الأحد، 15 أغسطس 2010

مصر تفتقد لاستراتيجية زراعية منذ أكثر من ثلاثين عاماً

الأمن الغذائي في مصر في مهب الريح


ليست مشكلة الغذاء في مصر مشكلة حديثة تحتاج لعلاج آني، انها مشكلة قديمة بدأت منذ أكثر من ثلاثين عاماً وذلك بعد أن تبنى الرئيس المصري السابق أنور السادات سياسة الانفتاح، وتخلى عن السياسات الحمائية بضغط أمريكي، وهذه السياسات الانفتاحية هي التي جنت على مصر وعلى المصريين وأحالتهم الى أناس محتاجين ومتسولين يطرقون أبواب أمريكا ودول الغرب والشرق من أجل لقمة العيش المغمسة بالدم، بينما أراضي مصر الخصبة ومياه النيل كفيلة بحل هذه المشكلة وبتحقيق أمن غذائي لشعب مصر دون حاجة الى أمريكا زالدول الأخرى المصدرة للقمح، فمصر بلد النيل والخيرات والأراضي الخصبة تتحول بسبب حكامها العملاء إلى أكبر بلد مستورد للقمح في العالم، وبدلاً من أن تركز الدولة المصرية في السياسة الزراعية على إنتاج القمح الذي يُعتبر أهم سلعة غذائية بالنسبة للمصريين نجدها تزرع محاصيل أخرى أقل أهمية.
وقد كشف نائب رئيس الهيئة المصرية العامة للسلع التموينية نعماني نعماني عن تعاقد مصر مع فرنسا على شراء 240 ألف طن من القمح للشحن في أيلول (سبتمبر) المقبل على أربع شحنات كل واحدة منها بحجم 60 ألف طن بأسعار تراوحت ما بين 279.69 دولار وَ 283.69 دولار للطن الواحد.

إن مصر الآن تستورد ما يقارب الستة ملايين طن سنوياً من القمح الأمريكي والفرنسي والروسي والألماني والكندي والكازاخستاني وهي بذلك تعتبر أكبر دولة في العالم في استيراد القمح،
وستستورد مصر العام القادم 8.5 ملايين طن، وقد أثار إعلان ارتفاع أسعار القمح بنسبة 46% في الأسواق العالمية خلال أغسطس/آب الحالي، مخاوف في مصر من مرور البلاد بأجواء مماثلة لأزمة الغذاء العالمي عامي 2007 و2008.
وتخصص الدولة دعما كبيرا للقمح ومشتقاته، حيث وصل الدعم المرصود للخبز إلى 10.5 مليارات جنيه (1.8 مليار دولار) موزعة على دعم القمح المستورد والمحلي والذرة الشامية، وفقا لبيانات الموازنة العامة للدولة لعام 2010/2011, وهو ما يثقل الموازنة العامة.
وسيزيد ذلك من حجم العجز في الموازنة الذي بلغ نحو 120 مليار جنيه (21.1 مليار دولار)، كما سيزيد من حجم الدين العام البالغ 173 مليار جنيه (30.4 مليار دولار)، وبما يعادل نحو63% من الإيرادات العامة في الموازنة.
ان هذا التقاعس الحكومي المصري وعدم وجود سياسة زراعية فاعلة تنتهجها الحكومة ليس ناتجاً عن نقص في الموارد أو قلة في الكفاءات وانما هو راجع لشيئ واحد فقط وهو انتتهاج سياسات التبعية المطلقة لأمريكا وعدم محاولة الدولة الخروج عن تلك التبعية.
وقد كانت مصر قبل انفصالها عن الدول العثمانية المصدر الأول للقمح في المنطقة، وكانت لا تكتفي ذاتياً في إنتاج القمح وحسب بل كانت تُصدر القمح الذي يقيض عن حاجتها إلى العالم.

وهذا وحده دليل كاف على قدرة مصر على إنتاج القمح والاستغناء عن الاستيراد من الدول الأجنبية المستعمرة التي تستخدم القمح كوسيلة ضغط سياسية ضد مصر لحمل النظام المصري على الخنوع والاستسلام لها.
فالمشكلة في مصر إذاً ليست زراعية ولا تتعلق بالمياه والأراضي الصالحة للزراعة بل المشكلة سياسية تتعلق بالنظام المصري الحاكم الذي يسترشد بتعاليم أمريكا وبوصفات صندوق النقد الدولي والبنك العالمي.
إن مصر بحاجة إلى ثورة زراعية شاملة تُحررها من قيود المستعمرين فتُغير أساليب العمل الزراعي فيها بصورة جذرية بحيث يتم التركيز فيها أولاً على زراعة السلع الإستراتيجية التي تفي بضرورات الأمن الغذائي المصري والإسلامي.
ولكن هذه الثورة الزراعية يجب أن يسبقها ثورة سياسية تطيح بالنظام المصري الحالي المتعفن وتأتي بنظام سياسي جديد يرتضيه الله ورسوله والمؤمنون فيعيد لمصر هيبتها وكرامتها وثرواتها وقمحها ويضع الأمور في نصابها الصحيح لتفيض مصر مجدداً بالخير العميم الذي لا يقتصر على أهلها وإنما يصيب سائر الشعوب المفتقرة إليه.



ليست هناك تعليقات: