السبت، 7 فبراير 2009

الاعتراف باسرائيل يعني بالضرورة التنازل عن معظم فلسطين لليهود

الاعتراف باسرائيل يعني بالضرورة التنازل عن معظم فلسطين لليهود

ماذا يعني الاعتراف باسرائيل؟؟ وهل هو مجرد الاقرار بوجودها بوصفها أمر واقع؟ أم يعني أن هناك أشياء أخرى أخطر في ذلك الاعتراف؟؟
إن الاعتراف باسرائيل ابتداء يعني الاعتراف بحقها في الوجود,أي يعني التسليم لها بحق العيش والاستيطان في فلسطين، ولقد بات معلوماً أن من مستلزمات الاعتراف باسرائيل ومتطلباته التنازل عن الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948, فالذي يعترف باسرائيل يقبل ويقر بأن هذه الأراضي أصبحت ملكا لليهود وتحول السلطان فيها الى دولة يهودية وكيان يهودي.
لا شك بان الاعتراف بحق اسرائيل بالوجود هو أخطر ثمن يمكن ان يدفع للكفار وللأعداء, والاسلام يحرم على المسلمين تحريما قطعيا أن يتنازلوا عن أي ارض اسلامية لتصبح تحت سلطان الكفار، ويوجب عليهم مقاتلة الكفار اذا احتلو أي أرض من بلاد الاسلام ولو بذلو في سبيل ذلك ملايين الشهداء، ولو استمرت الحرب مئات السنين، حتى يطرد الغزاة الكفار من بلاد الاسلام طردا كليا وذلك كما حصل مع الصليبين، فان المسلمين لم يعترفوا بهم، ولا باحتلالهم لبلاد الشام، ولا بحقهم في الوجود في بلاد المسلمين، مع أن الغزو الصليبي للفرنجة استمر حوالي 200 عام قبل أن تمكن المسلمون من طردهم من جميع السواحل الشامية.
ولم يكن يخطر على بال أي مسلم في ذلك الوقت التنازل للصليبيين عن أي شيء من أرض الاسلام، أو أن يعترفوا لهم بحق الوجود في بلاد المسلمين. فالاعتراف باسرائيل لا ريب بانه خيانة لله ولرسوله وللمؤمنين، ويتريب عليه عار ما بعده عار لمن اعترف، فضلاً عن كونه مجلبة للذل والمهانة والخزي والاستسلام.
ولما كانت الخيانة الناتجة عن الاعتراف بحق العدو في بلاد المسلمين تُجلل صاحبها بالخزي والعار, وتجلب له النقمة العارمة من الشعوب، كان الحكام العرب عندما يُقدمون على خياناتهم يقومون بها سرا حتى لا يُفتضح أمرهم، لكنهم الان اسفروا عن وجوههم وأخذوا يسيرون في درب الخيانة والتامر دون خوف أو خجل أواستحياء, ودون أن يُساورهم أي احساس بالذنب أو الجريمة, بل انهم أخذوا يُضفون على تآمرهم وخياناتهم أوصاف التعقل والواقعية والعمل الحضاري.
فالاعتراف باسرائيل إذاً هو من أشد المنكرات, وحرمته عظيمة واثمه كبير,لأنه يوجب الصلح الدائم مع اسرائيل، وهذا من شأنه أن يُعطل الجهاد، ويمنح لليهود سلطانا على المسلمين، والله سبحانه وتعالى يقول: "فلا تهنوا وتدعوا الى السلم وأنتم الأعلون" فالاعتراف باسرائيل والصلح معها نابع ولا شك عن ضعف ووهن نُهينا عنه في هذه الآية الكريمة القطعية الدلالة.
ان عدوان دولة اليهود على فلسطين وعلى أهلها وعلى المسلمين القاطنين في جوارها يفرض على الدول المحيطة بفلسطين كمصر وسوريا والاردن ولبنان أن تعلن الجهاد عى اسرائيل لاستئصالها من جذورها، ولرد عدوانها المستمر على المسلمين الناجم عن اعتداءات جيش يهود المتتالية على المسلمين في هذه المنطقة, قال تعالى:"يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة واعلموا ان الله مع المتقين", فتطبيق معاني هذه الآية الكريمة ضروري في هذه الأيام لرد العدوان المتكرر, لذلك كان على هؤلاء مقاتلة دولة اليهود من باب المماثلة في رد العدوان في أضعف الايمان لقوله تعالى:"فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عيه بمثل ما اعتدى عليكم".
أما كيف سار الكافر المستعمر في مؤامرة الاعتراف باسرائيل فهذه قصة طويلة بدأت قبل قيام الدولة اليهودية. حيث أن ملوك العرب في أوائل القرن العشرين كالحسين بن علي قد اعترفوا بحق اسرائيل بالوجود على أرض فلسطين قبل قيامها، وذلك واضح في المستندات الوثائقية كالمراسلات الشهيرة بين (حسين-مكماهون). وأما الملك عبد العزيز آل سعود فهو أيضا قد وافق على بيع فلسطين لليهود بخمسمائة جنيه استرليني، وقال قولته الخيانة المشهورة: "اقر واعترف ألف مرة أعترف باعطاء قلسطين للمساكين اليهود".
لكن الكافر المستعمر وجد بعد قيام دولة اسرائيل ان اعتراف الملوك والزعماء لا يكفي لتثبيت اسرائيل من دون ان يكون هناك سند وتأييد شعبي لهذا الاعتراف، لذلك عمد الى خطة جديدة للبحث عن ذلك السند، ووجد أنه لا بد أولاً من سلخ القضية الفلسطينية عن صعيدها الأصلي الاسلامي والعربي، وجعلها خاصة بأهل فلسطين ليسهل السيطرة عليها من خلال جعل الند الذي يُواجه الانجليز والغربيين واليهود هو أضعف ند ممكن، لذلك قام بتأسيس منظمة التحرير الفلسطينية في العام 1964 وقامت بايهام الفلسطينيين بأنها تريد تحرير كل فلسطين، وقامت بعض فصائلها باعمال فدائية ضد اسرائيل لاكتساب الشعبية، حتى اذا ما اخذت شيئا من الزخم الشعبي، والرصيد الجماهيري قامت بالاعتراف باسرائيل بعد عشرين سنة فقط من تأسيسها.
قال صلاح خلف الرجل الثاني في المنظمة في العام 1684 :"ان العمل الفدائي عاجز عن ان يحرر شبرا واحدا من فلسطين واننا نعلم ذلك من اليوم الاول لقيام المنظمة ",واضاف:"انتهت غاية البنادق لتحل محلها غاية المبادرات السلمية ".وأما شفيق الحوت فقال:"ان الانجاز الوحيد للعمل الفلسطيني خلال العشرين سنة الماضية هو ايجاد منظمة التحرير الفلسطينية "وأضاف صلاح خلف انجازاً آخر على كلام شفيق الحوت فقال:"ولاعتراف بحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني".
فقادة المنظمة قد اعترفوا اذاً بفشل المنظمة في تحرير شبر واحد من فلسطين، وقبلوا بالمبادرات الاستسلامية ووقف العمل المسلح ,ورضوا بأن يكون الثمن الذي قبضوه لقاء اعترافهم باسرائيل هو الاعتراف الدولي بحق تقرير المصير للفلسطينيين، اي اقامة دويلة فلسطينية هزيلة على جزء بسيط من فلسطين.
وفي 13\11\1988 م أعلن المجلس الوطني الفلسطيني الذي انعقد في الجزائر عن اعترافه رسميا بالقرارين 242 و 338 وبذلك باعت المنظمة - باسم أهل فلسطين - اكثر من 82% من مساحة فلسطين التاريخية لليهود وبثمن بخس، وهو اقامة دولة فلسطين في الضفة والقطاع لم يدفع لهم هذا الثمن البخس حتى اليوم.
ان الاعتراف باسرائيل هو جريمة لا تغتفر لمن ارتكبهامن المسلمين، سواء أكان من الزعماء أم الدول أم المنظمات أم الأفراد, وهو جريمة أفظع بالنسبة لمنظمة التحرير التي أخذت على عاتقها هذه المهمة الخيانية الفظيعة، فقد أصبحت المنظمة بها رائدة أولى في الخيانة.
وكما يُحرم الاسلام ارتكاب مثل هذه الخيانة الشنيعة فكذلك يحرم على المسلمين السكوت على ارتكابها وعلى من ارتكبها بوصفها منكر عظيم, لذلك كان على الأمة أن تنفض عنها ثوب الذل والاستسلام، وأن تهب مزمجرة لتحطيم هؤلاء الزعماء الخونة، وتحطيم عروشهم، واسقاط أنظمة حكمهم، للحيلولة بينهم وبين تحقيق خياناتهم ولو كلفها تحرير فلسطين ملايين الشهداء، لأنه لا ينبغي لأحفاد خالد وسعد وأبي عبيدة والمثنى وموسى بن نصير وطارق بن زياد وصلاح الدين أن يقبلوا بتمليك فلسطين لليهود أذل خلق الله.
ولا ينبغي لأبناء المسلمين الذين دوّخوا الدنيا وحطموا الروم والفرس ورفعوا رايات الاسلام على أسوار فيينّا والعديد من المدن الفرنجية خمسة قرون متواصلة، أن يقبلوا من حكامهم أن يخونوا الله ورسوله والأمة الاسلامية هذه الخيانة الشنيعة الفظيعة فيعترفوا بحق اسرائيل بالوجود، وبالعيش، على أرض الاسراء والمعراج بسلام .
انه لمن العار والشنار أن تبقى الامة صامتة على هؤلاء الحكام العملاء والزعماء الخونة الى هذا الحد المخزي وقد جعلها الله خير امة اخرجت للناس, والله سبحانه يقول:"يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون"، فهؤلاء الذين استمرأوا الخيانة وفقدوا شهامة الرجال وجرأة الأبطال وكرامة السيادة فلا يتصرفون الا تصرف العبيد, هؤلاء العملاء الجبناء قد حان أوان اسقاطهم، وحان أوان محاسبتهم وردعهم ومعاقبتهم التزاما بقوله صلى الله عليه وسلم : "كلا والله لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتأخذن على يد الظالم ولتأطرنه على الحق أطرا ولتقصرنه على الحق قصرا أو ليضربن الله بقلوب بعضكم على بعض ثم ليلعنكم", وبقوله صلى الله عليه وسلم :"ان الناس اذا رأو الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك الله أن يعمهم بعقاب".
فاستمرار قيام هؤلاء الحكام العملاء بتهميش الاسلاميين والعاملين لرفعة ونهضة الأمة، واستمرارهم بتخويف الشعوب الاسلامية من اسرائيل، والمبالغة في تهويل قدرتها، وتعظيم شأنها, واستمرارهم في غرس اليأس والاحباط في نفوس الأجيال الصاعدة لحملها على الرضوخ والاستسلام ولقبول بالصلح المذل مع اليهود، ان استمرارهم القيام بذلك يجب أن يتوقف، وأن يوضع له حد، وان يتم كشف خطورته للأمة، وان يبيّن كذبه وزيفه.
وبالمقابل فلا بد من اثبات أن دولة يهود هي تجربة فاشلة، وأن الذي يمدها بأسباب الحياة هو فقط تخاذل حكام المسلمين وحراستهم لها، وأن قوتهم هي قوة مزيفة، لا تستطيع البقاء والعيش الا بحبل من الله أو بحبل من الناس, وبما أن حبل الله قد انقطع، فلم يبق لها الا حبل أميركا وعملائها من حكام العرب الخونة.
وواجب على الأمة قطع هذا الحبل الواهي لينتهي المسلمون من هذا الكيان السرطاني الى الأبد. وما هي الا عزمة من عزمات الرجال المؤمنين الصادقين الصامدين، الاّوتكون كفيلة بإزالة اسرائيل من الوجود, وتنطلق الأمة بعد زوالها من جديد لتسير في طريق الانتصارات المظفرة التي لا تتوقف.



ليست هناك تعليقات: