حلف الناتو عدو رئيسي للأمة
إن استنجاد الثوار في ليبيا بحلف الناتو لإنقاذ أهل مدينة مصراطة الليبية من مذبحة وشيكة على يد قوات القذافي عمل بائس لا يليق بالثوار، فحلف الناتو هو تحالف عسكري بين قوى استعمارية عريقة من أهم أهدافه ضرب وحدة الأمة الإسلامية، ومنع قيام دولة إسلامية حقيقية، وتكريس تبعية البلدان العربية والإسلامية للدول الاستعمارية وللحضارة الغربية وللرأسمالية العالمية. لذلك كان استنجاد الثوار بعدو الأمة الرئيسي عمل ساذج بل هو جريمة سياسية بكل معنى الكلمة.
فحلف الناتو يمثل أمريكا وبريطانيا وفرنسا وهذه هي الدول الاستعمارية التي تسيطر على العالم العربي والإسلامي سيطرة سياسية واقتصادية شاملة وهي التي تحول دون تقدم هذه البلاد وتحررها.
ثم إن هذه الدول المرتبطة بهذا الحلف هي التي تشن حرباً صليبية ضروساً ضد المسلمين في العراق وأفغانستان والصومال، وهي التي دعمت الأنظمة القمعية العربية طيلة عقود طويلة.
ولا شك بأن الثوار في ليبيا يعون هذه الحقائق عن حلف الناتو وعن الدول الاستعمارية الرئيسية فيه ولكنهم يظنون – وهو ظن خاطئ - أنه لا غنى عن الاستعانة بالغرب وبالدول الغربية قي ظل رجحان كفة القذافي على كفتهم في الحرب الدائرة في ليبيا.
إن على الثوار أن يعوا أولاً بأن الاستعانة بالغرب لن تنقذهم من الهزيمة على يد قوات القذافي والدليل على ذلك أنهم كانوا متفوقين قبل مجيء طائرات حلف الناتو على قوات القذافي ولكنهم تقهقروا بعد ذلك.
فحلف الناتو لا يريد حسم المعركة لصالح الثوار بل يريد أن تطول الحرب في ليبيا لستة أشهر على الأقل لإنهاك الطرفين وتدمير ليبيا، ومن ثم السيطرة على القيادات الجديدة - التي يُعدّها على مهل وتؤده -سيطرة مطلقة قبل الحسم.
إن الإيمان بالإسلام يستوجب على الثوار أن يستعينوا بالله ويتوكلوا عليه ويفوضوا أمرهم إليه فهو الناصر والمعين، وهو المدبر والمقدر، وإليه تصير الأمور. فهذه مسألة عقائدية لا يجوز فيها مطلقاً الاستعانة بالكفار الحاقدين المستعمرين وهم ألد أعداء الأمة.
إن عليهم أن يولوا وجوههم شطر أمتهم الإسلامية، ويستعينوا بالشعوب الإسلامية، ويفرضوا فكرة التلاحم والوحدة بين الشعوب الاسلاميةكأمر واقع، وذلك على خلاف ما يراه الحكام العملاء الذين يلتزمون بأوامر وتعليمات القوى الغربية الاستعمارية التي تقضي بعدم التدخل في شؤون الآخرين، وهو ما يعني أن الدول الغربية وحدها لها الحق بالتدخل في شؤون المسلمين بينما لا يحق للمسلمين التدخل في شؤون أنفسهم.
إن على الثوار أن يكسروا هذه القواعد الاستعمارية، وأن يفضحوا اتخاذ الحكام للغرب ولياً لهم، وأن يكشفوا تآمر القوى الغربية المستمر ضد الشعوب العربية والإسلامية.
فهذه فرصة ثمينة لاحت للثورة على الأنظمة التابعة للغرب وعلى الغرب نفسه على حد سواء.
لذلك كان من السذاجة أن نحارب الأنظمة العميلة للغرب ولا نحارب الغرب نفسه، وكان من الجهالة أن نستعين بالدول الغربية لمحاربة الحكام التابعين لها.
فالثورة يجب أن تكون شاملة كاملة، وأن تحارب عدوها الرئيسي الذي عبث بمقدرات الأمة طيلة القرن الماضي ألا وهو الكافر المستعمر.
وهبة الشعوب العربية ضد الحكام العرب تستلزم أيضاً أن تكون ضد أمريكا وفرنسا وبريطانيا، فالفصل بين الحكام وبين أسيادهم لا معنى له، والانتصار الحقيقي لا يكون إلا بخلع الحكام وخلع النفوذ الغربي برمته من بلاد المسلمين، أما أن نطيح بالحكام ونأتي بغيرهم ممن هم مثلهم يوالون الغرب فهذا ليس بانتصار ولا بتغيير ولا بتحرير.