشرة عبر الوسيط الأمريكي مع كيان يهود الذي لم يتمالك أعصابه وأعلن بشكل صريح عن مدى غبطته وسروره و ارتياحه من هذه الموافقة العربية على استئناف هذه المفاوضات العقيمة والتي جاءت مباشرة بعد التهام الدولة اليهودية للمزيد من الأراضي والمقدسات الإسلامية في فلسطين.

ان أي سياسي يملك ذرة من وعي أو كرامة لا يرضى بأن يُقدم على مثل هذه الخطيئة، فهي في الواقع جريمة فظيعة ارتكبها هؤلاء الخونة الأغرار من الحكام العرب، وهي خيانة لم يسبق لها مثيل اقترفوها بأيديهم ونطقوا بها بأفواههم، وهي وشاح من العار طُبع على جباههم - بدلاً من اكليل الغار الذي كان يتقلده القادة الحقيقيون لشعوبهم - تقلدوه كما تقلدوا من قبل نياشين الكذب على صدورهم. ولسوف يُلاحقهم هذا العار حتى بعد مماتهم، ولسوف تلعنهم شعوبهم وأمتهم أحياء وأموات.

ليست هناك تعليقات: