الجمعة، 9 أبريل 2010

تدخل أمريكي وقح في الانتخابات السودانية


تدخل أمريكي وقح في الانتخابات السودانية

عجيب لأمر الأحزاب السودانية التي ملأت وسائل الإعلام صخباً وضجيجاً وهي تنحو باللائمة على حكومة البشير متهمة إيّاها بأنها دمّرت وحدة السودان، وعرّضت أمنه للخطر، وسمحت للأجنبي بالتدخل في شؤونها، في حين أنها تقوم تماماً بما يقوم به البشير من أعمال، ولا تختلف معه إلاّ على السلطة والزعامة.

فها هو سكوت غريشن المبعوث الأمريكي الخاص في السودان يصول ويجول في السودان، ويجتمع بقادة الأحزاب السودانية التي تشارك في الحياة السياسية (الديمقراطية)، ويُعطيهم الأوامر فينصاعون له بلا أدنى تردد.

فلقد حاول معظم قادة هذه الأحزاب مقاطعة الانتخابات، كماوحاولوا تخريب العملية الانتخابية، لكن المبعوث الأمريكي ذهب الى السودان على عجل وطلب منهم أن يجتمعوا معه، وبعد امتثالهم لأوامره تغيّرت مواقفهم روياً رويداً.

والأسئلة الملحة هنا هي: لماذا تمتثل الأحزاب السودانية لغريشن هذا؟ ولماذا تستقبله كما لو أنه مسؤول سوداني كبير؟ ولماذا تسمح له بالتدخل في الشؤون السودانية؟ فأين هي السيادة؟ وأين هي الكرامة إذا أصبح غريشن هو من يُقرر للسودان ما هو الصواب في الانتخابات؟

ثم وبأي حق يقول المتحدث باسم الخارجية الاميركية فيليب كراولي:" ان الانتخابات المقبلة في السودان المقرر اجراؤها في الفترة من ال11 حتى ال13 من أبريل الجاري تعد علامة فارقة في اطار اتفاق السلام الشامل". فمن هو كراولي هذا حتى يُقرر ذلك؟؟.
ثم يُضيف كراولي في كلمته امام الصحافيين فيتكلم وكأنه مسؤول عن الانتخابات السودانية فيقول: "من مسؤولية لجنة الانتخابات الوطنية وحكومة السودان والأطراف المعنية اتخاذ جميع الخطوات الممكنة لضمان اجراء الانتخابات في اجواء سلمية تتسم بالشفافية ينظر اليها الشعب السوداني على أنها تتمتع بالمصداقية". فهو إذاً يوزع الصلاحيات ويرسم الخطوات ويحكم على نزاهة أو عدم نزاهة الانتخابات ويصفها بالمصداقية أو بأي وصف يُريد حسب ما يُحقق المصلحة الأمريكية

فأمريكا تُريد إجراء الانتخابات لتكمل خطة الانفصال المقررة العام القادم.
إن الخارجية الامريكية تتصرف في الشؤون السودانية وكأنها تتصرف في شؤون أمريكية داخلية، فهي تُعلن مثلاً عودة المبعوث الامريكي الخاص بالسودان سكوت غريشن الى الخرطوم وتقول بأنه: "سيواصل العمل مع لجنة الانتخابات الوطنية ومختلف الاطراف فيما يتعلق بالانتخابات المقبلة في السودان".
ولا تكتفي الخارجية الأمريكية بذلك بل تأمر الحكومة السودانية "بوجوب التأكد من مشاركة جميع الناخبين في الانتخابات عن طريق تحسين الظروف على الأرض في دارفور وغيرها من الاماكن بتوفير فرص حقيقية للوصول الى مراكز الاقتراع".

فأين الحكومة وأين البشير وأين المعارضة من هذه التدخلات الأمريكية الوقحة في أخص الشؤون السودانية؟؟؟.

والغريب أن كلاً من الحكومة والمعارضة يتهمان بعضهما البعض بالعمالة لأمريكا والغرب في الوقت الذي ينصاع الجميع لها. قال عمر البشير خلال كلمة أمام حشد في مدينة القضارف شرق الخرطوم: "المعارضة استنجدت بالدول الغربية والأمم المتحدة لتأجيل الانتخابات وهي استحقاق متفق عليه دوليًا منذ عام 2005 ". وأضاف: "لا تأجيل لتلك الانتخابات والكلمة الآن أصبحت لشعب السودان ليحدد من سيحكمه مستقبلاً ومن المعيب على المرشحين لرئاسة السودان عدم زيارتهم للولايات الجنوبية"، وهو نفس الكلام الذي يقوله المبعوث الأمريكي تماماً.

والدليل على عمالة هذه الأحزاب لأمريكا أو استجابتها لطلباتها خوفاًمنها، هو عودة الأحزاب الى المشاركة في الانتنخابات بعد أن كانت قد حلفت بأغلظ الأيمان أنها لن تُشارك في الإنتخابات، واتهمت الحكومة بالتزوير والتلاعب في النواحي اللوجستية للانتخابات.

فلماذا إذاً عادت إلى المشاركة في الانتخابات، ألم تعد إليها بطلب أمريكي؟؟ أو قل بأمر أمريكي.

ان تدخل الخارجية الأمريكية الصارخ في الشؤون السودانية الحسّاسة، وجولات غريشن المكوكية في السودان وفي الدوحة وهو يقوم بتوجيه الأحزاب والحكومة على حد سواء يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك مدى تبعية السودان كدولة بما فيها من رئيس وحكومة وأحزاب معارضة لأمريكا، وإن تصرف الحكومة والأحزاب واستجابتها للتعاون مع غريشن ليدل دلالة أكيدة على مدى ارتباط هذه الأحزاب ومعها الحكومة بالأجندة الأمريكية.

إن مجرد قبول مبدأ الاجتماع مع أي مبعوث أمريكي يُعتبر خيانة للأمة وللدين وتحت أي مبرر، ولا فرق بين اجتماع الحكومة في هذا المضمار أو الأحزاب، فخيانة حكومة البشير مثل خيانة حزب الأمة أو الحزب الاتحادي أو حزب المؤتمر الشعبي أو الحركة الشعبية لتحرير السودان أو الأحزاب الأخرى، فكلها في الخيانة سواء.


ليست هناك تعليقات: