الغاز
ثروة مصر المهدورة
يكاد المرء
يصعق عندما يقع على مسامعه ما حلّ بأعظم ثروة من الطاقة حباها الله سبحانه لمصر
وللمسلمين في مطلع القرن الحادي والعشرين. إنها ثروة من الغاز يزيد احتياطيها عن
ستة وعشرين ترليون قدم مكعب قيمتها تزيد عن المائتين وأربعين مليار دولار. يقول
حازم البارودي إنه قد اكتُشف في العام 1997م كميات ضخمة من الغاز الطبيعي في شرقي
البحر الأبيض المتوسط في منطقة جغرافية يطلق عليها (مخروط النيل) تقع ضمن الحدود
البحرية المصرية، وقد تم التنازل عنها بتواطئ من الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك
ومدير مخابراته عمر سليمان للكيان اليهودي في العام 2003 بعد ترسيم الحدود
الاقتصادية الغازية مع قبرص وتحولت المنطقة بذلك إلى ملكية اليهود.
هكذا وبكل
بساطة، ومن دون أية جلبة، وبالسر، فقدت مصر ثروة هي في أمس الحاجة لها بسبب خيانة
حكامها، وضّيعتها كما ضيعت سيناء، وكما ضّيعت كرامتها وسيادتها من قبل.
ولم يكتف
حكامها العملاء بتضييع هذا المورد الغازي البحري الضخم بهذه البساطة وحسب، بل إنهم
وقعوا على صفقة (فضيحة) مع دولة يهود في العام 2005م لتصدير 1,7 مليار متر مكعب
سنوياً من الغاز المصري غير البحري لمدة
عشرين عاماً بثمن بخس يتراوح ما بين 70سنت – 1,5 دولار للمليون وحدة حرارية، بينما
يبلغ سعر التكلفة لها 2,65 دولار، بالإضافة إلى تقديم إعفاءات ضريبية من قبل
الحكومة المصرية للشركة (الإسرائيلية) المستوردة لمدة ثلاث سنوات من العام 2005
إلى العام 2008م. إنها أغبى صفقة طاقة معلنة في التاريخ فعلها حكام مصر مع ألد
أعدائهم.
ولما كانت
حاجة مصر إلى الطاقة في تزايد دائم، ولما كانت كميات الغاز في البر المصري قليلة
ومحدودة فإن الدولة المصرية لم تعد مكتفية بما لديها من غاز تم نهب معظمه وبيعه
لدولة يهود بصفقات خاسرة، لذلك فإنها اضطرت إلى استيراد الغاز من الخارج، وبدلاً
من استيراده من دول عربية أو مسلمة كالجزائر أو قطر أو إيران أو دول آسيا الوسطى
قامت باستيراده من دولة العدو التي سرقت الغاز المصري البري ما بين العامين 2005
وَ 2013.
وقد ذكرت شبكة
بلومبيرغ الأمريكية: "إن مصر تتفاوض مع إسرائيل لشراء شحنات غاز طبيعي
مسال بقيمة 60 مليار دولار في وقت تستأنف إسرائيل هجماتها الضارية ضد قطاع غزة".
وأضافت الشبكة
إن شركات أجنبية تتفاوض مع الحكومة المصرية على تصدير غاز بقيمة 6,26 ترليون متر
مكعب من حقلي تمار وليفياثان (الإسرائيليين) إلى مصانع إنتاج الغاز الطبيعي المسال
الواقعة في ميناء دمياط وأدكو الساحلية المصرية.
وقال ديفيد
شريم مدير في المؤسسة الغازية (الإسرائيلية) التي يوجد مقرها في تل أبيب: "يمكن
للغاز الإسرائيلي أن يصل إلى الأسواق الأوروبية والآسيوية من مصانع الغاز الطبيعي
المسال في مصر".
فهذا الغاز
الذي يوصف بالإسرائيلي هو في حقيقة الأمر يقع في مناطق بحرية مصرية استولت عليه
دولة يهود بتواطئ من نظام حسني مبارك. وهكذا أصبحت مصر تستورد الغاز الذي يقع في
مياهها من دولة العدو بسعر السوق بعد أن كانت تبيع غازها غير البحري لليهود بأبخس
الأثمان.
ثم ها هي
اليوم وفي زمن السيسي تُقدم مرافئها في دمياط وأدكو لتكون محطة ترانزيت لتصدير
الغاز المغتصب من قبل دولة العدو لأوروبا وآسيا خدمة لأعداء مصر والعالم الإسلامي،
وتشتري من دولة يهود الغاز لعشرات السنين، كما اشترت الاردن الغاز بصفقة اعتبرت
استراتيجية بلغت 15 مليار دولار لمدة 15
سنة.
وهكذا تحولت
دولة يهود إلى دولة مصدرة للغاز، وتُصدّره بالذات لدول الطوق العربي بشكل خاص،
لتفرض عليها نفوذها، وتبقى هذه الدول محتاجة لها لعشرات السنين، فتنتفي حالة الحرب
وتندمج مع كيان يهود في حالة مخزية من التطبيع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق