محمود عباس يُسقط ورقة المقاومة نهائياً من برنامج حكومته
من ناحية شكلية لم تُسقط حركة فتح التي يرأسها محمود عباس ورقة المقاومة من أدبياتها السياسية، ففي مؤتمرها السادس الذي انعقد مؤخراً في بيت لحم التزمت الحركة بحق الشعب الفلسطيني في المقاومة بكافة أشكالها ضد الاحتلال، وإن كانت لم توضح نوع المقاومة المقصودة في خطابها ومتى تستخدمها.
لكن رئيس الحركة محمود عباس كان صريحاً جداً بعد انتهاء المؤتمر في نفيه القاطع لاستخدام المقاومة من قبل الحكومة بكل صورها، فقال في اجتماع للحكومة الفلسطينية انعقد يوم الاثنين الماضي: "نحن طلاب سلام، نحن نقول الطريق الأساسي والوحيد هو طريق السلام والمفاوضات"، ولم يكتف عباس بهذا التأكيد على وجوب انتهاج طريق المفاوضات، ولكنه أصرَّ أيضاً على عدم وجود طريق غيره، وعلى عدم وجود الإرادة لاستخدام أي طريق آخر فقال: "ليس لدينا أي طريق آخر، ولا نريد أن نستعمل أي طريق، نريد سلاماً مبنياً على العدل والشرعية الدولية من خلال المفاوضات ومن خلال القوانين الدولية ومن أسسها خارطة الطريق".
فمحمود عباس كان صريحاً جداً، وواضحاً جداً، في إسقاطه لورقة المقاومة التي غالباً ما يتشدق بها بعض قادة حركة فتح ويزايدون عليها.
إن تبني عباس الخط السياسي الانهزامي الصريح هو الذي يجعل دولة يهود تفاوض السلطة إلى ما لا نهاية طالما أنها تعلم أنه لا يوجد لديها ما تضغط به عليها، فلا سلاح تملكه السلطة سوى سلاح الثرثرة والكلام الأجوف والاستجداء السياسي.
إن محمود عباس بإسقاطه لورقة المقاومة هذه يكون قد حكم على حركة فتح التي يتزعمها بالسقوط والتلاشي، وما يطيل من عمر الحركة ويبقي عليها ليس تأييد الناس لها، وإنما دعمها بالمال السياسي الأمريكي والأوروبي، وبحماية حكومتها الدمية من خلال قوة الاحتلال الغاشم.
وإذا كانت الحركة التي تدعي بأنها حركة لكل الشعب الفلسطيني، وبأنها حركة وطنية، إذا كانت الحركة قد تحولت إلى متعهد أمني للاحتلال ووكيل سياسي للأمريكان فإنها قطعاً لم تعد حركة وطنية ولا شعبية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق