الخميس، 20 أكتوبر 2011

موت القذافي ونهاية حقبة


موت القذافي ونهاية حقبة


بمصرع القذافي وسقوط نظامه الدكتاتوري الطاغوتي انتهت حقبة مظلمة من حياة الأمة كانت من أسوأ ما مر عليها من عهود. فلم تعرف الامة من قبل مثل تلك الهستيريا السياسية والفكرية الصاخبة التي حاول القذافي صبغ الناس بها، وبسقوطه وبعد اثنتين وأربعين من السنين العجاف التي قضاها في الحكم، سقطت معه شعاراته الجوفاء التي أدرجها في كتابه الأخضر، والذي حاول جعله وثناً يُعبد في ليبيا، بحيث لم يخل ميدان من ميادين المدن الليبية الا وغصّ بتلك الاوثان كما غصّ بصوره وبأعلامه الخضراء الخالية من أي معنى.
فكل شطحاته الفكرية السقيمة وأراجيفه الباطلة التي روّجها في سني حكمه الطويلة أصبحت هباءً منثوراً، فسقطت شعارات القومية العربية التي دعا لها منذ ستينيات القرن الماضي، وتبددت أطروحاته الزائفة عن الجماهيرية والمؤتمرات الشعبية والفضاءات الافريقية وما سواها من فضاءات مختلفة سخيفة.
وأما كفرياته الكثيرة الباطنية كإنكاره للسنة وكحذفه لكلمة قل من السور القرآنية وكغيرها من ضلالات وتُرّهات فلم تلق أي رواج في حياته مما جعله يتخلى عن الترويج لها في العلن فبقيت جزءاً من معتقداته الشخصية الغامضة وعالمه السري الخاص.
إنّ طول واستمرارية حكم القذافي في ليبيا مع افكار ملوثة كالتي كان يدعو لها ما كانت لتُعمر إلى هذا المدى لولا الدعم المطلق للدول الغربية الاستعمارية له، فالاستعمار البريطاني الذي سلّم الحكم في ليبيا للقذافي في غفلة من الزمن هو المسؤول الأول عن كل الجرائم التي ارتكبها القذافي بحق أهل ليبيا وبحق الامة الاسلامية. فلولا تسليم بريطانيا ليبيا للقذافي على طبق من ذهب وحمايتها له لما تمكن نظامه من الصمود والبقاء طوال هذه الفترة.
ولكن الثورة  الشعبية التي اندلعت في ليبيا وأطاحت  بالقذافي قد أجبرت البريطانيين والاوروبيين على التخلي عن القذافي ومحاولتهم ركوب موجتها والتخلي عن القذافي حفاظاً على مصالحهم ونفوذهم.
لكن نجاح الاوروبيين في اختراق الثوار، وإدخال حلف الناتو كشريك لهم في إنجازهم بالتخلص من القذافي لن يُحوّل ولاء الثوار لهم كما كان الأمر زمن القذافي، لأنهم قاتلوا وصمدوا وضحوا بالكثير لكي يتخلصوا من نظام القذافي الطاغية، بينما لم يفعل القذافي شيئاً عندما استلم الحكم، فكأنّ القواعد البريطانية والامريكية التي كانت تملأ ليبيا وتُسيطر عليها لم تُلاحظ سيطرة القذافي على الجيش والحكم والذي كان حينها مجرد ( بكباشي ) صغير يسهل القضاء عليه.
ان تعامل المستعمرين مع الانقلابات ليس كتعاملهم مع الثورات، ففي الحالة الأولى يستطيعون تحويل قادة الانقلابات الى عملاء أما في الحالة الثانية فيستحيل عليهم ذلك لانّ قادة الثوار يستمدون قوتهم من الجماهير مباشرة وليس من العسكر.
صحيح انهم يستطيعون الاختراق ويملكون اشراك عملائهم في الحكم، لكنهم لا يستطيعون السيطرة المطلقة على الحكام الثوار لأنهم وبكل بساطة لا يملكون القدرة على تحويل كل القيادات الشعبية الى قيادات عميلة.
والخلاصة أنّ حقبة القذافي قد طُويت وبدأ عهد جديد في ليبيا يحمل كل السمات والارهاصات الثورية التي تُبشر بتغيير حقيقي لا يطال ليبيا وحسب بل ويطال الامة الاسلامية بأسرها.



ليست هناك تعليقات: