جولة ميتشل والاستخفاف بالمواطن العربي
تتسابق وسائل الإعلام العربية الرسمية والمعارضة على حد سواء في تناولها لجولة ميتشل الحالية في الشرق الأوسط باعتبارها حدثاً بالغ الأهمية، فتتناوله بإطناب، وتوسعه بحثاً وتحليلاً، وتُشبعه شرحاً وتعليقاً، فتوحي هذه الوسائل الإعلامية البائسة للمواطنين بأن كل مفاتيح الحل لقضايا المنطقة هي بيد هذا المبعوث الأمريكي وبيد موفديه.
وقد عوّدتنا هذه الأبواق الإعلامية دائماً ومنذ أكثر من ستين عاماً على ذلك، فكل المبعوثين السابقين الكثر إلى منطقتنا قد عوملوا بنفس الأسلوب من الاهتمام والتبجيل، ولم تُدرك هذه الأبواق بعد طول سنين من نعيقها هذا أن إيفاد الدول الكبرى لمبعوثيها إلى المنطقة لم يكن هدفها قطعاً حل القضايا ولا إنصاف المظلومين، بل كان هدفها دائماً ولا يزال هو إشغال المنطقة بشيء ما تلوكه الألسن يلهيها عن العمل الجاد لحل قضاياها بنفسها.
والذي يستمع إلى البيانات السياسية أو إلى تصريحات السياسيين الحالية المصاحبة لجولة ميتشل يجدها هي عينها التي كانت تُرافق أي مبعوث أمريكي آخر في أي جولات سياسية سابقة إلى المنطقة، فكأن التاريخ يُعيد نفسه، وكأن تلك البيانات والتصريحات تُستنسخ من جديد، فالمبعوثون يقومون بنفس الأدوار المخادعة، وأبواق السلطة والمعارضة يُرددون نفس العبارات السياسية المملولة المجترّة.
فلاحظوا مثلاً الكلام الذي صاحب ميتشل في زيارته لسوريا ولبنان:"إن محادثات ميتشل مع الرئيس السوري بشار الأسد تناولت العلاقات الثنائية وآفاق التسوية والأوضاع في المنطقة، وذلك بعدما أنهى محادثات في بيروت مع الرئيس اللبناني ميشيل سليمان وعدد من كبار المسئولين اللبنانيين تناولت الوضع في المنطقة والمساعي لإعادة إطلاق عملية التسوية وطمأن خلالها لبنان تجاه رفض الولايات المتحدة توطين الفلسطينيين، فيما أكد سليمان أن أي تسوية لا تحقق العودة للفلسطينيين تبقى ناقصة" .
ولا حظوا مثلاً البيان الرئاسي السوري بأن الأسد :" اطّلع من ميتشل على الجهود الأمريكية لتحريك عملية التسوية”. وبأنه جدد “التأكيد على موقف سوريا المبدئي الداعي لتحقيق السلام العادل والشامل”، مضيفاً بأن “الحكومة التي تعلن صراحة عدم رغبتها بالسلام لا يمكن اعتبارها شريكا حقيقياً فيه”. وشدد “على أن إقامة السلام تتطلب إنهاء الاحتلال وإعادة الحقوق”، وأكد على أهمية الدور التركي في عملية التسوية وقال بأن “السلام يسهم في حل الكثير من القضايا الشائكة في الشرق الأوسط وأن التأخر في حلها يزيد في تعقيدها” .
إنها نفس الطريقة المبتذلة في الحديث، ونفس الأوهام والأحلام التي تحدث عنها السياسيون الفاشلون من الزعامات العربية السابقة. أما تصريحات ميتشل فهي لا تختلف عن تصريحات المبعوثين الأمريكيين السابقين إلى المنطقة، وما تتضمنه من عموميات ومتاهات سياسية.
لاحظوا على سبيل المثال بعضاً منها، ففي تصريحه للصحافيين أكد ميتشل عقب مباحثاته مع الأسد “إن الرئيس الأمريكي باراك أوباما ووزيرة الخارجية هيلاري كلينتون ملتزمان بعملية التسوية بين الفلسطينيين والإسرائيليين بين سوريا وإسرائيل وبين لبنان وإسرائيل وبما يشمل التطبيع الكامل للعلاقات بين “إسرائيل والدول العربية”. وشدد ميتشل على أهمية “الدور السوري في كل هذه الجهود التي ترعاها الولايات المتحدة والمجتمع الدولي وهذا هو موضوع مباحثاتنا لهذا اليوم حيث ناقشنا كل القضايا والعلاقات الثنائية بين سوريا والولايات المتحدة”.
هكذا إذاً تُقابل جولات المبعوثين الأمريكيين فالكلام يغلب عليه الطابع الإنشائي، وهو ما يسمح بكثرة التخمينات والتفسيرات التي تشحن المنطقة بسحابة من الأوهام السياسية التي تُخدر المنطقة حيناً من الدهر، ثم عندما تنكشف هذه الغمامة تخرج منها الأمة خالية الوفاض كمن يبسط يديه إلى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه، وتعود إلى حالة الفراغ من جديد تنتظر جولة جديدة لمبعوث جديد.
تتسابق وسائل الإعلام العربية الرسمية والمعارضة على حد سواء في تناولها لجولة ميتشل الحالية في الشرق الأوسط باعتبارها حدثاً بالغ الأهمية، فتتناوله بإطناب، وتوسعه بحثاً وتحليلاً، وتُشبعه شرحاً وتعليقاً، فتوحي هذه الوسائل الإعلامية البائسة للمواطنين بأن كل مفاتيح الحل لقضايا المنطقة هي بيد هذا المبعوث الأمريكي وبيد موفديه.
وقد عوّدتنا هذه الأبواق الإعلامية دائماً ومنذ أكثر من ستين عاماً على ذلك، فكل المبعوثين السابقين الكثر إلى منطقتنا قد عوملوا بنفس الأسلوب من الاهتمام والتبجيل، ولم تُدرك هذه الأبواق بعد طول سنين من نعيقها هذا أن إيفاد الدول الكبرى لمبعوثيها إلى المنطقة لم يكن هدفها قطعاً حل القضايا ولا إنصاف المظلومين، بل كان هدفها دائماً ولا يزال هو إشغال المنطقة بشيء ما تلوكه الألسن يلهيها عن العمل الجاد لحل قضاياها بنفسها.
والذي يستمع إلى البيانات السياسية أو إلى تصريحات السياسيين الحالية المصاحبة لجولة ميتشل يجدها هي عينها التي كانت تُرافق أي مبعوث أمريكي آخر في أي جولات سياسية سابقة إلى المنطقة، فكأن التاريخ يُعيد نفسه، وكأن تلك البيانات والتصريحات تُستنسخ من جديد، فالمبعوثون يقومون بنفس الأدوار المخادعة، وأبواق السلطة والمعارضة يُرددون نفس العبارات السياسية المملولة المجترّة.
فلاحظوا مثلاً الكلام الذي صاحب ميتشل في زيارته لسوريا ولبنان:"إن محادثات ميتشل مع الرئيس السوري بشار الأسد تناولت العلاقات الثنائية وآفاق التسوية والأوضاع في المنطقة، وذلك بعدما أنهى محادثات في بيروت مع الرئيس اللبناني ميشيل سليمان وعدد من كبار المسئولين اللبنانيين تناولت الوضع في المنطقة والمساعي لإعادة إطلاق عملية التسوية وطمأن خلالها لبنان تجاه رفض الولايات المتحدة توطين الفلسطينيين، فيما أكد سليمان أن أي تسوية لا تحقق العودة للفلسطينيين تبقى ناقصة" .
ولا حظوا مثلاً البيان الرئاسي السوري بأن الأسد :" اطّلع من ميتشل على الجهود الأمريكية لتحريك عملية التسوية”. وبأنه جدد “التأكيد على موقف سوريا المبدئي الداعي لتحقيق السلام العادل والشامل”، مضيفاً بأن “الحكومة التي تعلن صراحة عدم رغبتها بالسلام لا يمكن اعتبارها شريكا حقيقياً فيه”. وشدد “على أن إقامة السلام تتطلب إنهاء الاحتلال وإعادة الحقوق”، وأكد على أهمية الدور التركي في عملية التسوية وقال بأن “السلام يسهم في حل الكثير من القضايا الشائكة في الشرق الأوسط وأن التأخر في حلها يزيد في تعقيدها” .
إنها نفس الطريقة المبتذلة في الحديث، ونفس الأوهام والأحلام التي تحدث عنها السياسيون الفاشلون من الزعامات العربية السابقة. أما تصريحات ميتشل فهي لا تختلف عن تصريحات المبعوثين الأمريكيين السابقين إلى المنطقة، وما تتضمنه من عموميات ومتاهات سياسية.
لاحظوا على سبيل المثال بعضاً منها، ففي تصريحه للصحافيين أكد ميتشل عقب مباحثاته مع الأسد “إن الرئيس الأمريكي باراك أوباما ووزيرة الخارجية هيلاري كلينتون ملتزمان بعملية التسوية بين الفلسطينيين والإسرائيليين بين سوريا وإسرائيل وبين لبنان وإسرائيل وبما يشمل التطبيع الكامل للعلاقات بين “إسرائيل والدول العربية”. وشدد ميتشل على أهمية “الدور السوري في كل هذه الجهود التي ترعاها الولايات المتحدة والمجتمع الدولي وهذا هو موضوع مباحثاتنا لهذا اليوم حيث ناقشنا كل القضايا والعلاقات الثنائية بين سوريا والولايات المتحدة”.
هكذا إذاً تُقابل جولات المبعوثين الأمريكيين فالكلام يغلب عليه الطابع الإنشائي، وهو ما يسمح بكثرة التخمينات والتفسيرات التي تشحن المنطقة بسحابة من الأوهام السياسية التي تُخدر المنطقة حيناً من الدهر، ثم عندما تنكشف هذه الغمامة تخرج منها الأمة خالية الوفاض كمن يبسط يديه إلى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه، وتعود إلى حالة الفراغ من جديد تنتظر جولة جديدة لمبعوث جديد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق