حسن نصر الله وزمن سقوط الأقنعة
قيل قديماً : "تستطيع أن تخدع كلَّ الناس بعضَ الوقت، وبعضَ الناس كلَّ الوقت، لكنك لا تستطيع أن تخدع كلَّ الناس كلَّ الوقت"، ان هذا المثل لا شك أنّه ينطبق على زعيم حزب الله حسن نصر الله الذي خدع بالفعل كثيراً من الناس ولوقت طويل بمزايداته وبطولاته الزائفة وخطاباته الرنّانة.
بيد انه سقط في أهم اختبار ألا وهو موقفه ممّا يجري في سوريا، فراح يُنصّب نفسه محامياً عن النظام الوحشي العميل في سوريا، بحيث عجزت أبواق إعلام النظام المتداعي نفسه عن الدفاع كما فعل حسن نصر الله ووسائل إعلامه.
لقد بلغت بنصر الله الصفاقة حداً جعلته يزعم بأن الشعب السوري يريد استمرار نظام حكم الأسد البغيض فقال :"إن كل المعطيات والمعلومات حتى الآن ما زالت تؤكد أن الأغلبية من الشعب السوري ما زالت تؤيد هذا النظام وتؤيد الأسد"، فمن أين يا ترى حصل على هذه المعلومات التي يدعي فيها ذلك؟، وأنّى له الحصول على مثل هذه المعلومات في حالة عدم الاستقرار؟، وهل يوجد شعب في الدنيا يؤيد حاكماً مجرماً كبشار الأسد يقتل في يوم واحد أكثر من ستين قتيلاً؟.
ثم هل نسي أهل سوريا مجازر النظام في حماة حيث قتل أباه ما يزيد عن ثلاثين ألفاً في أيام معدودات حتى يعطوه مثل هذا التأييد المزعوم؟
وهل اختار السوريون بشار ووالده من قبل بملء إرادتهم حتى يقول حسن نصر الله إنّ الأغلبية تؤيده؟؟؟. على انّ وصف نصر الله لبشار بأنه رجل إصلاح بقوله :"الأسد مؤمن بالإصلاح وجاد ومصمم ومستعد للذهاب إلى خطوات إصلاحية كبيرة جداً، ولكن بالهدوء والتأني والمسؤولية"، ان هذا الوصف مخالف للواقع تماماً فكيف حكم نصر الله بأنّ بشار يريد الاصلاح وهو قد مكث في الحكم عقداً من الزمان ولم يُقدم على أي فعل إصلاحي؟.
انّ نصر الله لا نظن انه يجهل حقيقة ان من يدعم النظام السوري ويُثبت اركانه هم الأمريكان، فلين الخطاب الأمريكي مع ممارسات النظام السوري الوحشية، وتجاهله لمشاهد القتل وتحطيم المتظاهرين بكل وحشية ونذالة، وتطمين أمريكا لبشار بأنها لن تقود أي تدخل عسكري في سوريا بالرغم من غزارة الدماء التي تُسفك فيها هو الذي يُطمع نظام بشار بالاستمرار في قتل الناس.
فهذا النفاق الواضح من فبل نصر الله تجاه بشار الاسد، وكيل المديح له، وإطرائه بشتى العبارات في مثل هذا التوقيت القاتل بالذات الذي يجهد فيه أهل سوريا ويجتهدون في مقارعة هذا النظام الطاغوتي التسلطي الجبري، ويُقدمون الغالي والنفيس من أجل التخلص منه، هذا النفاق في خطاب نصر الله هو الذي يخذل السوريين، ويُلبس عليهم الأمور فيزيدهم رهقاً على رهق.
ان نصر الله هذا أصبح مجرد بوق من أبواق النظام السوري، وهو لا يملك أن يفعل غير ذلك مع أولياء نعمته.
غير أن هذا الأمر لا يخفى على الكثيرين من الواعين الذين يُدركون هذه الحقيقة، والذين لم يتفاجئوا بها أصلاً، ولكن آخرين كثر من الناس لم يُدركوها بعد، لأنّ ألفاظ الممانعة والمقاومة التي يتلبس بها نصر الله قد ألبست عليهم إدراكها، فراحوا يُدافعون عن مواقفه كلها، بسبب استخدامه الانتهازي الذكي لتلك الألفاظ. فضُربت غزة وقُصفت بالفوسفور الأبيض ولم يُحرك نصر الله ساكناً، وتحولت الحدود اللبنانية مع شمالي فلسطين إلى حدود آمنة لدولة يهود على غرار الحدود السورية في هضبة الجولان بعد موافقة نصر الله على فصل القوات باستخدام قوات اليونيفيل ولم يفعل نصر الله شيئاً، ولم يبق لديه سوى الخطابات المملة الفارغة من أي مضمون يشحن بها الناس.
فطيلة الوقت الماضي الذي أعقب حرب لبنان - ومع كل هذا التخاذل - لم ينكشف نصر الله على حقيقته أمام الناس إلى أن جاءت الثورة في سوريا لتخلخل أعتى وأكثر الأنظمة دكتاتورية وإجراماً في العالم، فهبّ نصر الله ودافع بكل اخلاص عن ولي نعمته نظام بشار الدموي وهو ما أدّى إلى كشفه، وسقوط القناع عن وجهه وذلك من خلال دفاعه النفاقي هذا، وظهر الآن على حقيقته تماماً أمام الملأ.
لكن نصر الله وما يملكه من وسائل اعلام رخيصة عجز أن يخدع كل الناس لكل الوقت بمزايداته الكلامية وخطاباته – المدوية- الخالية من أي مفعول، لذلك فقد انكشف الآن على حقيقته، وسقط من أعين الناس، وخاصة بعد أن دافع بحرارة عن أكثر الأنظمة بطشاً وإجراما وأشدها مقتاً وبغضا من قبل الشعوب.