الأزمة الاقتصادية الحادة ما زالت تعصف بمنطقة اليورو
لم تحسم الاتفاقية المالية الأوروبية الجديدة مسألة انهيار الاقتصاد اليوناني، فألمانيا وفرنسا شددتا من ضغوطهما على اليونان وطالبتا الحكومة اليونانية بالمزيد من إجراءات التقشف المالي كما طالبتا اليونان وبالسماح للمفوضية الأوروبية بالتفتيش على الميزانية اليونانية ومراقبة تطبيق برامج التقشف لليونان قبل السماح لليونان بتلقي حزمة مساعدات جديدة.
ويبدو أن زعماء أوروبا فقدوا الأمل بإمكانية إنقاذ أوضاع اليونان المالية فأوكلوا المهمة إلى ترويكا مالية تتكون من الاتحاد الأوروبي والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي والبنوك الدائنة لليونان من القطاع الخاص.
وتنتظر الدول الأوروبية تقرير الترويكا حول أوضاع اليونان من أجل تقرير تقديم حزمة القروض الجديدة لليونان والتي تصل قيمتها إلى 130 مليار يورو (171 مليار دولار).
وتطالب الحكومة اليونانية الدائنين من القطاع الخاص بالتخلي طواعية عن 70% من قيمة السندات لتتمكن من الوفاء بالتزاماتها في السداد.
وتطالب الدول الأوروبية اليونان بالمزيد من اجراءات التقشف الصارمة ومنها تخفيض الاجور وتسسريح الكثير من العمال.
وبينما تتردى أوضاع اليونان المالية والاقتصادية يقوم الأثرياء اليونانيون بتحويل مليارات الدولارات خارج اليونان إلى بنوك بريطانية وسويسرية، فقد كشف وزير المالية اليوناني (إيفانجيليوس فينيزيلوس): "أن اليونانيين حوّلوا قرابة ألـ16 مليار يورو (21 مليار دولار) بطريقة قانونية لبنوك أجنبية خلال العامين الماضيين وذهب ثلث المبلغ إلى بريطانيا"، وأضاف الوزير اليوناني لأعضاء البرلمان: "أن مجموع الودائع التي تم سحبها من البنوك اليونانية بلغ 65 مليار يورو (85 مليار دولار) منذ العام 2009 عندما دخلت البلاد في أزمة ديون هي الأسوأ منذ عقود"، وقال الوزير أن: "32% من الأموال المحولة للخارج ذهبت إلى بريطانيا و10% إلى سويسرا".
وأصبحت اليونان النموذج الأوروبي لقياس الانهيار الاقتصادي في البلدان الأوروبية فقد تحدثت صحيفة (دي فيلت) عن مستقبل أسود يلف إسبانيا بعد تحول 11 مليون نسمة من سكانها إلى فقراء يقل دخلهم الشهري عن 500 يورو، ووصفت الصحيفة الوضع الإسباني بعنوان يقول: "إسبانيا مهددة بالتحول إلى يونان جديدة"، وقد بلغت نسبة البطالة في إسبانيا 23% وهو ما يشير إلى أسوأ انكماش اقتصادي تشهده البلاد في تاريخها.
وأثارت الأزمة الاقتصادية في أوروبا أحقاد الأوروبيين تجاه بعضهم البعض فقال رئيس الوزراء الإيطالي ماريو مونتي: "إن أزمة منطقة اليورو أثارت المخاوف والأحقاد والاختلافات بين دول الشمال والجنوب والدول الكبيرة والصغيرة"، وحذَّر أوروبا من عدم الانجراف وراء أحقاد الماضي.
وما زالت دول منطقة اليورو تعيش في حالة تدهور مستمر بسبب أزمة الديون الأوروبية وعملة اليورو، فقد سجّلت الإحصاءات الجديدة المزيد من الأرقام ذات الدلالة الصعبة على اقتصاديات دول اليورو، ومنها ارتفاع العوائد على السندات البرتغالية لأجل عشر سنوات إلى 14,83% وهذا الارتفاع يعتبر ارتفاعاً قياسياً يزيد من الأعباء التي تتحملها الحكومة البرتغالية في سداد ديونها، وهذا أظهر انكماشاً اقتصادياً بحوالي 3% هذا العام.
ومن الأرقام الأخرى ذات الدلالة إعلان مكتب الإحصاء الإسباني أن عدد العاطلين عن العمل في البلاد زاد بمقدار 295 ألفاً وَ 300 شخص ليصل إلى 5,27 ملايين عاطل في الربع الأخير من العام الماضي ليتخطى لأول مرة في التاريخ حاجز الخمسة ملايين عاطل، فمعدل البطالة بين الشباب الإسباني بلغ قرابة الخمسين بالمائة.
وباستثناء ألمانيا وبعض الدول الصغيرة في أوروبا لم تسلم باقي الدول الأوروبية من شرر هذه الأزمة الطاحنة التي تعصف بدول منطقة اليورو منذ عامين. ولم يجد السياسيون الأوروبيون حتى الآن الحلول الناجعة لهذه الأزمة المستفحلة.
إن الأنانية الرأسمالية لدى الأوروبيين الكبار ما زالت تقف حجر عثرة أمام إنقاذ الاقتصاد الأوروبي المهترئ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق