علي بلحاج الرجل الثاني في الجبهة الإسلامية للإنقاذ في الجزائر يهاجم بوتفليقة وحركة (حمس)
شن الرجل الثاني في الجبهة الاسلامي للانقاذ هجوماً لاذعاً على نظام الحكم الجزائري وعلى الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، فوصف النظام بأنه يستقوي بالأمريكان للتغطية على ضعفه، وبسبب خوفه من المحاكم الدولية التي قد تُحمله المسؤولية عن انتهاك حقوق الانسان في حقبة التسعينات والتي ارتكب فيها الجيش الجزائري مجازر وحشية ضد معارضيه فقال: "النظام الجزائري كان يخاف من المحاكم الدولية، حيث كان لديه أكثر من 17 ألف معتقل في الصحراء وأكثر من 25 ألف مفقود، وبالتالي لجأ إلى أميركا في صفقة سنقف ضدها بالمرصاد على أساس أنها عمل مستهجن وغير مقبول لا وفقا للمنطق الإسلامي ولا بحكم ثورة الجزائر". واستنكر بلحاج على النظام سماحه للأمريكيين بأن يتدخلوا بشكل سافر في الشؤون الداخلية الجزائرية فقال: "عندما ضعف النظام في الجزائر، حيث عقدت مساعدة نائب وزير الدولة الأميركية المكلفة بالدفاع الخاص في أفريقيا فيكي هودليستون مؤتمرا صحفيا تحدثت فيه عن القضايا السياسية والاقتصادية والأمنية وعن الحرب على الإرهاب وعن القاعدة".
وتساءل بلحاج مستغرباً عن سبب إنغماس الرئيس بوتفليقة ونظامه في علاقات مشبوهة مع الأمريكيين وقال : "نحن نستغرب حقيقة موقف الرئيس بوتفليقة من هذه العلاقات، ونحن نتساءل عن سبب تغير موقفه من أميركا التي كان يرفض التعاطي معها أيام الرئيس الجزائري السابق هواري بومدين". وأضاف "أما الآن فهو لا يرى مانعا في ذلك، وهذا يعني أن بوتفليقة لم يكن على قناعة بالقضايا العادلة وإنما كان موظفا عند بو مدين، وإلا لما تراجع عن هذه المواقف". وفسّر بلحاج هذه العلاقات بقوله: "ان التطور في العلاقات بين النظام الجزائري والحكومة الأميركية يأتي في ظل تصاعد الحراك الشعبي المحتج على سوء الأوضاع المعيشية وترديها، ولذلك أراد النظام أن يستقوي بأميركا على المعارضة وعلى الشعب، وما يحدث في السر أخطر مما هو معلن عنه، والذي يلام على كل ذلك هو الرئيس عبد العزيز بوتفليقة".
ولم يُوفر بلحاج في هجومه على نظام بوتفليقة الهجوم على المتحالفين مع نظامه مثل حركة مجتمع السلم المسماة اختصاراً ( حمس)، فانتقد مشاركة عبد الرزاق مقري نائب رئيس حركة مجتمع السلم "حمس" في أعمال منظمة "فريدم هاوس"، وقال: "خدمة الإسلام لا تكون إلا بالإسلام وبالتزام أحكام الشريعة، ولا يمكن لحزب سياسي له خلفية إسلامية ويناصر حركة المقاومة الإسلامية "حماس" أن ينسق مع أميركا بهذه الطريقة، ومع منظمات مشبوهة"، وأضاف: "ولذلك لا بد من الوضوح في هذه المسألة، صحيح أن الجبهة ضُربت، ولكن لا يجوز أن ندخل في الدين ما ليس منه بدعوى التكتيك، فهذا خطر يشوّه الحركة الإسلامية وننصح إخوتنا بالبعد عن هذه المنظمات".
إن ما لم يذكره بلحاج عن نظام الحكم في الجزائر أنّه نظام صنعه المستعمر الفرنسي والبريطاني على جماجم المليون شهيد الذين سقطوا دفاعاً عن الجزائر، وبالتالي فلا يُتوقع من بوتفليقة وهو أحد أعمدة هذا النظام الاستعماري منذ حوالي خمسين عاماً، أن ينقلب على أسياده المستعمرين، فهو ربيب الاستعمار منذ نعومة أظفاره، ولم يجد الانجليز والفرنسيون عميلاً مخضرماً أكثر منه ليتولى الحكم في الجزائر بعد انتفاضة الشعب الجزائري بقيادة جبهة الانقاذ ضد هذا النظام الإجرامي الذي صنعوه على عين بصيرة.
أما حيرة بلحاج من بوتفليقة الذي كان أيام هواري بومدين في الستينيات والسبعينيات يتجنب هو ورئيسه من إقامة علاقات مع الأمريكيين، بينما الآن يُهرول نحوهم، فيمكن إزالتها بتوضيح أن النظام في عهد بوتفليقة كان موالياً للانجليز سياسياً وللفرنسيين ثقافياً، وكان يُحارب النفوذ الأمريكي بكل شراسة لمنعه من التغلغل في الجزائر، ومنافسة النفوذ الأوروبي فيها. أما في هذه الأيام فقد ضعف النفوذ الأوروبي كثيراً في الجزائر، وفي أفريقيا بشكل عام، ولم يعُد عملاء فرنسا وبريطانيا - ومنهم بوتفليقة - بقادرين على صد الزحف الأمريكي على مناطق النفوذ الأوروبي. فأمريكا تستغل وجود القاعدة، وتستغل وقوع النظم التابعة للنفوذ الأوروبي في أخطاء سياسية قاتلة، لتتخذ منها ذرائع لبسط نفوذها فيها.
لذلك ليس غريباً أن يقول بلحاج بأن النظام الجزائري عقد صفقة مع الأمريكيين لكي لا يجرّوه الى المحاكم الدولية بسبب الجرائم التي اقترفها الجيش الجزائري ضد معارضيه السياسيين والمدنيين. فأمريكا استغلت ذلك لكي يكون لها نفوذ في الجزائر وذلك من خلال ابتزاز النظام الجزائري الذي تورط في التسعينيات في مجازر ضد المواطنين الأبرياء ترقى إلى مستوى الاتهام باقتراف جرائم إبادة تستوجب ملاحقة المسؤولين عنها أمام المحاكم الدولية، فما كان من النظام الجزائري إلاّ أن استجاب لابتزاز الأمريكيين هذا مقابل عدم فضحهم للنظام، وعدم ملاحقته، وعزله، ومنحهم بالتالي موطأ قدم في الجزائر.
وهذا النوع من الابتزاز هو أسلوب أمريكي قديم ومعروف، فقد مارسوه أيضاً مع القذافي في ليبيا والذي قدّم لهم عشرات المليارات وعشرات العقود المغرية، وقدّم لهم كل ما تملكه ليبيا من خبرات، ومعلومات، ومعدات، تتعلق ببرنامجها النووي مقابل رفع العزلة عن النظام الليبي، وعدم تقديم القذافي للمحاكمة بسبب حادثة لوكربي.
وما ينطبق على بوتفليقة ونظامه من حيث الخيانة والعمالة، ينطبق على حلفائه وشركائه في الحكم، ومنهم حركة مجتمع السلم المسماة ( حمس) وغيرها من الحركات والأحزاب المتواطئة مع النظام.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق