الخميس، 23 أكتوبر 2008

واقع أسواق المال في النظام الرأسمالي

واقع أسواق المال في النظام الرأسمالي
وصف واقع

البورصات ( أسواق المال ) : هي أسواق لبيع الأوراق المالية وهي أسواق وهمية طفيلية تعتمد على التكاثر المالي وليس التراكم الإنتاجي.
واستفادت هذه الأسواق من ( العولمة المالية ) التي أتاحت حرية انتقال رؤوس الأموال دون قيود أو حدود، وكسرت جميع الحواجز لانسياب الأموال، بحيث بات يتحكم بها كبار المضاربين من قراصنة الأموال.
وتعتمد هذه الأسواق على أسعار الفائدة وأسعار الصرف والتلاعب بهما، حيث إن انخفاض سعر الفائدة يزيد من عدد المتعاملين في الأسهم والسندات بحثا ً عن عوائد أعلى، وأما تغير أسعار الصرف فتتعلق بالعملات والمضاربة عليها.
وإذا كان الناتج العالمي الحقيقي للمنتجات سنويا ًيشكل 40 تريليون دولار فإن الناتج العالمي للبورصات سنويا ً يشكل 500 تريليون دولار، أي أنه يزيد عن الناتج الحقيقي ب 12.5 ضعفا ً.
لقد كانت هذه الأسواق قبل العام 1995 تشكل 10 % فقط من حجم المبادلات الحقيقية للأموال، أما الآن فإنها تشكل أكثر من 90 % منها. وكان المساهمون في البورصات مستثمرون عاديون يشترون الأوراق المالية ويمتلكونها لفترة طويلة، يتوقعون ارتفاع عوائدها في الأجل الطويل.
أما المساهمون اليوم فإنهم في غالبيتهم مضاربون يهدفون إلى تحقيق الربح السريع فيشترون ويبيعون الأوراق المالية للاستفادة من التغيرات في أسعارها في الأجل القصير. ويعتمدون في وجود فروقات الأسعار على عاملين اثنين هما :
1- التخمين والتنبؤ بناء في تغير قيم الأوراق المالية بناء على الخبرة.
2- تسريع عمليات البيع والشراء بزيادة الصفقات وزيادة كميات الأوراق المالية المتداولة من أجل التأثير على حركة التداول لتحقيق الأرباح مستخدمين أساليب ملتوية في التأثير على حركة التداول، كترويج الشائعات الكاذبة عن تحسين أداء شركات معينة بغية رفع أسعار أسهمها.
فالمضارب إذا ً هو من يهتم بتحقيق العائد المالي السريع من ارتفاع أسعار الأسهم في الأجل القصير ولا يُعنى بتحسين أوضاع الشركات التي يشتري أسهمها، ولا يأبه بدعم تمويلها لتحسين أدائها وإنتاجها وجعل مردودها يعود بالنفع على المجتمع. فالذي يهمه فقط هو تحصيل الربح السريع بغض النظر عن أي اعتبار آخر.
فلقد توسعت المضاربات في السنوات العشر الأخيرة بحيث طغت على كل ما سواها، وتسببت في جميع موجات الغلاء الفاحشة التي شهدتها الأسواق العالمية، كارتفاع أسعر النفط والمعادن والقمح وسائر أسعار المواد الغذائية الأخرى، وكما كانت المضاربات وراء ارتفاع تلك الأسعار، كانت هي أيضا ً وراء انخفاض سعر النفط في هذه الأيام، فقد أصبحت تؤثر في أسعار جميع السلع بأكثر مما تؤثر فيها عوامل العرض والطلب، وهي بذلك أصبحت تشكّل أخطارا ً جديدة لم تكن موجودة من قبل، وقد تعصف بواقع التجارة العالمية بكليته، وربما تُطيح بالقوى الاقتصادية الحقيقية برمتها. ولا نُبالغ إن قلنا إن ما يجري في هذه الأيام من انهيارات كارثية للمصارف، كانت المضاربات من أهم أسبابها، لذلك لم يكن غريبا ً أن السياسيين من غير الأميركيين قد انتقدوها بمرارة شديدة، وطالبوا بفرض قيود صارمة على المضاربين، ونعتوهم بأقذع الأوصاف، وطالبوا بمحاسبتهم، ووضع حدود لمضارباتهم. وقد تنبه الكثيرون منهم لخطورتها مبكرا ً، كمهاتير محمد رئيس وزراء اندونيسيا السابق، وكالرئيس البرازيلي لويس لولا سيلفا الذي قال : " إن الأسواق الناشئة التي قامت بكل ما يلزم لتبقى اقتصادياتها مستقرة، لا يمكن اليوم أن تكون ضحية للكازينو الذي أداره الأميركيون بأنفسهم" . وأما الرئيس الفرنسي فتنبه متأخرا ً على خطورتها فقال : " لقد حان الوقت لجعل الرأسمالية أخلاقية بتوجيهها إلى وظيفتها الصحيحة، وهي خدمة التنمية الاقتصادية وقوى الإنتاج، والابتعاد تماما ًعن قوى المضاربة " وطالب ساركوزي بوضع " أساس لرأسمالية التجارة بدلا ً من رأسمالية المضاربات " على حد تعبيره. وخلاصة القول في خطورة المضاربات التي تأذّى منها ، وانتقدها الرأسماليون أنفسهم، أنها طريقة جمعت في طياتها كل مساوئ ومضار ومهالك النظام الرأسمالي، أي أنها عصارة ما تفتقت عنه ذهنية الإنسان المرابي الجشع الذي لا همّ له إلا ّ استغلال الناس وسرقة أموالهم بكل أوتي من أساليب ملتوية ابتدعها قراصنة المال.
وخلاصة واقع البورصات اليوم أنها ترتكز في عملها على ثلاثة أسس واهية وهي:
1- التنبؤ والتخمين وهو عنصر يدخل الجهالة في كل عمليات المضاربين.
2- دراسة ما يُسمى بنفسية السوق وهذه الدراسة تهدف إلى معرفة اتجاهات السوق التي تخدم كبار المضاربين في كيفية حيازتهم على الأموال على حساب آخرين يفشلون في فهم تلك الاتجاهات.
3- تسريع حركة التداول في الأوراق المالية ويدخل في عملية التسريع هذه كل احتمالات الغش والكذب والتدليس.
هذه هي الأسس التي تقوم عليها الأسواق المالية، وما طغى عليها من مضاربات أفقدتها توازنها، وأدّت إلى جعل العالم يفقد صوابه من نتائجها المدمرة التي شهدها العالم اليوم، ووقع بسببها في هذه الأزمة المالية القاتلة، و التي تبعها هذا الكساد الكبير الذي يشهده الاقتصاد العالمي.



هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

الولايات المتحدة.. مصدر "أوراق دمار شامل"
10:29 | 2008 / 10 / 27




كانت أوراق مالية افتراضية أصدرتها بنوك الولايات المتحدة الأمريكية أحد أسباب الأزمة التي تعصف بالأسواق المالية العالمية حاليا.

وتقدر قيمة الأوراق المالية الافتراضية التي ترافق صدورها مع تقديم البنوك الأمريكية للقروض إلى الراغبين في تملك العقارات، بـ600 تريليون دولار في حين بلغت قيمة إنتاج العالم من السلع والخدمات في العام الماضي 58 تريليون دولار.

وظلت الأوراق المالية الافتراضية تتجول في الولايات المتحدة وحول العالم حتى انكشاف أمر هذه البنوك التي باتت تفتقر إلى السيولة بعد أن فشلت في استرداد الديون الحقيقية في وقت استحقاقها.

وهناك وفرة من الأوراق المالية "المشتقة" الأخرى يمكن أن تسبب أزمة جديدة.

وأيا كانت الأسباب فقد بات واضحا أن النظام المالي العالمي أصيب بعطب كبير قد لاحت أعراضه في عام 1971 عندما أعلنت الإدارة الأمريكية لأول مرة أن الولايات المتحدة لا تملك احتياطيا من الذهب يكافئ ما تم طبعه من النقود.

ثم حرصت حكومات الولايات المتحدة على ضبط طبع النقود. إلا أن حكومة بوش لم تتمسك بأية ضوابط، فيما بدا، حيث ضخت تريليونات الدولارات لتمويل الحرب في العراق. وفضلا عن ذلك فقد خرجت مصادر الأوراق المالية الافتراضية أو "الفقاقيع المالية" عن نطاق سيطرة الحكومة الأمريكية.

والآن تتمدد تداعيات هذا الخلل في النظام المالي لتشمل قطاعات الاقتصاد الواقعي المنتج الذي بات يفتقر هو أيضا إلى السيولة.

والمطلوب، حتى يتمكن العالم من معاجلة هذه الأزمة، إنشاء نظام مالي جديد لا تديره الولايات المتحدة الأمريكية. ثم قد يتطلب الأمر إنهاء اعتماد الدولار الأمريكي كعملة دولية رئيسية.

("روسيسكايا غازيتا" 27/10/2008 - وكالة نوفوستي)




ابو يحيى