استراتيجية
أوباما في ضرب المسلمين لن تنجح في تحقيق أهدافها
تقوم أمريكا
بالعدوان على العراق وسوريا من خلال القيادة والتحكم وباستخدام سلاح الطيران بشكل
أساسي، بينما تلقي بالمهمات القذرة على عاتق الدول العربية.
ففي مقابلة مع
برنامج (ذا ليد) الذي تبثه شبكة (CNN)
الأمريكية قال الرئيس الأمريكي باراك أوباما واصفاً الدور الأمريكي في استراتيجيته
التي وضعها لحرب المسلمين في العراق بقوله : "إن الاعتماد على القوة الجوية
له كافة مغريات العلاقة الجنسية العابرة، إنه مرضٍ للغاية لكن دون التزام"،
فبهذا الوصف الهابط شرح أوباما الدور الأمريكي في العراق وسوريا وهو ما يدل على
مدى استهتار أمريكا بالعرب والمسلمين بشكل فاضح.
وفي الوقت
الذي تستخف أمريكا فيه بمشاعر المسلمين نجد أن حكام الخيانة في الدول العربية يظهرون
حرصاً مبالغاً لمساندة أمريكا بكل قوتهم، فحكام العراق من عرب وأكراد منخرطون في
حرب شعواء ضد تنظيم الدولة الإسلامية تُزهق فيها الأرواح وتسفك فيها الدماء لآماد
بعيدة تحت قيادة الأمريكيين.فوزير الخارجية السعودي يريدها حرباً ضروس لعشر سنوات
لاجتثاث القوى الإسلامية بشكل جذري من المنطقة فهو يقول: "إننا نطالب بأن
تمتد الحرب ضد تنظيم الدولة عشر سنوات حتى يمكن القضاء عليه نهائياً وضرب معاقله
في سوريا".
فحكام
السعودية العملاء إذاً يريون إدخال المنطقة برمتها في أتون حرب عشرية تطحن فيها
الناس طحناً في العراق والشام. والسعودية التزمت بدورها الذي رسمته لها أمريكا في
سوريا، فهمي مكلفة بتجنيد وتدريب الثوار (المعتدلين) في سوريا لمواجهة التنظيمات
الإسلامية.
وأما الأردن
فيصف دوره مروان المعشر وزير الخارجية السابق فيقول: "إن لدى الأردن ما هو
أثمن من إرسال القوات البرية" ويقصد تقديم المعلومات الاستخبارية. فدور
النظام الأردني أن يقدم المعلومات التي يمتلكها عن المجاهدين لأمريكا أي أن دوره
هو دور جاسوسي على المسلمين لخدمة الأمريكيين.
وأما الدور
المصري فهو دور هامشي في هذا الائتلاف الأمريكي لأن حكام مصر مشغولين بمحاربة
التنظيمات الإسلامية في سيناء ومحاربة الإخوان المسلمين في الداخل فهم لا يملكون
تقديم المزيد.
ثم إن استفزاز
أثيوبيا لمصر لا يُمكن الحكومة المصرية بالرد عليه لضعفها وعقم أساليبها السياسية
داخلياً وخارجياً. فأثيوبيا بعدما لاحظت ضعف الموقف المصري تجاه بناء أثيوبيا لسد
النهضة تمادت في غيّها أكثر وأعلنت عن بناء سد جُبا بكلفة 533 مليون دولار ووقعت
على اتفاقية لبنائه مع شركات صينية.
إن استراتيجية
أوباما الجديدة في العراق والشام تهدف إلى تحقيق عدة أهداف أهمها:
1) ضرب المسلمين ببعضهم البعض بحجة الإرهاب
والتطرف وربط الجميع بأمريكا.
2) إشغال الثوار عن إسقاط نظام بشار وتحويلهم إلى
محاربة تنظيم الدولة، ويؤكد هذا الخبر ما نقلته صحيفة الأخبار اللبنانية عن أوباما
قوله لوفد كنسي التقى به: "نعرف أن الرئيس بشار الأسد يحمي المسيحيين في
سوريا" وهو ما فاجأ الحاضرين، فهو يعترف بالرئيس وبالدولة السورية التي
يرأسها بشار ويعتبرها حامية للنصارى.
وتحدث أوباما
عن الغارات التي تشنها طائراتها ضد تنظيم الدولة في سوريا فقال: "إنها تهدف
إلى المساعدة في استمرار العملية السياسية"، فواضح أن أوباما في استراتيجيته
هذه لا يريد تبديل بشار الأسد وإنما يريد إدماجه في عملية سياسية مع المعارضة.
3) إضعاف المجموعات المخلصة في الثورة السورية
التي ترفض التعامل مع أمريكا وأذنابها والتي تدعوا إلى تطبيق الشريعة الإسلامية
وإقامة الخلافة الإسلامية.
4) استغلال هذه الحروب المخطط لها لتكريس الطائفية
السياسية وتقسيم العراق إلى ثلاثة كيانات وربطها بعجلة السياسة الأمريكية ربطاً
محكماً.
لكن هذه
الأهداف يبدو أنها لن تتحقق، فشعوب المنطقة سئمت الحروب التي تديرها أمريكا، فهي
لن تكون الحاضنة لها، وهذه الشعوب إن لم تصطف في قتالها ضد أمريكا بفعل حكامها
العملاء، فهي لن تصطف معها قطعاً، لأنها جرّبت أمريكا في غزواتها السابقة للخليج
ولم تسفر حروبها تلك إلا عن المزيد من الخسائر وعدم الاستقرار.
والذي يغلب
على الظن أن قوات الحكومة العراقية الطائفية ومعها قوات البشمركة الانفصالية لن
تتمكن من دحر قوات تنظيم القاعدة والقوى المتحالفة مع هذا التنظيم حتى ولو استعانت
بغطاء جوي أمريكي ولو زوّدت بأحدث الأسلحة الفتاكة.
وذلك لأن
عقيدتها العسكرية متهاوية وإرادة القتال لديها ضعيفة، والمرجح أن الحرب ستراوح
مكانها، ولن تحسم لصالح أي طرف بشكل كامل، وبالتالي فلن تطبق الأهداف الأمريكية من
استراتيجية أوباما هذه.
ويشكك في هذه
الاستراتيجية أيضاً صقور الحزب الجمهوري وكبار أساطين السياسة الأمريكية ومنهم
وزير الخارجية الأسبق هنري كيسنجر الذي يقول: "إن علينا أن لا نُظهر أننا
بحاجة لتوحيد العالم كله من أجل مقاتلة عشرين ألف متعصب طردهم تنظيم القاعدة من
صفوفه، وعلينا أن لا نضع أنفسنا في موقف ستكون نهايته صعبة، ويجب أن تكون
استراتيجيتنا هي تقليص أهمية داعش الدولية إلى أدنى مستوى".
ويضيف:
"لقد دخلنا خمسة حروب منذ عام 1948م ولم نحقق الأهداف التي رسمناها لأنفسنا
إلا في حرب واحدة هي حرب الخليج الأولى ضد العراق وحقّقنا بعض الأهداف فقط في
الحرب الكورية".
فمثل هذه
التصريحات التي تصدر عن خبراء في السياسة الأمريكية كثيرة وكلها تشكك في جدوى
استراتيجية أوباما.
وحتى الدول
الكبرى والدول الأجنبية المشاركة في التحالف فهي الأخرى غير متحمسة للمشاركة فيها
فبريطانيا وألمانيا رفضتا المشاركة الجوية وفرنسا اشترطت أن تكون مشاركتها مستقلة
عن أمريكا، وسائر الدول الأخرى لم تقدم إلا النزر اليسير من المعدات والذخيرة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق