الاجتماعات بين قيادات الإخوان المسلمين في مصر والدبلوماسيين الأمريكيين تدخل مرحلة جديدة
إن اجتماعات قادة الإخوان المسلمين مع الدبلوماسيين الأمريكيين لم تقتصر على الأمريكيين ممن هم خارج السلطة بل إنها دخلت مرحلة جديدة مع الأمريكيين المتنفذين في السلطة ذاتها، فاستقبال المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين محمد بديع ونائبه خيرت الشاطر للرئيس الأمريكي جيمي كارتر في المركز العام للإخوان المسلمين وتلقي التهنئة منه بمناسبة فوز حزب الإخوان في الانتخابات التشريعية المصرية لم يكن هو العنصر الوحيد في مثل هذه الاجتماعات، بل كان ذلك مجرد البداية والتمهيد لما سيأتي بعده.
فويليام بيرنز مساعد وزيرة الخارجية الأمريكي التقى مع قياديين في حزب الحرية والعدالة الذراع السياسي للإخوان المسلمين ورحب بالنتائج التي حصل عليها الحزب في الانتخابات واجتمع السيناتور جون كيري رئيس لجنة العلاقات الخارجية بصحبة سفيرة أمريكا في مصر آن باترسون مع كبار قادة الحزب ونقل كيري عن قيادات في الحزب قولهم: "إن الإخوان كانوا يتوقون العمل مع الولايات المتحدة وغيرها من الدول الغربية لا سيما في المناحي الاقتصادية"، ونقل عنهم أيضاً: "أنهم يحترمون الاتفاقيات والمعاهدات التي تم توقيعها".
إن هذه الاجتماعات السياسية تشكل نقطة تحول في تاريخ الجماعة، وإن تواصلها العلني مع الأمريكيين والغربيين يعني أن الإخوان يريدون اكتساب الشرعية من خلال هذه اللقاءات وأنهم يريدون ولوج العمل السياسي برعاية أمريكية وغربية حتى يكون عملهم كاملاً وحتى يحظون بالقبول من (المجتمع الدولي) فينالون المناصب السياسية العليا في مصر.
لكن هذا التغيير في استراتيجية الإخوان بقدر ما أتاح لهم من إمكانية الوصول إلى السلطة بقدر ما كشف عن سهولة تخلي الجماعة عن الثوابت.
وكلما قدّم الإخوان للأمريكيين وللغرب عامة المزيد من التنازلات السياسية والفكرية كلما صغروا في أعين الأمة وتحولت قاعدتهم الشعبية عنهم، وانقلبت ضدهم .
وفي نهاية المطاف سيتحول حزب جماعة الإخوان إلى حزب مصري آخر يحمل شعارات عامة لا صلة لها بالمبدأ ولا التفاف جماهيري حولها. وستتحول الجماهير عنهم إلى أحزاب أخرى ترفع شعارات أخرى.
فالعبرة ليست بوصول الأحزاب إلى السلطة وإنما بالاحتفاظ بالسلطة لمدة طويلة.
والحزب الصحيح هو الذي يسعى لإيصال فكرته المبدئية نقية إلى السلطة لا بإيصال قياداته وتنظيمه الحزبي إليها. وهذا بالتأكيد غير متوفر في الأحزاب الإسلامية التي فازت في الانتخابات البرلمانية المصرية.