الجامعة العربية تتخلى عن مسؤولياتها عند الحاجة إليها
في وقت تتلاطم فيه أمواج السياسة العربية، وتشتعل فيه الثورات والانتفاضات الشعبية ضد الدكتاتورية والاستبداد، تتخلى الجامعة العربية عن مسؤولياتها، وتلغي مؤتمر القمة العربي الدوري المقرر انعقاده نهاية هذا الشهر الجاري. فإذا كانت الجامعة العربية عند الحاجة إليها تتخلى عن دورها فما فائدة وجودها كتجمع رسمي للدول العربية؟!
إنه مع علمنا أن مؤتمرات القمة العربية لا تُقدِّم شيئاً للأمة ولا تؤخر، لكن إلغاء انعقاد مؤتمرها السنوي الثابت في نهاية شهر أذار من كل عام مسألة مستهجنة.
فمؤتمرات الجامعة لا يصدر عنها عادة أية قرارات حاسمة وقراراتها ذات قيمة إلا في حالة الإجماع على الخيانة كما كان الحال مثلاً في قمة بيروت عام 2002م وذلك عندما أجمعت الدول العربية على تبني المبادرة السعودية الخيانية التي تخلى العرب بموجبها عن معظم أرض فلسطين لليهود وأظهروا استعداداً تاماً للاعتراف والتطبيع مع الكيان اليهودي مقابل إقامة دويلة فلسطينية هزيلة في بقايا الضفة الغربية المحتلة.
والسؤال الذي يطرح نفسه هو:
إذا كانت مؤتمرات القمم العربية لا تُجمع إلا على الخيانة والتفريط بالحقوق العربية فلماذا إذاً أرجأت الجامعة انعقاد مؤتمرها لهذا العام مع وجود حاجة ماسة لعقده بسبب اشتعال الثورات الشعبية في ليبيا واليمن والبحرين وقبلها في مصر وتونس؟؟
لقد كان بإمكان الجامعة أن تعقد المؤتمر وتخرج كعادتها بقرارات مائعة غائمة لا تغني ولا تسمن من جوع، نعم كان بإمكانها فعل ذلك لكي تحفظ على الأقل ماء وجهها ولكنها لم تفعل وهو ما يعني وجود سبب قد يكون وراءه لغز ما، فما هو يا تُرى هذا اللغز؟؟.
فإلغاء انعقاد المؤتمر مسألة لها ما وراءها، إنّ اجتماع الزعماء العرب مع غياب زملاء لهم يعني بالنسبة لهم الشيء الكثير، وأول شيء يتبادر إلى الذهن هو أن هؤلاء الزعماء إن استطاعوا حضور المؤتمر لهذا العام فقد لا يستطيعون حضوره في الأعوام المقبلة، وإذا كانت الجامعة لا تستطيع تثبيت عروشهم فما الفائدة منها بالنسبة إليهم؟
لذلك كان عدم انعقاد المؤتمر بالنسبة إليهم - من ناحية شخصية - أفضل من انعقاده، ويبدو أنهم اختاروا عدم انعقاده وذلك ليتدبروا أمورهم في محافل أهم من الجامعة وما ينتج عنها من هرطقات.
فالوقت بالنسبة إليهم حاسم وحساس ولا مجال لتضييعه في الدردشة والأحاديث الفارغة لذلك وجدوا أن استغلال الوقت مع أسيادهم للبحث في كيفية تثبيت عروشهم خيراً لهم من إضاعة الوقت في اجتماعات القمم العربية التي يعلمون هم قبل غيرهم أنها أشبه بنادي اجتماعي أو رياضي يقضون فيه وقت فراغهم بينما هم في هذه الظروف الحالكة لا وقت فارغ لديهم يقضونه بسبب العاصفة التي تهب على عروشهم لاقتلاعها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق