حركة فتح يتغلب فيها التيار الأمريكي (الإسرائيلي) على التيارات الأخرى
تمكن محمود عباس رئيس حركة فتح من استبعاد قيادات الحركة العتيقة الموالية للنهج العرفاتي عن إدارة الحركة، واستأثر هو وزمرة من أزلامه بالتفرد بالزعامة. والذي حصل في مؤتمر الحركة السادس أن أمريكا قد سهَّلت لعباس دخول غالبية أعضاء مؤتمر الحركة في الخارج، وتوسطت لدى الكيان اليهودي بمنح الإذن لهؤلاء بالدخول إلى بيت لحم للمشاركة في المؤتمر، وأخذ ضمانات لهم بعدم التعرض لهم. فبتسهيل أمريكي وإذن يهودي، عُقد المؤتمر أولاً.
ثم إن صلاحيات محمود عباس الواسعة بحكم جمعه لرئاسة السلطة ولرئاسة اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ولرئاسة حركة فتح، هذه الصلاحيات المطلقة مكَّنته من فرض حوالي سبعمائة عنصر جديد من الموالين له إلى المؤتمر، وحدث ذلك بعد أن ألغى اللجنة التحضيرية السابقة للمؤتمر والتي كانت تعقد جلساتها في عمان والتي كانت لا تستجيب لطلباته، وكانت تعمل بشيء من الحيادية. وأوجد عباس بدلاً من اللجنة التحضيرية آلية جديدة لاختيار أعضاء المؤتمر حيث التقى بكبار الأعضاء في الحركة، ورتَّب معهم عملية الاختيار بحيث يكون الذين تم اختيارهم للمؤتمر من الأعضاء المطواعين له.
والذي سهَّل لعباس قيامه بذلك هو دعم أمريكا الواضح له ووضع أموال السلطة بين يديه. فلولا الدعم الأمريكي والمال الأوروبي والموافقة (الإسرائيلية) لدخول أعضاء فتح من الخارج لما تمكن عباس من العبث بقيادات الحركة وكوادرها بمثل هذه السهولة، ولما استطاع أن يُحول الحركة إلى خاتم بيد أمريكا و(اسرائيل) .
لقد اعتبرت خطابات عباس في المؤتمر بمثابة الخط السياسي لحركة فتح، وكانت بديلاً عن التقارير السياسية المفروض أن تُقدمها الحركة في المؤتمر لتقدم جرد حساب لأعمالها السياسية في العشرين سنة الماضية، ولتشرح رؤيتها السياسية المستقبلية.
وكانت خيبة الأمل كبيرة للمعولين على حركة فتح وللمستمعين لخطابات عباس هذه، حيث اتسمت خطاباته تلك بالتعميم والغموض والجمل الإنشائية الفضفاضة التي تخلو من أي برامج سياسية واضحة، والتي لا تحتوي على أي استراتيجيات سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية محددة، فكانت الخطابات في الواقع لا تختلف في صياغاتها عما يُسمع يومياً في وسائل الإعلام الرسمية العربية والفلسطينية من ديباجات شكلية لا طعم ولا معنى، لها ولا يوجد لها أي دلالات سياسية ذات مغزى.
ومعلوم انه إذا افتقرت الحركة للبرامج والاستراتيجيات التي تُميزها فلم يبق أمامها سوى الرجال الذين يُمثلونها لتمييزها وذلك بما يُعرفون به من سلوك سياسي وأفكار سياسية.
وباستعراض أولئك الرجال الذين أعلن عن فوزهم في اللجنة المركزية لحركة فتح في مؤتمرها السادس نجد أن غالبيتهم من رجال الأمن والاستخبارات والتنسيق مع سلطات الاحتلال كدحلان والرجوب والطيراوي، أو من رجال التفاوض اللانهائي العقيم مع العدو كصائب عريقات ونبيل شعث، أو من الرداحين الثرثارين كعزام الأحمد وحسين الشيخ وعباس زكي أو غيرهم ممن هم من أمثالهم.
وإذا كان مثل هؤلاء هم رجال قيادة الحركة الجدد، وإذا كان محمود عباس هو رئيسهم بلا منازع، فإن الخط الأمريكي (الإسرائيلي) بلا شك سيكون هو الذي فاز في انتخابات المؤتمر السادس للحركة من دون أي منافس.
هناك تعليقان (2):
ولكن خط امريكا هو غير خط اسرائيل فكيف وضعت اسرائيل بين قوسين وكأن هنالك تماثل بين الخطين.
صحيح الخطان مختلفان سياسيا لكنهما متفقين في ضرورة تأمين الكيان اليهودي
إرسال تعليق