تفاهمات غير معلنة بين أمريكا وكيان يهود حول الاستيطان
في وقت تتحدث فيه وسائل الإعلام عن رفض حكومة نتنياهو للمطالب الأمريكية حول مسألة تجميد الاستيطان لتسريع ما يُسمى بالعملية السلمية يبدو أن الأمر مختلف على أرض الواقع، فالرفض الذي تُبديه حكومة نتنياهو لمطالب إدارة أوباما يبدو أنه شكلي، وهو ما يؤكد عجز الحكومة (الإسرائيلية) عن تحدي الأوامر الأمريكية. ومن الأدلة على ذلك:
1) ذكرت صحيفة هآرتس: "إن إسرائيل والولايات المتحدة تجريان اتصالات سرية ترمي إلى بلورة صيغة متفق عليها تسمح بجسر الخلافات بين البلدين فيما يتعلق باستئناف العملية السلمية السياسية مع السلطة الفلسطينية"، وأضافت الصحيفة أن: "رئيس قسم الشرق الأوسط في البيت الأبيض دان سابيرو وصل إلى إسرائيل يرافقه الدبلوماسي ديفيد هيل الذي يعمل نائب المبعوث الأمريكي إلى المنطقة جورج ميتشل، وأجرى المسؤولان الأمريكيان مباحثات حثيثة مع مبعوث رئيس الوزراء الإسرائيلي للعملية السلمية المحامي يتسمان مولخو والمستشار السياسي لنتنياهو رون دويمر"، وقالت الصحيفة بأن: "هذه الزيارة بقيت سرية ولم يتم الإعلان عنها".
2) ذكرت صحيفة معاريف أن: "المحادثات المكثفة التي جرت الأسبوعين الماضيين بين مكتب نتنياهو ومسؤولين أمريكيين أدَّت إلى التوصل لاتفاق سري يقضي بتعليق الاستيطان في القدس الشرقية"، وأوضحت الصحيفة: "أن هذه التفاهمات أكدت أنه وخلافاً لتفاخر نتنياهو بأنه قال: لا لمطالب الرئيس الأمريكي باراك أوباما بشأن تجميد الاستيطان في القدس فإن رده لم يكن: نعم وإنما شيء ما في الوسط وهو أقرب إلى الموافقة على التجميد وعدم تنفيذ أعمال بناء واسعة".
وأضافت الصحيفة: "أن هذه التفاهمات تقضي في حال نتنياهو أزمة كبيرة أو تعرض لضغوط كبيرة أو تم تسريب التفاهمات فإن الجانب الأمريكي يميل إلى تمكينه من المصادقة على تنفيذ أعمال بناء رمزية بتنسيق صامت مع الأمريكيين لكي تبقى صورته كمن لم يطأطئ رأسه أمام الضغوط الأمريكية".
3) أعلن رئيس وزراء دولة يهود بعد التوصل لهذه التفاهمات "أن محمود عباس يعتزم استئناف مفاوضات السلام المتوقفة بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي" وأعرب عن أمله بأن يتم ذلك الأسبوع القادم.
4) وجَّه رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بعد ذلك نداءً صريحاً ناشد فيه الرئيس الأمريكي "لفرض حل للصراع في الشرق الأوسط". وتحدث عباس في الجلسة الافتتاحية لما يُسمى بالمجلس الثوري لحركة فتح موجهاً كلامه لأوباما ما نصه: "ما دمت كنت تعتقد بأن قيام الدولة الفلسطينية مصلحة استراتيجية أمريكية يا سيدي الرئيس ويا أعضاء الإدارة الأمريكية إذاً فمن واجبكم أن تحثوا الخطى من أجل أن نصل إلى الحل وأن تفرضوا هذا الحل ...افرضوه...".
5) تحدث رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس وصائب عريقات الناطق باسمها في الأيام القليلة الأخيرة عن نية السلطة التوجه إلى لجنة المتابعة العربية لأخذ الموافقة على العودة إلى المفاوضات غير المباشرة مع حكومة نتنياهو.
فيبدو أن التفاهمات غير المعلنة بين إدارة أوباما وحكومة نتنياهو على وشك النجاح في استئناف المفاوضات بين السلطة الفلسطينية وحكومة نتنياهو من خلال المفاوض الأمريكي.
وهكذا فالطبخة جاهزة والتصريحات المتشنجة أو الرافضة من كلا الطرفين هدفها الاستهلاك المحلي، وأوامر أمريكا في النهاية هي التي تنفذ ولو بطريقة فيها شيء من الدبلوماسية والتكتم والتمويه لحفظ ماء وجه نتنياهو.