الجمعة، 12 يونيو 2009

التعليق السياسي

(الانتخابات الديمقراطية) في البلدان الإسلامية
تُعمق الانقسامات السياسية والطائفية والإثنية


البلدان العربية والإسلامية التي تجري فيها انتخابات على الطريقة الديمقراطية التعددية ليست بأحسن حالاً من البلدان العربية والإسلامية التي يحكمها أفراد حكماً دكتاتورياً، فكلا النمطين من أنظمة الحكم لم تحقق لبلاد المسلمين أية نجاحات تُذكر، ولم تفلح في إحداث أية نقلة حضارية أو سياسية أو صناعية فيها.
ومن آخر هذا النوع من الانتخابات ما جرى في لبنان في السابع من هذا الشهر الجاري حيث كان الكثير من المراقبين يعولون عليها الكثير، ويتوقعون تغييراً جوهرياً سيحدث في لبنان يُبدل من واقعه ويرسم له مستقبلاً واضحاً زاهراً، فإذا بنتائج الانتخابات التي حدثت لم تُغير شيئاً من الواقع، فلبنان قبل الانتخابات هو نفسه بعدها (وكأنك يا زيد ما غزيت)، فهذه الانتخابات لم تخفف من الاحتقان السياسي ولم تقلل من الانقسامات السياسية والطائفية الموجودة في لبنان، بل على العكس من ذلك فالانتخابات التي أُجريت كرَّست تلك الانقسامات وعمَّقتها، وأسلمت القوى السياسية المتناحرة المسماة بالرابع عشر من آذار والثامن من آذار إلى دوامة من الحقد والكراهية وعدم الثقة فيما بينها لمدة أربع سنوات أخرى.
لقد عكست تلك الانتخابات (الديمقراطية) الواقع السيئ في لبنان في مرآتها عكساً تاماً، حيث أبرزت قوة التكتلات السياسية الطائفية بما تحمل من مصالح ضيقة متناحرة على حساب المصالح العامة للبلد أو المصالح الأيديولوجية.
كما عكست هذه الانتخابات (الديمقراطية) قوة (المال السياسي) الإقليمي الذي ضخته السعودية وإيران في دعم مرشحين موالين لهما فكانت نموذجاً للصراع الطائفي الإقليمي السني الشيعي المدعوم من السعودية وإيران، وكانت الانتخابات اللبنانية أخيراً محطة تجاذب وتنافس بين النفوذ الدولي الأمريكي الأوروبي على لبنان والمنطقة.
وهكذا تحول لبنان في هذه اللعبة الانتخابية إلى مسرح كبير للتنافس السياسي بين القوى الطائفية والقوى الإقليمية والقوى الدولية. وبقيت النتيجة واحدة وهي أن لبنان ظل مرتعاً لكل تلك التجاذبات والانقسامات والصراعات.
هذه بالنسبة للتجربة (الديمقراطية) في لبنان أما بالنسبة لتجارب بلدان إسلامية أخرى، ففي إندونيسيا مثلاً أسفرت النتيجة الانتخابية (الديمقراطية) الأولى فيها عن خسارة إقليم تيمور الشرقية وأسفرت الانتخابات التالية لها عن زيادة التوترات العرقية والإثنية خاصة في آتشي وجزر الملوك.
وفي الباكستان أدت الانتخابات (الديمقراطية) الأخيرة إلى اندلاع حرب أهلية طاحنة في المناطق القبلية تأكل الأخضر واليابس.
وفي بنغلادش كرَّست الانتخابات (الديمقراطية) المتتالية فيها صراعاً سياسياً بين أبناء وبنات النخب السياسية الموالية للغرب ورافقها فقر وتخلف مريرين.
وفي العراق أدَّت الانتخابات إلى تحكم الطائفة الأكبر عدداً في مؤسسات الدولة.
وفي تركيا ثبتت الانتخابات الدستور العلماني فيها، ووثقت عرى الروابط الأمريكية والأوروبية بالدولة التركية التي تحولت إلى ذيل للدول الأوروبية.
وخلاصة القول أن الانتخابات (الديمقراطية) التي تُجرى في البلدان العربية والإسلامية لا تؤدي إلى نهضة ولا إلى تغيير ولا إلى استقرار ولا إلى أي نوع من أنواع التحسن في أي مجال من مجالات الحياة.
فالنتائج الكارثية التي ضربت البلدان التي أجريت فيها الانتخابات (الديمقراطية) من حيث تكريس الانقسامات السياسية وتعميق الصراعات الإثنية والطائفية وتردي الأوضاع الاقتصادية والصناعية، فهذه النتائج هي حصيلة حقيقية لتلك الانتخابات وهي بالتالي لم ولن تؤدي يوماً إلى وحدة الأمة وتقدمها.

ليست هناك تعليقات: