لماذا
تقوم أمريكا بتسليح مصر؟ ولماذا تقبل القيادة المصرية الارتباط بأمريكا عبر مظلة
التسليح؟
بالرغم
من مرور مصر بحالة من عدم الاستقرار السياسي، وبالرغم من وجود صراع سياسي حاد على
السلطة في مصر يشترك فيه رجال محسوبون على أمريكا، فبالرغم من تلك الحالة السياسية
التي تبدو غير مستقرة في مصر، تستمرّ أمريكا في تسليح الجيش المصري بأسلحة حديثة،
غير عابئة بما يدور من صراع على السلطة في مصر، وغير آبهة بالفوضى السياسية التي
تكتنف الشارع السياسي المصري.
ونقلت
وكالات الأنباء أنّه من المتوقع أن تُسلّم الولايات المتحدة الامريكية مجموعة
جديدة من مقاتلات أف-16 لمصر قريبا، علماً بأن القاهرة كانت قد تلقت بالفعل أربع طائرات
مقاتلة من أصل عشرين طائرة من طراز أف-16 في يناير/كانون الثاني، ومن المنتظر أن
تتسلم الباقي في وقت لاحق هذا العام.
وقد
أوضح وزير الحرب الامريكي شاك هيغل موقف بلاده من مصر - بعد أن عقد اجتماعات مع
مسؤولين مصريين في القاهرة - بقوله: "أردت أن أتوقف في مصر لأعيد تأكيد
الالتزام الأميركي بدعم الديمقراطية الناشئة وتشجيع الإصلاحات الديمقراطية
والاقتصادية التي تحدث هنا".
وأصدرت
السفارة الأميركية بالقاهرة بياناً قالت فيه:" إن هيغل أشاد بالقوات
المسلحة المصرية لاحترافيتها وانضباطها، وللدور المسؤول الذي لعبته في
حماية الثورة المصرية، ونقل السلطة إلى حكومة مدنية منتخبة".
ان
هذه التصريحات الأمريكية تُفسر هذا الدعم الأمريكي لمصر في عهد حكم مرسي بأنّه من
أجل دعم الديمقراطية وفق المفهوم الأمريكي، كما أنّها تُشيد بدور الجيش المصري
الذي تصفه بالحرفية وبحمايتة للثورة ونقله للسلطة الى حكومة مدنية.
وكأنّ
أمريكا من خلال هذه الاشادة بالجيش المصري توحي للناس بأنّها تُساند الثورة، وتؤيد
نقل السلطة الى حكومة مدنية منتخبة.
إنّ
هذا المديح الأمريكي للجيش المصري وهذا الإطراء لدوره في الثورة ليس بريئاً كما يتوهم البعض، فأمريكا دولة كبرى ولها مصالح،
ولا يهمها أصلاً سوى مصالحها، ومن أهم مصالحها في مصر على الإطلاق أن يبقى الجيش
المصري خاضع لنفوذها، وأن تبقى مصر بكليتها خاضعة للجيش، ولا يُمس بسؤ، وبذلك تضمن
أمريكا ولاء الدولة كلها لها، فولاء الجيش يعني بالنسبة لها ولاء الدولة، فهي لا
يهمها تصارع السياسين، ولا تخاصم السلطات التنفيذية والقضائية والتشريعية فيها،
ولا تكترث كثيراً بإنهاك الاقتصاد المصري، ولا بتراجع الدور الاقليمي لمصر في
المنطقة، بل الذي يهمها فقط هو استمرار سيطرتها على الجيش وربطه ربطاً محكماً بها
تدريباً وتسليحاً وتوجيهاً وتمويلاً.
فأمريكا
دولة استعمارية ولا يهمها سوى تركيز نفوذها في مناطق نفوذها والتي تُعتبر مصر من
أهم تلك المناطق.
فهذا
إذاً هو السبب الحقيقي لقيام أمريكا بتسليح مصر، أمّا لماذا تقبل القيادة المصرية
بهذا الارتباط مع أمريكا فهذا ما يحتاج الى بيان.
ان
حكام مصر اليوم لا أظن أنهم يجهلون حقيقة أن أمريكا لها أطماع في مصر، كما لا أظن
أنهم لا يدركون أنّ تسليح أمريكا للجيش المصري يعني استمرار نفوذها في مصر الى ما
لا نهاية، ولا أدل على ذلك من تكرار تصريحات مرسي التي تسترضي أمريكا، وتُطمئن
دولة يهود بأن مصر تحترم اتفاقياتها الدولية، وتُحافظ على التزاماتها في كامب
ديفد، وتحارب ما يُسمى بالارهاب في سيناء، وتمنع اي هجوم للمجاهدين ينطلق ضد كيان
يهود من مصر، وتعمل على إغلاق الأنفاق مع غزة، وتُجرّد حملة عسكرية كبيرة لبسط
الأمن في سيناء، وتفعل ذلك كله لتأمين حدود دولة يهود انسجاماً مع المطالب
الأمريكية.
فمصر
في زمن مرسي تقوم بأكثر مما كانت تقوم به مصر في زمن مبارك، وهذا هو ما يجعل
امريكا تسكت عن بقاء مرسي في الحكم.
فلماذا إذاً تقبل قيادة مرسي والاخوان بالتعاون
مع أمريكا وهم يعلمون عواقب هذا التعاون الوخيمة معها؟
انّ
تفسير قبولهم هذا مرده الوحيد هو التشبث بالسلطة، ظناً منهم بأنّ رفضهم التعاون مع
أمريكا يعني فقدانهم للسلطة، وأنّ أمريكا بيدها مفاتح الأمور في مصر والمنطقة، وأن
استرضاء أمريكا يمنح مرسي وجماعته الاستقرار في الحكم الى أمد بعيد.
فان
قيل لهم ان هذه المواقف تُخالف الاسلام يقولون بأنّهم عمليون يتماشون مع الواقع،
وأن السياسة تحتاج الى البراغماتية، وان خبرتهم السياسية وطريقتهم في التعامل مع
الآخر هي التي أدّت الى نجاحهم وتسلمهم الحكم بعد مشوار طويل وهم في صفوف المعارضة
وبعد معاناة شاقة واكبتهم عقودا.
الا
ان هذه التفسيرات مخالفة لثوابت العقيدة الاسلامية ومخالفة للاحكام الشرعية
ومخالفة للواقع كذلك، فالعقيدة تعني التوكل على الله سبحانه وحده لا على امريكا
ولا على سواها من الدول البشرية، وما النصر الا من عند الله، والاحكام الشرعية
تقضي بعدم موالاة الاعداء قطعياً، والواقع يدل على أنّ كل الذين والوا امريكا لم
يتحرروا من ربقتها، فامريكا وقوى الاستعمار ليست من الغباء بحيث تُمكن الدول (
النامية ) من الافلات من قبضتها في أي وقت تشاء، والدليل على ذلك ان دولاً أكبر من
مصر وأكثر تطوراً ارتبطت بأمريكا منذ أكثر
من نصف قرن وما زالت تابعة لها حتى الآن، كاليابان وكوريا الجنوبية وتايوان
والفلبين واندونيسيا، في شرق آسيا، وليست مصر وقياداتها بأذكى من قيادات هذه الدول
حتى تفلت من القبضة الأمريكية.
إنّ
الطريق الوحيد لمواجهة أمريكا وقوى الاستعمار الاخرى تكمن في قطع الصلات معهان
وكنس نفوذها من بلادنا كنساً تاماً، وتوحيد الجهود وتعبئة الطاقات للمواجهة
الحقيقية معها، وهذا لا يكون الا باقامة الدولة الاسلامية الحقيقية التي تتبنى
نظام الحكم الاسلامي الصحيح فتلتزم بتطبيق احكام الشرع تطبيقاً فورياً، وتعمل على
توحيد بلاد المسلمين في دولة واحدة - وبالوحدة قوة - ، وبذلك تتمكن من تحرير
فلسطين وجميع بلاد المسلمين المحتلة، وبذلك فقط ممكن ان تتحول الدولة الاسلامية الناشئة
الى قوة دولية عظمى تليق بخير أمة أخرجت للناس.
هناك 4 تعليقات:
أمريكا تلعب الآن اللعبة الأخطر في تاريخها فهي قد تفاجأت بإصرار الشعب المصري على التحرر من قيود التبعية للصهيونية العالمية، و هذا أيضا ما أزعج جماعة الإخوان التي اغتصبت السلطة في مصر بتزييف العقول و الأصوات و التواطؤ المخزي مع رجال أمريكا بمصر ممن انغمسوا في المال الحرام من أذناب مبارك، أما اللعبة فهي تجهيز بديل آخر الآن للإخوان قبل أن ينفلت الأمر إلى نقطة لا يستطيع أحد السيطرة وقتها على الأمور و تؤول السيادة بكاملها للشعب و خلع عباءة التبعية للأبد، و هم يجهزون الآن لانتخابات مبكرة يكون طرفاها الإخوان و لكن بوجه مقبول جماهيريا (أبو الفتوح مثلا)، و بين السلفيين بوجه غير مشهور (مساعد الرئيس الذي خرج من القصر بفضيحة)، و السلفيون الآن يمهدون لهذا بالحديث عن أخونة الدولة و أبو الفتوح بنداء يسقط حكم المرشد، و لكنهم يغفلون جميعا أن الشعب المصري أصبح الآن متيقظاً جدا و لن تنطلي عليه الخديعة مرة أخرى
مع خالص تحياتي
وجهة نظر نحترمها
آن باترسون لـ"أموال الغد" : ملاحقة منظمات المجتمع المدني في مصر أوقفت مساعدات أمريكية بـ 40 مليون دولار
http://amwalalghad.com/index.php?option=com_content&view=article&id=94552:
أخي الكريم ماذا وراء مقتل أولئك الشيعة في مصر هل هي مؤامرة لصرف النظر عن الغليان في مصر أم أنه أمر عفوي بحت مرتبط بما يجري في سوريا ؟ وماذا عن المليونيات المزعمة ضد حكم الإخوان؟ هل هي بدفع أمريكي لإحراج الإخوان أم أمر ذاتي عفوي من شعب شاهد عوار الإخوان ؟
إرسال تعليق