الجمعة، 9 يناير 2009

العالم اليوم لا يفهم إلا لغة القوة

العالم اليوم لا يفهم إلا لغة القوة

التعبير عن المصالح في العلاقات الدولية لا يتم إلا من خلال القوة, فالدول التي لا تملك أي عنصر من عناصر القوة تكون مرهونة في إرادتها وسيادتها لدول أخرى لديها من عناصر القوة ما يؤهلها للهيمنة على تلك الدول، ولإلغاء أي دور لها في العلاقات الدولية. على أن مجرد وجود القوة عند دولة من الدول لا يكفي لجعلها فاعلة في المسرح الدولي، بل لا بد من استخدام هذه القوة أو التلويح باستخدامها. وما يجري في غزة من مجازر ترتكبها قوات العدو اليهودي على سبيل المثال يؤكد على حقيقة أن العالم لا يفهم إلا لغة القوة، فدولة يهود وبما تملكه من ترسانة عسكرية ضخمة تستخدمها ضد المدنيين لخلق أمر واقع في المنطقة لا يهمها المواثيق الدولية التي تدين انتهاكاتها لحقوق الإنسان، بل هي لا تلتفت أصلاً لتلك المواثيق. فقادة كيان يهود يلوحون دائما باستخدام القوة العسكرية التي بحوزتهم، ويستخدمونها عند الحاجة، ويستفيدون من قوة أميركا و الدول الغربية التي تمنحهم الدعم والغطاء لفرض أجندتهم في المنطقة. بينما الدول العربية وإن كانت تمتلك القوة لكنها لا تلوح بها نهائيا، ولا تستخدمها عند الضرورة، وهذا ما يجعلها دولاً عاجزة لا تهدد مصالح الدول الكبرى أو الدول الفاعلة، وبالتالي فلا يلتفت إليها احد.
وأما تأمين الدول العربية لمصالح أميركا و الدول الكبرى الأخرى فلا يعني أن هذه الدول تملك أوراق قوة في علاقاتها معها، لأن الذي يؤثر في العلاقات ليس تأمين مصالح الدول الكبرى، وإنما تهديدها. فكوريا الشمالية على سبيل المثال دولة صغيرة فقيرة لا تملك أية مواد اقتصادية، ولكنها مع ذلك فإنها تشكل لأميركا و العالم عقبة كأداء. والسبب واضح و بسيط وهو أنها تملك قوة صاروخية و نووية تُلوح دائماً باستخدامها.
وكذلك إيران وبغض النظر عن تنسيق سياساتها الكلية مع السياسات الأمريكية فإنها دولة أصبح لها نفوذ إقليمي كبير وذلك لكونها دعمت حزب الله وحماس اللتان صمدتا نوعاً ما أمام الهجمة اليهودية الوحشية عليهما من ناحية، ولأنها تُلوح باستخدام القوة العسكرية ضد دولة يهود من ناحية أخرى.
و بالمقابل فان باكستان وإن امتلكت القوة النووية والصاروخية الضخمة فإنها لا زالت تُعتبر من أكثر الدول فشلا، و من أكثرها خنوعا واستسلاما ليس فقط لأميركا، وإنما لدولة إقليمية هزيلة كالهند.
وكذلك الدول العربية التي تملك جيوشا جرّارة، والتي تشتري أحدث أنواع الأسلحة بمليارات الدولارات سنويا، ولديها من النفط والموارد الأخرى ما يجعلها لو استخدمت تلك القوى التي بحوزتها، أو حتى لو لوّحت بها فقط، لما تجرأت دولة يهود على القيام بما دأبت القيام به من أعمال عربدة ضد دول المنطقة.
فالدول العربية التي لا تستخدم القوة ولا تلوح بها لا يمكن أن يكون لها أي وزن في العلاقات الدولية. ولا نُبالغ إن قلنا إن حركة حماس وحزب الله يؤثران في العلاقات الدولية أكثر مما تؤثر فيها الدول العربية مجتمعة وذلك لكون تلك الحركات تستخدم فعلياً القوة البسيطة التي تملكها، وتلوح كذلك باستخدامها. لذلك كانا حركات فاعلة و مؤثرة في الساحة الدولية. بينما الدول العربية وأمثالها وإن امتلكت من أسباب القوة الشيء الكثير إلاّ أنها غير فاعلة ولا مؤثرة لأنها لا تستخدمها ولا تلوح بها.

ليست هناك تعليقات: