بدائل السلطة الفلسطينية في مواجهة الاستخفاف اليهودي
تصدر بين الفينة والأخرى تصريحات لمسؤولين فلسطينيين أو لأكاديميين فلسطينيين محسوبين على السلطة تشير إلى وصول المفاوضات مع كيان يهود إلى طريق مسدود، وإلى ضرورة طرح بدائل جديدة في مواجهة ما يُسمى بالتعنت (الإسرائيلي). ومن آخر ما طُرح من بدائل ما أدلى به نبيل شعث عضو اللجنة المركزية لحركة فتح من تصريحات من: “أن البديل النهائي الذي يُناقش الآن من ضمن البدائل هو أننا لسنا مستعدين كسلطة أن نستمر في تحمل مسؤوليات الاحتلال بينما هو دائم في الاستيطان"، وأضاف شعث قوله: “إن المفاوضات ليس فقط لم تُقرب الفلسطينيين من الدولة وإنما تراجعت معها مكانة السلطة، وإن الاتفاقات السابقة خلقت ولاية للسلطة على السكان وليس سيادة على الأرض، واليوم تتراجع حتى الولاية فما بالك بالسيادة"، وشرح كلامه هذا بالقول: “إن الولاية السابقة للسلطة كانت على المنطقتين أ وَ ب اللتان تشكلان 40% من مساحة الضفة الغربية أما اليوم فإن إسرائيل أعادت سن تشريعات ألغت بموجبها تلك الولاية مثل الأمر العسكري رقم 1650 الذي يمنع أهالي غزة من العيش في الضفة ويعتبرهم متسللين يستحقون المحاسبة والعقاب”. فخيار التفكير في حل السلطة قد بات وارداً عند بعض المسؤولين وبعض الكتاب الفلسطينيين الذين يُروجون لاتفاقيات سلمية استسلامية مع دولة يهود، لكن محمود عباس رئيس السلطة استبعد حتى هذا الخيار لأنه يحتاج إلى إذن (إسرائيلي) وقد لا تمنحه ( اسرائيل ) هذا الإذن فقال: “لا أستطيع ... حل السلطة بحاجة لموافقة إسرائيل، هذا الأمر تعاقدي يحتاج لموافقة الطرف الآخر”. ولحل هذا الإشكال خرج علينا بعض الأكاديميين بحلول وسط في مسألة حل السلطة كأن تُحل السلطة الفلسطينية ككيان مع إبقاء مؤسساتها قائمة، وهذا يستلزم إعادة القضية إلى المؤسسات الدولية، أو أن تُناط إدارة شؤون الفلسطينيين لمنظمة التحرير بدلاً من السلطة الفلسطينية، وأن تتحول مؤسسات السلطة إلى مؤسسات ودوائر تتبع منظمة التحرير. ومن البدائل السائدة في أوساط السياسيين الفلسطينيين كملاذ أخير للسلطة الفاشلة الاحتكام واللجوء إلى مجلس الأمن والأمم المتحدة لتحديد حدود الدولة وفقاً للقرارات الدولية مثل قرار 242 وَ 338، ومنها أيضاً تكثيف ما يُسمى بأساليب المقاومة السلمية (انتفاضة غير مسلحة) لمواجهة الاستيطان اليهودي. هذه هي البدائل الذليلة التي يطرحونها، وكلها تعكس خيبة أمل زعماء السلطة ومنظمة التحرير وحركة فتح مما آلت إليه الأمور من خيبة وتعاسة، وعدم دعم أمريكا للسلطة بالرغم من ارتمائها كلياً في أحضان أمريكا وفي أحضان ما يُسمى بالمجتمع الدولي لمطالبهم (الشرعية). إن كل هذه البدائل الوهمية لا ترتكز على أي موازين للقوة، وبالتالي فهي بدائل وأطروحات نظرية لا قيمة لها في الواقع السياسي. إن أية مفاوضات تُدار من قبل أية أطراف سياسية إذا لم تستند إلى موازين قوى حقيقية فهي قطعاً ستؤول إلى الفشل، ولن تؤدي إلى تحقيق أية أهداف ذات جدوى، وستبقى دائماً تصب في مصلحة الأطراف الدولية التي تملك أوراق القوة. ومن هنا كان من الطبيعي أن لا يتمكن المفاوض الفلسطيني وعلى مدى الثمانية عشرة عاماً الأخيرة من تحقيق أي إنجاز يُذكر طالما أنه جرَّد نفسه من كل وسائل القوة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق