القطيعة لا المصالحة واجب إيجادها بين حماس وعباس
اتهم فوزي برهوم الناطق باسم حركة حماس رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بأنه ما زال مرتهناً للمواقف الأمريكية. وقال محمد نزال أحد قادة حماس البارزين بأن: "السبب الجوهري الذي دفع عباس إلى عدم التجاوب مع الطلب السوري والفلسطيني للقاء مشعل يعود إلى فيتو أمريكي تم إبلاغه من قبل وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس خلاصته أن أي لقاء أو مصالحة مع حماس ينبغي أن يقوم على قاعدة اعتراف حماس بشروط الرباعية الدولية". وأوضح صلاح البردويل الناطق باسم كتلة حماس في المجلس التشريعي الفلسطيني بأنه: "لا يمكن لعباس أن يحاور حماس إلا بضوء أخضر من اللجنة الرباعية أو الولايات المتحدة الأمريكية أو إسرائيل، وهذا ما عبَّر عنه بالفعل الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى حينما طالب الرباعية أن ترفع يدها عن الحوار الفلسطيني - الفلسطيني".
فإذا كان قادة حركة حماس يدركون تمام الإدراك عمق الصلة بين محمود عباس وبين الأمريكيين واليهود، ويصفون عباس بأنه ما زال مرتهناً للمواقف الأمريكية، وبأن سبب رفضه الالتقاء بمشعل يعود إلى فيتو أمريكي أعلنته كونداليزا رايس، وبأن تحاوره مع حماس يحتاج إلى ضوء أخضر من اللجنة الرباعية أو الولايات المتحدة أو كيان يهود كما قال كل من برهوم ونزال والبردويل، فإذا كان هؤلاء القادة يدركون ذلك كله وأكثر عن علاقة عباس بالأمريكيين واليهود فلماذا يصرون على التصالح معه؟ ولماذا ينددون برفض عباس الالتقاء برئيس حركة حماس خالد مشعل؟!.
إن الوضع الطبيعي للعلاقات بين حماس وعباس هو أن تسود حالة القطيعة بينهما؛ لأن المصالحة إن حصلت –لا سمح الله- فإنها تعني انحياز حماس إلى خط عباس المعروف بتبنيه للنهج الاستسلامي، وبارتمائه في حضن الأمريكيين واليهود. ولا يخفى على المتابعين لتحركات عباس ملاحظة مدى إخلاصه وولائه لليهود وللأمريكيين، فلقد تحول في الآونة الأخيرة إلى عرّاب متخصص في عمليات التطبيع مع دولة يهود، حيث أنه كان وراء ترتيب لقاء على هامش مؤتمر الاشتراكية الدولية الذي عقد في اليونان بين إيهود باراك وزير حرب الكيان اليهودي وجلال الطالباني رئيس دولة العراق(الأمريكية).
وسبق أن زار محمود عباس موريتانيا قبل مدة لإقناع النواب الموريتانيين بعدم المطالبة بإغلاق السفارة (الإسرائيلية) في نواكشوط، زاعماً أن وجود علاقات دبلوماسية بين الفلسطينيين و(الإسرائيليين) مصلحة للشعب الفلسطيني!!!
ويبدو أنه من غير المستبعد أن تكون زيارته لدمشق الأسبوع الماضي قد هدفت إلى ترتيب لقاء بين الرئيس السوري بشار الأسد وبين رئيس وزراء كيان يهود إيهود أولمرت على هامش مؤتمر الاتحاد المتوسطي الذي سيعقد في باريس برعاية الرئيس الفرنسي.
لقد أصبح محمود عباس من كبار المدافعين عن التطبيع المجاني مع الدولة اليهودية، وقد ترجم ذلك بالأفعال والأقوال، حيث إنه قد اجتمع مع أولمرت حوالي عشرين مرة دون أن تؤدي هذه الاجتماعات حتى إلى مجرد رفع حاجز واحد، بل إن قوات الاحتلال تتعمد إذلال السلطة الفلسطينية في كل مرة يحصل فيها اجتماع بينهما سواء بالاجتياحات والإغتيالات، أو بالاعتقالات، أو بهدم المنازل ومصادرة الأراضي، أو بتقطيع أوصال البلدات الفلسطينية بالجدار، أو ببناء المزيد من المستوطنات. وعباس مع ذلك كله يُصر على استمراره في هذا النهج الانبطاحي مع الكيان اليهودي. وقد دعا من دمشق في زيارته لها الأسبوع الماضي –وبكل تبجح- بأنه سيستمر في المفاوضات مع الإسرائيليين وقال –متباهياً-بأنه اتفق مع الرئيس السوري بشار الأسد على تنسيق مواقف الطرفين بشأن المفاوضات الفلسطينية (الإسرائيلية) والسورية (الإسرائيلية)، فهو قد أصبح خبيراً في تعليم الآخرين فنون التفاوض العدمية التي لا تخدم إلا أعداء الامة.
ولمّا كانت حركة حماس تدرك حقيقة هذا الرجل المشبوه فإنه من الأفضل لها، بل من الواجب عليها أن تقطع كل صلاتها معه، وعليها أن تعمل بكل- ما أوتيت من إمكانيات- على إسقاطه، وإبعاده عن قيادة حركة فتح وقيادة الفلسطينيين؛ لأنه يقودهما بمفاوضاته العقيمة مع اليهود نحو كارثة سياسية محققه ستحل على رؤوس أهل فلسطين جميعا.
وإذا كان غريباً أن تستمر حركة حماس في إبداء رغبتها بالمصالحة مع عباس -مع علمها بواقعه البائس هذا- فإن الأغرب منه تحاور قادة حركة الجهاد الإسلامي معه لا سيما وأن حركة الجهاد لا ناقة لها ولا جمل في هياكل السلطة الفلسطينية، وتزعم أنها ترفض كل الاتفاقيات والمواثيق الدولية التي انبثقت منها تلك السلطة الهزيلة وهياكلها الفارغة.
إن تصريحات قادة حركة الجهاد كنافذ عزام الذي قال: "إن ترجمة دعوة الرئيس أبو مازن نفسه للحوار بدون شروط واستجابة الأخوة في حماس في حينه لهذه الدعوة قد تأخرت"، وكرمضان شلّح الذي قال بعد لقاءه مع عباس في دمشق الاسبوع الماضي بأنه: "لمس استعداداً منه لبدء حوار وطني شامل". إن مثل هذه التصريحات تنم إما عن سذاجة سياسية لدى هؤلاء القادة الذين يعلنون أنهم يريدون الاستمرار في نهج العمليات العسكرية ضد دولة الاحتلال والتي يصفها محمود عباس بأنها عمليات حقيرة!!، وإما تنم عن رغبتهم بالانخراط في المستقبل بكعكة السلطة المغرية!!!.
إننا نربأ بقادة حركتي حماس والجهاد أن يقعوا في شَرَك المصالحة مع محمود عباس الذي يسير على نهج أنطوان لحد –سيء الذكر- في جنوب لبنان، ونذكِّرهم بأن القطيعة لا المصالحة هي المطلوبة لإسقاط مثل هذا النهج الذي يتبناه أمثال عباس ولحد وقراضاي والطالباني وأمثالهم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق