الخميس، 27 نوفمبر 2008

تناقض مواقف حركة الجهاد الإسلامي من المصالحة

تناقض مواقف حركة الجهاد الإسلامي من المصالحة


تعليق سياسي
من يتابع مواقف حركة الجهاد الإسلامي من المصالحة بين حركتي فتح وحماس يصعب عليه فهمها وتفسيرها. ففي الوقت الذي ترفض فيه حركة الجهاد اتفاق أوسلو وكل ما تولد عن هذا الاتفاق من مؤسسات سلطوية وإدارية تحت سيادة الاحتلال، وفي الوقت الذي ترفض فيه الحركة إجراء الانتخابات والمشاركة فيها وفقاً لقوانين السلطة الفلسطينية الخانعة للاحتلال والمنبثقة عن اتفاقات أوسلو الخيانية، في هذا الوقت بالذات تنشط الحركة في التنسيق مع حركة فتح ومع حركة حماس لإجراء المصالحة بينهما وفقاً لحل وسط بين برنامجيهما المناقض لبرنامج الجهاد.
يقول إبراهيم النجار أحد قياديي حركة الجهاد وعضو وفدها لحوار القاهرة: "إن سبب فشل عقد المصالحة في القاهرة هو الاختلاف الكبير بين البرنامجين السياسيين لحركتي حماس وفتح". ومعنى كلامه هذا أنه يريد التقريب بين البرنامجين لتتم المصالحة بين الحركتين على أساس البرنامجين، مع العلم بأن برنامج حركته تتناقض مع كلا البرنامجين، والسؤال الذي يطرح نفسه هو: كيف يمكن استساغة حركة الجهاد لوضع برنامج مشترك مستمد من برنامجي الحركتين مع تناقضهما كلياً مع برنامج حركة الجهاد؟
والغريب في تصريحات النجار أنه مع إقراره بضرورة التقريب بين مواقف فتح وحماس المبنية جلها أو بعضها على اتفاق أوسلو، فإنه يهاجم ذلك الاتفاق ويعتبره "سبباً للخلاف والفرقة الفلسطينية".
ثم يستمر النجار في تناقضاته فيشير إلى "ضرورة أن يحترم طرفا الصراع الداخلي الاختلاف بينهما لأن الاختلاف رحمة" على حد قوله، وكأن الخلاف الدائر بينهما هو خلاف شرعي!!.
والأغرب من هذا كله أنه ينادي بالمصالحة مع السلطة الفلسطينية وهو يعلم تواطئها مع الاحتلال، إذ أنه يظهر امتعاظه من تواطؤ السلطة مع الاحتلال في استهدافها للمقاومين فيقول: "إن الاعتقالات التي تجري بحق عناصر حركته في الضفة الغربية من قبل أجهزة الأمن هناك هدفها منعهم من المقاومة والتواطؤ مع المحتل"، كما يُبدي استهجانه من استمرار حملة الاعتقالات التي طالت بحسب احصائيات حركته 60 معتقلاً ناشطاً من الحركة فيقول: "نستغرب أن يتم اعتقال عناصرنا ومطاردتهم من قبل السلطة الفلسطينية في النهار، ويتم مطاردتهم وقتلهم في الليل على يد قوات الاحتلال"، ويطالب النجار هؤلاء الذين وصفهم بأنهم "يدعون المقاومة للاستسلام والقبول بالتسوية بأن ينظروا إلى فشل مشروعهم في تحقيق أي إنجاز للشعب الفلسطيني".
فإذا كان النجار وقيادات حركته يعلمون علم اليقين تواطؤ السلطة مع الاحتلال، ويدركون أن سلطة عباس تطارد المجاهدين، وتعتقلهم، وتنسق نشاطاتها الأمنية مع الموساد باشراف أميركي، فكيف يطالبون بالتصالح معها؟؟ وكيف يقنعون أنفسهم وكوادرهم بالتعامل مع جماعة عباس المتعاونة مع دولة يهود ضد أبناء فلسطين وضد كل ما هو اسلامي وجهادي؟؟ ولماذا يتهالكون على المصالحة والتقريب بين حركة فتح التي يقودها محمود عباس الرافض للمقاومة والذي يعتبرها عمل إرهابي والداعي للاستسلام والخنوع لليهود والأمريكان وبين حركة حماس؟!
كان الأجدر بقادة حركة الجهاد أن يكشفوا هذا التواطؤ بين سلطة عباس الذليلة وبين دولة الاحتلال اليهودي أمام وسائل الإعلام وبدون لف أو دوران لكي تكون مواقفهم متناسقة مع أطروحاتهم.
أما أن يذهبوا إلى مؤتمر القاهرة الذي ترعاه الحكومة المصرية بتوكيل أميركي، ويتعاونوا مع عمر سليمان رئيس المخابرات المصرية، ويظهروا أنهم مع المصالحة بين سلطة عباس العميلة وبين حركة حماس، فمثل هذه المواقف المتناقضة لا يمكن تفسيرها إلا بالنفاق السياسي، وبمحاولة مسك العصا من الوسط، ليكون للحركة جزء من كعكة السلطة في يوم من الأيام.
فمن غير اللائق ولا المستساغ أن تنخرط حركة جهادية بمفاوضات مشبوهة مع سلطة ذليلة تابعة لأولمرت وتحت رعاية حكومة مبارك العميلة التي تغلق معبر رفح، وتتلقى تعليماتها من واشنطن، وتتعاون مع تل أبيب في حصار غزة.

ليست هناك تعليقات: