شبهات حول العلاقة الأمريكية الإيرانية
في السنوات الخمس الماضية لم تتوقف وسائل الإعلام عن الحديث عن الملف النووي الإيراني، ولم تنته التجاذبات والمشاحنات بين الدبلوماسيين الإيرانيين من جهة وبين الدبلوماسيين الغربيين لا سيما الأمريكيين منهم من جهة ثانية، لدرجة أن كثيراً من المراقبين والمحللين السياسيين اعتبروا أن الصراع بين إيران وأمريكا صراعاً حقيقياً، وأن نهاية الصراع لا بد آتية، وأن الضربة الأمريكية أو (الإسرائيلية) المدعومة أمريكيا قد اقترب أوانها.
ولكن المدقق في واقع العلاقات الأمريكية بإيران يجد أن الأمور كلما وصلت إلى حافة الهاوية عادت من جديد إلى حلبة الصراع (الرياضية) الآمنة، وفُتح النقاش مع إيران من جديد، وطُرحت ملفات جديدة للحوار، وأدخل العالم في حالة من الغموض السياسي بشأن تلك العلاقات المضطربة بين الطرفين.
والظاهر من سلوك القادة الإيرانيين أنهم واثقون من عدم وقوع ضربة أمريكية ساحقة ضد قدراتهم العسكرية والنووية، ويبدو أنهم مطمئنون إلى أن سجالاتهم مع أمريكا والغرب لن تُفضي إلى الانفجار حتماً، ولن يخسروا من الاستمرار بدبلوماسية حافة الهاوية التي ينتهجونها.
ويغلب على الظن أن إيران تُنسق سياستها الخارجية مع أمريكا تنسيقاً تاماً، أو بمعنى آخر فهي تلتزم بالتعليمات الأمريكية في كل ما يتعلق بسياستها الخارجية، فهذه السياسة متطابقة مع السياسة الأمريكية في العراق وفي أفغانستان كلياً، وهي سياسة خادمة للأهداف الأمريكية في الخليج وفي الشرق الأوسط بكل تأكيد.
ولهذه الأسباب مجتمعة فإن العلاقة الإيرانية الأمريكية تشوبها الشبهات الكثيرة، خاصة وأن التنسيق الأمني والسياسي بينهما بلغ على أرض الواقع مداه خاصة في العراق وأفغانستان.
وأما مسألة الملف النووي وما يُثار حولها من لغط، فما هي سوى الرافعة التي تستخدمها إيران لتصير دولة إقليمية عظمى في المنطقة، وهو الأمر الذي وافقت عليه أمريكا فعلاً، بدليل أنها وافقت على مبدأ بيع إيران لليورانيوم المخصب وهو ما لم يحصل قط مع أي دولة أخرى غير نووية.
ولعل ما ينتاب الإعلاميين والسياسيين من حيرة واضطراب بسبب التصعيد الكلامي بين إيران وأمريكا، بينما يجري تنسيق فعلي بينهما على الأرض ممكن إزالته بكل بساطة ويسر وذلك بعد أن كشف الضابط الأمريكي السابق لاري فرانكلين الذي كان مسؤولاً عن الملف الإيراني في وزارة الدفاع الأمريكية في فترة الغزو الأمريكي للعراق في إدارة بوش السابقة عن حقيقة العلاقات الأمريكية الإيرانية آنذاك، حيث ظنَّ فرانكلين مثل الكثيرين غيره أن إيران هي أشرس عدو لأمريكا فقال: "قرَّرت واشنطن غزو العراق دون وجود سياسة حاسمة إزاء أشرس عدو لها وهو إيران". وبعد أن شعر فرانكلين أن الإدارة الأمريكية لم تكن جادة في سياستها ضد إيران أثناء الغزو قام بتسريب معلومات خاصة عن إيران أخذها من البنتاغون وسلَّمها إلى دولة يهود من خلال دبلوماسي (إسرائيلي) سابق لدى واشنطن، كما قام بتسريب معلومات مماثلة إلى (الإيباك) ظاناً أن ذلك سيقنع مجلس الأمن القومي بآرائه، لكن النتيجة جاءت معاكسة لما أراد فاتهموه بالتجسس ضد الدولة لصالح دولة أجنبية وألقي به في السجن.
وبعد خروجه من السجن كشف لاري فرانكلين عن مناقشاته داخل أروقة وزارة الدفاع الأمريكية فقال: "جادلت كثيراً داخل البنتاغون بشأن تغيير النظام الإيراني، وطالبت بتغيير النظام وليس بالتكيف مع الواقع، لكن كان هناك مسؤولين في الخارجية وجهاز الاستخبارات (سي آي إيه) يعارضونني".
وأوضح فرانكلين أن "هذا أدّى إلى فوضى وارتباك، وأما المتشددون الذين يحكمون إيران فاعتقدوا أننا نعلن سعينا لتغييرهم، ولكن من ناحية عملية فنحن لا نريد ذلك".
إن مثل هذا الكشف من قبل مسؤول أمريكي سابق عن واقع العلاقة المشبوهة بين أمريكا وإيران قد يُزيل شيئاً من الحيرة لدى الكثير من المراقبين السياسيين بشكل عام عن طبيعة العلاقات الأمريكية الإيرانية، ويؤكد من جهة أخرى أن هناك تنسيق واضح بين واشنطن وطهران في السياسة الخارجية، وأن ما (تطنطن) به وسائل الإعلام عن حالة من العداء والصراع بينهما إن هو إلا جعجعة إعلامية الغرض منها تقوية مكانة إيران إقليمياً في المنطقة.
هناك 3 تعليقات:
اعترافات ايرانيةبعلاقات استراتيجية مع امريكا
صرح محمد ابطحي مستشار الرئيس رفسنجاني بخصوص احتلال افغانستان والعراق: لولا ايران لما استطاعت امريكا احتلال العراق وافغانستان.
انا عراقي مقيم في العراق المس هذا التعاون الاليراني - الامريكي من خلال رصدي لاحداث العراق .
حتى اني اجزم بوجود تعاون ايراني - اسرائيلي و ايراني - قاعدي ( اي تنظيم القاعدة )...لا تستغربو فهذا واقع نعيشه في العراق ...
عقلية الملالي (حكام ايران )التي تصور لهم دائما انهم مظلومين ومضطهدين تساعده على تبرير مايقومون به لانفسهم اولا ...ولاتباعهم اخرا..
اشكرك على هذا المقال الرائع واسف على الاطاله
اشكرك جداً على تعليقك الثمين وآمل أن تستمر في التواصل معي من خلال تعليقاتك الجيدة والمفيدة
إرسال تعليق