المصالحة الفلسطينية محطة انتقالية على طريق تصفية القضية الفلسطينية
إنّ ما يثير العجب في هذه المصالحة أن كل العقد والتفصيلات المعقدة في الورقة المصرية قد تم حلها بأيام معدودات وذلك بعد أن احتدم الجدال حولها لسنوات طوال.
وما يثير الدهشة أكثر أن كل الاتهامات التي كانت تصف السلطة الفلسطينية بالعمالة والارتباط بالمشروع (الصهيوني والأمريكي) من قبل حركة حماس وغيرها من الحركات الفلسطينية الأخرى قد تبخرت فجأة وتم إعادة السلطة وقياداتها المتواطئة مع العدو إلى النسيج (الوطني) بين عشية وضحاها.
وما يثير الدهشة أكثر أن كل الاتهامات التي كانت تصف السلطة الفلسطينية بالعمالة والارتباط بالمشروع (الصهيوني والأمريكي) من قبل حركة حماس وغيرها من الحركات الفلسطينية الأخرى قد تبخرت فجأة وتم إعادة السلطة وقياداتها المتواطئة مع العدو إلى النسيج (الوطني) بين عشية وضحاها.
إن السلطة التي مازالت تحتجز المئات من أفراد حركة حماس وغيرها من الحركات، وما زالت تنسق أمنياً مع (إسرائيل)، وكانت قد تسببت وما تزال في اغتيال قوات الاحتلال اليهودي للعديد من القيادات الفدائية، وشاركت في العدوان اليهودي على غزة، ووزّعت الأموال والمنافع والمناصب على أتباعها فقط، إن هذه السلطة التابعة فعلياً (لإسرائيل) تحولت بالمغالطة والنفاق إلى شريك )وطني) كامل إلى جانب الحركات والمنظمات الفلسطينية الأخرى مع أنها وبحسب تصنيفهم السابق سلطة عميلة (لإسرائيل).
إن أي مراقب للأحداث والثورات التي تحدث في المنطقة العربية يُدرك أن الشعوب التي أسقطت وتعمل على إسقاط الأنظمة الحاكمة لا تقبل بتاتاً بالتعامل مع تلك الأنظمة في أي مشروع سياسي (وطني). وما ينسحب على تلك الأنظمة ينسحب على السلطة الفلسطينية، وبما أن السلطة الفلسطينية كانت ولا تزال جزء لا يتجزأ من هذا المشروع العربي الرسمي التعيس فإن المنطق يقول إن على الفلسطينيين وأسوة بغيرهم من الشعوب العربية أن يعملوا على إسقاط السلطة الفلسطينية لا على إعادة تأهيلها سياسياً وشعبياً.
فينبغي التفكير فلسطينياً على الأقل فقط بإسقاط السلطة لا التفكير بإطالة عمرها، وإن خيانات السلطة وتسريبات وثائق عريقات ليست عنا ببعيد.
وإن كان لا بد من التفكير بالمصالحة بين الفصائل والتنظيمات المتصارعة فينبغي أن لا تكون السلطة واحدة منها، لأن العمل السياسي الموازي لما يحصل من ثورات في الدول العربية يقضي بإسقاط السلطة أولاً ثم البحث في المصالحة ثانياً، فالتصالح مع السلطة يعتبر تصالحاً مع ركيزة من ركائز الاحتلال وذراع من أذرعه الأمنية، وهو ما يعني التصالح مع الاحتلال نفسه، وهذا لا ينسجم مع التفكير الثوري أو مع التفكير بالتغيير.
ثم إن المخابرات المصرية وبتوجيه من قيادة الجيش المصري التابعة لأمريكا هي التي ما زالت ترعى هذه المصالحة وهو ما يعني سياسياً أن أمريكا هي التي أعطت الضوء الأخضر لرجالها في مصر من أجل إتمام المصالحة الفلسطينية في الحال.
ومن هنا يمكن تفسير تلك السرعة العجيبة في المصالحة بين فتح وحماس والسرعة في جمع باقي الفصائل الفلسطينية وبكل هذه السهولة حول هذا الهدف الذي كان عصياً قبل نشوب الثورات.
إن تفسير ذلك يعود إلى أن أمريكا تريد الاستحواذ على الساسة الجدد في مصر ومنحهم دوراً جديداً يختلف عن الدور المستهلك الذي قام به الرئيس المخلوع حسني مبارك.
فأن يفرح الفلسطينيون على المصالحة فهو لا يليق بهم لأنه لا يرقى إلى مستوى الوعي السياسي الذي ينبغي أن يتحلى به من عانى الأمرين من هذه السلطة العميلة اللعينة.
إن على أهل فلسطين بشكل خاص أن يُسقطوا اتفاق أوسلو الخياني الذي هو أصل الداء والبلاء والذي أنشئت السلطة على أساسه، فعليهم أن يسقطوه فوراً ، بدلاً من أن يُهللوا للمصالحة مع السلطة التي هي احدى اهم مفرزاته، وبدلاً من أن يعملوا للمصالحة على أساسه بشكل عاطفي محض.
فالمصالحة في هذه الحالة من ناحية واقعية هي مرحلة من مراحل تصفية القضية بأيد فلسطينية، مع أنّ قضية فلسطين ليست قضية أهل فلسطين ولا قضية فتح وحماس ولا غيرها من الحركات والمنظمات الفلسطينية، ولا يجوز تحويلها إلى قضية مصالحة بين فصيلين.
إنها قضية الأمة الإسلامية بأسرها، وهي قضية من قضايا المسلمين المركزية والعقائدية وبالتالي فحلها رهن بالأمة الإسلامية وبجهادها وكفاحها وبإقامة دولتها الحقيقية وبتحريك جيوشها لتحرير فلسطين من نهرها إلى بحرها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق