لعبة الاستفتاء مخادعة للشعوب ومؤامرة ضد المسلمين
الاستفتاء مصطلح سياسي منبثق عن وجهة نظر المبدأ الرأسمالي الديمقراطي، وهو يعني اللجوء إلى الشعب لأخذ موافقته على خطة سياسية أو مشروع سياسي أو على قانون أو تشريع يراد سنه وتمريره على الناس بوصفهم مصدرا للتشريع وفقا للنظام الديمقراطي الذي يفصل الدين عن الحياة وعن الدولة ويمنح الشعب حق التشريع والسيادة .
وعادة ما يلجأ السياسيون المتنفذون في الدول الرأسمالية إلى الاستفتاء للالتفاف حول مجالس الأمة أو البرلمانات وذلك لصعوبة تمرير القانون المطلوب إقراره أو لصعوبة تمرير الخطة المراد إقرارها من تلك المجالس.
وأما في البلدان العربية والإسلامية فغالبا ما تُستخدم الاستفتاءات لتمديد ولاية الرئيس أو لتعديل الدساتير لجعلها تتلائم مع تنصيب ذلك الرئيس أو ذاك الزعيم أو القائد الذي يُراد فرضه على الناس وهم له كارهون.
ومن أخطر استخدامات الاستفتاءات في البلاد العربية ما يجري هذه الأيام في السودان من تحضيرات على قدم وساق لتنفيذ الاستفتاء الخاص بأهل الجنوب السودان ليقرروا فيه استمرار انضمامهم إلى الخرطوم أو انفصالهم في كيان جديد.
وتكاد تكون النتيجة محسومة سلفا لصالح وتفتيت السودان إلى كيانين فاشلين هزيلين احدهما للعرب والمسلمين والآخر يسيطر عليه النصارى والوثنيون.
إن هذا الاستفتاء من المرجح أن يفتح الباب على استفتاءات أخرى لتقرير مصير دارفور ومناطق شرق السودان.
وهكذا أصبح يستخدم الاستفتاء كمعول تقطيع وهدم للدول القائمة وتفتيتها إلى مُزق وكيانات هزيلة تابعة للمستعمر وخاصة الأمريكي الذي يُريد ضرب وحدة الأمة والدولة لفرض نفوذه على تلك الكيانات بسهولة ويسر.
ومن الأفكار الجديدة للاستفتاءات الخطيرة المعروضة ما تقوم به بعض الحركات الإسلامية من لعبة مكشوفة لولوج الملعب السياسي الذي يخضع لقوانين وتعليمات أمريكا والدول الأوروبية فهذا خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الذي يتوق للمشاركة في الألاعيب السياسية في فلسطين والتي تحتكرها الآن حركة فتح يعرض خطة جديدة تقضي بإقامة دويلة فلسطين بالمناطق المحتلة على 1967م من فلسطين مقابل توقيع صلح مع كيان يهود بشريطة موافقة غالبية الفلسطينيين عليه من خلال استفتاء يقررون موافقتهم أو عدم موافقتهم على الخطة.
إن إجراء مثل تلك الاستفتاءات كالذي عرضه مشعل لدمج حماس في اللعبة السياسية التي تجري في فلسطين أو كاستفتاء المقرر إجراؤه مطلع العام المقبل في جنوب السودان الرامي إلى سلخ الجنوب عن الشمال، إن مثل هذه الاستفتاءات لا ترمي إلا إلى تمرير المؤامرات على الشعوب الإسلامية بالتحايل عليها وإيهامها بأن تلك الاستفتاءات هي جزء من اختياراتها.
إن إخضاع مصير الأمة في أخطر قضاياها لاستفتاء يشارك فيها فئة قليلة مضيعة من السكان تم ترويضها من قبل الاستعمار وعملائه لمرير خطط الانفصال والتفتيت والاعتراف بكيانات الأعداء المغتصبين، إن هذا الإخضاع هو عمل مخادع فيه تحايل على الشعوب وتآمر ضد المسلمين لأنه في النهاية يُحقق ما عجز الاستعمار عن تحقيقه أثناء وجوده في ديار المسلمين.
هذا من ناحية سياسية أما من ناحية شرعية فلا شك بأن مثل هذه الاستفتاءات تتصادم مع الأحكام الشرعية كونها تقفز فوق المرجعية الإسلامية وتمنح صلاحية التقرير في أخطر قضايا المسلمين الحفنة من الأمة خاضعة لسيطرة الأعداء.
ففكرة انفصال الجنوب السوداني وفكرة إنشاء الدويلة الفلسطينية في حدود عام 1967م هي أفكار ومخططات خبيثة روجها الاستعمار وجند الأمم المتحدة وهيئاتها لاستصدار القرارات الدولية باعتبارها المرجعية البديلة عن المرجعية الشرعية.
لذلك كانت فكرة الاستفتاء من حيث هي خديعة كبرى للشعوب العربية والإسلامية ومؤامرة لا ينبغي لها أن تمر من خلال المسلمين بل إن من الواجب على كل السياسيين الواعين المخلصين أن برفوضوها بشدة ويعملوا على شطبها من قاموس الأمة السياسي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق