الثلاثاء، 26 أغسطس 2008

تعليق سياسي / من ينتصر لهذه الأمّة ويثأر لشهدائها ؟!

تعليق سياسي

من ينتصر لهذه الأمّة ويثأر لشهدائها ؟!

إنّ المذابح التي تقترفها قوى الكفر والظلم والاستعمار بحق شعوب الأمة الإسلامية لا تكاد تتوقف، فعلى سبيل المثال لا الحصر، فقد قُتل في أسبوع واحد من المسلمين المدنيين على أيدي تلك القوى الإجرامية ما يُقارب المائتين وخمسون شخصاً، غالبيتهم من النساء والأطفال والشيوخ.
ففي جنوب الفيليبين تستمر القوّات الفيليبينية الصليبية بارتكاب أفظع المجازر بالمسلمين في منطقة ميندناو، حيث أُعلن عن قتل مائة مسلم وتدمير خمسة عشر معسكراً لجبهة مورو التي كانت وقّعت اتفاقية صلح مع الحكومة، إضافة إلى تشريد قرابة الثلاثمائة ألف نازح من المسلمين المستضعفين عن قراهم.
وفي أفغانستان قتلت قوّات الاحتلال الأميركية بغارة جوية واحدة تسعة وثمانين أفغانياً كانوا يتجهزون لتناول ولائم الطعام في أحد الأعراس. وفيما اعترفت حكومة قراضاي الدمية بهذه المجزرة، واستنكرتها شكلياً، اعتبرها المتحدث باسم البنتاغون براين ويتمان - وبكل استخفاف ووقاحة - هجوما مشروعاً ضدّ حركة طالبان.
وفي كشمير المحتلة قتلت شرطة الاحتلال الهندوسية ثلاثة متظاهرين مسلمين عُزّل وأصابت خمسين آخرين، وكانت قوات الاحتلال الهندية قتلت قبل ذلك بأيّام قليلة عشرين مسلماً كشميرياً وأصابت خمسمائة آخرين.
وفي الصومال قتلت قوات الاحتلال الاثيوبية الأسبوع الماضي وبدم بارد سبعة وثلاثين صومالياً مسلماً غالبيتهم من النساء والأطفال والشيوخ كانوا مسافرين على متن حافلتين من بلداتهم طلباً للنجاة.
إنّ هذه الحصيلة الدموية من الضحايا المسلمين المدنيين في أيّام قلائل كان من المفترض أن تُحدث ردة فعل عنيفة لدى حكّام المسلمين لو كانوا يملكون ذرة من حياء أو خجل، أو لو كان لديهم أدنى إحساس بالمسؤولية!! تُرى كيف كانت ردّتهم على تلك المجازر؟ دعونا نستعرض ردّات أفعالهم تلك لنبني عليها النتائج، ونستخلص منها العبر.
أمّا بالنسبة لمذابح الفيليبين فلم تتحرك أي دولة من دول المسلمين، ولم تُعنى بالعمل على وقف اجتياح الجيش الفيليبيني لقرى المستضعفين من المسلمين، ولم يصدر عن وسائل إعلام تلك الدول الخائبة أي احتجاج أو استنكار على تلك الجرائم، ومضت الأمور وكأنّ الأمر لا يعنيهم، أو يتعلق بهم.
وبالنسبة لمجزرة الغارة الأميركية في أفغانستان فقد استمرت غالبية أبواق الإعلام في البلدان العربية والإسلامية بوصف المجاهدين هناك بالإرهابيين والمتمردين، ولم تُنكر حكومات تلك البلدان قط على أميركا أفعالها الإجرامية في أفغانستان، بل إنّها استمرت في تقديم دعمها الكامل للاحتلال الأميركي لأفغانستان.
وبالنسبة لجرائم الهندوس في كشمير فإنّ الباكستان وهي الدولة المتكفّلة بتخليص كشمير من براثن الاحتلال الهندوسي، يتصارع سياسيّوها اليوم لوراثة التركة التي خلّفها لهم سيئ الذكر برويز مشرف، ويتنافسون لنيل رضا أسيادهم الأمريكان، فيتفقون على قتل المسلمين في منطقة القبائل ليؤمّنوا ظهر قوات الاحتلال الأطلسية في أفغانستان، ويستمرون في تقديم التنازلات المختلفة للهند، علماً بأنّ الحكومات الباكستانية المتعاقبة منذ عام 2000 وحتى العام الجاري 2008 أجرت 300 جولة من المفاوضات مع الهنود على غرار المفاوضات العقيمة التي تُجريها السلطة الفلسطينية مع دولة يهود ، وتنازلت فيها عن السيادة في كشمير المحتلة للهند مقابل منحها حكماً ذاتيّاً هزيلاً، ومع ذلك لم تحرز تلك المفاوضات أية نتائج تُذكر. فسياسيّو الباكستان - وهذا هو حالهم - لم تعد جرائم الهند في كشمير من أولوياتهم،ولم يعودوا يكترثوا بها، فعندهم من المصالح الشخصية ما هو أهم.
وأمّا بالنسبة لمجازر الأثيوبيين في الصومال فإنّ جميع حكام العرب والمسلمين الذين لم يعترضوا في الأصل على الاحتلال الأثيوبي للصومال، واعترفوا بحكومة عبد الله يوسف التابعة للأثيوبيين، غير معنيين بما يجري في الصومال من مجازر، وغير مكترثين في الأساس بكل ما يدور هناك.
هذه أربعة نماذج حيّة وحديثة لضحايا الشعوب الإسلامية في أيّام قلائل وقعت في الفيليبين وأفغانستان وكشمير والصومال، فاستشهد وأُصيب فيها المئات، وهجّر فيها مئات الآلاف، بينما كانت ردة فعل المسؤولين وصنّاع القرار في البلدان الإسلامية المعنية مُخزية ومُعيبة، فلم تتحرّك حكومات العار فيها لنصرة المسلمين المفجوعين، بل وبدلا ً من ذلك فإنّها قامت بدعم أعداء الأمّة في عدوانهم ذاك بكل صلافة ووقاحة.
فإلى متى يستمر عدوان الأعداء والجبناء على خير أُمّة أُخرجت للناس؟ وإلى متى تستمر الأمة في تلقي عدوان أعدائها دون رد؟؟ فأمتنا الممزّقة التي فرّقتها أنظمتها السياسية العميلة، قد وحدّتها وللأسف الأحزان والنكبات والفواجع.
فمن ينتصر لشعوب هذه الأمة المبتلاة بحُكّامها الذين طالما خذلوها؟ ومن يثأر لشهدائها وثكالاها وأراملها ومظلوميها؟
ومن يُغيث ملايين المسلمين المقهورين الذين ما فتئوا يستغيثون ويستنصرون ولا يجدون مغيث ولا ناصر؟
حقاً... إنّه لم يبق من أمل في خلاص هذه الأمة سوى في قدوم دولة الخلافة التي يعمل لها العاملون بإخلاص، فهي فقط القادرة على الانتصار لشعوب الأمة المغلوبة على أمرها، وهي فقط التي ستعيد لها عزّتها وكبرياءها ومجدها وما ذلك على الله بعزيز.

ليست هناك تعليقات: