السبت، 5 يوليو 2008

تعليق سياسي/ فخ التهدئة

التعليق السياسي
فخ التهدئة
علَّقت حركة حماس المفاوضات بشأن الجندي اليهودي الأسير جلعاد شاليط والتي كان من المقرر البدء بها في القاهرة الأسبوع القادم، وجاء تعليقها رداً على تكرار إغلاق دولة يهود للمعابر مع قطاع غزة، واعتذرت الحركة للقيادة المصرية عن الشروع بتلك المفاوضات وقالت على لسان أحد مسؤوليها: "إن العدو لم يلتزم ببنود التهدئة فكيف سنثق بالتزامه إذا توصلنا لاتفاق".وكانت حماس قد طالبت الحكومة المصرية بالتدخل للقيام بما وصفته بإنقاذ اتفاق التهدئة، وطالب إسماعيل رضوان أحد ناطقيها الحكومة المصرية بوصفها راعية اتفاق التهدئة بالضغط على إسرائيل لتنفيذ بنود الاتفاق.
إن ما يسمى بالتهدئة ما هي سوى مؤامرة خبيثة حاكتها دولة يهود مع حكام مصر سماسرة أمريكا الرئيسيين في المنطقة لإيقاع حماس وسائر فصائل المقاومة الأخرى في مصيدة الحلول السلمية، وشَرَك وقف المقاومة الجهادية.
لقد تم تحويل حركة حماس بسبب هذه التهدئة المشؤمة إلى ما يشبه المقاول الأمني الذي يضغط على جميع فصائل المقاومة الأخرى لمنعها من إطلاق الصواريخ بحجة الحفاظ عليها بوصفها "مصلحة وطنية عليا" على حد وصفهم لها.
إن حكومة الاحتلال مرتاحة جداً من اتفاق التهدئة هذا وقد عبَّرت بالفعل عن مدى ارتياحها في إحدى جلساتها الأخيرة بقولها إن حماس ممثلة بوزير داخليتها سعيد صيام تسعى بشكل جدي إلى لجم الفصائل الفلسطينية المتحفظة على التهدئة، وتمنعها من إطلاق الصواريخ على المستعمرات اليهودية.
إن قبول فصائل المقاومة بوقف نشاطاتها الفدائية مقابل إدخال شحنة من الدقيق، أو دفقة من المازوت، لهو عار على تلك الفصائل التي قبلت بترك مقاومتها مقابل كسرة خبز أو لتر بنزين، فهذه الفتات وبكل المقاييس لم تكن يوماً أثماناً ذات قيمة يُساوم بها على المقاومة والجهاد.
إنه اتفاق قد اختُزل في معادلة جديدة سقيمة يمكن صياغتها في تعبير "وقف المقاومة مقابل إمدادات الغذاء"، وأما سائر المقولات الاخرى التي زعموا وجودها في الاتفاق كفتح معبر رفح وكنقل التهدئة بعد ستة أشهر إلى الضفة الغربية، فقد تبين أنها مجرد دعايات وفقاعات بالونات.
لقد كان بإمكان حماس والفصائل الأخرى إذا أرادت فقط إدخال الغذاء إلى القطاع أن تتوصل إلى تحقيق ذلك الهدف الرخيص بدون اتفاق وبدون وساطة سماسرة،وقد فعلت ذلك في السابق بدون مفاوضات ووساطات وإتفاقات، فدولة يهود التي طالما عجزت عن التصدي لصواريخ المقاومة كانت دائماً تتمنى التوصل إلى مثل تلك التهدئة بدون إتفاق، أما بالنسبة للخوف من عدم إدخال المواد الغذائية إلى القطاع فإن دولة يهود لا تملك أصلاً منع إدخال المواد الغذائية الضرورية إلى القطاع منعاً مطلقاً لأن هذا من شأنه أن يؤدي إلى وقوع كوارث إنسانية لا تستطيع دولة يهود أن تتسبب في وقوعها لأن وقوعها إن حصل سيكون مدعاة لتبرير فتح معبر رفح مع مصر، وهذا معناه بكل بساطة فقدانها لأهم سلاح تملكه الآن وهو سلاح الحصار وتركها بالتالي لأهم ورقة رابحة تلعب بها ألا وهي ورقة التحكم بغذاء سكان القطاع وهذا أمر لا تستطيع دولة يهود المقامرة عليه أو التخلي عنه بمثل هذه البساطة.
كان على حماس وسائر فصائل المقاومة الاخرى أن ترفض هذا الاتفاق الذليل رفضاً باتاً وقاطعاً، وكان عليها أن تدرك حقيقة قطعية مفادها أنها "لن تستطيع الحصول على شيء من التهدئة لم تستطع الحصول عليه من المقاومة" فهذه قاعدة بديهية يعرفها كل المقاتلون الجادون الذين لا يبحثون عن سلطة زائفة ولا يتعلقون بسراب سلام كاذب.
فالتهدئة في واقعها ما هي إلا فخ نُصب لحماس و لحركات المقاومة الاخرى من أجل تهجينها وتطويعها وسلبها لأهم سلاح في جعبتها وإفقادها لأقوى ورقة في يدها.

ليست هناك تعليقات: