دور الجيش ودور أمريكا في إنتفاضة تونس
انه بالرغم من الأحداث التي وقعت في تونس والتي يغلب عليها الطابع الشعبي، إلاّ أنّه لا بد من إلقاء الضوء على دور كل من الجيش التونسي وأمريكا في تلك الأحداث لما لهما من أهمية قصوى في تحديد العوامل التي ساهمت في تفجيرها.
ابتداء يجب التسليم بأنّ النظام الحاكم في تونس منذ الاستقلال هو نظام يتبع أوروبا وبالذات فرنسا وبريطانيا ولا مكان للنفوذ الأمريكي فيه، لأن ذلك واضح منذ جلاء المستعمر الفرنسي عن تونس في العام 1956 وتسليم الحكم لبورقيبة وربط تونس بالثقافة الفرنسية واللغة الفرنسية.
وأمّا بريطانيا فكان دورها سياسياً بامتياز حيث كانت سيطرتها الساسية على معظم البلدان العربية ذريعة مقنعة لربط عملاء فرنسا بمشاريعها لمواجهة المنافس القوي الوافد إلى المنطقة ألا وهي أمريكا، وقد تسلم بورقيبة من بريطانيا مهمة ترويج المشروع البريطاني لحل القضية الفلسطينية وهو مشروع الدولة العلمانية المختلطة المعارض لمشروع أمريكا الداعي الى إقامة دولة فلسطينية منفصلة إلى جانب الدولة اليهودية.
وكان حكم الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي استكمالاً لحكم سلفه بورقيبة، وهكذا بقي الحم في تونس موالياً لبريطانيا وفرنسا.
نشر الصحفي سامي غربال مقالاً على موقع "شارع89" قال فيه:" إن قائد أركان جيش البر رشيد عمار هو من يمسك فعليا بزمام السلطة حاليا، بينما كان الرجل قبل أسابيع قليلة شخصية غير معروفة إطلاقا بالشارع التونسي " وأضاف:"ورغم أن بن علي كان القائد الأعلى للقوات المسلحة التونسية، كانت لرشيد عمار الشجاعة الكافية لمعارضة بن علي عندما أمر الجيش بالتدخل لقمع المتظاهرين ودحر "الثورة الشعبية" في القصرين وتالة وسيدي بوزيد حيث حرق محمد البوعزيزي نفسه مطلقا شرارة "الانتفاضة".
. فهذا الموقف من رئيس الأركان التونسي إذاً كان السبب الأول في إسقاط بن علي.
وهكذا فقد لعب الجيش المعروف بضعف إمكانياته والذي لا يتجاوز عدد جنوده 35 ألفاً دورا حاسما في الإطاحة بالرئيس التونسي الدكتاتور، ولولاه لما نجحت الجماهير في إسقاطه، فهذا الجيش الذي لم يطلق أي رصاصة على المتظاهرين استطاع أن يُفشل عمل الأجهزة الأمنية المدججة في قمع الإحتجاجات بالرغم من وجود أكثر من 120 ألف عنصر تعمل في تلك الأجهزة.
ويبدو أن بن علي ذو الخلفية العسكرية والذي شغل مناصب عديدة بالجيش قبل توليه وزارة الداخلية والانقلاب على بورقيبة، لم يتمكن من أخذ ولاء الجيش في الظروف العصيبة، ولعل السبب في ذلك يعود إلى حادثة مريبة وقعت في أبريل/نيسان 2004 حيث قتل فيها 13 من كبار قادة الجيش التونسي في سقوط مروحية بمن فيهم قائد الأركان السابق الجنرال عبد العزيز رشيد سكيك ذو الصيت الذائع آنذاك. ومنذ ذلك الحين تم استبعاد الجيش وتهميشه وعدم إشراكه في أي نشاط سياسي، وهذا أدّى إلى إضعاف ولائه للرئيس وللنظام.
هذا بالنسبة لدور الجيش الحاسم في أحداث تونس الأخيرة التي أدّت إلى الإطاحة بالديكتاتور التونسي، أّمّا دور أمريكا فكان هامشياً لا يتعدى الرغبة الأمريكية بتغيير النظام الموالي لأوروبا في تونس.
|
| |
|
| |
وقد كشف المفكر السياسي التونسي الدكتور أحميدة النيفر وفي حوار مع شبكة "أون إسلام.نت" قال : "إن إحدى تلك الوثائق- ريكيليكس - قد أشارت إلى توصية صدرت منذ نحو عامين من السفير الأمريكي في تونس بأن "أي تغيير إصلاحي حقيقي لن يحدث طالما بقي الرئيس التونسي بن علي في السلطة..ونحن بانتظار رحيله"، وورد في إحدى الوثائق السرية الأمريكية التي سربتها موقع ويكيليكس، وتحمل عنوان (تونس المضطربة .. ماذا ينبغي أن نفعل؟)، وتعود ليوم 13 - 7 - 2009 والصادرة من السفارة الامريكية في تونس، قول السفير الأمريكي في تونس روبرت جوديك: "التغيير الحقيقي في تونس سوف يحتاج إلى إنتظار رحيل بن علي". فالدور الأمريكي لم يتعدى إذاً الرغبة بتغيير النظام.
هناك 4 تعليقات:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أخي
الكريم
أولا جزاك الله خيرا على هذه المدونة الطيبة ولي استفسار
قولك أن أمريكا دورها لم يتعدى إذاً الرغبة بتغيير النظام هل يعني هذا أن رغبة الجيش في عدم طاعة الأوامر كانت ذاتية
وأن أمريكا ببساطة استفادت من الحدث
وهل يعني هذا أن ثورة الأمة في تونس كانت فعلا طبيعية غير مفتعلة ارتجالية لم يكن لأحد دور في إثارتها
وما هي بشائر الخير أخي التي يمكن أن نستخلصها من أحداث تونس؟؟
وسؤال آخر أخي الكريم بالنسبة للوثائق السرية بخصوص السلطة هناك من يقول أنها بريطانية لضرب عملاء بريطانيا في السلطة فهلا بينت لنا رضي الله عنك أمر هذه الوثائق وما ورائها وتوقيت صدورها
بارك الله فيك وجزاك الله عنا خيرا
أمة الله
عذرا أخي قصدت لضرب عملاء أمريكا في السلطة
بدات الثورة ذاتية ورفض الجيش الانصياع لبن علي فسقط وهرب، ولا دور لامريكا في تونس التي هي من البلاد المحسوبة على الاوروبيين الذين لملموا امورهموهم الان يمسكون بالحكم الجديد
ترجو الله حصول التغيير الحقيقي فالبداية جيدة
الوثائق المسربة يغلب على الظن ان اليهود لهم مصلخة في تسريبها لتخريب عملية المفاوضات ومقاومة الضغوط عليهم
جزاك الله عنا خيرا
إرسال تعليق