الخميس، 14 ديسمبر 2023

الخلافات بين حكومة نتنياهو وإدارة بعيدا تطفو على السطح

لخلافات بين حكومة نتنياهو وإدارة بايدن تطفو على السطح
الخبر:
تحدّث الرئيس الأمريكي جو بايدن الثلاثاء 12/12/2023 خلال فعالية لجمع التبرعات لحملته الانتخابية في واشنطن بأنّ (إسرائيل) بدأت تفقد دعم المجتمع الدولي لها بقصفها العشوائي لغزة، الذي أودى بحياة آلاف المدنيين الفلسطينيين فقال: "لقد بدأوا يفقدون هذا الدعم"، وأشار إلى أنّه "بات يتعين على نتنياهو تقوية وتغيير الحكومة (الإسرائيلية)، لإيجاد حل طويل الأمد للصراع (الإسرائيلي) الفلسطيني"، واعتبر "أنّ سلامة الشعب اليهودي على المحك حرفيا"، وقال الرئيس الأمريكي: "إنّ هذه أكثر حكومة محافظة في تاريخ (إسرائيل)" مضيفا أنّها "لا تريد حل الدولتين". وأوضح بايدن، وسط تصفيق متقطع من الجمهور الذي غالبيته من اليهود، أنّ "(إسرائيل) في موقف صعب... ولديّ خلافات مع بعض القيادات (الإسرائيلية)".
وأمّا بنيامين نتنياهو رئيس حكومة كيان يهود فقد رفض مجدّداً "عودة السلطة الفلسطينية بقيادة محمود عباس لحكم غزة"، وأصرّ على عودة احتلال قواته العسكرية للقطاع، وإنشاء إدارة مدنية فيها تابعة لجيشه، وقال إنّ "غزة لن تكون حماسستان ولا فتحستان"، وأضاف: "لن أسمح بالعودة إلى خطأ اتفاقيات أوسلو".
التعليق:
لأول مرّة مُنذ اندلاع الحرب في غزة تظهر مثل هذه التناقضات الصارخة بين الرئيس الأمريكي وبين رئيس وزراء كيان يهود علناً، بحيث تبلغ حدّ الصدام، والظاهر أنّ الضغط الأمريكي على كيان يهود كبير جداً بخصوص ضرورة إنهاء العملية العسكرية الواسعة لجيش يهود في غزة، والانتقال إلى عمليات عسكرية خاصة ومحدودة مع بدء العام الميلادي الجديد، لكنّ نتنياهو يرى الاستمرار في العملية العسكرية الواسعة لمدة طويلة لكي يتمكن من تحقيق الأهداف المُعلنة، وهي القضاء على حماس وتحرير الرهائن، إلا أنّ التقديرات الأمريكية يبدو أنّها تُشير بوضوح إلى عجز قوات يهود عن تحقيق تلك الأهداف، لذلك طلبت إدارة بايدن من نتنياهو تقليص أهداف العملية العسكرية، وعدم الاستمرار فيها بالطريقة نفسها، لا سيما قتل الأعداد الكثيرة من المدنيين، وطالب بايدن نتنياهو أيضاً بعدم إشعال الوضع في الضفة الغربية، وعدم السماح للمُستوطنين بالهجوم على الفلسطينيين، لكنّ نتنياهو تجاهل هذه الطلبات، وصعّد من هجمات الجيش في غزة والضفة، ورفض فكرة الدولتين التي يطرحها بايدن بطريقةٍ فجة، كما رفض تسليم السلطة الفلسطينية لمقاليد الأمور في غزة، واعتبر أنّ السلطة لا تختلف عن حماس في إثارة الكراهية ضد اليهود، واقترح إنشاء إدارة مدنية تابعة لجيشه تُدير شؤون غزة مع بقاء الجيش فيها، فجنّ جنون بايدن. ويبدو أنّ إدارته اعتبرت مواقف نتنياهو الجديدة هذه، التي بلغت حد التخلي عن اتفاقية أوسلو، والتخلي عن أي مسار سياسي سابق، اعتبرتها تحدياً واضحاً، فجمع بايدن يهود أمريكا في أحد الاجتماعات بمناسبة أحد الأعياد اليهودية، وخاطب نتنياهو من خلالهم بضرورة الانصياع لمطالب إدارته، وطالبه بتغيير حكومته، ويقصد بالذات وزراء الصهيونية الدينية فيها وهم بن غفير وسموتريتش، وهو ما يعني من ناحية عملية إسقاط نتنياهو بشكلٍ مُباشر، وبذلك بلغ الصدام بين الرجلين مرحلة كسر العظام.
فنتنياهو يُحاول أنْ يُقاوم الضغوط الأمريكية، ويخلط الأوراق، لأنّه يعلم أنّ الخضوع لطلبات بايدن يعني انتهاءه سياسياً، لذلك فهو يُريد أنْ يظهر بمظهر الزعيم القوي الذي لا يخضع لضغوط الخارج، حتى ولو كانت هذه الضغوط من أمريكا نفسها التي أنقذت كيان يهود من السقوط في السابع من تشرين الأول/أكتوبر، فراح يُخاطب الكنيست بالقول إنّه لن يخضع لأمريكا كما خضع بن غوريون لها من قبل، فيستثير بهذا الخطاب حماسة اليمين المتطرف الذي يرى فيه المُنقذ الوحيد لسلطته، لكن يبدو أنّ أيّامه في الحكم باتت محدودة، والظاهر أنّه لن يستطيع مُقاومة الأمريكان الذين هم أولياء نعمته ونعمة كل أركان دولته.

السبت، 2 ديسمبر 2023

روسيا تعلن عن رغبتها في إنشاء هيئة عسكرية في افريقيا لمواجهة النفوذ الغربي

روسيا تُعلن عن رغبتها في إنشاء هيئة عسكرية في إفريقيا لمواجهة النفوذ الغربي

ظهر مُنذ عدة أشهر تعاون عسكري واضح بين السلطات الروسية وبين خليفة حفترالحاكم العسكري لمنطقة شرق ليبيا، وذلك بهدف إنشاء فيلق عسكري روسي في أفريقيا، وقد قام نائب وزير الدفاع الروسي يونس بك إيفكوروف بزيارة إلى ليبيا بدعوة من حفتر، وتُعد هذه الزيارة - وفقاً لوزارة الدفاع الروسية - هي أولى ثمار المحادثات الروسية الليبية في مؤتمر موسكو الدولي الـ11 للأمن والمنتدى العسكري التقني ومنتدى الجيش في بطرسبورغ في آب من العام الجاري 2023، وتهدف هذه الزيارة لإيفكوروف ترتيب مُهمّة التنفيذ العملي للاتفاقيات الروسية الليبية التي تم التوصل إليها في إطار المؤتمر المذكور.
 وذكر بيان روسي عن الكرملين أنّ المعارضين الرئيسيين لروسيا في القارة السوداء هم الولايات المتحدة وحلفاؤها في النات بما في ذلك فرنسا، وذكرالبيان بالنص: "ستعمل وزارة الدفاع الروسية على مواجهة النفوذ الغربي وتعزيز مكانة موسكو في أفريقيا، وسيتعين على الفيلق الأفريقي الروسي إجراء عمليات عسكرية واسعة النطاق في القارة لدعم البلدان التي تسعى إلى تحرير نفسها أخيرًا من التبعية الاستعمارية الجديدة، وتطهير الوجود الغربي وتحقيق السيادة الكاملة".
إنّ سعي روسيا لانشاء هيئة عسكرية تكون بمثابة قوة ردع لروسيا في افريقيا، أو لتكوين فيلق عسكري مُتكامل يكون مُخصّصا للقارة الافريقية، ويكون مُشابهاً للقوة العسكرية الأمريكية افريكوم يُعتبر من ناحيةٍ نظرية إنجازاً استراتيجياً كبيراً، وله قيمة كبيرة فيما لو ظهر له آثار على الارض، أو لو كان سعياً ذاتياً خاصاً بالدولة الروسية لوحدها، ولكن ما يجعله جهداً عبثياً ضائعاً لا وزن له على أرض الواقع، وما يجعله مُجرد مُحاولة إعلامية روسية فاشلة لا تُشكّل أي خطر على القوى الدولية التي لها تأثير في افريقيا الأمور التالية:
1 – لم تظهر أية أخبار جدية عن هذا الموضوع في وسائل الاعلام المشهورة، فلم يتم تداولها، ولا تسليط الضؤ عليها، وهو ما يدل على عدم جدية الاعلان عنها لأنّها لو كانت جدية لما تجاهلتها تلك الوسائل، والغريب أنّه لم يتم الاعلان عن هذه الهيئة بشكلٍ صريح الا في مناسبة واحدة، وهي زيارة نائب وزير الدفاع الروسي الى ليبيا بدعوة من خليفة حفتر، وكأنّ خليفة حفتر هو الذي يُشجّع الروس على الاعلان عن هذه الهيئة الوهمية.
2 – وإذا علمنا أنّ حفتر هذا هو رجل مخابرات أمريكي منذ خمسين عاما، وعلاقته حالياً وثيقة بعملاء أمريكا وبريطانيا كحكام مصر والسعودية والامارات فهذا دليل على انّ روسيا دولة هزيلة وضعيفة كونها تعتمد في الاعلان عن مشروع يتعلق بأمنها القومي على مثل هذه النوعية من الرجال.
3 – لو كانت روسيا جادة في انشاء مثل هذه الهيئة لأنشأتها منذ بدء توسع نشاطاتها في افريقيا خاصة في عهد رئيس مجموعة فاغنر الراحل يفغيني بريغوزين الذي أعطى زخماً قوياً للنشاط الروسي في القارة الافريقية آنذاك، والذي بعد موته ظهر ضعف واضح لروسيا في افريقيا، وتراجعت نشاطاتها العسكرية كثيراً في افريقيا.
4 – إنّ روسيا ومع كل نشاطاتها العسكرية في إفريقيا فهي لا تملك حتى الآن قاعدة عسكرية ثابتة واحدة فيها، وعجزت حتى الان عن اقامة قواعد عسكرية صغيرة ولو محدودة، بينما دول كالصين وتركيا والامارات وهي دولاً اقليمية وتابعة تملك قواعد عسكرية في افريقيا.
5 – إنّ انشغال روسيا في مستنقع حربها في أوكرانيا أضعفها كثيراً واستنزفها وأشغلها عن التوسع خارج مجالها الاقليمي الحيوي فيما لو رغبت في ذلك.
6 – ما زال الوضع الاقتصادي الروسي الضعيف أصلاً يزداد ضعفاً وهو ما لا يسمح لها باقامة هيئة عسكرية قارية مُوازية للافريكوم الامريكية.
7 – إنّه ومُنذ الاعلان عن رغبتها في التوسع العسكري في افريقيا الذي ظهر في المؤتمر الروسي الافريقي في بطرس بورغ قبل ثلاثة أشهر لم يترجم ذلك الاعلان منذ ذلك الوقت بأي عمل مادي على الأرض، ولم تظهر له أية بوادر روسية جدية تدل على البدء في تطبيقه، أو حتى وضع مُخطّطات له.
صحيح أنّ المؤسسة العسكرية الروسية كانت قد قامت بتوطيد علاقاتها مع نظيراتها الإفريقية مُنذ عام 2015 فوقّعت إحدى وعشرين اتفاقية عسكرية مع دول من بينها: أنغولا، وبوتسوانا، وبوركينا فاسو، وتشاد، وإثيوبيا، وغينيا، ومدغشقر، ونيجيريا، والنيجر، وسيراليون، وتنزانيا، وزيمبابوي، وصحيح أنّ الدولة الروسية استخدمت مجموعة فاغنر في تدخلاتها في عشر دول افريقية وهي: السودان وإفريقيا الوسطى وليبيا وزيمبابوي وأنغولا ومدغشقر وغينيا وغينيا بيساو وموزمبيق والكونغو الديمقراطية، صحيح ذلك كله، ولكن كل هذه العلاقات والنشاطات العسكرية الروسية الكثيرة في افريقيا لا تزيد عن كونها نشاطات (ميليشياوية) أكثر من كونها نشاطات دول كبرى.
وقد لوحظ أنّ أوسع نشاط عسكري لروسيا في افريقيا ضد القوى المنافِسة الدولية لها كان ضد فرنسا بشكل خاص، وفي دول غرب ووسط افريقيا بشكل أخص، وهذا يدل على أنّها لا تخدم المصالح الروسية على المدى البعيد، بل تخدم - من ناحية فعلية - المصالح الأمريكية الآنية كونها أسهمت في زعزعة الوجود الفرنسي في افريقيا، كما حصل من خلال الانقلابات العسكرية ضد فرنسا في مالي وبوركينا فاسو والنيجر، وبالتالي كان ذلك النشاط العسكري الروسي عاملاً من العوامل التي ساهمت في الضغط على فرنسا للقيام بإجلاء قواتها من مستعمراتها السابقة، وهذا بلا شك أفاد الوجود الامريكي في افريقيا، والذي أصبح يحل محل الوجود الفرنسي في القارة الافريقية عموماً.
وكما قلنا أعلاه فإنّه مع كل هذا النشاط الروسي العسكري في افريقيا فإنّ روسيا لم تتمكّن من بناء قواعد عسكرية أو ايجاد أوضاع عسكرية ذات قيمة في افريقيا مُقارنة بأمريكا وفرنسا، فأمريكا مثلاً تمتلك 34 قاعدة عسكرية في افريقيا، وفرنسا تمتلك 16 قاعدة، بينما روسيا لا تملك الا عناصر فاغنر ومستشارين روس، وهي تبيع الأسلحة الروسية للدول الافريقية، لكنّ هذه الأدوات وما يُشابهها لا تنفع ولا تكفي في ايجاد نفوذ دولي استراتيجي.
وأخيراً نقول إنّ أمريكا قد كشفت بصراحة أنّها لا تخشى الوجود العسكري الروسي في افريقيا كما تخشى الوجود الصيني، ولعل أوضح تعبير في هذا السياق ما ذكره الجنرال ستيفن تاونسند قائد القيادة العسكرية الأميركية في إفريقيا (أفريكوم) في إفادته أمام لجنة القوات المسلحة في الكونغرس في حديثه عن المنافسة الروسية والصينية لبلاده في إفريقيا فقال:"أنا أقل قلقًا بشأن المنافسة الروسية.. أعتقد أنهم [الروس] أقل أهمية بالنسبة لي على المدى الطويل مقارنة بالصين. الصين هي مصدر القلق اليوم وعلى المدى الطويل".

الأربعاء، 22 نوفمبر 2023

مؤتمر الرياض وتبعية الحكام

مؤتمر الرياض يؤكّد تبعيّة جميع حكّام المسلمين لأمريكا ودول الغرب 

لم تُفاجئ مُخرجات قمّة الرياض الإنهزامية الجماهير العربية والاسلامية، فلم تتوقّع هذه الجماهير أصلاً أنْ تكون تلك المُخرجات ذات قيمة او شأن، لأنّها اعتادت على مثل هذه المُخرجات الهزيلة مُنذ أكثر من خمسين عاما على إنشاء هذه التكتلات، فهي مُخرجات لا تعدو أنْ تكون أكثر من ديباجات كلامية مُتكرّرة تكثر فيها الإدانات والاستنكارات التي تُختتم فيها عادةً تلك المؤتمرات.
فتوصيف الناس لتلك المُخرجات لا يختلف بينهم من حيث كونها عقيمة وعديمة الجدوى، لكنّه يختلف فيما بينهم من حيث توصيف كون الحكام الذين وقّعوا على تلك المُخرجات هل هم مُتخاذلون جبناء؟ أم هم عملاء خونة؟ 
  وبالرغم من أنّ مؤتمر قمّة  الرياض قد شاركت فيه جميع القيادات الرسمية لجميع الدول العربية والدول القائمة في العالم الاسلامي، أو ما يُسمّى بالدول المُنضوية في الجامعة العربية وفي منظمة التعاون الاسلامي، وبالرغم من أنّها جاءت بعد حدثٍ خطيرٍ جللٍ تعاضدت فيه الدول الكبرى الاستعمارية مع دولة يهود، ومدّتها بكل أسباب القوة، وأرسلت بارجاتها وأساطيلها وصواريخها من أجل حمايتها، ولضمان استمرار تفوقها، وبالرغم من أنّها منحت دولة يهود الغطاء القانوني لجيشها للقيام بارتكاب المجازر اليومية، وتهجير الناس، وتدمير مساكنهم وبلدانهم، وتقيطع أوصالهم، وحرمانهم من الحصول على أبسط الحاجات الانسانية من مأكلٍ ومشربٍ ودواء وطاقة، وأوقفت مسار حياتهم، وأحالت عمرانهم إلى خراب.
 فبالرغم من ذلك كله لم تتغيّر صياغات بيانات تلك القمّة عن غيرها من القمم الفاشلة التي سبقتها، ولم تتناسب نتائج هذا المؤتمرالموسّع وبيانه النهائي مع هذه المُعطيات الخطيرة والجديدة لحرب غزة، والتي تُعتبر هزّة شديدةً عنيفةً معست الأمّة معساً.
لقد جاءت نتائج المؤتمر كالعادة باهتة تافهة لا ترقى إلى مُستوى هذا الحدث الضخم، فكانت بنود البيان الختامي للمؤتمر مليئة بالإدانات والتأكيدات والدعوات والاستنكارات التي لا تُغني ولا تُسمن من جوع من مثل:
- دعوة الدول الأعضاء في المنظمة والجامعة إلى ممارسة الضغوط الدبلوماسية والسياسية والقانونية.
- استنكار إزدواجية المعايير في تطبيق القانون الدولي.
- إدانة تهجير حوالي مليون ونصف المليون فلسطيني من شمال قطاع غزة إلى جنوبه.
- إدانة قتل المدنيين واستهدافهم وعدم انسجام ذلك مع القانون الدولي الإنساني.
- إدانة أفعال وتصريحات الكراهية المتطرفة والعنصرية لوزراء في حكومة الاحتلال الإسرائيلي.
- إدانة قتل الصحفيين والأطفال والنساء واستهداف المسعفين وادانة استعمال الفسفور الأبيض المحرم دوليا في الاعتداءات (الإسرائيلية) على قطاع غزة ولبنان.
- التأكيد على أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.
- إعادة التأكيد على التمسك بالسلام كخيار استراتيجي وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وحل الصراع العربي الإسرائيلي وفق القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة.
- التأكيد على ضرورة تحرك المجتمع الدولي فورا لإطلاق عملية سلمية جادة وحقيقية لفرض السلام على أساس حل الدولتين الذي يلبي جميع الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.
- الدعوة لعقد مؤتمر دولي للسلام في أقرب وقت ممكن تنطلق من خلاله عملية سلام ذات مصداقية على أساس القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية ومبدأ الأرض مقابل السلام.
فهذه البنود التي جاءت في البيان الختامي للمؤتمر لا يوجد فيها أي شيء عملي محسوس يدل على وجود أية قوة فاعلة في الامة، وذلك بالرغم من أنّ دول العالم الاسلامي مليئة بالموارد والامكانات والقدرات التي تُتيح لها استخدام الكثير من أوراق القوة.
 فهي تستطيع مثلاً  قطع العلاقات الديبلوماسية ووقف التطبيع مع كيان يهود لكنّها لم تفعل، وتستطيع ايقاف إمدادات النفط والغاز عن الدول التي تدعم كيان يهود لكنّها لم تفعل، وتستطيع أن تغلق الممرات والمضائق المائية في وجه الملاحة التي تستخدمها الدول المؤيدة لكيان يهود كممر ملقة وقناة الوسفور ومضيق باب المندب وخليج العقبة لكنّها لم تفعل، وتستطيع إدخال المُساعدات الانسانية والاغاثية للفلسطينيين في قطاع غزة عبر معبر رفح من دون طلب إذن من أحد لكنّها لم تفعل، وتستطيع إدخال قوات وسلاح إلى قطاع غزة لحماية المدنيين لكنها لم تفعل، وأخيراً تستطيع خوض حرب حقيقية لمنع عدوان دولة يهود على القطاع لكنّها لم تفعل.
فلماذا لم تفعل ؟ وما الذي يمنعها من أن تفعل ؟
ليس السبب الحقيقي المانع يكمن في الجبن أو الخوف أو التخاذل أو التآمر أو الخيانة، بل السبب الحقيقي يكمن في تبعية هؤلاء الحكام تبعية مُطلقة لأمريكا ودول الغرب، وهو ما يتسبّب في وجود الخوف والجبن والتخاذل والخيانة لدى هؤلاء الحكام.
فالتبعية هي أساس القرارات التي يتخذها هؤلاء الحكام، وهي مصدرها، بينما الخوف والجبن والتخاذل والخيانة هي فقط المظاهرالتي تتم مُلاحظتها.
لذلك لا يوجد أمام الشعوب العربية والاسلامية سوى العمل للتغيير، والثورة على الحكام العملاء التابعين، والسعي الدؤوب لإسقاطهم، وتغييرهم، ولا أمل للأمّة بالنصر على أعدائها إلا بإزالة أنظمة حكمهم، وقطع حبال تبعيتهم.
 كما أنّه لم يعد هناك أي مجال لنصرة أهل غزة أو غيرهم من المسلمين المستضعفين طالما بقي مثل هؤلاء الحكام التابعين في سدة الحكم.
فخلع الحكام الآن أصبح ضرورة قصوى من أهم ضرورات الحياة لدى المسلمين، ولا يحصل ذلك، ولن يحصل إلا من خلال العمل ضمن مشروع سياسي إسلامي شامل يُفضي إلى قيام دولة الخلافة الاسلامية الثانية على منهاج النبوة، فتنصر المسلمين المستضعفين في كل مكان، وتُزيل تفوذ الكفار الأعداء من بلاد المسلمين، وتُوحّد الأمّة الاسلامية، وتنشر الاسلام في ربوع البشرية، فتزيل بالدعوة والجهاد جميع الحواجز المادية التي تحول دون تحقيق حمل الدعوة الاسلامية.

الثلاثاء، 14 نوفمبر 2023

الرئيس الفرنسي يلعق تصريحات سابقة له عن غزة

الرئيس الفرنسي يلعق تصريحات سابقة له عن غزة!
 
 
الخبر:
 
تراجع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال اتصال تليفوني يوم الأحد الماضي بنظيره (الإسرائيلي) إسحاق هرتسوغ عن تصريحاته التي أدلى بها خلال مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية يوم الجمعة الماضي - والتي أثارت ضجة داخل كيان يهود - فاتصل الرئيس الفرنسي بهرتسوغ وقال له إنّه "يدعم بشكل لا لبس فيه حق (إسرائيل) في الدفاع عن النفس"، وقال المتحدث باسم الرئاسة في كيان يهود إنّ "الرئيس ماكرون أوضح أنه لا يقصد إلقاء اللوم على (إسرائيل) لتعمدها إيذاء المدنيين الأبرياء في حربها ضد حماس، ولكن من المهم مواصلة البحث عن حلول للأزمة الإنسانية في غزة".
 
وكان الرئيس الفرنسي قد قال يوم الجمعة بشكلٍ لا لبس فيه: "إنّ القصف (الإسرائيلي) بات يستهدف المدنيين والنساء والأطفال، ولا مشروعية له، داعيا (إسرائيل) إلى التوقف عن ذلك"، وأضاف في مقابلة مع بي بي سي: "في الواقع، اليوم يتم قصف المدنيين، هؤلاء الأطفال، هؤلاء النساء، هؤلاء المسنين، يتعرضون للقصف والقتل، وليس هناك مبرر لذلك ولا شرعية، وندعوها لوقف إطلاق النار"، وأكّد على أنه: "لا يوجد مبرر للتفجيرات، وأن وقف إطلاق النار سيفيد (إسرائيل)".
 
التعليق:
 
لم يصمد الرئيس الفرنسي على تصريحاته المُندّدة بشدّة بقصف جيش دولة يهود للمدنيين في غزة لأكثر من أربع وعشرين ساعة! فبين يوم الجمعة ويوم الأحد انقلبت تصريحاته رأساً على عقب، وتراجع عن تحميل كيان يهود قصف المدنيين، كما تراجع عن الدعوة إلى وقف إطلاق النار بشكلٍ مُذلّ بعد أنْ أدرك حجم الغضب اليهودي عليه.
 
وجاء هذا التراجع بعد أن هوجم ماكرون بشدة من جانب رئيس وزراء كيان يهود نتنياهو ووزراء حربه، حيث قال نتنياهو في تصريح مشترك مع غالانت وبيني غانتس، حسب ما نقلت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية: "لقد ارتكب ماكرون خطأً فادحاً، خطأ واقعياً وأخلاقياً".
 
فالرئيس الفرنسي في تصريحاته الأولى يوم الجمعة حاول أنْ يخرج قليلاً عن مواقف الدول الغربية الخانعة لأمريكا والمُمالئه لجرائم كيان يهود، وحاول أنْ يجد لدولته مكاناً فيه شيء من الاستقلالية، والابتعاد عن تلك المواقف المُساندة لدولة يهود بطريقةٍ فجّة، والتميّز عنها بشكلٍ من الأشكال، لكنّه ما إنْ خرج قليلاً عن الخط المرسوم حتى تلقى الصفعة فوراً من نتنياهو فأفقدته صوابه، وأعادته إلى رشده في السير باتجاه طريق الانحياز الأعمى لكيان يهود.
 
فهل فرنسا بهذه القيادة المهزوزة ما زالت دولة عظمى مُستقلّة؟! فإذا كانت عاجزة عن اتخاذ موقف مُستقل في قضية إقليمية صغيرة، فهل تملك التأثير الحقيقي في الموقف الدولي؟! وهل بقي لها وزن أصلاً في المسرح الدولي؟! فهي حتى لا تستطيع أنْ تكون في مُستوى دولة كالصين المعروف أنّها لا تأثير لها في منطقة الشرق الأوسط كفرنسا، ولكنّها مع ذلك لا تنجر انجرار فرنسا الأعمى لدعم دولة يهود.
 
إنّ هذا التراجع الفرنسي السريع عن موقف مبدئي حاولت فرنسا أنْ تتبنّاه في خضم هذا الصراع الشرق أوسطي يدل على أن فرنسا لا تعدو كونها دولةً ذليلة هزيلة، لا تستطيع أنْ تخرج عن محور السياسات الأمريكية، بل لا تجرؤ على مُجرد مُخالفتها.

جعجعات ايران وحزبها في لبنان تكشف مدى زيف محورها المقاوم المزعوم

جعجعات إيران وحزبها في لبنان تكشف مدى زيف محورها المُقاوم المزعوم  

 
إنّ هذه الجعجعات التي تصدر عن المسؤولين الإيرانيين، وخاصةً عن وزير خارجيتها حسين أمير عبد اللهيان، ورئيس حزبها في لبنان حسن نصر الله، باتت لعبةً مكشوفة لا تنطلي على أحد، فهي أشبه بثرثرات إعلامية ليس لها من هدف سوى إثارة الدغدغة الإعلامية للجماهير الغاضبة، وامتصاص الهيجان العاطفي المُصاحب للمجازر الذي يُنفّذها الاحتلال في حق المسلمين الغزيين، ومن ثمّ  ركوب موجة ما يُسمّى بمحور المُمانعة والمُقاومة الوهمي والفتّ في عضده، وهو نهج ثابت اعتادت عليه سياسات التدجيل الإيرانية من قبل.
 فهذه الجعجعات الإيرانية المُستمرة في الواقع لا تزيد المقاومة الا خبالا، ولا هذف لها سوى نشر الدعاية الكاذبة عن ارتباط ايران وتوابعها بمحور المقاومة والمُمانعة الوهمي، وهي مُجرد صخبٌ إعلامي رخيص يرمي إلى تلميع صورة إيران البغيضة، ويسعى لتمجيد صورة ميليشياتها ومُتعلّقاتها الطائفية المُنحرطة في حروب أهلية مع الشعوب الاسلامية لمصلحة أعداء الأمّة. 
ولو تناولنا أهم ما ورد في خطاب حسن نصر الله المُتعلّق بالموقف من دعم المقاومة في غزة والذي ألقاه بعد انتظار طويل، واعتبر مرجعيةً سياسية مهمة تُعبّر عن وجهة النظر الإيرانية في الصراع مع كيان يهود في فلسطين، ويُعوّل عليه الكثير من المفتونين بايران وحزبها في لبنان الشيء الكثير في دعم المُقاومة في غزة، والانخراط معها في نفس المعركة وبكل قوة، وتمّ إحاطة الخطاب بهالةٍ من الغموض والدعاية المُضلّلة، وزعم البعض أنّه سيلقي من الكلام ما فيه دُرر وحكم وصواعق، فإذا به يصعقهم بخيبة أمل مُدوّية، جعلت بعضهم يعتذر عن مواقفه السابقة المؤيدة له.
لقد أكّد حسن نصر الله في خطابه هذا على أنّ قرار عملية طوفان الأقصى كان قراراً فلسطينياً خالصاً نُفّذ بدون علم سائر أطراف محور المُقاومة، وكأنّه يقول: بما أنّ القرار كان فلسطينياً خالصاً ، فإذاً لا دخل لنا نحن بالمشاركة في الحرب، واكتفى بلعب دور المُساند والمُتضامن، والقيام بمناوشات مسرحية حدودية فقط لرفع العتب، وهو ما يعني أنّ محور المقاومة غير مُوحّد ولا مُتناسق ولا يثق أطرافه ببعضهم البعض، وأنّ ما يُشاع من كلام عن وحدة العمل ووحدة المصير ووحدة القرار في محور المقاومة ما هو إلا مُجرد شعارات جوفاء.
ثمّ ناشد نصر الله في خطابه أمريكا بوصفها المسؤولة عن العدوان ( الإسرائيلي ) على غزة، وطالبها بمنع اندلاع حرب اقليمية، ودعاها لأنْ تُسارع إلى وقف العدوان على غزة، ولا شك بالنسبة لكل واعي سياسي وكل مُقاوم مُخلص أنّ هذه المُناشدة التي وردت في خطابه لأمريكا ما هي إلا سقطة شنيعة لنصر الله ولحزبه ولايران الداعمة له، فأنْ يتحوّل زعيم ( المقاومة ) إلى مُناشدة أمريكا ومُطالبتها بأي شيء فهو يدل على أنّه شخص لا يختلف عن حكام العرب المُتخاذلين، وأنّه لا فرق بين حكام دولة ايران التابع لها وبين حكام الدول العربية التي لا تُجيد إلا مُخاطبة أمريكا ومناشدتها، واستخدام عبارات السياسي العاجز من مثل المُناشدة والمُطالبة والاستجداء.
وأخيراً خاطب نصر الله في بيانه الدول والأنظمة العربية  وطالبها بالضغط على أمريكا  لوقف العدوان ( الاسرائيلي ) عبر استخدام أوراق قوتها الاقتصادية، ومن خلال المصالح التي تربطها بأمريكا من نفط وغاز وغيرها من إمدادات، وكأنّه لا يعرف أنّ هذه الدول لا تملك من قرارها شيئاً، ولا يعلم أنّها دول تابعة ذليلة، وهو بمخاطبتها بذلك يعترف بها كونها أنظمة عميلة، ويتساوى معها في التبعية والعمالة.
فلو كان نصر الله جاداً في المُواجهة لدخل الحرب فوراً ضد كيان يهود وفي نفس اليوم الذي دخلت فيه حماس والمُقاومة في غزة، ولأحدث فرقاً هائلاً في النتائج، وربما أدّى دخوله المعركة مُبكراً إلى جعل كيان يهود يستجدي من المقاومة وقف إطلاق النار، لكنّه آثر القعود والسلامة، فهو لا يتحرّك إلا بإشارةٍ من سيدته إيران التي تُنسّق كل أعمالها مع أمريكا، كما كانت تُنسّق من قبل معهافي حربي أفغانستان والعراق.
لقد ثبت أنّ مُقاومة جماعات إيران وحزبها في لبنان لا تكون فاعلة إلا إذا حاربت ضد الشعوب الاسلامية في سوريا والعراق واليمن، ولا تؤدي إلى نتائج محسوسة ومُدمّرة ضد مصالح الأمّة إلا إذا كانت تدعم الطواغيت والعملاء الفاسدين كبشار الأسد وحكام العراق الطائفيين.
فقد كان نصر الله يفتخر في اجتياح المدن السورية وتدميرها وقتل أهلها، وكان يتبجح ويقول :" إذا كنا قد أرسلنا ألفا الى سوريا فسنرسل الفين واذا ارسلنا خمسة الاف سنرسل عشرة الاف" ، فوضع كل قواته تحت تصرف الاسد للقضاء على ثورة الشام.
فهو يُقاتل بكل شراسة في سوريا مع المجرم بشار بينما يقوم بمناوشات مسرحية مع كيان يهود، فهذا هو مفهوم المقاومة عنده وعند أسياده في ايران.
لذلك فنحن نحذّر اخواننا في حماس وفصائل المقاومة الاخرى في غزة بأن لا يثقوا مطلقاً في حكام ايران وتابعها نصر الله وحزبها في لبنان ، فهؤلاء غير موثوقين قطعاً، فهم يُمارسون أعمالهم السياسية بوجهين، ويتعاملون مع أمريكا وعملائها، وينسقون معهم بكل السياسات الخارجية،  وهم أيضاً يدعمون طواغيت الدول العربية كبشار الأسد بكل خسة ونذالة، ولا يهمهم شيء إلا خدمة مصالح ايران الفئوية الشعوبية، والاستمرار في تغذية الصراع الطائفي في بلاد المسلمين.

الاثنين، 16 أكتوبر 2023

أحد أعضاء حكومة الطوارئ الجديدة يرفع التقارير السرية لأمريكا أولا باول

أحد أعضاء حكومة الطوارئ اليهودية الجديدة يرفع التقارير السرية لأمريكا أولاً بأول

( خبر وتعليق )

الخبر : 

نقلاً عن الــ BBC أنّه :"تم الاتفاق على تشكيل حكومة طوارئ في اسرائيل ينبثق عنها مجلس أمني يدير الحرب يضم: رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو، ووزير الدفاع يوآف غالانت، وزعيم معسكر الدولة بيني غانتس، ورئيس هيئة أركان الجيش الاسرائيلي السابق غادي ايزنكوت، ووزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر".
ويذكر أن ديرمر هو السفير الاسرائيلي السابق في واشنطن، وأقرب وزراء الليكود لنتنياهو، ومنصبه وزير الشؤون الاستراتيجية، لكنه يوصف بأنّه: (وزير الشؤون الأمريكية)، "إذ ستكون مهمته البقاء على اتصال مع الإدارة الأمريكية وإبلاغها بكل ما يتم إقراره في مجلس الحرب الجديد".

التعليق :

إذا كانت أخطر الحكومات في كيان يهود والتي تُعالج أخطر الشؤون وأشدها حساسية يوجد في مجلسها الأمني المصغر عضو يوصف عندهم في الاعلام اليهودي والغربي بأنّه : (وزير الشؤون الأمريكية)، وأنّ مهمته تنحصر في البقاء على اتصال دائم مع الإدارة الأمريكية، وإبلاغها بكل ما يتم إقراره في أخطر مجلس وزاري لديهم، فهو بهذه الصفة إذاً يعمل كجاسوس رسمي لأمريكا، فهل هذه الدولة  - وفيها مثل هذا الجاسوس ديرمر - هل هذه الدولة تكون دولة مستقلّة؟، وبماذا إذاً تختلف عن الدول التابعة؟.
فكيان يهود بهذه الوضعية المُهينة يكون في الواقع كياناً تابعاً ولا يملك من أمره شيئاً، وهذا يؤكّد حقيقة أنّ أية دولة مهما بدت قوية في نظر الآخرين فإنّها تكون في حقيقتها دولة هزيلة طالما ارتبطت بغيرها، لا سيما اذا كان هذا الارتباط يتعلق بالدعم المالي والسياسي والعسكري كما هو حال كيان يهود مع أمريكا التي تدعمها في كل جوانب الحياة، لدرجة أنْ أصبح وجودها ومصيرها مرتبط بهذا الدعم.
ولعل هذا يُفسّر وقوف امريكا الدائم إلى جانب كيان يهود في كل المجالات، وأنّ هذا الوقوف ما هو في الواقع إلاّ دفاع عن مصالحها الحيوية، فهذا الكيان بالنسبة لأمريكا ما هو سوى قاعدة أمريكية مُتقدّمة في قلب المنطقة العربية لإبقاء السيطرة عليها والحيلولة دون وحدتها وقوتها.
إنّ هذا الكيان كان مُنذ تأسيسه صناعة بريطانية في الاصل، لكن وبعد حرب عام 1973 أصبح كياناً تابعاً لأمريكا تبعية وثيقة بفضل الدعم المالي الأمريكي الهائل له، بحيث أصبح شريان حياة هذا الكيان يتم تغذيته من المساعدات الأمريكية.
من أجل ذلك هبّت أمريكا مُسرعةً لنجدته في حرب غزة خوفاً عليه من السقوط بعد الهزيمة النكراء التي أصابته في السابع من أكتوبر، فأرسلت بوارجها الحربية إلى المنطقة لإرسال رسائل إلى القوى الاسلامية الكامنة تُحذّرها بأنّ إعلان الحرب عليه هو إعلان للحرب على أمريكا نفسها. 
يجب إدراك حقيقة أنّ أمريكا هي العدو الحقيقي للمسلمين، وما كيان يهود إلا ثكنة من ثكناتها ومتراس من متاريسها، وعلى العاملين والسياسيين المُتطلعين للتغيير أنْ يدركوا هذه الحقيقة، وأنْ يعملوا بكل ما أوتوا من قوة على قطع جميع علاقات كيانات المسلمين معها ويتخذوها عدواً، فيطردوا سفراءها، ويكنسوا قواعدها، ويوقفوا كل المعاملات التجارية والاقتصادية والثقافية معها، ولا يستقبلوا مبعوثيها، ويُلاحقوا عملاءها في كل العالم وينبذونهم نبذ النواة، بل ويعتبرونها دار حرب يُتخذ معها وبحقها إجراءات الحرب.

الأربعاء، 11 أكتوبر 2023

النتائج الجيوسياسية لحرب ناجورنو كاراباخ

النتائج الجيوسياسية لحرب ناجورنو كاراباخ

 
قامت القوات العسكرية المُسلّحة لأذربيجان في التاسع عشر من سبتمبر ( أيلول ) من العام الجاري 2023 بهجوم صاعق على الجيب الجبلي الخاضع للاحتلال الأرمني مُنذ ثلاثين عاماً والمعروف باسم إقليم ناجورنو كاراباخ،  فاستعادته خلال أقل من أربع وعشرين ساعة، وسيطرت على تسعين نقطة عسكرية كان الأرمن يتحصنون بها فيه، وهو ما أدّى إلى استسلام الأرمن بسرعة للجيش الأذري، وقيامهم بتسليم أسلحتهم للقوات الأذرية بالتنسيق مع قوات السلام الروسية المُنتشرة على الحدود بين الاقليم وأذربيجان، ثمّ هجرة غالبيتهم إلى أرمينيا.
إنّ توقيت هذا الهجوم الخاطف يأتي في وقتً تنهمك فيه روسيا في حربها الطويلة مع أوكرانيا، ولا تستطيع الانشغال بحربٍ جديدة تشتعل في جنوب القوقاز بين أرمينيا واذربيجان، فلقد كان من المُفترض وفقاً لاتفاقية الدفاع المُشترك التي تربط روسيا بأرمينيا أنْ تقوم روسيا بمنع أذربيجان من استرداد الاقليم بالقوة كما كانت تفعل طيلة الثلاثين عاماً الماضية، لكنّ الأمور في المنطقة قد أفلتت من يدها بالفعل مُنذ العام 2020 وذلك عندما قامت  أذربيجان بإسنادٍ من تركيا بشنّ حربٍ شاملة على أرمينيا تمكّنت وقتها من تحرير جميع الأراضي المُحتلة حول ناجورنو كاراباخ، ولم تستطع روسيا وقتها من منع أذربيجان من استرداد مُعظم اراضيها ما عدا اقليم ناجورنو كاراباخ الذي جاء وقت تحريره في هذه الاوقات.
لقد أدركت أرمينيا مُنذ خسارتها للأراضي التي سيطرت عليها حول إقليم ناجورنو كاراباخ في العام 2020  أنّ سقوط إقليم ناجورنو كاراباخ بات مسألة وقت، وأنّ روسيا لم تعد قادرة على حماية أرمينيا من أذربيجان ولا منعها من احتلاله، لذلك قامت أرمينيا  في العام 2021 بسحب قواتها من الإقليم، ولم يبقي فيه الأرمن الانفصاليين الذين كانوا قد أعلنوا فيه جمهورية من طرفٍ واحد غير مُعترف بها رسمياً، وهؤلاء الانفصاليين هم أعجز من الوقوف أمام الغزو الأذري من دون دعم أرمينيا.
وعندما جاء الهجوم الأخير لأذربيجان على الإقليم وقفت أرمينيا وقوف المُتفرّج، ولم تفعل شيئاً للأرمن الانفصاليين، وبرّرت ذلك بضعف الموقف الروسي، وعجز الروس عن القيام بحماية الأرمن في الاقليم، وخذلانها لهم بسبب عدم تفعيل اتفاقية الدفاع المشترك بين روسيا وأرمينيا، مُعلّلة ذلك الموقف الروسي الضعيف بانشغال روسيا بحربها في أوكرانيا.
لقد استغلت أمريكا هذا الموقف الجديد الذي أحدث فراغاً واضحاً في القوقاز الجنوبي ويحتاج إلى قوة دولية لملئه فقامت أمريكا من فورها بالاتصال بأرمينيا وبقيادتها السياسية والعسكرية، وأجرت معها مُناورات عسكرية مُباشرة، في الوقت الذي كانت رحى الحرب تدور في المنطقة، ثمّ عرضت عليها الحماية بدلاً من الحماية الروسية، وبدأت بالاتصال بالقيادات في أذربيجان للقيام بالوساطة بينها وبين أرمينيا.
ولم تكتفِ أمريكا بذلك بل انّها قامت بعد انتهاء أذربيجان من السيطرة على اقليم ناجورنو كاراباخ ووقف إطلاق النار بإرسال وفد أمريكي خاص إلى أرمينيا سلّم رسالةً إلى رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان من الرئيس الأمريكي جو بايدن تتضمّن نقطتين مُهمّتين ومُحدّدتين وهما :
1 – إرسال وحدة عسكرية أمريكية للتمهيد لإرسال بعثة مُراقبة دولية إلى جنوب القوقاز ( أرمينيا وأذربيجان ) بحجة حماية المدنيين الأرمن.
 
2 – إرسال مُساعدة مالية بقيمة 11.5 مليون دولار أمريكي للاجئي ناغورنو كاراباخ الأرمن.
ولم ترد روسيا على هذا التدخل الأمريكي السريع والمُباشر في منطقة نفوذها التقليدية إلا بالإعلان عن امتعاظها من ذلك، ثمّ إطلاق تهديدات فارغة تُدين تصرفات أرمينيا ورئيس وزرائها المُتعاون مع أمريكا، لكنّها لم تتخذ أي إجراء عملي فعّال لمنع التدخل الأمريكي.
ويُمكن إجمال النتائج الجيوسياسية لهذه الحرب على المستوى الاقليمي والدولي بما يلي:
1 – تمكّنت اذربيجان من تحرير أراضيها المحتلة بعد ثلاثين عاماً من الاحتلال الأرميني مُستفيدةً من ضعف الموقف الروسي بسبب انشغال روسيا بحرب أوكرانيا، ومُستفيدةً أيضاً من الدعم التركي السياسي والعسكري القوي الذي كان حاسماً في تفوق الأذريين على الأرمن في المعركة.
2 – خسرت أرمينيا والأرمن الانفصاليين الحرب بسبب اعتمادهم على حماية الروس العسكرية وبسبب ركونهم إلى فرنسا وأوروبا في الدفاع عنهم بوصفهم جزء لا يتجزا من الصليبية الدولية، إلا أنّ المصالح الاقتصادية والسياسية  كانت أقوى من الروابط الدينية العاطفية.
3 – ربحت تركيا من هذه الحرب تعميق أواصرها وتقوية علاقاتها بالشعوب الناطقة باللغة التركية بوصفها تقوم بدور الدولة الحاضنة والراعية للشعوب التركية في القوقاز وفي أسيا الوسطى.
4 – خسرت إيران من هذه الحرب والتي كانت تُعوّل على دعم أرمينيا لمساعدتها في إبعاد تركيا عن عمقها الطوراني، ولإبقاء إيران حاجزاً جيوسياسياً امام هذا التمدد التركي.
5 – خسرت روسيا من هذه الحرب خسارةً كبرى بسبب ضعفها جراء ورطتها في أوكرانيا، وبسبب تحالف تركيا مع أذربيجان الذي كان ضاغطاً عليها، ومانعاً إيّاها من استمرار دعم أرمينيا ضد أذربيجان.
6 – تمكّنت أمريكا من التغلغل في جنوب القوقاز اعتماداً على تركيا التي ساهمت في انتصار أذربيجان، والتي فتحت لها المجال للتواصل مع أرمينيا بحجة الحماية، والحلول مكان روسيا عسكرياً فيها، ولإعادة ترتيب خطوط ومسارات الطاقة من أذربيجان إلى أوروبا.
7 – خسرت فرنسا مكانتها في القوقاز بصفتها كانت تقوم بدور الراعي لأرمينيا من ناحية دينية.
إنّنا كمسلمين لا شك أنّنا نفرح لتحرير أي أرض إسلامية مُحتلة من أيدي الكفار، وإنّ استعادة أذربيجان لكاراباح هو تحرير لأرض إسلامية، وهو امرٌ يدعو إلى الفرح والسرور بلا ريب، ولكن ما يُؤلمنا هو قيام حكام المسلمين في تركيا وأذربيجان بتسهيل إدخال النفوذ الأمريكي مكان النفوذ الروسي في هذه المنطقة الإسلامية العريقة التي فُتحت في وقتٍ مُبكر أيام الخلافة الراشدة في عهد الخليفتين عمر وعثمان رضي الله عنهما.

الجمعة، 6 أكتوبر 2023

دولة الإمارات تبيح القمار والزنا وشرب الخمر وأكل لحم الخنزير بشكل رسمي

دولة الإمارات تبيح القمار والزنا وأكل لحم الخنزير وشرب الخمر بشكل رسمي


 

تمضي إمارة دبي في دولة الإمارات العربية المتحدة بوتيرة سريعة في إقرار قانون يُبيح القمار في الإمارة بشكلٍ رسمي ضمن موجةٍ من موجات إباحة كبائر الآثام والمُنكرات في مجتمعات المسلمين.

فدبي تُريد أن تسير على درب سنغافورة لتكون مركزاً عالمياً ريادياً في إدارة ألعاب القمار واستقبال المُقامرين واستجلابهم إليها من كل فجٍ وصوب، فقد أعلنت دولة الإمارات عن تأسيس الهيئة العامة لتنظيم الألعاب التجارية وهو اللفظ المستخدم اصطلاحاً للتعبير عن القمار بالصيغة المُحبّبة لهذه اللعبة المُنكرة،  وتمّ تعيين كيفين مولاي في منصب الرئيس التنفيذي للهيئة وتعيين جيم مورين على رأس إدارتها، وهذان الشخصيتان معروفان بأنهما من كبار أقطاب الشخصيات العالمية في إدارة القمار على مستوى العالم.

وكشفت الإمارات في هذا الخصوص عن تجهيزات البنية التحتية التي تُعدّها لاحتضان ألعاب القمار فيها وتشمل إقامة فنادق ومنتجعات يضم الواحد منها 1500 غرفة بالإضافة إلى وسائل اللهو والترفيه الأخرى، ويكلف منتجع القمار الواحد 5.9 مليار دولار، وتمّ التخطيط لبناء وتجهيز مُنتجعين في دولة الامارات أحدهما في دبي والآخر في رأس الخيمة.

لقد بدأت الإمارات بإدخال القمار إلى البلد أولاً من خلال اليانصيب الخيري، ثمّ تمّ تطويره رويدا رويدا ليصبح من أضخم مراكز القمار العالمية، وأخذت تأخذ الاستشارات المتعلقة بالقمار وتستعين لخبراء قمار عالميين من لاس فيجاس الأمريكية عاصمة القمار في العالم.

لا ندري كيف تتفتّق الأفكار الشيطانية عند محمد بن زايد فيقدم على شرور الأعمال والفواحش،  وينفق المليارات في الصد عن الإسلام ومحاربة شرائعه بكل فجور ووقاحة لم يسبقه إليها أحد من قبل.

لم يكتف ابن زايد بإباحة القمار وحسب، بل وأباح الكثير من المنكرات مثل أكل لحم الخنزير، وشرعنة الزنا العام الماضي، حيث سُمح للمرأة بتسجيل مولودها في شهادات الميلاد من دون ذكر اسم أبيه، كما سُمِح بتسجيل الأبوين للمولود بدون اشتراط عقد الزوجية، أي بمعنى الأبوين البيولوجيين وليس الزوجين الشرعيين، وبذلك تمّ إلغاء قاعدة الولد للفراش الشرعي.

 وتمّ إعداد هذه القوانين باعتبارها من القانون المدني الذي أصبح في الإمارات بمثابة المرجع القانوني لتسجيل الولادات حصرا دون الالتفات إلى أحكام الشريعة الإسلامية.

وفتح هذا القانون المجال لانتشار بيوت الدعارة، حيث سجّلت دبي لوحدها أكثر من ثلاثين ألف بيت دعارة ولواط في العام الماضي وحده بغطاء من الحكومة والأمراء الفاسدين التي تُدر عليهم هذه البيوت مليارات الدولارات سنويا.

فالإمارات إذا باتت تتسابق مع السعودية في نشر الفواحش والكبائر والمنكرات، حيث أنّ السعودية تفوقت عليها في مهرجانات الأغاني الساقطة ومنها أغنية المغنية الأسترالية سيئة الذكر الإلحادية التي تعتبر الإله أنثى، وتخصصت كذلك في استقطاب مشاهير لاعبي كرة القدم وإهدار الأموال العامة عليهم،  وساهمت في الإنفاق ببذخ على ملاعب ومسابقات الجولف الفارغة، وبرعت في احتضان المؤتمرات الفلسفية الالحادية، ومارست الكثير من المنكرات الأخرى غيرها، بينما تقوم الإمارات بشرعنة وإدخال كل أنواع الموبقات وجعلها قوانين مسموحة ومُتاحة للجميع، وكأنها بلد من بلدان الكفر.

وكانت الإمارات قد سمحت في العام 2021 بشرب الخمور وألغت قوانين العقوبات السابقة عليه.

وهكذا يتمادى ابن زايد في غيّه وانحرافه، ويتسابق مع ابن سلمان في محاربة الإسلام ونشر الرذائل والمنكرات في جزيرة العرب و أرض الحرمين وبلاد الاسلام.

ولكنّ هذا التمادي في مُعاداة الاسلام ومُحارية أهله لا شك أنه سوف يُساعد في نشؤ جيلٍ جديد ثائر من الشباب المؤمن لا يقبل بالخنوع ولا الاستسلام، وسيقوم إن شاء الله بثورة إسلاميةٍ شاملةٍ تُطيح بهؤلاء الحكام الصعاليك العملاء، وتُقام على أنقاض عروشهمدولة الاسلام في جزيرة العرب وتُطهرها من أرجاسهم وأدناسهم.

الجمعة، 15 سبتمبر 2023

ممر بايدن لا يخدم الا اعداء الاسلام

ممر بايدن لا يخدم إلا أعداء الاسلام
( خبر وتعليق )
الخبر :
وقّعت الولايات المتحدة والهند والسعودية والإمارات وفرنسا وألمانيا وإيطاليا والاتحاد الأوروبي -على هامش قمة العشرين في نيودلهي- مذكرة تفاهم لإنشاء ممر اقتصادي كبير يشمل سككاً حديديةً وربط موانئ ومد خطوط وأنابيب لنقل الكهرباء والهيدروجين، بالإضافة إلى كابلات لنقل البيانات، أطلق عليه البعض ممر بايدن نسبة للرئيس الأمريكي جو بايدن صاحب فكرة المشروع.
ووصف الرئيس الأميركي المشروع (بالتاريخي)، وجاء إعلان بايدن بعد يومين من تصريح المتحدثة باسم الخارجية الصينية بأن 90 دولة أكّدت أنها ستشارك في المنتدى الثالث لمبادرة "الحزام والطريق" الذي تستضيفه بكين في أكتوبر/تشرين الأول المقبل.
كما ربط معلّقون بين الإعلان الأميركي وغياب الرئيس الصيني شي جين بينغ عن قمّة العشرين، حيث قال المحلل السياسي والأمني فاران جيفري إن شي لم يحضر ( تجنبا للإحراج )، ومن جهتها رأت المحللة فيلينا تشاكاروفا أن هذه الخطوة تأتي في إطار التنافس الصيني الهندي.
من ناحية أخرى احتفى رئيس وزراء كيان يهود بنيامين نتنياهو بالإعلان عن الممر الاقتصادي، وظهر في مقطع فيديو عبر منصات التواصل الاجتماعي السبت يبين فيه بالخرائط مسار المشروع الذي ذكر أن كيان يهود سيكون محطة رئيسية فيه، وقال نتنياهو "يسرني أن أزف لمواطني دولة إسرائيل بشرى تحول إسرائيل إلى مفرق رئيسي في هذا الممر الاقتصادي"، مشيرا إلى أن رؤية هذا المشروع "تعيد تشكيل ملامح منطقة الشرق الأوسط"، وأضاف :"ان واشنطن اتصلت بإسرائيل قبل شهور عدة للمشاركة في المشروع، ومنذ ذلك الحين جرت اتصالات دبلوماسية مكثفة لتحقيق هذه الانفراجة"، ووصف نتنياهو المشروع بأنه "التعاون الأكبر في تاريخ إسرائيل"، وفق تعبيره.
التعليق :
يُعتبر توقيع الدول الأوروبية والهند على مُذكرة تفاهم لإنشاء هذا الممر الاقتصادي الكبير برعاية الرئيس الأمريكي جو بايدن أكبر انجاز لأمريكا في مُواجهة الممر الصيني المعروف بـ ( الحزام والطريق )، بل يُعتبر حاجز صد منيع يقف أمام المشروع الصيني ويمنع الصين من الوصول اقتصادياً إلى أوروبا وهو هدفها الاكبر، فهو في الواقع أكبر انجاز أمريكي عملي يُعرقل استكمال مشروع (الحزام والطريق) الصيني.
ولعل اعلان رئيسة الوزراء الايطالية جورجا ميلوني قبيل انعقاد مؤتمر العشرين في الهند عن انسحابها من مشروع (الحزام والطريق) الصيني كان تمهيداً لاشتراكها في هذا المشروع الأمريكي الجديد، وابتعادها مُرغمةً عن الصين، وهو دليل على خضوعها وخضوع اوروبا معها للاملاءات الأمريكية.
تأمل أمريكا من هذا المشروع تحويل الهند إلى مصنع العالم للسلع الرخيصة بدلاً من الصين، وذلك في سعيها منذ فترة لمحاصرة الصين اقتصادياً واستراتيجياً، وذلك من خلال فصل أوروبا عن الصين اقتصادياً، ومنع تمدد الصين خارج اقليمها، ومحاصرتها في منطقة شرق وجنوب اسيا.
ولعل سبب غياب الرئيس الصيني شي جين بينغ عن مؤتمر العشرين المُنعقد في الهند هو توقيع هذا الاتفاق في المؤتمر، وهو ما يُعتبر طعنة غدرٍ في خاصرة الصين.
وإنّ أهم عناصر هذا الممر الجديد هو الهند وأوروبا فهما القوتان الاقتصاديتان الكبيرتان في هذا المشروع، وأمّا الباقون كالسعودية والامارات وكيان يهود فهم مُجرد محطات ترانزيت لهذا المشروع.
إلا أنّ كيان يهود يستفيد من المشروع أكثر من السعودية والامارات كونه يملك الميناء الرئيسي ( حيفا ) لتلقي وتحميل وشحن واستقبال البضائع من الهند إلى أوروبا وبالعكس، بالاضافة إلى تطبيع علاقاته مع السعودية بحجة المُشاركة في هذا المشروع من دون تقديم أية تنازلات سياسية ملموسة.
وإن تمّ تنفيذ هذا الممر فسيكون أيضاً مُضراً بقناة السويس كونه سيأخذ نصيباً من حصتها في النقل البحري، وهو ما يُقلّل من أهميتها الاستراتيجية عالمياً.
إنّ مُشاركة السعودية والامارات في المشروع لن يُفيدهما اقتصادياً ولا سياسياً بالطبع، فهما فقط ستخدمان امريكا وأوروبا وكيان يهود كمجرد طريق للبضائع، ولا قيمة لمُشاركتهما فيه، وستُحوّلان المنطقة بالتالي إلى مُستعمرات سياسية تابعة لأمريكا، وخادمة لأعداء المسلمين كأوروبا والهند وكيان يهود.
فهذه المُشاركة السعودية الاماراتية في هذا الممر الجديد هي خيانة جديدة يُضيفها مُحمد بن سلمان ومُحمد بن زايد إلى خياناتهما الكثيرة ضد الشعوب الاسلامية.
 ولسوف تقوم الشعوب الاسلامية في المستقبل القريب بإذن الله بهدم عرشيهما وإلغاء كل الاتفاقيات الخيانية التي قاما بإبرامها بعد أنْ تُقام دولة الخلافة الاسلامية الثانية على منهاج النبوة قريباً في هذه المنطقة.

الأربعاء، 13 سبتمبر 2023

كيف عالج الاسلام آفة العنصرية

كيف عالج الإسلام آفة العنصرية

تُعاني مُجتمعات المسلمين كسائر المُجتمعات الأخرى من آفة العنصرية والتمييز العنصري، وذلك بوصفها إحدى ما ابتلانا بها الكافر المُستعمر من آفات كثيرة جرّاء تصديره لمفاهيمه الاستعمارية المُخالفة للفطرة، ولثقافته المُلوّثة التي غزا بها الشعوب الاسلامية التي استعمرها عسكريا وثقافياً ردحاً من الزمن.
والعنصرية هي اعتقاد أو قناعة او شعور مجموعة مُعينة تنتمي لعرقٍ أو لونٍ أو نسب، يجعلها ترى في نفسها بأنّها أعلى مُستوىً من سائر المجموعات الأخرى، ويُغالي بعض العنصريين في شرح هذا التفوق فيُرجعه إلى وجود صفات جينية موروثة تتمتّع بها تلك المجموعة، فلا توجد فيما سواها، فتمنحها تلك الجينات - بحسب زعمهم - قدرات خاصة تُميّزها عن سائر الأجناس البشرية الأخرى، ويتشكّل من تلك المجموعة (المُتفوّقة) كيان سياسي له خصائص مُشتركة يتصف بها دون غيرها من الكيانات الأخرى الأقل مُستوى.
فهذا الاعتقاد الزائف وذلك الشعور الكاذب هو الذي يوجد هذه الفوقية والاستعلاء والعجرفة لدى أتباع هذه المجموعة البائسة، وهو ما يُنتج هذه الآفة الخطيرة بين الشعوب والتي تُسمّى  بالعنصرية، وما ينتج عنها من كراهية وتمييز عنصري بين البشر.
ولعل الحضارة الغربية تزخر بالمظاهر العنصرية الكثيرة المُتمثّلة بقتل السود والمُسلمين لأتفه الأسباب، كما يحصل في أمريكا وفرنسا بشكلٍ خاص، حيث تُطلق الشرطة النارعلى هؤلاء الناس بكل برودة أعصاب ومن غير ضرورة.
وتُغذي هذه التصرفات العنصرية البغيضة تصريحات مُماثلة صريحة ومشحونة بالكراهية كقول الرئيس الفرنسي ماكرون : " كونك رجلاً أبيضاً يُعدّ امتيازاً "، وكقوله عن الاسلام إنّه : " دينٌ يعيش أزمةً في جميع أنحاء العالم".
ومثل هذه التصريحات البغيضة والتصرفات العنصرية لدى الفرنسيين هي التي باتت تجلب لهم الكراهية والحقد عند الآخرين، وهي التي تؤدي في هذه الأيام إلى طرد فرنسا من سائر الدول الافريقية. 
وفي الوقت الذي تفتخر فيه أوروبا وأمريكا بعنصريتيهما، وتُذيقان العالم من ويلاتها، وما ينتج عنها من نشر العداوة والبغضاء بين شعوب الكرة الأرضية جمعاء وما تمخض عنها من سفك للدماء وإزهاقٍ للأرواح، في الوقت نفسه نجد أنّ الاسلام قد عالجها بشكلٍ جذريٍ حاسمٍ وقاطع فقضى على أسبابها، وجفّف منابعها، وقرنها بكل ما هو قبيح لتنفير المُسلمين منها، وإبعادهم عن الوقوع في براثنها. 
فالاسلام ابتداء اعترف باختلاف الألوان والألسن اختلافا لا يؤدي إلا إلى العبادة والتفكر في خلق الله، قال تعالى:" وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ" فجعل الله سبحانه اختلاف اللغات والألوان مدعاة للتدبر والعبادة، وتقديرعظمة قدرة الله سبحانه على الخلق وتنوعه، وليس مدعاة للتفاخر والتناحر.
وعن ‌جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: "كنا في غزاة فكسع رجل من المهاجرين رجلا من الأنصار، فقال الأنصاري: يا للأنصار، وقال المهاجري: يا للمهاجرين، فسمع ذاك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما بال دعوى جاهلية، قالوا: يا رسول الله، كسع رجل من المهاجرين رجلا من الأنصار، فقال: دعوها فإنها منتنة"، فلم يُعالج الرسول صلى الله عليه وسلم حادثة الكسع ذاتها، بل عالج أسبابها ومُسبّباتها، فركّز على دعوى المهاجر ودعوى الأنصاري للتحشيد الجاهلي، واهتم بخطورة جر المهاجرين والأنصار لاقتتالٍ قبليٍ عقيم ضد بعضهما البعض، فوصف هذه الدعوى بالجاهلية، ودعى إلى تركها لأنّها مُنتنة، وذلك لتنفير المُسلمين منها، فكان العلاج حاسماً قاطعاً.
وربط القرآن الكريم العنصرية بإبليس عدو البشر ليبتعد الناس عنها كونها من عمل ابليس قال تعالى:" قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ  قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ"، فاعتبرها من الاستكبار الذي تميّز بها ابليس لعنه الله.
وجعل التقوى مقياس التفضيل في نصوصٍ قاطعة لا تُبقي لروابط العرق والدم أي أثر في الناس، قال تعالى:" يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَٰكُم مِّن ذَكَرٍۢ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَٰكُمْ شُعُوبًا وَقَبَآئِلَ لِتَعَارَفُوٓاْ ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ ٱللَّهِ أَتْقَىٰكُمْ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ" وقال عليه الصلاة والسلام : " يا أيُّها الناسُ إنَّ ربَّكمْ واحِدٌ ألا لا فضلَ لِعربِيٍّ على عجَمِيٍّ ولا لِعجَمِيٍّ على عربيٍّ ولا لأحمرَ على أسْودَ ولا لأسودَ على أحمرَ إلَّا بالتَّقوَى إنَّ أكرَمكمْ عند اللهِ أتْقاكُمْ".
وعالج النبي محمد صلى الله عليه وسلم التفاخر بالآباء وما ينتج عن ذلك من جاهلية وعنصرية علاجاً حاسماً بتشبيه المُتفاخر بالصرصار الذي يجمع النتن بأنفه، ليهزّ مشاعره، ويُشنّع فعلته، وليُنفّره من العودة إلى مثل هذه العنصرية البغيضة فقال:" لينتهيَنَّ أقوامٌ يفتخرونَ بِآبائِهِمُ الذينَ ماتُوا إِنَّما هُمْ فَحْمُ جهنمَ أوْ ليكونُنَّ أَهْوَنَ على اللهِ مِنَ الجُعَلِ الذي يُدَهْدِهُ الخِرَاءَ بِأنْفِهِ إِنَّ اللهَ قد أَذْهَبَ عَنْكُمْ عُبِّيَّةَ الجاهليةِ وفَخْرَها بِالآباءِ إِنَّما هو مُؤْمِنٌ تَقِيٌّ أوْ فَاجِرٌ شَقِيٌّ الناسُ كلُّهُمْ بَنُو آدمَ وآدَمُ خُلِقَ من تُرَابٍ".
ولو أخذ المسلمون بهذه المُعالجات الشرعية الحادّة للعنصرية لاستأصلت هذه الآفة من جذورها ولما بقي لها أثر في بلاد المسلمين، ولكنّ حكام المُسلمين وللأسف يستبعدون هذه المُعالجات الشرعية ويُتعمّدون تغذية هذه الآفة امتثالاً لأوامر أسيادهم من الكفار للحفاظ على عروشهم ولو على إثارة هذه النعرات الجاهلية العنصرية بين شعوب الأمّة الاسلامية الواحدة.
 ولنأخذ مثالين اثنين كنماذج بائسة يُروّجها الحكام لنشر العنصرية والكراهية بين المسلمين:
1 – تقوم السلطات التركية بشن حملة شرسة ضد اللغة العربية فيزيلون اللافتات، ويُظهرون التحقير للعرب، وللغتهم، في الوقت الذي يُسمح فيه لكل لغات العالم بالظهور في تركيا ما عدا اللغة العربية.
2 – يحرص المسؤولون الايرانيون في كل مُناسبة على التأكيد على تسمية الخليج العربي بالخليج الفارسي حتى لوكانت مناسبة تصالح بين الايرانيين والسعوديين كما فعل وزير الخارجية الايراني لدى زيارته للسعودية هذه الأيام في إطار التصالح معها.
فهذان نموذجان واضحان للعنصرية التركية والفارسية ضد العرب والتي ترعاها الدولتان في تركيا وايران، وهو ما من شأنه إثارة ردود فعل مُماثلة لدى العرب ضد اخوانهم في الاسلام من الأتراك والفرس.
إنّ الحل السياسي الجذري والصارم لهذه الآفة لا يتم إلا بإقامة الدولة الاسلامية المبدئية التي تُوحّد هذه الدول الجاهلية تحت رابطة العقيدة الاسلامية فقط، ولا تُقيم وزناً لتلك النعرات الجاهلية.

الخميس، 7 سبتمبر 2023

التطبيع مع كيان يهود تطبيع حكام وليس تطبيع شعوب

التطبيع مع كيان يهود تطبيعُ حكام وليس تطبيعَ شعوب 

إنّ ذلك اللقاء المشؤوم الذي جمع وزيرة خارجية ليبيا نجلاء المنقوش بوزير خارجية كيان يهود إيلي كوهين في العاصمة الإيطالية روما، إنّه بقدر ما كشف عن خيانة حكام ليبيا وامتثالهم لأوامر أمريكا بالمضي قدماً في مسيرة التطبيع الانبطاحية مع كيان يهود امتثالاً أوتوماتيكياً، بقدر ما كشف عن رفض الشعب الليبي الصارخ للتطبيع مع ذلك الكيان رفضاً أخاف معه أمريكا وأذنابها من العملاء الإمعات.

لقد كانت الحكومة الليبية تخطط أنه لو كُشف الاجتماع فستدّعي أنّه كان اجتماعاً عارضاً وشخصياً وغير رسمي، لكن السياسيين في كيان يهود كشفوا عن تحضيرات تفصيلية، وترتيبات دقيقة لذلك الاجتماع بالاتفاق مع الحكومة الليبية ورئيسها، وأنّه سيكون مقدمة لما سيتبعه من توسيع نطاق التطبيع وتعميقه وتطويره.

فجاءت هبّة الشعب الليبي ضد الاجتماع مفاجئة وعنيفةً وحاسمةً وواضحةً في رفض أي شكل من أشكال التطبيع مع كيان يهود، وصاحبتها مظاهرات جماهيرية واسعة، وقطع للطرق الرئيسية، ومحاصرة لاستراحة رئيس الحكومة نفسه عبد الحميد الدبيبة، فذهل كيان يهود من شدة ردة الفعل الشعبي، وانزعجت أمريكا من هذا الكشف فأبرقت رسالة توبيخ شديدة اللهجة لوزارة خارجية يهود، وقالت الخارجية الأمريكية بأنّ هذا الكشف سيؤثّر سلبياً على اللقاءات السرية التطبيعية التي تقودها أمريكا مع الدول المطبعة وكيان يهود.

وهذا يعني أنّ التطبيع السري مع الدول العربية مع كيان يهود لا يتوقف، ولكنّه يأخذ أشكالاً مُتنوّعة تتناسب مع درجة ردة الفعل الشعبية في تلك الدول.

إنّ ردة الفعل الشعبية التي انطلقت من ليبيا ضد التطبيع أطاحت بالوزيرة نجلاء المنقوش التي أجبرت على مغادرة البلاد إلى لندن، وإنّها قد وضعت رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة في مأزق فأخذ يتذلّل أمام شعبه، ويذهب إلى السفارة الفلسطينية في طرابلس الغرب ليمثل أمام الكاميرات دور الرافض للتطبيع، وليُدجّل على شعبه بالقول بأنّه لم يكن على علم بلقاء المنقوش بكوهين!

فهذه الهبة الشعبية وهذه المظاهرات الصاخبة إنْ هي إلا ردة فعل حقيقية وغاضبة على خيانة حكام ليبيا وعمالتهم، واستطاعت هذه الهبة غير المتوقعة أنْ تحبط كل مخططاتهم التطبيعية التآمرية، وهي قد أخافت هؤلاء الحكام وأرعبتهم، وجعلتهم يعيدون التفكير ألف مرة قبل القيام باقتراف خيانة جديدة، فكانت هذه الهبّة في الحقيقة أبلغ تأثيراً من كل تلك المناورات السياسية والتصريحات المخادعة التي يطلقها السياسيون ليل نهار لأنها اتسمت بالمصداقية والجدية والعفوية.

أمّا الحكام وأنصاف الحكام في الدول العربية فهم في وادٍ وشعوبهم في وادٍ آخر، وهم لا يرعوون من ثورات شعوبهم، ولا يتّعظون من دروس من سبقوهم، فقد نقلت وول ستريت جورنال الأمريكية عن مسؤولين كبار لم تذكر أسماءهم أنّ وفداً من السلطة الفلسطينية سيتوجه إلى العاصمة السعودية الرياض في الأيام القادمة، وسيناقش مع المسؤولين السعوديين مسألة التطبيع مع كيان يهود ووقف المقاومة، إذ إنّ السعودية تريد الإقدام على التطبيع وإقامة علاقات علنية صريحة مع كيان يهود بالاستناد إلى السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس لأخذ موافقة صريحة منه، من أجل إعطاء الشرعية المطلوبة للتطبيع السعودي مع كيان يهود باسم الشعب الفلسطيني الذي تمثله سلطة محمود عباس وفقاً للشرعية الدولية على حد زعمهم.

وقالت وول ستريت جورنال إنّ محمد بن سلمان ولي العهد السعودي سيقدّم الدعم المادي السخي للسلطة الفلسطينية مقابل محاربة السلطة للمقاومين والقضاء عليهم.

ولعل ما بدأت به السلطة في طولكرم من قتلها لأحد المُقاومين، وإزالتها للمتاريس التي وضعها المُقاومون، لعل ذلك هو بداية إعلان الحرب من قبل السلطة ضدّ المُقاومة.

والسعودية في طريقها للتطبيع تبدو متلهفة ومتسرعة، ولكن أمريكا هي التي تكبح جماحها للضغط على كيان يهود للقيام بتقديم تنازلات للفلسطينيين، لتطبيق حل الدولتين الأمريكي.

وإنّ حادثة هبوط الطائرة التي كانت تُقل 128 راكباً من كيان يهود كانوا في طريق عودتهم إلى تل أبيب اضطرارياً في مطار مدينة جدة، والترحيب بهم بحرارة، وحسن استقبالهم لدرجة أنّ الركاب أنفسهم انبهروا بدفء الاستقبال وحرارة اللقاء، إنّ هذه الحادثة ربّما تدل على أنّ هبوط الطائرة لم يكن اضطرارياً بل كان مفتعلاً ومقصوداً، وقدّم رئيس وزراء كيان يهود الشكر الحار للسعودية لقاء حسن الاستقبال هذا.

إنّ هذه الهرولة المفضوحة من حكام الدول العربية نحو التطبيع مع كيان يهود لا شك أنّه يقابلها رفض قاطع من الشعوب لهذا لتطبيع، وهذا يدل على مدى اتساع الهوة بين الحكام وشعوبهم، وأنّهم في واد وشعوبهم في وادٍ آخر.

وإنّ هذا التناقض بين الطرفين وعدم التجانس نهائياً بينهما في هذه المسألة المصيرية بالذات سوف يؤدي على الأرجح إلى المزيد من الثورات التي ستعصف في النهاية بهؤلاء الحكام، وسوف تقتلعهم من عروشهم لا محالة بإذن الله.

الخميس، 31 أغسطس 2023

أبعاد صفقة أمريكا مع ايران

أبعاد صفقة أمريكا مع إيران
تمّ إبرام صفقة غريبة بين أمريكا وايران بوساطة قطرية أفرج بموجبها عن خمسة مواطنين امريكيين مقابل الافراج عن ستة مليارات دولار أمريكي من الأموال الإيرانية المُجمّدة في بنوك كوريا الجنوبية بسبب العقوبات الامريكية.
ووجه الغرابة في الصفقة كون المبلغ ضخم جداً ولا يتناسب مع قيمة الفدية المدفوعة لاطلاق سراح المساجين المُفرج عنهم والذين هم ليسوا من الأمريكيين الاصليين من وجهة نظر الساسة الأمريكيين المُتنفذين، فهم على أية حال ايرانيين ولسوا أمريكيين.
وأصرّت إدارة بايدن على تمرير الصفقة بالرغم من اعتراض دولة يهود الشديد عليها واعتراض اللوبي اليهودي في أمريكا واعتراض الكونغرس الامريكي على تلك الصفقة.
ولأنّ إدارة بايدن لا تستطيع تمرير الصفقة في الكونغرس بصورة قانونية قامت بتمريرها خلال استخدام صلاحيات الرئيس وذلك بتمرير صفقة وتفاهمات، وهذا يدل على مدى اهمية هذه الصفقة بالنسبة للإدارة الامريكية، وأهمية إيران وحكومتها بالنسبة للسياسين الأمريكيين الفاعلين.
وادّعت الادارة الأمريكية أنّ الصفقة ضرورية لها للأسباب التالية:
1 – اندراجها تحت استراتيجية الردع والضغط والديبلوماسية التي تنتهجها إدارة بايدن.
2 – كونها تُساهم في احتواء الصين وإفشال روسيا في أوكرانيا.
3 – الضغط على إيران لوقف بيع طائراتها المسيرة إلى روسيا.
4 – تخفيف حدة التوترمع ايران وإحياء محادثات اوسع نطاقاً معها حول برنامجها النووي.
وهذ المُبررات التي قدّمتها امريكا لتمرير الصفقة لا تُسهم إلا في تحسين وضع ايران الاقتصادي والسياسي ورفع مكانتها اقليمياً، وهو ما يتناسب مع كون ايران تسير في فلك أمريكا، وتُلبي الاحتياجات الأمريكية وتُساهم في زيادة النفوذ الامريكي في المنطقة، لذلك فأمريكا معنية بمساعدتها ورفع العقوبات عنها بمنحها المليارات من الدولارات لحاجتها الشديدة إليها لتخفيف أزمتها الاقتصادية الخانقة، ولتمكينها من القيام بلعب دورها المرسوم لها في المنطقة لخدمة المصالح الأمريكية على احسن وجه.
ولإكمال المسرحية بين أمريكا وإيران عبر هذه الصفقة قامت الحكومة الايرانية بإطلاق بادرة حسن نية من جانبها تتعلق بتخفيض نسبة تخصيب اليورانيوم دون الستين بالمائة، وبالمُقابل وعدت امريكا بعدم فرض عقوبات جديدة على ايران.
ودافعت الخارجية الأمريكية امام مُنتقديها عن الصفقة بأنّ المبالغ المُفرج عنها هي أموال إيرانية مُستحقة لها من بيع النفط لكوريا الجنوبية، ورفضت الافصاح عن تفاصيل عملية إتمام صفقة تبادل السجناء مع ايران بحجة انّها ما زالت جارية.
وأمّا بالنسبة لكوريا الجنوبية فاستفادت هي الأخرى من الصفقة باعتبارها تابع مهم لأمريكا في الشرق الأقصى فكوفئت بمليار دولار امريكي جراء خفض قيمة عملتها أمام الدولار الأمريكي لأنّ اصل الصفقة سبعة مليارات فخسرت ايران ملياراً منها بسبب فرق العملة ذهب لصالح كوريا الجنوبية.
ولعل من أهم دلالات هذه الصفقة ضعف تأثير كيان يهود على إدارة بايدن، وتأكيد أهمية الدور الايراني في المنطقة بالنسبة لأمريكا، فهو دور لا غنى عنه بالنسبة لأمريكا في منطقة الشرق الأوسط.
ويُفهم من هذه الصفقة انّ امريكا لا زالت اللاعب المُهيمن في العالم، فهي وحدها التي تُقُرّر فرض العقوبات على الدول وهي لوحدها التي تُقرّر رفع العقوبات عن الدول كما يحلو لها.
وهذه الصفقة أيضاً كشفت دور ايران المشبوه في التعاون مع أمريكا، وأظهرت أنُ الصراخ الاعلامي والسباب والتلاعن بين الدولتين هو مجرد طنين أجوف لا يؤثر في طبيعة العلاقات المصلحية بينهما.
إنّ الطريق الوحيد الصحيح في التعامل مع امريكا هو عدم التعاون معها تحت اي ظرف من الظروف، فهي دولة عدوة حاقدة ضد المسلمين، بل هي الدولة الأولى في العالم التي تُحارب الاسلام وتتآمر على المسلمين مع جميع أعداء الأمة الاسلامية، وتنتهك حُرُماتهم، لذلك يجب اتخاذ استراتيجية الحرب الفعلية معها، وعدم الانحناء لها مطلقاً كما يفعل حكام العمالة والخيانة معها هذه الايام، ويجب رفض التفاهم معها بأي أسلوب من الاساليب، ولأي سبب من الاسباب.