الخميس، 17 يوليو 2008

تعليق سياسي/عملية تحرير الأسرى نقطة مضيئة في صفحة المقاومة ووصمة عار في جبين الأنظمة العربية المتخاذلة

عملية تحرير الأسرى نقطة مضيئة في صفحة المقاومة ووصمة عار في جبين الأنظمة العربية المتخاذلة


إن عملية حزب الله البطولية ضد قوات الكيان اليهودي الغاصب قبل عامين، وما نجم عنها من أسر وقتل لجنود الاحتلال، ثم مقايضتهم في هذه الأيام بجميع الأسرى اللبنانيين من سجون العدو، وباستعادة رفات المئات من المقاتلين العرب والمسلمين الذين سقطوا دفاعاً عن فلسطين؛ إن هذه العملية البطولية الرائعة وما تبعها من تحرير واستعادة، تعتبر بلا شك من أعظم مفاخر وإنجازات الأمة على مدى عقود طويلة. فمثل هذه العمليات النوعية التي قضّت مضاجع العدو لا شك بأنها تحيي في النفوس مشاعر العزة والكرامة المفقودة، وتعيد الأمل للأمة بإمكانية تحقيق الانتصارات والتي كادت أن تنساها بسبب حكامها الجبناء. فحكومات العار التي تهيمن على مقدّرات الشعوب الإسلامية، قد غرست في نفوس الناس اليأس من النصر، وزرعت فيهم مشاعر الخوف والمذلة والهوان.
إن أمتنا التي لم تذق طعم الغلبة والانتصار لأجيال مديدة بسبب هؤلاء الحكام العملاء الذين فرضهم المستعمر على رقابنا، ومكّنهم من ديارنا، وسلّطهم على مقدّراتنا، ها هي اليوم تتذوّق حلاوة النصر من جديد، وها هو عدوّنا المتغطرس الذي كان يتبجح دوماً بأنه لن يطلق سراح المجاهدين من الذين يُصنّفهم بأن أيديهم ملطخة بالدماء؛ ها هو يرضخ لشروط حزب الله صاغراً، ويدوس على كبريائه، ويُطلق سراح سمير قنطار مُرغماً.
لقد ثبت بالدليل القاطع بعد هذه العملية أنّ عدوّنا يمكن هزيمته بكل سهولة ويسر، وأنّ لغة القوّة التي لا يفهم سواها نُجيدها نحن ببراعة، ونملك ناصيتها، والذي ينقصنا فقط هو توظيفها لخدمة قضايانا. والدليل على ذلك هو أن هذا العدو اللئيم الجبان لم يُفرج قط عن أي أسير من ذوي المحكوميات العالية إلا من خلال استخدام القوة، وعن طريق عمليات التبادل فقط. فالذين وقّعوا على اتفاقيات ( الاستسلام ) مع دولة يهود في مصر والأردن السلطة الفلسطينية، لم يتمكنوا قط من إطلاق سراح ولو أسير حقيقي واحد، وظلّت سجون العدو تغُصّ بعشرات الأسرى المصريين والأردنيين والفلسطينيين وذلك بالرغم من إتفاقيات ( السلام ) التي وقّعوها، وبالرغم من أنهم قد أمّنوا له باتفاقياتهم الذليلة معه سلامة حدود كيانه، ووظّفوا له جيوشهم وأجهزة أمنهم للقيام بدور كلاب الحراسة لحمايته، فلقد منحوه السلام الدائم والأمن الكامل، وفرّطوا بالأراضي المقدسة، وخرجوا من المعركة، وباعوا الفلسطينيين ليكونوا لقمة سائغة للمغتصبين، ومع كل هذا التنازل والتفريط الذي قدّموه،لم ينلهم من اليهود إلا كل ازدراء واحتقار.
لقد ضربت مقاومة حزب الله للأمة أروع الأمثال، وحقّقت أعظم الانجازات على الأعداء، وأحيت في نفوس المؤمنين والشرفاء مشاعر العزة والفخار، بعدما كانت دول الصغار قد شوّهتها و أماتتها. إن هذه العمليات الجهادية التي سطّرتها سواعد المقاتلين- وبالرغم من محدوديتها- تعتبر بحق نقاط مضيئة في صفحات المقاومة الشريفة، بينما وفي المقابل سطّرت حكومات الخيبة العربية وسلطة المذلة الفلسطينية أقبح وأفظع وصمات العار في صحائفها الحالكة السواد.
إنّ مشهد تحرير الأسرى الذي ظهر في الضاحية الجنوبية ببيروت كان حافلا ً ومفعما ً بالمشاعر الصادقة والجيّاشة، وكانت أحاسيس الفرح والابتهاج التي غمرت الحضور فيه حقيقية وخالية من الرياء، لذلك لم تتردد جماهير الأمة المتعطشة لمعاني المقاومة والجهاد المشاركة فيه بالملايين بشكل مباشر أو غير مباشر. وأما الذين غابوا عن حضور المشهد فهم فقط أولئك الحكام الموالين لأعداء الأمة وزبانيتهم من الذين انسلخوا من جلدة أمتهم فكانوا نشازاً خرجوا عن هذا المشهد المعبّر متذرّعين بحجج واهية ساقطة ، فمنهم من تجاهل الحدث ولاذ بصمت مريب، ومنهم من ألهى نفسه بقضايا محلية تافهة، ومنهم من انشغل بمؤتمر مدريد لحوار الأديان الذي رفع لواء معاداة الإسلام، إن هؤلاء من أشباه الرجال المعتزلين لقضايا أمتهم وهمومها واجبٌ عليهم أن يُطأطئوا رؤوسهم إجلالاً واحتراماً لهذا المشهد الكبير،أو يطأطئوه خجلاً وارتعاشاً لتآمرهم مع الأعداء ضد قضايا أمتهم، ومنها قضية تحرير آلاف الأسرى الذين ما زالوا يقبعون في غياهب سجون الاحتلال.

لقد ألحق هؤلاء الحكام الأذلاء بسبب مواقفهم الخيانية العار والشنار بشعوبهم، وقد حان أوان تغييرهم، ولم يعد أمامهم من سبيل سوى رحيلهم بطواعية منهم أو ترحيلهم جبراً عنهم.

ليست هناك تعليقات: