أوباما يتخلى عن خياراته السياسية
في بداية تسلم أوباما للحكم ظهر عليه تبني سياسة خارجية حاسمة تمثلت في محاولته لحسم الحرب في أفغانستان وحسم التسوية في الشرق الأوسط.
وكنتيجة طبيعية لهذه السياسة وصل إلى مركز دائرة صنع القرار في إدارته رجلان مهمان يمثلان هذه السياسة، الأول كان الجنرال ماك كريستال الذي طالب بشحن المزيد من القوات لحسم المعركة في أفغانستان، والثاني كان النرال جيمس جونز الذي تبنى فكرة الحل الشامل للصراع في الشرق الأوسط. وكان الرجلان يكملان بعضهما أحدهما داخل المكتب البيضاوي والآخر في الخارج في قلب ميادين القتال.
اى أنّ ثمة رجال آخرين كانوا مقربين من نائب الرئيس جو بايدن لم ترُق لهم هذ السياسة فشكَّلوا مركز ثقل في البيت الأبيض، وبدؤا يتكتلون ويضغطون إلى أن تمكنوا من إسقاط سياسات أوباما، وإسقاط رجالها. فسقط فيمن سقط هذان الرجلان من منصبيهما، وتم التخلي تماماً عن وجهة نظرهما، وهي وجهة النظر التي كانت تُمثل سياسات أوباما الأصلية، وهكذا اضطر أوباما إلى تغيير آرائه، وأُجبر على القبول بآراء نائبه والآخرين.
ومن الأدلة على ذلك ما حدث في أفغانستان فبعد أن تم إرسال ثلاثين ألف جندي أمريكي إضافي لتعزيز فكرة حسم الحرب فيها عاد أوباما ووضع سقفاً زمنياً لسحب الجنود من أفغانستان، فقُتلت فكرة الحسم في مهدها، وعادت سياسات بترايوس تتصدر السياسة الخارجية في أفغانستان والتي تعتمد على إنشاء تحالفات سياسية قبلية وشعبية وتتبنى دبلوماسية شراء الذمم واختراق حركة طالبان في أفغانستان لتصبح هذه السياسة هي السياسة الأصلية بدلاً من الحملة العسكرية المكثفة والمتواصلة ضد حركة طالبان.
وأما بخصوص القضية الفلسطينية فبعد أن طغت أفكار مستشار الأمن القومي السابق زبيغنيو بريجنسكي والتي تطالب بفرض التسوية فرضاً على الكيان اليهودي وهي السياسات التي تبناها جيمس جونز بالكامل، بعد ذلك انقلبت الأمور رأساً على عقب، وفوجئت الأوساط السياسية بتعيين دينس روس كمستشار سياسي رئيسي في البيت الأبيض، وهو الرجل المعروف بدهائه في التملص من فرض الحلول الذرية على دولة يهود، والاكتفاء بتحريك العملية السلمية دون أن يتمخض عنها أي حل حاسم.
إن سقوط جونز والاستبدال به نائبه توم دونيلون يدل على أن آراء أوباما المتعلقة بالشرق الأوسط قد سقطت، وإن مجرد إدخال دينس روس إلى فريق المستشارين كان علامة على بداية هذا السقوط.
وما دلَّ على ضعف أوباما السياسي ترديده لعدة مرات أمام وسائل الإعلام بأن بريجنسكي ليس أحد مستشاريه، مع أنه كان من قبل يتخذه مصدر إلهام سياسي له.
فبإخراج جيمس جونز من فريق أوباما أدرك كثير من المراقبين السياسيين أن السياسة الأمريكية الخارجية قد تغيرت، وهذا دليل كاف على أنّ أوباما رئيس ضعيف كونه لا يتمسك بمواقفه وآرائه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق