الدعم الغربي والتراخي العربي لانفصال جنوب السودان يفتح شهية انفصاليين آخرين في السودان
لقي انفصاليو جنوب السودان دعماً ثابتاً طيلة السنوات الخمس الماضية من قبل امريكا والدول الاوروبية الاستعمارية كبريطانيا وايطاليا وفرنسا، فأمريكا لم تتوقف عن دعم الجنوب دبلوماسياً وعسكرياً فلم يُغادر المبعوثون الأمريكيون ونظرائهم البريطانيون السودان منذ العام 2005 عندما تم توقيع اتفاق نيفاشا المشؤوم الذي نص على منح الاستفتاء لأهل الجنوب للانفصال عن السودان.
وإضافة إلى الدعم الدبلوماسي الغربي والرعاية السياسية لانفصالي الجنوب، فهناك الدعم العسكري المكشوف فأمريكا قامت بتزويد جنوب السودان بأسلحة متطورة منذ فترة طويلة وفي نفس الوقت تضغط أمريكا على السودان وتحاصره، وفي الآونة الأخيرة أجبرت أمريكا دولة السودان على سحب قواتها من منطقة آبيي وجنوب كردفان بعد قامت القوات السودانية باجتياحها، ولم تكتف بذلك بل راحت تستصدر وبإسناد من بريطانيا وفرنسا قراراً من مجلس الأمن بنشر قوات أثيوبية في الإقليم.
تقوم أمريكا منذ مدة بتسليح دولة جنوب السودان الانفصالية بأحدث الأسلحة لتكون دولة عدوة للسودان وللمنطقة العربية في المستقبل لا تقل عداوتها للسودان عن عداء دولة يهود للدول العربية المحيطة بها، وقد نشرت الصحافة في السودان الاسبوع الماضي أنباء دخول شحنتي أسلحة متطورة أمريكية الصنع جنوب السودان، وأكد هذه الأنباء رئيس البعثة السودانية بكينيا السفير مجوك واندونق في تصريح لصحيفة الانتباهة قال فيه إن: "شحنة الأسلحة الأولى وصلت مطلع الشهر الماضي عبر ميناء ممباسا الكيني واحتوى على مدفعية ثقيلة وبعيدة المدى بجانب ذخائر وصواريخ مضادة للطائرات أمريكية الصنع"، وأضاف أن: "الدفعة الثانية دخلت الجنوب قبل أسبوعين وهي عبارة عن عتاد عسكري ضخم يضم سيارات لاند كروزر ومدرعات حديث بجانب ملابس وأحذية للجيش الشعبي".
وهكذا وقبل أن يتم الإعلان عن استقلال الجنوب بشكل رسمي تتدفق الأسلحة عليه ليكون شوكة دائمة في جنب السودان في قابل الأيام، وليجد العرب على حدودهم من جديد دولة (إسرائيل) ثانية تقض مضاجعهم وتشغلهم عن ثوراتهم.
هذا بالنسبة للدعم الغربي لانفصال الجنوب وهو أمر مفهوم لأنه دعم من دول استعمارية حاقدة، امّا ما هو غير مفهوم ولا مبرر ذلك الدعم العربي للانفصال وخاصة دعم مصر ما بعد مبارك للانفصال حيث أكدت الحكومة المصرية الجمعة الماضي أنها سوف تعترف بدولة جنوب السودان، وأنها ستكون ثاني دولة تعترف بجمهورية الجنوب بعد السودان .
وقد أوضح هذا الموقف وزير الخارجية المصري الجديد محمد العرابي من خلال بيان صدر من قبل وزارة الخارجية قال فيه:" إن مصر ستحول قنصليتها في جوبا إلى سفارة اعتبارا من يوم إعلان الدولة الجديدة في 9 يوليو/تموز الحالي"، وشدد العرابي على:" أن مصر ستواصل تعزيز التعاون مع جمهورية جنوب السودان" ، مشيرا إلى عمق وتشعب العلاقات وآفاق التعاون بين مصر والجنوب في مختلف المجالات ، ومضيفا أن المرحلة المقبلة سوف تشهد استشراف المزيد من آفاق التعاون بغية تحقيق المصالح المشتركة لشعبي البلدين في ظل وحدة الهدف والمصير التي تربطهما على حد قوله .
ومن جانبها أوضحت السفيرة المصرية منحة باخوم المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية بأن:" مجالات التعاون مع الجنوب عديدة ومتشعبة ، خاصة مع قيام مصر بإنشاء أربع محطات لتوليد الكهرباء في أنحاء مختلفة من الجنوب ، علاوة على إقامة عدة مستشفيات وعيادات ومدارس في الولايات الجنوبية بالإضافة إلى التحضير لافتتاح فرع جامعة الإسكندرية في جنوب السودان".
ان هذا الدعم الغربي والعربي اللامحدود لانفصال الجنوب عن السودان قد شجّع انفصاليين آخرين في أقاليم السودان المختلفة على التمرد والمطالبة بالانفصال عن الخرطوم، فبالإضافة لإقليم دارفور المضطرب فهناك منطقة آبيي وجنوب كردفان ومنطقة النيل الأزرق.
فأهل النوبة في تلك المناطق بعد ان كانوا يُطالبون بالانضمام إلى الجنوب في السابق أصبحوا الآن يُطالبون بالاستقلال واقامة دولة منفصلة لهم لا هي تابعة للشمال ولا تابعة للجنوب.
لقد فتح انفصال الجنوب شهية هؤلاء الانفصاليين وما شجّعهم أكثر على ذلك انقسام الدول العربية بين متفرج على ما يحصل وبين داعم حقيقي له.
ان موقف الدولة المصرية بشكل خاص من الانفصال كان بمثابة القشة التي قسمت ظهر الجبار، فتأييدها لانفصال الجنوب كانت مخاطره أكبر من مخاطر تأييد أمريكا والغرب له، وذلك لان امريكا والدول الاستعمارية هي دول عدوة للمنطقة تقليدياً ولا يُتوقع منها غير ذلك، أمّا مصر فهي قائدة المنطقة وتستطيع أن تفرض وجهة نظرها على السودان وأن تدعم الوحدة وتمنع الانفصال بما تملك من نفوذ اقليمية طبيعية في الاقليم.
ان تأييد الدولة المصرية أيام مبارك وبعد الثورة لانفصال السودان هو خطأ استراتيجي كبير لا يمكن تفسيره ولا تبريره الا بكون حكام مصر السابقين والحاليين هم عملاء لأمريكا والغرب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق