الخميس، 28 مايو 2009

كوريا الشمالية تنجح في تحدي ما يسمى بالمجتمع الدولي

التعليق السياسي

كوريا الشمالية تنجح في تحدي ما يسمى بالمجتمع الدولي


بعد سنوات طويلة من محاولة تطويق وتدجين كوريا الشمالية من قبل أمريكا والدول الكبرى التي تشكل ما يسمونه كذباً بالمجتمع الدولي، ها هم الكوريون الشماليون يتمردون على الشروط الذليلة التي فرضت عليهم، ويقومون بتفجير قنبلة ذرية تعادل قوتها قوة قنبلتي هيروشيما وناجازاكي مجتمعتين.
فلقد ضاق الزعيم الكوري كيم إيل سونغ ذرعاً بالمفاوضات السداسية المملة، وبالاشتراطات الكثيرة التي يفرضها الأمريكان على كوريا الشمالية بطريقة استفزازية مقززة، وقرَّر كسر تلك القيود التي يزداد ثقلها على كوريا عاماً بعد عام، فحسم أمره وطالب بتنفيذ الاستحقاقات على وجه الندية من المفاوضين في اللجنة السداسية التي تهيمن عليها أمريكا من قبيل إمدادات الغذاء والطاقة مقابل التخلي الكوري التدريجي عن حيازة الأسلحة الذرية. ولكنه قوبل بمماطلات أمريكية في تنفيذ تلك الطلبات والاستحقاقات وهو الأمر الذي جعله يتخذ قراراً صارماً وحاسماً بوقف التعاون مع اللجنة السداسية، وبالعودة إلى استئناف النشاط النووي والصاروخي، وإجراء التفجير الذري المذهل الذي وقع الأسبوع الماضي، ثم إطلاق الصواريخ الباليستية ليؤكد على قدرة كوريا الشمالية على الحرب والمواجهة والمقارعة ولو كان الأمر يتعلق بأقوى دولة في العالم.
لم يخضع كيم إيل سونغ أبداً لابتزاز الأمريكيين وتحمل وشعبه الفقر والحاجة وحتى الجوع ولكنه لم يقبل التخلي عن الكرامة والسيادة، فلو أرادت كوريا الشمالية رغادة العيش بدون عزة وكرامة لقبل والد الرئيس الحالي كيم إيل سونغ التعاون مع أمريكا والتخلي عن مقومات السيادة ليس من الآن بل منذ أكثر من نصف قرن، فلو فعل ذلك لتحولت كوريا الشمالية إلى دولة غنية ككوريا الجنوبية ولكنها دولة لا تملك أي صفة من صفات الاستقلال، دولة تابعة ذليلة.
لقد اختار كيم إيل سونغ وابنه نموذج الدولة المقاتلة المتحدية المبدئية المرعبة للرأسمالية والاستعمار لتبقى كوريا الشمالية دائماً شوكة في حلق أمريكا ومجتمعها الدولي المنافق.
وشتان بين اختيار كوريا الشمالية طريق العزة والتحدي واستقلالية القرار مع بذل شيء من التضحية، وتحمل شيء من الفقر، وبين اختيار كوريا الجنوبية لطريق التبعية والذلة والخنوع والاستسلام لأمريكا مقابل اقتصاد نشط يعتمد كلياً على رؤوس الأموال الأمريكية.
إن كوريا الشمالية الآن هي من أعظم دول العالم على الإطلاق لأنها تتحدى أمريكا وتهدد باجتياح كوريا الجنوبية، فلم تفعل فعلها أية دولة ولم تجرؤ حتى روسيا أو الصين أو غيرها على فعل ما فعلته كوريا الشمالية.
إن قوة كوريا الشمالية الذاتية هي الضمانة الوحيدة لثباتها ولاستعلائها على أمريكا ولحفاظها على استقلالها.
فنجاح كوريا الشمالية في تحدي المجتمع الدولي الذي تهيمن عليه أمريكا وحفنة من شركائها المنتفعين مهَّد الطريق لقيام دول أخرى بتحديات أخرى مختلفة، كما فعلت فنزويلا والإكوادور وبوليفيا في مواجهة أمريكا.
إن أبلغ درس يمكن الاستفادة منه من النهج الكوري الشمالي خاصة بالنسبة للمسلمين والمستضعفين هو أنه بالإمكان رفض الإملاءات الأمريكية وكسر قواعد اللعبة التي يفرضها ما يُسمى بالمجتمع الدولي على شعوب العالم. وبالإمكان كسر الهيبة الأمريكية والعنجهية الأمريكية.
نعم بالإمكان فعل ذلك بسهولة ويسر، فماذا بمقدور أمريكا أن تفعل لوقف تحدي الكوريين الشماليين؟؟!! إنها لا تستطيع فعل شيء، فأمريكا أعجز من القيام بأي شيء ضد كوريا حتى ولو قامت الأخيرة باجتياح كوريا الجنوبية.
تُرى هل يتعلم حكام العمالة في بلاد العرب والمسلمين من هذا الدرس الجديد؟؟!!! أم أنهم كعادتهم سيستمرون في دفن رؤوسهم في الرمال فلا يسمعون ولا ينظرون ولا يعقلون؟؟!!!.

ليست هناك تعليقات: