مع أن الحملات الصليبية ضد الإسلام والمسلمين لم تتوقف منذ فقدان القوة الإسلامية الدولية المتمثلة في دولة الخلافة، بيد أن هذه الحملات اليوم باتت تأخذ أشكالا وأنماطا جديدة مفعمة بالكراهية والعنصرية فلا تراعي حتى أبسط القيم والمشاعر الإنسانية.
إن العداء الغربي اجتمع مع العداء الشرقي في هذه الأيام ضد الإسلام ورمى أعداء الإسلام الأكثر المسلمين عن قوس واحدة. وإنه بالرغم من وجود خلافات على المصالح بين أمريكا والغرب من جهة وبين روسيا والصين والشرق من جهة ثانية، إلا أن جميع هذه القوى الكافرة شرقا وغربا قد اتفقت واتحدت على عدو مشترك واحد ألا وهو الأمة الإسلامية، وعلى سبيل المثال لا الحصر فإن روسيا وأمريكا قد اتفقتا الأسبوع الماضي على محاربة الإسلام في قيرقيزيا وآسيا الوسطى بالرغم من خلافاتهما التكتيكية في المنطقة. فقد عبّر الرئيس الروسي ديمتري ميدفيدف لدى اجتماعه مع الرئيس الأمريكي باراك اوباما عن خشيته وخشية الرئيس الأمريكي من مظاهر الصحوة الإسلامية الجديدة في آسيا الوسطى فقال: " يُسارونا جميعا القلق من أن يأتي أصوليون إلى السلطة " وأما رئيس الوزراء الاسباني السابق خوزيه ماريا اثنار فكان أشد وضوحا في عدائه للمسلمين وفي دعمه لدولة يهود فكتب تحت عنوان : " ادعموا إسرائيل لأنها إذا انهارت انهار الغرب"، فقال:" إن إسرائيل دولة لديها مؤسسات ديمقراطية راسخة ومجتمعها حيوي ومنفتح ومتفوق...وإن جذور وتاريخ وقيم إسرائيل غربية...وان عدم الاستقرار في الشرق الأوسط ليس له علاقة بالاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية ولا برفضها الاعتراف بالحقوق الشرعية للشعب الفلسطيني، بل مصدره صعود التطرف الإسلامي الذي يرى أن إزالة إسرائيل من الوجود واجب شرعي ". فاثنار الذي يتحدث باسم نصف أوروبا من أحزاب اليمين قد أدرك أخيرا معنى الواجبات الشرعية في طرد جيوش الاحتلال من ديار المسلمين ولذلك فهو يخشى على الغرب وعلى كيان يهود من تلك الواجبات.
وأما النائب الهولندي جيرت فليدرز فكان أكثر صراحة في صليبيته وعدائه للإسلام فقال: " لا يجب التعامل مع الإسلام مثل التعامل مع باقي الأديان الأخرى لأن الإسلام ليس دينا ولكنه مجرد إيديولوجيا شمولية ترتكز على الهيمنة والعنف والقمع " على حد افترائه.
وعن مصير دولة يهود قال فيلدرز: " إن إسرائيل تقاتل نيابة عنا في القدس فإذا سقطت في يد المسلمين فسيأتي الدور على أثينا وروما فإسرائيل هي الجبهة المركزية في الدفاع عن الغرب" ووصف الصراع مع المسلمين بأنه : " ليس صراعا على الأرض بل هو صراع إيديولوجي بين عقلانية الغرب الحر وبربرية الايدولوجيا الإسلامية " على حد كذبه.
وآراء فيلدرز المغالية في الحقد والعداء لا تمثل فيلدرز وحده بل إنها تمثل رسميا سدس الشعب الهولندي باعتبار أن حزبه قد فاز بسدس مقاعد البرلمان الهولندي.
ومن مظاهر العداء الأخيرة ضد رموز الإسلام ما كشف عنه الصحفي الروسي اندريه جلافيف في إقليم ناجورنو قراباخ الاذري المسلم الواقع تحت نير الاحتلال الأرميني منذ العام 1992م حيث قال بأن الأرمن قاموا بتحويل مسجد تاريخي للمسلمين في بلدة في الإقليم إلى إسطبل للخنازير.
ومن مظاهر العداء أيضا ما كشفته منظمة ألمانية تُعنى بالدفاع عن حقوق الشعوب المهددة من أن جيش الاحتلال الإثيوبي قام بالهجوم على خمس قرى في إقليم أوغادين الصومالي المحتل فعزلها وقام بإعدام سبعين مسلما صوماليا من الشيوخ والفلاحين والرعاة بإطلاق النار عليهم أمام ذويهم.
إن مظاهر العداء هذه هي التي كُشف عنها في فترة زمنية قصيرة وأما لم يكشف عنه فلا نعرف شيئا.
فماذا فعل حكام المسلمين للتصدي لهذا العداء المتصاعد؟ ماذا فعلوا لتأديب أثيوبيا التي أزهقت عشرات أرواح الأبرياء في أوغادين؟ وماذا صنعوا لأرمينيا التي أهانت مساجد المسلمين التاريخية وحولتها إلى إسطبلات وخرائب؟ وماذا فعلت لهولندا واسبانيا التي حرّض قادتها بأصرح العبارات ضد المسلمين؟.
وماذا قدم حكام المسلمين لأهل قيرقيزستان التي تآمر عليهم الروس والأمريكان، وماذا؟...وماذا؟...وماذا؟؟
إنهم لم يفعلوا شيئا، بل إنهم تآمروا مع الحاقدين الصليبيين إن لم يكن بالفعل فبالسكوت...والحقيقة التي لا مفر منها، تكاد تنطق بأن الخلاص لا يتحقق إلا بقيام دولة الخلافة فهي وحدها القادرة على ردع الحاقدين والماكرين والصليبيين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق