الخميس، 12 مارس 2009

الاتفاقيات السياسية التي توقعها الحركات الإسلامية مع الحكومات والأحزاب العلمانية

الاتفاقيات السياسية التي توقعها الحركات الإسلامية مع الحكومات والأحزاب العلمانية
مخالفة للشرع ومؤذية بالمسلمين


الأصل في الاتفاقيات السياسية أن لا تُبرم إلا من قبل الدول والحكومات، ولا مجال للأحزاب والجماعات لإبرامها نيابة عن الدول أو مساعدة لها، ودور الحركات والأحزاب والجماعات السياسية يجب أن يكون مقتصراً على المحاسبة، والتعبئة الفكرية، وخوض غمار الكفاح السياسي، وبيان التوجهات السياسية الصائبة للدولة، وكشف مخططات الأعداء وتبني مصالح الأمة.
فأعمال هذه الحركات والأحزاب لا يجوز أن تكون كأعمال الدول أو الحكومات بحال من الأحوال؛ لأنها لا تملك السلطة ولا تحكم الناس ولا ترعى شؤونهم رعاية سياسية حقيقية.
فتولي شؤون الحكم من ناحية واقعية هو من مهمة الدولة والحاكم وليس من مهمة الحزب أو الجماعة حتى ولو كان الحاكم من ذلك الحزب أو من تلك الجماعة.
ومفهوم الحزب الحاكم أصلاً هو مفهوم خاطئ ويترتب عليه آثار سياسية ضارة لأنه يحول الدولة إلى أداة بيد الحزب، فبدلاً من أن تكون الدولة لكل الناس تصبح الدولة خاصة بالحزب، وتتداخل الصلاحيات بين الحزب والدولة بحيث يُنظر إلى الحزب على أنه الدولة، ويُنظر إلى الدولة على أنها الحزب، وهذا يوجد الحقد والضغينة عند عامة الناس ضد الحزب وضد الدولة بسبب احتكار الحزب للحكم وحرمان الأمة من حقها في السلطان.
ولقد عانت الشعوب العربية والإسلامية وما زالت تعاني من هذه الازدواجية السياسية، وهو ما أدّى بالضرورة إلى ما يُشاهد على هذه الشعوب من انحطاط سياسي بالغ.
هذا من حيث ضرورة الفصل بين الحزب –أي حزب- وبين الدولة، أما بالنسبة للأحزاب والجماعات الإسلامية بشكل خاص فإن توقيعها لاتفاقيات مع الحكومات أو مع الأحزاب العلمانية فإنه يؤدي إلى جعلها أحزاباً أو حركات تابعة لتلك الحكومات أو الأحزاب، وهو ما يبعدها عن خصوصيتها في تبني المبدأ الإسلامي وأحكامه، وانزلاقها في المستنقع السياسي الذي تتخبط الحكومات والأحزاب العلمانية في دياجيره.
فالمسألة بسيطة ومحسومة، ومعادلتها واضحة وصريحة، وهي إما أن تحكم الحكومات بالإسلام، وإما أن تحكم بغيره ولا ثالث لهما، فإذا ثبت أن هذه الحكومات تحكم بغير الإسلام –وهو ثابت- فلا جدوى ولا قيمة من توقيع الاتفاقيات السياسية معها لأن هذا التوقيع بالتأكيد لا يُحولها إلى حكومات تطبق الإسلام، وبالتالي فإن الأحزاب والجماعات تكون بتوقيعها لتلك الاتفاقيات قد منحت الشرعية للحكومات العلمانية، وتكون قد سهَّلت لها عملية الاستمرار بحكم الناس بغير ما أنزل الله.
ومن الأمثلة على ذلك توقيع حركة حماس والجهاد الإسلامي لاتفاقية الوفاق الوطني مع السلطة الفلسطينية وحركة فتح وما تبع ذلك من اتفاقات مكة وصنعاء والقاهرة وما هو جارٍ الآن من مفاوضات لجان المصالحة في القاهرة بين الحركات الإسلامية والحركات الوطنية، لذلك فإن هذا التوقيع قد أدّى إلى سحب أرجل الحركات الإسلامية للتوصل إلى حلول وسط مع السلطة ومع الحركات العلمانية ومن ثم الوقوع في فخ السياسات الإقليمية المصرية والسورية والإيرانية والسعودية وهي سياسات تابعة وخادمة للأجندة الأمريكية.
ومثل ذلك أيضاً ما جرى من توقيع اتفاقيات شرف أو ولاء بين الحركات الإسلامية وبين الحركات في الأردن والمغرب وموريتانيا وغيرها.
ومنها أيضاً ما جرى من اتفاقيات مع دول غير إسلامية كتوقيع الجماعة الإسلامية في الباكستان لاتفاقية مع الحزب الشيوعي الصيني الحاكم –هذا الشهر- تتضمن بالضرورة اعتراف الجماعة بحق الصين في إقليم تركستان الشرقية مع العلم بأن هذا الإقليم يعتبر شرعاً أرض إسلامية مغتصبة من قبل الصين.
هذه هي خطورة توقيع الاتفاقيات بين الحركات الإسلامية وبين الحكومات والأحزاب العلمانية، إذ هي تُفضي بالضرورة إلى منح الشرعية لتلك الحكومات والأحزاب في تطبيق أحكام الطاغوت على الناس، كما أنها تعترف للأعداء بحقهم في البلاد الإسلامية وكل ذلك محرم شرعاً ويلحق بالمسلمين أذىً شديداً.

ليست هناك تعليقات: